لعبة التوظيف السياسي لقضايا حقوق الإنسان في خطاب ''هيومان رايتس ووتش''
لعبة التوظيف السياسي لقضايا حقوق الإنسان في خطاب ''هيومان رايتس ووتش''

 كشفت منظمة "هيومان رايتس ووتش" في مقال نشرته مؤخرا على موقعها الرسمي، عن ما اعتبرته لجوء الشرطة للقوة المبالغ فيها أثناء تفريق احتجاج بالقرب من البرلمان، بتاريخ: 8 يوليوز 2017، مستشهدة بحالات مجموعة ممن اعتبرتهم مناضلين حقوقيين، تعرضوا للعنف من قبل عناصر الأمن أثناء "تظاهرهم بشكل سلمي". وهي الوقائع التي عملت المنظمة على وضعها في قالب بشع، لاستغلالها في التشهير بالدولة المغربية، وتصويرها في صورة النظام القمعي.

وفي تعقيب على هذا المقال ، أكد مسؤول مطلع أن القول بوجود عنف ممنهج، من قبل القوة العمومية، كما تدعي المنظمة الأمريكية، يعني مبدئيا وجود نظام تشريعي وتنظيمي،  تنتفي فيه أية ضمانات لاحترام حقوق وحريات المواطنين، نظام تتحكم فيه العشوائية والفوضى في عمل مصالح الأمن. وهو أمر بعيد كل البعد عن الواقع في الحالة المغربية، المعروفة بشمولية المنظومة القانونية والتنظيمية، التي تضمن ممارسة كافة الحريات العامة في صيغتها الشمولية، فضلا عن وجود آليات مؤسساتية مستقلة، وأخرى حكومية  تعنى بحماية الحقوق والحريات الفردية والجماعية، وذلك كما رسخها الدستور المغربي وباقي النصوص الوطنية والدولية ذات الصلة.

وأضاف المصدر ذاته أنه بالعودة إلى الوقفة التي اتخذتها منظمة "هيومن رايتس ووتش" ذريعة لممارسة لعبتها القديمة الجديدة في العزف، على وتر انتهاك حقوق الإنسان، فقد كان واضحا، ومن الوهلة الأولى،  أن هدف المشاركين- الذين  يفرقهم سياسيا أكثر مما يجمعهم- كان هو خلق الحدث إعلاميا، عبر توثيق الاحتكاك الجسدي واللفظي المتعمد بعناصر الأمن، ثم استغلال الموقف للترويج لخطاب المظلومية ولباس رداء الضحية. إذ مباشرة بعد بدأ الوقفة، لاحظ الجميع أن الرياضي ومنجب وعبد الحميد أمين، قد غادروها للبحث عن ميكروفون أو كاميرا صحفية، يصرّفون فيه خطاب الحقد والعدمية تجاه كل ما يحمل صورة الدولة المغربية، حتى ولو كان موظفا عموميا أو رجل أمن...

أما بخصوص التعامل الأمني مع هذه الوقفة، والذي أسال الكثير من المداد، فقد أكد المصدر ذاته أن المعطيات الميدانية، التي أكدها بلاغ السلطة المحلية، ذهبت جميعها إلى عدم احترام المشاركين فيها، لأبسط الأبجديات القانونية في اللجوء إلى الشارع العام للاحتجاج، وفي مقدمتها إشعار السلطات المختصة بتنظيمها، وكأن الشارع العام أصبح ملكية خاصة لجمعية الهايج ورفاقه، مضيفا أن عناصر الشرطة اضطرت لتفريق المشاركين، بعد استنفاذ التحذيرات القانونية في حقهم،  ولكن دون اللجوء إلى أية وسيلة من وسائل القوة المتعارف عليها دوليا – ولنا في المواجهات التي شهدتها مؤخرا مدينة هامبورغ في ألمانيا بالموازاة مع قمة العشرين صورة عن المعنى الحقيقي للعنف الذي قد تستعمله أجهزة الشرطة في العالم- الأمر الذي واجهه المحتجون بمقاومة مادية واستفزاز لفظي وجسدي مجاني، في حق الشرطة، قبل اللجوء طبعا إلى افتعال الإغماء والإصابة، لتكتمل الصورة المطلوبة أمام عدسات كاميرات الإعلام.

واستكمالا لحلقات هذه المسرحية التي أصبحت مؤخرا تتكرر بشكل مخجل، كان لا بد من منابر إعلامية تعمل وفق قاعدة "ويل للمصلين"، أي استراق صور ومقاطع فيديو، خارج سياقها، وإلصاقها مع تصريحات المناضلين، لتتكفل "هيومن رايس ووتش" بالباقي، حتى دون أن تكلف نفسها أن تدرج الرواية الرسمية في الموضوع، كي لا نكون مثاليين ونطالبها بالتزام الحياد المفترض، في منظمة دولية ترفع شعار الدفاع عن حقوق الإنسان (كل الإنسان وليس فقط من ينتحل صفة مناضل حقوقي على حسابة على فيسبوك).

ولكي تتضح الصورة أكثر، يؤكد مصدرنا، لابد من التحلي بالمصداقية والشجاعة، وقول كل ما أغفلته التقارير الدولية والمقالات الصحفية، وحتى التدوينات الرسمية والخاصة على مواقع الفيسبوك بخصوص هذا الموضوع، سيما ما يتعلق بالنقاط التالية:

إن التشهير بموظف شرطة، ورب أسرة، وتقديمه في صورة "الجلاد"، لا لسبب إلا لأنه كان يؤدي وظيفته في تنفيذ قرار صادر عن السلطات الإدارية بتفريق نشاط غير قانوني، لهو أكبر دليل على ازدواجية المعايير لدى المنظمات الحقوقية، التي لم تكلف نفسها عناء توثيق تقاريرها، وإلا لكانت اكتشفت أن هذا الأخير يعاني منذ تاريخ: 8 يوليوز، من إصابة جسدية تسببت له في عجز لمدة 25 يوما، نتيجة تعرضه للعنف من قبل من يقدمون نفسهم "حماة حقوق الإنسان".

كما أنه بمقارنة بسيطة بين طريقة تفريق الأمن المغربي للوقفة الشهيرة بساحة البرلمان، وبين طريقة تعامل أجهزة الأمن عبر العالم مع الحركات الاحتجاجية، حتى في الديمقراطيات العتيدة، يتضح بالواضح والملموس أن العنف هو آخر ما يمكن أن يوجه كاتهام للشرطة المغربية. هذه الأخيرة التي أظهرت منذ سنوات، أن عقيدتها الأمنية مبنية على التزام أقصى درجات ضبط النفس، وتجنب استعمال العنف، حتى ولو تعلق الأمر بوسائل نظامية ومتفق عليها دوليا، وإلا لما كانت 95 % من الإصابات الجسدية مسجلة في صفوف رجال القوة العمومية، خلال أحداث الحسيمة ونواحيها.

وختاما، لقد كان حريا بمنظمات حقوق الإنسان، وطنيا ودوليا، أن تبحث عن الحقيقة بتجرد، طبقا للمساطر والقواعد المتعارف عليها دوليا، سواء من خلال تجميع المعطيات والإنصات لكافة الأطراف بتجرد وحيادية.. لا أن تنقل تصريحات جهة واحدة وتصبغها برداء المظلومية، دون أساس منطقي أو قانوني. فالدولة المغربية عامة، ومصالح الأمن خاصة، قد تجاوزت منذ سنوات، مرحلة التعامل مع هذه الاتهامات المجانية، سواء من خلال إرساء آليات تطبيق حقوق الإنسان داخل المنظومة الأمنية، أو عبر إدماج وسائل الرقابة الداخلية والخارجية، ضمن مساطر العمل اليومية والاستراتيجيات الكبرى، في المجال الشرطي، وكذا، من خلال التفاعل الجدي والإيجابي مع الآليات الوطنية والدولية، ذات المصداقية في مجال حماية الحقوق والحريات الفردية والعامة.     

  

 

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة