ماذا استفادت الجامعة؟ وماذا خسرت الدولة من محاكمة طلبة الجديدة الأبرياء...؟
ماذا استفادت الجامعة؟  وماذا خسرت الدولة من محاكمة طلبة الجديدة الأبرياء...؟

 لم يبق مواطن مغربي بهذا البلد الحبيب إلا وقد سمع وتابع قضية طلبة الجديدة بالحي الجامعي، الذين اتهموا بتهم جنائية تضمنت (الإخطاب.. الاحتجاز ..السرقة..)،ولم يبقى طالب بربوع الجامعات المغربية لم يهتف مطالبا بإطلاق سراح طلاب الجديدة…،أما عائلات الطلبة فقد علقوا أملا أكبر على نضالات الجماهير الطلابية في جميع أنحاء المغرب وبالخصوص جامعة شعيب الدكالي، وخاب أملهم في قضاء جعل من ابناءهم مجرمين في زنزانة الاتهام. فصرخت أم المعتقل بحرقة وألم شديدين في الليلة المشؤومة بعدما نطق القاضي بما لم تتوقعه حتى هيئة الدفاع المكونة من أزيد من خمسين 50 محامي بثلاث سنوات "خَرْجُوا لِيَا وَلْدِي" وكان الخطاب موجها إلى الفئة الطلابية وكان للصرخة معاني كبيرة...

وبعد أزيد من ثلاث محاكمات مرطونية وتقديم الدفعات أمام المحكمة من طرف المحامين ونفي المعتقلين لجميع التهم واتضاح بالجلي والدليل القاطع على براءة الطلبة تتشب المحكمة بقرارها وتقضي بعشرة أشهر سجنا.

ماذا خسرت الدولة من محاكمة طلاب ابرياء:

من خلال تفاصيل وسيناريوهات القضية يتضح أن محاكمة الطلبة واعتقالهم كانت ضمن سلسة من المحاكمات السابقة في مجموعة من الفروع بالمغرب وهذا ليس غريبا على الواقع الجامعي الذي لايزال يعاني من ازمة خانقة على المستوى الخاص والعام مما يجعله دائم الحراك والاحتجاج، ومما يزيد الأمر تأزما هو مواجهة الدولة هذا الاحتجاج بإخماده بالقمع والاعتقال.

أما ملف طلبة الجديدة فهو اكبر تجسيد لهذه الصورة, ناضلوا من أجل مطعم جامعي فتحولت القضية إلى معتقلين متهمين بالإجرام، فتحول النضال من المطالبة بمطعم إلى المطالبة بإطلاق سراح معتقلين... ومما هدفت الدولة تكريسه هو أن تجعل من محاكمة الطالب أمرا بديهيا مستصاغا لدى عامة الطلبة وعموم الشعب، ومثوله أمام القضاء )كمجرم( أمر عادي، واستهداف الوسط الجامعي كان متعمدا وخاصة أن النضالات توالت في وسط -الحي الجامعي- الذي اعتبرته الدولة خطا أحمرا وحرصت على التحكم فيه...

وهكذا تحاول الدولة تكريس فكرة أن النضال الجماهيري السلمي للمطالبة بمطالب مشروعة اجرام يجعل الطالب يتخوف منه ويبتعد عنه...ونعلم ما لهذا من تأثير على الآباء والأمهات الذين قد يضغطون على ابناءهم بعدم المشاركة في النضالات خوفا عليهم بوازع عاطفي.

 ماذا استفادة الجامعة من اعتقال ابناءها الابرياء:

الذي لم تلقي له الدولة بالا وكانت مشيئة الله فيه هي الأقوى هو أن يعتقل أربع طلبة أيتام معروفين في الوسط الطلابي بنضالهم وأخلاقهم العالية مما جعل التعاطف الشعبي خارج الجامعة و داخلها كبيرا و رفع من وثيرة الاستنكار امام محاكمة الطلبة الأبرياء...وكان هذا اكبر دليل على شرعية مطالبهم في المطالبة بمطعم جامعي بل وكان الأولى للإدارة والدولة ان تستجيب لمطالبهم وان ترأف بأيتام وتحتضنهم وتراعي وضعهم الاجتماعي...لكن كان العكس بأن حكمت عليهم بثلاث سنوات دون رأفة أو شفقة...

أما عن الجانب العدلي القضائي فإننا أصبحنا أمام بنايات الدولة المفرغة من محتواها الروحي القانوني، فقد سقطت ادعاءات الديمقراطية والعدالة حينما تجاهلت الدولة كل الأدلة الدالة على براءة الطلبة وبطلان الاتهامات وتناقض الشهود...بل رفضت حتى قبول طلب السراح المؤقت مع وجود كل الضمانات...وعوض أن تجرم الدولة العمل النضالي وترسخ هذا وسط الطلبة فقد أقنعتهم أنه لا قضاء ولا عدل في بلدنا ولا قوانين تضمن الحرية والكرامة... وأكبر ما ربحت الجامعة عموما وجامعة شعيب الدكالي بالجديدة خصوصا أن هذا الاعتقال لم يزد الجسم الطلابي إلا وحدة وأخوة وتشبتا بمطالبه المشروعة بل وأكبر رسالة وجهتها الجامعة للدولة أن المسؤولية والوعي الطلابي لازال حاضرا وبقوة عند طلاب المغرب وأن سياسات الدولة في تخريب التعليم والطالب باااااءت بالفشل... فقد شكل ملف اعتقال طلبة الجديدة دماء جديدة ضخت في شرايين الحركة الطلابية وأعادت للجامعة والطالب مكانته وكرامته التي حاولت الدولة ضربهما. وقد تجسد هذا في الأشكال النضالية المسؤولة والسلمية والراقية التي خاضتها الجماهير الطلابية بفرع الجديدة..

أرادت الدولة ولكن إرادة الله فوق كل شيء.. سعت الدولة إلى اعتقال مناضلين أبرياء وإخماد الاحتجاجات لكنها أتاحت فرصة ليتخرج العشرات من المناضلين وتشتعل احتجاجات قوية سلمية ومسؤولة...

 

الأستاذ عبد الفتاح حاجي

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة