العلامة الفقيه التادلي.. تاريخ حافل من المؤلفات الدينية وكان الوحيد الذي دفن داخل منزله بالجديدة
العلامة الفقيه التادلي.. تاريخ حافل من المؤلفات الدينية وكان الوحيد الذي دفن داخل منزله بالجديدة

كان الباحث أحمد لخليع، مقدم البرنامج الإذاعي و التلفزي الذي تقدمه إذاعة "ميدي 1"  و القناة الثانية و الذي يحكي عن التصوف و المتصوفين و المديح و أهل الذِّكر و السماع في المغرب سيقدم للمستمعين و المتتبعين كنزا من كنوز دكالة و رمزا من رموز علمائها و فقهائها من هذا المقام الذي يرقد فيه صاحبه العلامة الفقيه التادلي، إلا أن أجندة مقدم البرنامجين الإذاعي و التلفزي تركت لنا فرصة السبق الإعلامي على موقع "الجديدة 24" لنكون السباقين لزيارة قبر العلامة الفقيه التادلي المدفون ببيته و بأمر منه في حياته. أمر فريد من نوعه، وبالمناسبة فالشيخ العلامة الفقيه التادلي هو الوحيد المدفون ببيته بمدينة الجديدة، قصة لشخصية قل نظيرها في زمننا هذا!

هذا وحرص كل من ابن المرحوم ووارث سره، الأستاذ بالمجلس العلمي بالجديدة السيد عبد الجليل التادلي، و كذا حفيده ذ. عبد الغفور التادلي، المادح الكبير و المتشبع بطبائع المرحوم و الذي بدوره له قسط لا يستهان به في الميدان العلمي، (حرصا) على أن يبقى بيت و منزل و مراجع و مخطوطات العلامة الفقيه التادلي خزانا ثقافيا و روحيا لكل مهتم بتاريخ الصوفية و التصوف، متعهدين على الحفاظ على هذا الموروث الروحي و حفظ أمانته العلمية لتبليغ رسالته و ما عرف به العلامة الفقيه من قيمة إنسانية مضافة إلى جانب مجموعة من العلماء و الفقهاء الذين تتلمذوا على يده، كما أنهما و إلى متم كتابة هذه الكلمات ما زالا محافظين على مخطوطات و منشورات العلامة الفقيه مطبوعة بخط اليد بجمهورية مصر العربية و لا زال ابن الفقيه و كذلك حفيده يحتفظان بها، و هي تؤرخ لجوانب متعددة من تاريخ رجال دكالة و معه رجال أخذوا العلم و أعطوه، و على يديهم تتلمذ الكثير و نشر العلم و الدعوة في العالم بإسره. و لإثارة انتباه الباحثين و المهتمين بالتصوف، فالعلامة الفقيه التادلي تلقى دروسه الأولية بالرباط ثم تابع دراسته إلى أن أخذ التزكية من جامعة القرويين.

و للإشارة فقد اطلعنا ابنه ، وارث سره، ذ. عبد الجليل التادلي، على وثائق خطية نادرة تتطرق لشتى المواضيع، كما قدم لنا كتيبا للعلامة الفقيه التادلي عن الحياة الأصيلة و الوفاء تحت عنوان باللغة الفرنسية  ' الدين النصيحة ' مطبوع بإيطاليا. ثم قدم لنا كتابا آخر لـلشيخ المربي في باب التوف ' روجيه ماريدور ' الذي عينه العلامة الفقيه التادلي كشيخ ديني و أخذه صديقا و جارا له، قطن معه بهذا المكان بمدينة الجديدة لمدة سنتين إلى أن استوفى شروط الأهلية ثم أمره بالرجوع إلى وطنه لنشر الدعوة خارج المغرب.

 

و للتذكير فنسب الفقيه سيدي محمد بن علي التادلي... هو محمد بن المعطي بن الطاهر. ويعلو هذا التسلسل إلى الولي الصالح سيدي جابر دفين تادلة، و من هناك جاء إسم التادلي. و الشيخ التادلي يرجع أصله إلى سجلماسة نسبة لاحد اجداده المدفون هناك المعروف بجبار التلايف عبدالله بن عبد الجبار، و ينتهي نسبه إلى الإمام علي بن أبي طالب عن طريق الحسن المثنى رضي الله عنهم. كما كانت ولادة الشيخ بمدينة الرباط حيث نشأ في أسرة اشتهرت بالعلم والصلاح. فحفظ القرآن وتلقى مبادئ العلوم الإسلامية قبل أن يرحل إلى القرويين بفاس لإتمام دراسته العلمية وهو في الخامسة عشرة من عمره، وبقي بها مدة، . ثم استقر فترات متفاوتة بين الدارالبيضاء وسطات ومراكش، و ذلك قبل أن يقيم بمدينة الجديدة بصفة نهائية الى أن وافته المنية رحمه الله مساء يوم الخميس 30 شعبان 1372هـ الموافق 14ماي1953م بدرب الطويل. كما أنه قد ترك ثلاثة ذكور توفي منهم إثنان و بقي الإبن الصغير، ضيفنا الكريم، الأستاذ عبد الجليل، كما ترك سبع بنات، بقي منهن على قيد الحياة نعيمة القاطنة بفرنسا، حفيظة القاطنة بالديار الإيطالية، و لالة كلثوم التي تسكن حاليا بالدار البيضاء و هي أكبرهم سنا.

كما كان و لا زال عبد الجليل التادلي، الأستاذ  العضو بالمجلس العلمي بمدينة الجديدة، ابن العلامة الفقيه التادلي كلما دعت الضرورة يسافر إلى الديار الإيطالية و الفرنسية لتلبية دعوة تلامذة الشيخ روجيه ماريدور. و ما ذلك إلا تثبيتا لميثاق المحبة و الوصال اللذين هما الأساس في إقامة المثانة بين ' الفقراء ' أي ' تلامذة الشيوخ ' ، نظرا للقيمة الروحية و الدينية لهذا الشيخ الفذ رحمة الله عليه

و ما أحوج جيلنا هذا إلى البحث في مكامن علمه و  الغوص في طريقة تفسير رؤيته النورية و التنويرية للحياة و الدين! و نعد قراءنا الكرام بتقديم وثائقي بالحجج و الشهادات عن هذا الفقيه العلامة الفذ مباشرة من بيته حيث يوجد قبره، لنقل مخزونه الفياض من جيل إلى جيل لتتوارثه الأجيال

 

بقلم : ذ. البشير بوخيرات 




الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة