المختلون عقليا و المشردون''يغزون'' شوارع الجديدة ويتحولون الى ''قنابل موقوتة''
المختلون عقليا و المشردون''يغزون'' شوارع الجديدة ويتحولون الى ''قنابل موقوتة''

 أصبح الزائر لمدينة الجديدة أو المتجول عبر أحياءها وشوارعها الرئيسية، يعيش على ظاهرة استفحلت بشدة خلال الأشهر الأخيرة وهي كثرة انتشار المختلين عقليا أو ما يسمى “بالمجانين”، مما بات يخلق حالة من الخوف والرعب عند الكثير من المواطنين خاصة لدى النساء والأطفال.

مختلون يتجولون في الأحياء وبوسط المدينة وقرب المؤسسات العمومية والمساجد وفي الأسواق وفي الطرقات وفي الإشارات الضوئية نصف عراة أو عراة كليا يقتاتون من المزابل ويجعلون من زوايا الشوارع مكانا للنوم وترك الفضلات، الأمر الذي يزيد في تشويه المحيط وانتشار الروائح. فهل تتحرك سلطات الجديدة ومعها وزارة الصحة للتكفل بهؤلاء المختلين عقليا وتهيئ لهم مراكز خاصة بهم ؟

فبتزايد عدد ساكنتها يزداد عددهم، يأتون من كل فج عميق، منقولين أو محملين في سيارات تقذف بهم فجر كل يوم على جنبات مدخل المدينة، كل وطباعه، كل و نفسيته، كل يحمل معه ألف سؤال و سؤال، عما أوصله لهذه الحالة، أهو من فعل الخالق سبحانه عز و جل أم من فعل بشر لا يحمل من الاسم و المواصفات سوى الشر و الضغينة، ، طوابير تجوب شوارع و أزقة عاصمة دكالة مهددين أمن و سلامة الساكنة.

وتحكي أمينة، فاعلة جمعوية من مدينة الجديدة، كيف أن مختلًا عقليا قام في أحد الأيام أن أحدهم دخل الى احد المطاعم قرب مسرح عفيفي وهدد صاحبه وأجبره على منحه وجبة الغداء أمام الزبناء، وما رافق ذلك المشهد من الروائح النتنة التي كانت تصدر من هذا "المريض النفسي"، ومظهر ملابسه الممزقة، محدثا هلعا لدى مرتادي المطعم خشية أن يتم الاعتداء عليهم.

كما تحكي رشيدة، تعمل في احدى المكتبات بعاصمة دكالة، أنها تعاني يوميًا مع بعض المرضى العقليين، وأن بعضهم يلجأ إلى التهديد بالضرب حتى يحصل على المال، إذ لا يقتنع بدرهم أو درهمين، بل يطلب أكثر، خاصة عندما لا يكون المعني قد تناول دواءه، متذكرة كيف أن أحدهم سرق لها عنوة أداة في مكتبها لرفضها منحه الصدقة.

هذا وكانت وزارة الصحة، قد أعلنت عن مخطط وطني للصحة عام 2013، من أهدافه تحسين ظروف علاج الأمراض العقلية، وذلك عبر تعزيز البنية لأغلب المستشفيات العقلية بالمملكة، عبر إضافة 600 سرير جديد، وتشغيل 157 ممرضًا، مع بناء ثلاثة مستشفيات جهوية، فضلًا عن تكوين أطر طبية وتمريضية جديدة، وتشجيع المستثمرين على إحداث مصحات نفسية خاصة لمواجهة الخصاص في علاج الأمراض العقلية. لكن كل هذه الارقام بقيت حبرا على ورق ولم تخرج الى أرض الواقع.

و واجه بالمناسبة وزير الصحة، الحسين الوردي، انتقادات كثيرة في هذا المجال، خاصة بعد إخلائه لضريح "بويا عمر" بقلعة السراغنة، الذي يُحتجز فيها المرضى عقليا، فإن كانت مبادرة الإخلاء في حد ذاتها اعتبرت حدثًا إيجابيًا نظرًا للظروف المزرية التي كان يعيشها المرضى في هذه القرية، فإن البديل لم يتم تسطيره جيدًا حسب انتقادات أطباء متخصصين، ممّا فاقم من الاكتظاظ في المستشفيات المتخصصة، بل وأعاد مرضى آخرين كانوا في القرية إلى الشارع.

وتبقى الدولة هي المسؤول الأول والأخير عن أي انحراف يطال هذه الفئة الاجتماعية، فمن مسؤولية الدولة إحصاء عدد هذه الفئة، ومعرفة الظروف التي تعيش فيها والإيعاز، إلى ذويهم أو إلى الجهات الوصية عليهم برعايتهم وإحاطتهم بما يكفي من رعاية اجتماعية حتى يستعيدون مكانتهم التي تنص عليها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان .

وأمام هذا الوضع المزري، لماذا لم تتضافر جهود المجلس الجماعي ووزارة الصحة والسلطات المحلية بإشراك من المجتمع المدني، الغائب الأكبر للدفاع عن هذه الفئة، من أجل تشييد مركز لإيواء المتشردين المختلين عقليا و الحد من هذه القنبلة الموقوتة. و الحالة التي يظهرون عليها وما يصدرونه من مضايقات ، ضرب وشتائم وتصرفات عدائية تصل إلى حد الإجرام. 

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة