ملكنا واحد!... قصر حكم واحد!؟
  ملكنا واحد!... قصر حكم واحد!؟

رسالة إلى ملك الفقراء الذي نام ذات ليلة في خيمة بقرية أنفكو، و هو يشارك الأمازيغ ضنك العيش و قساوة الطبيعة، حيث أمضى إقامته بتكلفة بسيطة صنعت منه في لحظة تاريخية صورة نموذجية عن ملك يرشّد الإنفاق و يحافظ على أموال الشعب الكادح المطحون...


هذه هي الصورة التي يجب أن يرسمها الحراك الشعبي اليوم بجميع أنحاء المغرب: 


هي ملكية شعبية مواطنة ترشّد النفقات، و ليس ملكية مخزنية تتمثل في صورة حاكم يعيش البذخ، ثم يجود بقليل من نعمه على مناطق وشرائح تعانق الفقر، و بذلك يرسخ خطاطة الإنعام والهبات والصدقات باعتبارها بنية فكرية تحل محل النظام الديمقراطي الذي يضمن المساواة في الحقوق والواجبات عبر إلزام المواطنين بأداء ضرائبهم.


هل يحتاج ملك المغرب إلى كل هذه القصور و والإقامات المزخرفة باهظة التكاليف في التسيير والصيانة، حيث تثقل كاهل ميزانية الدولة بخدمها وحشمها وموظفيها ومؤنها سواء كان الملك حاضرا أو غائبا عنها؟ 

 

هل مازالت الظروف التاريخية تحتم وجود قصور وإقامات في كل المدن والأقاليم؟ لماذا لا يتم استغلال إقامات العمّال و الولاة في تنظيم الزيارات الملكية ؟ ماذا عن الفنادق الفخمة؟ ماذا عن استخدام الطائرة للتنقل من مكان لآخر والعودة إلى قصر الحكم في نفس اليوم؟ 


كل دول العالم تقريبا تستخدم قصرا أو بيتا واحدا للحكم، كما هو الحال في العديد من الدول الأوروبية...


لقد حان الوقت للاكتفاء بقصر واحد للحكم، و تحويل باقي القصور و الإقامات الملكية التاريخية إلى متاحف سياحية في فن العمارة الأصيل، و الاستثمار فيها لجلب السياحة الداخلية والخارجية وتنشيطها، و فتح باب الاطلاع على كتبها ومخطوطاتها القيمة وصورها وملوكها وسلاطينها و غيرها من التحف الأثرية...


هذه تعتبر أول خطوة في مسيرة الانتقال الناعم للملكية من الحكم المخزني العتيق إلى الحكم الشعبي الديمقراطي...ستعتبر خطوة ملك مواطن، يفتح قصورا ورثها عن أجداده لمواطنيه وضيوفه الأجانب، و بذلك يتم تفكيك التمثلات النمطية حول ملكية تبدد أمولا طائلة في الإنفاق على القصور، بينما تطالب حكومتها باقي الشعب بالتقشف وترشيد الاستهلاك في جميع المجالات. هي خطوة كذلك ستدشن لبداية حوار سياسي مؤسساتي حول الميزانية المخصصة لرواتب الوزراء والبرلمانيين و معاشاتهم... و غيرها من الوظائف السامية التي تمنح رواتب ريعية لأصحابها، خصوصا عندما يقوم أهل الحظوة و التكريم بالجمع بين الوظائف أو على الأصح بين الأجور والرواتب والتعويضات، أما الوظائف، فهي تحتاج خبرة عالية و تفرغا كاملا لإتقانها. 



ذ، محمد معروف، أستاذ بجامعة شعيب الدكالي

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة