بمناسبة هروب الجبان يوم 14 جانفي 2011
بمناسبة هروب الجبان يوم 14 جانفي 2011

من أرض أحفاد الدغباجي

ولا عاش في تونس من خان " ياسمين "

 

 

فتحت النافذة تطل على حال الطقس وتنتشي برائحة الزيتون والبرتقال منبعثة من أشجار الحديقة " الخضراء " ...

تطل بلهفة وكأنها تبحث عن منفذ يبين لها المستقبل لتستنشق غبار الأمن والأمان والاستقرار بسبب ما عانته في سنواتها الأولى من محاولات إحباط ومناورات و عمليات ارهابية بهدف التخلص منها ...

وتذكرت روايات أمها " ثورة " التي روتها لها خلال أكثر من ليلة وهي على فراش " الطمأنينة " بين أحضانها أن ميلادها لم يكن مفرحا لجميع الأهل والأقارب والجيران ...

منهم من اختفى عن الأنظار طيلة الأيام الأولى والشهور الأولى لولادتها ... ومنهم من أغدق المال على " ميكروبات " بشرية لتسميمها للتخلص منها بأقل ضجيج وفي أقرب وقت ... ومنهم من صنع قناع الفرحة يرتديه ليظهر به في حضرتها وينزعه بعنف بمجرد الابتعاد عنها بأمتار قليلة ...

تذكرت أنها في أوقات صعبة خرج من بناية مهجورة " ... خراب " عدد من حاملي الأقنعة , بالأمس القريب كانوا يعبدون صنم سيدهم ويتنافسون في " مناشدته " أن يبقى جالسا جاثما على صدورهم هو يتمتع بإذلالهم وهم يتمتعون بذلهم ويفتخرون به معترفين أنه السيد الوحيد ( ماكيفو حد ) يسمون نهبه ثروة الشعب ( رخاء ) ... ويسمون بطشه ( أمنا ) ... ويسمون بلادته ( عبقرية ) ... والمؤسف في حالتهم أنهم يعلمون أنهم يكذبون وينافقون ...

ولما ولدت ياسمين من رحم " المعاناة " استغل " المناشدون " فرحة الأهل والأحباب وانشغالهم بحضانتها وتحصينها وحمايتها من فيروسات ( الخراب ) وارتدوا أقنعة ( النضال ) وأصبحوا ( حقوقيون ) وحملوا المعاول لهدم كل بيت دخلته ياسمين وكل بيت فرح بميلادها , ولم تسلم من معاولهم ( بيوت الله ) مروجين إشاعات وأكاذيب تلطخ سمعة ياسمين لتبرير أفعالهم للتخلص منها قبل أن تتقدم في السن وتفضح أسرارهم المخفية في أقبيتهم الظلامية المظلمة ... استغلوا كل شيء للتخلص من ياسمين وترهيبها وتخويفها وإفزاعها ... فأحضروا ( لحى اصطناعية ) ألبسوها لبعضهم البعض لتخويف ياسمين بمناظرهم القبيحة ... واستوردوا ( متفجرات ) يفجرونها هنا وهناك ثم ينسبون تفجيراتهم لياسمين وأل ياسمين لتخويف الاس من ياسمين ... وخرجوا في ( تجمهرات ) عشوائية فوضوية بهدف الترهيب وعرقلة العمل لإفقار كل من أمن بميلاد ياسمين وفرح به ...

ثم احتل أعداء ياسمين منابر الاذاعات والتلفزات واكتروها بملايين الدولارات القادمة من ( ... هنالك ... حيث الدولار يلقى على الأجساد العارية " عهرا " ويمنع عن الأجساد العارية " فقرا " ) ليجعلوا منها أبواقا تبث إشاعاتهم وأكاذيبهم في حق ( ياسمين ) ليلا نهارا يصنعون الكذبة ويناقشونها ويروجونها ويحللونها بكبرياء وتكبر حتى يؤمنوا هم أنها ليست كذبة وبالأحرى ( أهل ياسمين ) البسطاء ... وحتى كره ( أل ياسمين ) التلفزة والجرائد وكادوا يصابون بداء اسمه ( بلاطوهات نقمة ) وشبيهاتها ...

في هذه الأثناء وهي تطل من النافذة لمحت ياسمين أفواجا قادمة نحو بيتها بساحة البوعزيزي رحمه الله وأسكنه فسيح جناته ... فلمحت صديقاتها ... حرية - كرامة – ديمقراطية – دستور – محكمة دستورية – حرية التعبير – حرية المعتقد – الحق النقابي – عدالة - مساواة – شفافية – انتخابات – محاسبة – مصالحة – برلمان حر – قضاء مستقل – صحافة حرة – أمان – رفاه – نمو – سعادة – فرحة – راحة - ... كلهم يتجهون نحو بيتها لمشاركتها فرحة عيد ميلادها يرددون أغاني خاصة بعيد ميلاد ياسمين ليست مثل أغاني الميلاد المتعود عليها ... يرددون أناشيد الفرحة يهنؤون ياسمين بصمودها ومقاومتها ( جيوب الردة ) وفيروسات الفساد والرجعية بشعارات ( تونس حرة حرة ... بن علي على برة ... – حرية , كرامة , عدالة اجتماعية ... – تجمعي يا جبان شعب تونس لا يهان ... – الكرطوش حي حي والحجامة في دبي ... – خبز وماء والطرابلسية لا ... , - ) ...

لكن افتقدت ياسمين في الأفواج القادمة نحو بيتها بعض صديقاتها وأصدقائها وأهلها لم تلمحهم بين المحتفلين سألت أمها " ثورة " أين هم فأخبرتها أن يد الغدر والجبن قد طالتهم وهم يحمون بيت ياسمين من حجارة ومعاول ( ... الخراب ) وأنهم تشرفوا بوسام الدفاع عن ياسمين حتى وإن كان الثمن حياتهم أو سجنهم بقضايا ملفقة ...

لما اقترب الجمع من بيت ياسمين تركت النافذة لتستقبل أصدقاءها وأهلها وجيرانها لتحتفل معهم بعيد ميلادها الخامس وكلها تفاؤل وحب وفرحة وإيمان بأنها قد تعدت السنوات الجفاف الصعاب سنوات لا تقدر المشي وبالكاد تحبو حبوا والأن وقد أصبحت واقفة على رجليها الأكيد ستكون حركتها أسرع وأقوى وأجمل ...

والأكيد أن أعداء ياسمين علموا أنها محمية بأهلها وأنها في عامها الخامس تكون ياسمين قد أتمت التلقيحات ضد الأمراض والأوبئة وضد فيروسات ( السخافة – الفساد – الكره – الديكتاتورية – الظلم - القمع – الكذب – التمييز الطبقي – تزوير الانتخابات – التعصب - ... ) ... وأنها أضحت ( أيقونة عالمية ) ورمزا ( للكرامة - للحرية – للعدالة )

عيد ميلاد سعيد ياسمين

وكل عام وأنت حرة مستقلة

رغم كيد الكائدين وحقد الحاقدين اللذين لم يستوعبوا ولم يتعلموا أن ياسمين هي تونس وتونس هي ياسمين ولا عاش في تونس من خان ياسمين

الجديدة في 14/01/2016

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة