رفض الطبيبة الشرعية الامتثال للحضور أمام جنايات الجديدة ''يمس بهيبة القضاء'' + فيديو
رفض الطبيبة الشرعية الامتثال للحضور أمام جنايات الجديدة ''يمس بهيبة القضاء'' + فيديو

أجلت الغرفة الجنائية الاستئنافية لدى محكمة الدرجة الثانية بالجديدة، الأربعاء 8 مارس 2017، البث في الملف الجنائي الذي يتابع في إطاره، في حالة سراح، شرطيان من مفوضية أزمور، من أجل جناية الضرب والجرح بواسطة السلاح، المفضي إلى الموت، طبقا للفصول 401 و403 و410 من القانون الجنائي، إلى الأربعاء 12 أبريل 2017، بعد أن رفضت الطبيبة الشرعية الامتثال للاستدعاء التي وجهتها إليها، عن طريق الوكيل العام، للمثول أمامها من أجل تقديم إيضاحات وتوضيحات علمية وتقنية وواقعية وموضوعية علاقة بسبب الوفاة، المضمن في تقرير التشريح المرجعي، الذي أشرفت على إنجازه، على رأس لجنة من الطب الشرعي.

وتعتبر هذه المرة الثانية التي يتعذر فيها على المحكمة الاستماع إلى إفادة الطبيبة الشرعية. فقد كانت الأخيرة تخلفت عن المثول أمام الهيئة القضائية، في جلسة الأربعاء 1 فبراير 2017، لعدم توصلها بالاستدعاء التي وجهتها إليها عن طريق الوكيل العام.

إلى ذلك، فقد كان الأستاذ عبد الغفور شوراق، المحامي بهيئة الجديدة، دفاع ذوي حقوق الهالك عبد الرحيم العطاوي، التمس من  الغرفة الجنائية الاستئنافية، في جلسة الأربعاء 21 دجنبر 2016،  استدعاء الطبيبة التي أشرفت على رأس لجنة من 3 أطباء شرعيين، على إجراء التشريح الطبي، للمثول، أمام الهيئة القضائية، للإدلاء بإفادتها التي اعتبرها الدفاع حاسمة.

قراءة في تقرير التشريح الطبي:

بالاطلاع على تقرير التشريح الطبي، فقد أجزم في خلاصته بأن  الأمر يتعلق ب: "انتحار بالشنق".  وهذا يعني، دون لبس أو التباس، أن جثة الهالك كانت أولا معلقة في فضاء مكان محدد جغرافيا وترابيا (المحبس)، وأنها ثانيا كانت مشدودة إلى حبل (سقف المحبس أو نافذته..)، وأنها ثالثا، وبغض النظر عن أثار الانتحار في العنق وتحت الأذنين، وخروج سائل المني، كانت تحمل رضوضا في الجسد والرأس، في حال تقطع وسيلة الانتحار (الحبل..)، وبالتالي سقوطها واصطدامها مع أرضية الزنزانة الصلبة (...). والحال أن الجثة تم العثور عليها داخل الزنزانة، ممدة على الظهر، وبدون حبل المشنقة، لا حول عنق الهالك، ولا في أي مكان آخر (السقف أو النافذة..)، حسب التقرير الإخباري الذي رفعه رئيس القسم المحلي للشرطة القضائية بمفوضية أزمور، إلى الوكيل العام للملك باستئنافية الجديدة.

تقرير التشريح تجاوز حدوده:

إن الخلاصة التي أوردتها لجنة الطب الشرعي في تقرير التشريح، والتي أجزمت بصفة قطعية، لا تدع مجالا للشك أو لأي تأويل علمي أو طبي، بأن وفاة الهالك عبد الرحيم العاطي، كانت بسبب: "الانتحار بالشنق"، قد جاءت مخالفة لما تضمنه التقرير الإخباري المرفوع إلى الوكيل العام، وللمعاينات التي أجرتها في مسرح النازلة (الزنزانة/المحبس)،  السلطات المعنية، القضائية  والأمنية والصحية، ممثلة على التوالي في نائب الوكيل العام،  ورئيس القسم المحلي للشرطة القضائية بمفوضية أزمور، ورئيس المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بأمن الجديدة، وعناصر مسرح الجريمة (مصلحة الشرطة العلمية والتقنية)، والطبيب المحلف. خلاصة تنم عن تجاوز اللجنة الطبية الشرعية لحدودها، والخوض في أمور تدخل في نطاق اختصاصات وصلاحيات الضابطة القضائية، الموكول لها بحكم مقتضيات قانون المسطرة الجنائية، إجراء بحث قضائي في النازلة، تحت إشراف النيابة العامة المختصة، لتحديد ظروف وملابسات وأسباب الوفاة، التي حصلت داخل  زنزانة المفوضية، والجزم أو الاستنتاج من ثمة بأن الأمر يتعلق بعملية انتحار، والذي يعتبر بالمناسبة  فعلا إراديا وشخصيا،  أو بشيء آخر، قد يكون جريمة قتل مقنعة بغطاء الانتحار. وهذا ما جاء في مناقشة الأستاذ عبد الغفور شوراق، دفاع ذوي  حقوق الهالك.

تقرير التشريح والأحكام المتضاربة:

يعتبر تقرير التشريح الطبي قانونا وسيلة إثبات مادية حاسمة، اعتمده أساسا قاضي التحقيق الجنائي (1)، والغرفة الجنحية (2)، والغرفة الجنائية الابتدائية (3)، في حيثيات وتعليل قراراتهم المتضاربة، والتي قضت على التوالي بما يلي:

1/ بالنسبة لقاضي التحقيق الجنائي، محمد الدويري، فقد جاء قراره بعدم متابعة الشرطيين المتهمين، من أجل جناية الضرب والجرح بالسلاح المفضي إلى الموت، طبقا للفصول 401 و403 و401 و303 من القانون الجنائي. وجاء أيضا ضمن حيثيات وتعليل قرار قاضي التحقيق، أن التشريح الطبي يفيد أن الهالك توفي جراء "الاختناق بالشنق"؛ وأن شهادة الشاهد محمد الرامي، تتناقض مع التشريح الطبي؛  وأن التشريح الطبي يفيد أن الوفاة ناجمة عن "انتحار بالشنق"، وليس بسبب الضرب والجرح، بل أن التشريح أكد عدم وجود أي أثر للعنف على جسم الضحية، باستثناء مكان الشنق.

2/ وبالنسبة للغرفة الجنحية برئاسة القاضي حسن أزنير، فإن قرارها الصادر في موضوع التصريح باستئناف أمر قاضي التحقيق الجنائي، والمقدم من طرف النيابة العامة، كان بإلغاء الأمر المستأنف، والتصريح بمتابعة المتهمين من أجل جناية الضرب والجرح بواسطة السلاح، المفضي إلى الموت، طبقا للفصول 401 و403 و410 من القانون الجنائي، وإحالتهما على غرفة الجنايات الابتدائية، لمحاكمتهما طبقا للقانون.

ومما جاء في تعليل وحيثيات قرار الغرفة الجنحية: "وحيث إن التشريح الطبي المجرى على جثة الهالك، وإن استنتج في خلاصة منجزه، بأن الهالك  انتحر، فإن هذه  الواقعة ليس عليها دليل، باعتبار  أن مصلحة الشرطة لم يرد عليها أي تقرير، يفيد حصول عملية الانتحار داخل مرافق أقسامها، بتاريخ الواقعة، ولا حجز  أو معاينة الحبل الذي استعمل في ذلك. ومن جهة أخرى، فإنه يؤكد  (أي التشريح) بأن سبب وفاة الهالك هو اختناق، نتج عن عملية شنق. وهو ما ينسجم مع الظروف والملابسات المرافقة لأطوار عملية إلقاء القبض عليه، وأقوال الشاهد محمد الرامي الذي أكد من خلالها أن أحد المتهمين  كان يحمل قضيبا، واستعمله في عملية القبض على الهالك، التي لم تسفر عن إصابته إلا بتلك الإصابات التي على مستوى العنق، والتي أكد التشريح بأنها من أعراض الوفاة بالشنق..".

3/  أما الغرفة الجنائية الابتدائية برئاسة القاضي نورالدين فايزي، فقد جاء قرارها الجنائي بعدم مؤاخذة المتهمين من أجل ما نسب إليهما، والحكم ببراءتهما، وتحميل الخزينة العامة الصائر. ومما جاء في تعليل وحيثيات القرار الجنائي الابتدائي أن تقرير التشريح الطبي يثبت أن المسمى قيد حياته عبد الرحيم العاطي قد توفي بسبب "الانتحار شنقا".

وبالمناسبة، فإن دفاع المتهمين كان التمس من الهيئة القضائية أساسا البراءة لموكليه، واحتياطيا تكييف الفعل (جناية الضرب والجرح بواسطة السلاح، المفضي إلى الموت)، إلى ضرب وجرح غير عمدي، وتمتيعهما بظروف التخفيف.

"المحاكمة العادلة":

إن الشرطيين المتابعين في حالة سراح، أمام الغرفة الجنائية الاستئنافية، من أجل "جناية الضرب والجرح بواسطة السلاح، المفضي إلى الموت"، يظلان بريئين، إلى أن يثبت العكس، أو تثبت براءتهما نهائيا، في إطار "محاكمة عادلة"، تستند أساسا، إلى الوقائع والحيثيات والإجراءات المضمنة في المسطرة القضائية المرجعية، سيما لتوضيحات والإيضاحات العلمية والتقنية والواقعية والموضوعية، التي ستقدمها الطبيبة الشرعية، رئيسة اللجنة الطبية الثلاثية، أمام الغرفة الجنائية الاسئنافية، في جلسة غد الأربعاء 12 أبريل  2017، علاقة بسب الوفاة (الانتحار شنقا)، الذي ضمنته في تقرير التشريح الطبي. وهو ما سيقطع الشك باليقين، ويضمن، في إطار "المحاكمة ال"، حقوق المتقاضين، من ذوي حقوق الهالك، والشرطيين المتهمين.

"الدفاع بتمسك بإحضار الطبيبة":

في حوار صحفي خص به حصريا الجريدة (الفيديو رفقته)، تمسك الأستاذ عبد الغفور شوراق، دفاع ذوي  حقوق الهالك عبد الرحيم العطاوي، بضرورة إحضار الطبيبة الشرعية التي أنجزت تقرير التشريح الطبي على جثة الضحية.

وأفاد الأستاذ شوراق أن الوكيل العام للملك أدلى للمحكمة، الأربعاء  8 مارس 2017، بكتاب مفاده أن الطبيبة الشرعية قد تعذر عليها الحضور لجلسة المحاكمة، لكونها تشتغل يوميا في مصلحة الطب الشرعي بالدارالبيضاء. وعقب الدفاع عن ذلك بكون السلوك الذي قامت به الطبيبة الشرعية قد مس بهيبة وسمعة القضاء. وأبدى تمسكه بحضورها واستجابتها وامتثالها لطلب القضاء، كيفما كان السبب  والعذر.

واعتبر الأستاذ شوراق أن العذر الذي تقدمت به الطبيبة الشرعية، غير مقبول، لكونها لا تشتغل بمفردها في مصلحة الطب الشرعي، ولكون أن ثمة من ينوب عنها في تلك المصلحة الطبية.  

وشدد الدفاع على كون إفادة الطبيبة الشرعية حاسمة، وأن حضورها أمام المحكمة ضروري، لأن الأمر يتعلق بإزهاق روح الضحية. وهذا ما استجابت له الغرفة الجنائية الاستئنافية، التي أعادت، بعد تغيير الهيئة القضائية،  استدعاء الطبيبة الشرعية، للحضور لجلسة الأربعاء 12 أبريل 2017.

إلى ذلك،  فإن الحوار الصحفي الذي خص به الأستاذ عبد الغفور شوراق حصريا الجريدة، علاقة بالملف الجنائي  الذي ينوب فيه عن ذوي حقوق الضحية، الهالك عبد الرحيم العطاوي، يتضمن وقائع وحقائق ومعطيات ساخنة وحاسمة، يمكن الوقوف عليها تفصيليا في الفيديو رفقته.



الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة