الحموشي يبعث برسائل قوية إلى من أهانوا ''المداويخ'' و''المجهولين''!
 الحموشي يبعث برسائل قوية إلى من أهانوا ''المداويخ'' و''المجهولين''!

 

إنها سلوكات تنم عن التشبع بقيم المواطنة الصادقة، ونبل ومكارم الأخلاق، والتواضع، والتقيد بالتوجيهات الملكية، تلكم التي أبان عنها عبد اللطيف الحموشي، المدير العام للأمن الوطني، وهو يتفاعل إيجابا، وإحقاقا للحق، مع نازلة اعتداء ضابط أمن ممتاز على مواطن في الشارع العام. الحموشي الذي اعتمد، منذ أن حظي بثقة الملك محمد السادس، وبتفضل جلالته بتعيينه مديرا عاما لجهاز الأمن الوطني، استراتيجية مديرية جديدة، تقضي بتخليق المرفق الأمني، بتبني سلوكات قويمة، وترسيخها بالصرامة اللازمة، وعدم التساهل مع المخالفين في الممارسة اليومية لرجال ونساء الأمن، سواء بالمصالح المركزية (المديرية)، أو المصالح اللاممركزة. وهذا ما يستشف بالواضح والملموس من الزيارات التي تقوم بها لجن تفتيش مركزية، ومن الدوريات المديرية التي مافتئت تعممها على مديرياتها ومصالحها الداخلية والخارجية، والتي كان آخرها الدورية المؤرخة فيال28 أبريل 2018، في موضوع واجب تحفظ رجال ونساء الشرطة، الذين  يخضعون لعدة مستويات من المرقابة القضائية والإدارية، الكفيلة برصد أي تجاوز محتمل، وترتيب المسؤولية اللازمة بشأنه. ما يسمح بتوطيد مرتكزات الحكامة الأمنية، من جهة، ويضمن التطبيق السليم والحازم للقانون، من جهة ثانية.

هذا، فأن يأخذ مسؤول رفيع المستوى من حجم المدير العام للأمن الوطني، عبد اللطيف الحموشي،  المبادرة، ويدعو إلى مكاتبه بالرباط، "المواطن المغربي" الذي تعرض من قبل موظف أمني بالزي الرسمي، لاعتداء لفظي وجسدي، في الشارع العام.. فتلك سابقة غير معهودة في المغرب، منذ فجر الاستقلال، لا في مديرية الأمن الوطني، ولا في عهد الحكومات المتعاقبة، بمختلف تلويناتها الحزبية، وشعاراتها السياسية.

 فهذه المبادرة تنم عن البعد الحقوقي والإنساني والأخلاقي والقانوني، الذي يتشبع به عن قناعة واقتناع المدير العام الحموشي، في مغرب الألفية الثالثة، الذي قطع مع الممارسات البائدة، في المغرب الذي يتساوى فيه 'السيرور مع الوزير" من حيث الحقوق والواجبات.. في ظل العهد الجديد، الذي يمثله الملك الشاب محمد السادس.

إن تفاعل الحموشي إيجابا مع نازلة المواطن المعتدى عليه، والتي تحدث بالمناسبة مثيلاتها وأخطر منها  في كل لحظة وحين، حتى في أعرق الديمقراطيات، وكبريات عواصم العالم المتحضر، لم يكن تحت ضغط الشارع، أو ضغط منظمة "هيومن رايتس ووتش"، أو ضغط الإعلام الغربي الموجه.. أو .. أو .. فتفاعله كان عفويا وتلقائيا، ونابعا من مبادئ وقيم مسؤول من جيل الملك الشاب، هو من الشعب، وقريب إلى الشعب.. لا يحمل "تيكيت  سياسية"، ولا خلفيات إيديولوجية، همه حماية الثوابت والمقدسات التي يختزلها شعار المملكة الخالد: "الله – الوطن – الملك"..

 إن تفاعل الحموشي، ابن الشعب، في بعده الإنساني والأخلاقي والحقوقي،  يكون قد أحرج  مسؤولينا، وبعث برسائل حول الكيفية التي يجب أن يتعاملوا معها مع الشعب المغربي، هذا الشعب "العظيم" الذي يتحد ويتوحد، من طنجة إلى لكويرة، حول ثوابت ومقدسات الوطن. هذا الشعب "العظيم" الذي بالاحترام والمحبة المتبادلين، اللذين يكنهما الملك لرعاياه الأوفياء، خدام الأعتاب الشريفة، يستهل جلالته خطاباته السامية،  بعد حمد الله والصلاة  والسلام على خاتم الرسل والأنبياء، بمخاطبتهم: "شعبي العزيز".

ففي رد الاعتبار إلى هذا "المواطن المغربي"، وإنصافه، إحقاق للحق، وتشبع بمضامين الخطابات والتوجيهات السامية، وتفعيل لمبدأ "ربط المسؤولية بالمحاسبة"، وعزم وحزم على "نبذ الحكرة"، وترسيخ "الكرامة" و"المساواة".

والأهم أن في ذلك رسائل قوية وصريحة إلى من أهانوا المغاربة:

إلى  سعادة الوزير الذي نعت المغاربة ب"المداويخ" (écervelés)، والذي لم يجرأ على تقديم الاعتذار؛

 وإلى المسؤول الذي نعت المغاربة ب"خونة الوطن"؛

 وإلى سعادة الوزير الذي نعت المغاربة ب"المجهولين"؛

وإلى سعادة الوزير الذي هدد المغاربة بالمتابعة القضائية، والذي أراد أن يعيد عقارب الساعة في المغرب، إلى سبعينيات القرن الماضي، عندما صرح رسميا أمام الصحافة: "سندرس مراجعة القانون الحالي"، ما مفاده أن الحكومة تعتزم مراجعة القانون الجنائي أو قانون الصحافة، أو هما معا، ليس من أجل توسيع دائرة حرية الرأي والتعبير، وإنما لمزيد من التضييق عليهما في مغرب الألفية الثالثة، الذي يتباهى بكونه دولة ديمقراطية، تحترم حقوق الإنسان، والحريات العامة والفردية؛

 

وإلى من نعتوا المغاربة بأبشع النعوت والأوصاف؛

إلى هؤلاء الذين  انحازوا بشكل مفضوح  إلى من أفقروا الشعب المغربي، إلى أصحاب الشركات الكبرى، وإلى من جمعوا بين سلطة المال والجاه والمنصب الحكومي، والمسؤولية الحزبية، ووو.. الذين  يحتكرون  السوق، ويفرضون الأسعار الحارقة، ويستفزون المغاربة في خرجاتهم الإعلامية. هؤلاء الذين قتلوا  القدرة الشرائية للمستهلك، في ظل سياسة تحرير الأسعار التي تشوبها "السيبة والتسيب"، وتغييب الدور الفعلي لمجلس المنافسة، الذي أنشئ سنة 2008، والذي من المفترض والمفروض أن يؤدي مهامه على الوجه الأكمل، والتي تكمن في  دراسة أداء الأسواق، ومحاربة الممارسات غير الأخلاقية، والمنافية للمنافسة؛

وإلى المسؤولين الذين  لن يزيدوا، ب"تعويم الدرهم" (le flot du dirham)، إلا إفقارا وتفقيرا  لفقراء و"بؤساء" المغرب، لكون تعويم العملة الوطنية ستكون له تبعات سلبية على الاقتصاد المحلي، وعلى القدرة الشرائية، لا يعلمه "المداويخ".. رغم أن الجهات الرسمية روجت بكونه يرتكز على الانتقال التدريجي نحو نظام صرف أكثر مرونة، بغية تعزيز تنافسية اقتصاد المغرب، وقدرته على مواجهة الصدمات الخارجية.

فليكن للمغرب والمغاربة العبرة في ما حصل في مصر، التي بات المواطنون فيها تحت عتبة الفقر، بسبب تعويم الجنيه المصري!

فعلا، المغرب سيصبح  وجهة سياحية رخيصة، وربما "الأرخص".. لكن بالنسبة للسياح من خارج أرض الوطن. كما سيقود تحرير العملة إلى انتعاش قطاع التصدير في المغرب،  لكون السلع المنتجة محليا، سيكون عليها إقبال في الأسواق الدولية، ل"انخفاض أسعارها"، مقابل "ارتفاع أسعار" الواردات، التي ستكون من النتائج المباشرة ل"تعويم الدرهم".  الأمر الذي سيلمس المغاربة، بمرور الوقت،  تأثيره على جيوبهم. فأسعار السلع المستورة، ستصبح مرتفعة، نظرا لارتفاع قيمة العملة الأجنبية، مقارنة مع القيمة المنخفضة للعملة المغربية (الدرهم). ومن يكون "المستفيد" في المغرب، الذي يزداد فيه الأغنياء ثراء  فاحشا، والفقراء  فقرا وبؤسا تحت درجة الصفر. المغرب الذي ينعم بالثروات والخيرات، ما ظهر فوق أرضه، وما خفي تحتها وفي بطنها، وفي واجهتيها البحريتين المطلتين على المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، وفي أعماق سواحله الممتدة على طول 3500 كلم (أزيد من 500 نوع من الأسماك).. مغرب السدود المائية، التي شيدها الراحل الملك الحسن الثاني، وفي مغرب المخططات بمختلف ألوانها (المخطط الأخضر – المخطط الأزرق..)، وفي المغرب الذي غنى عنه العندليب الأسمر رائعته: "الماء والخضرة والوجه الحسن"، وفي مغرب "مليون هكتار" (..). المغرب الذي كانت  ثروته الضخمة، سنة 1999، في حدود 5 تريليون و904 مليار درهم، قبل أن ترتفع سنة 2013، حسب تقرير الثرة الإجمالية للمغرب، إلى 12 تريليون و833  مليار درهم.  ثروة  إذا ما تم توزيعها على المغاربة، فسيكون نصيب كل مواطن يحمل الجنسية المغربية، 320 ألف درهم.. ؟!

المغرب الذي، من أجل لقمة العيش، ماتت نساء دهسا تحت الأقدام.. وأقبر شباب أحياءا  في مناجم الموت، وابتلع البحر حالمين على قوارب الموت،  بالهجرة إلى "ألدورادو" ما وراء البحار..!

لقد وصلت بالواضح والملموس رسائل المدير العام عبد اللطيف الحموشي، من خلال تفاعله إيجابا مع نازلة "المواطن المغربي"، الذي رد إليه اعتباره، وأعاد إليه كرامته وإنسانيته، 'لقد (وصلت) إلى من يهمه الأمر، إلى من أوصلهم الشعب المغربي "العظيم"، عن طريق صناديق الاقتراع،  إلى قمة هرم السلطة، إلى قمة المجد، الذين عليهم أن يعوا بأن "المدوايخ ديال المنغاربة"، مغاربة ما بعد حملة المقاطعة، وما بعد نيل المسؤولين من كرامتهم ومن وطنيتهم، ولعل هذا ما كانت بالمناسبة تخشاه الحكومة (أن يعيق ويفيق الشعب)، ليسوا هم مغاربة ما قبل ذلك، وأن عليهم أن يستحضروا التوجيهات السامية، ومضامين خطاب الذكرى 18 لعيد العرش، الذي شدد فيه جلالته على خدمة الشعب المغربي، وعلى ضرورة التطبيق الصارم لمبدأ" ربط المسؤولية بالمحاسبة".

ويجب على من تخلوا عن المغاربة في محنهم، والذين يعتبرونهم مجرد "خزان انتخابي"، يقتربون منهم في الحملات الانتخابية، ثم ينبذونهم بعد ذلك، كما ينبذ في الهند "المجاديم" (les parias)..أن لا ينسون أو يتناسون أن المناصب آيلة إلى الزوال، وأن "الكرسي لو كان يدوم لغيرك، ما كان ليئول إليك!".. وأن التاريخ يسجل، وأن ذاكرة المغاربة ليست قصيرة، وأن الشعب المغربي سيعاقبهم في الاستحقاقات الانتخابية القادمة.

لقد أبهر المدير العام للأمن الوطني، عبد اللطيف الحموشي، بتفاعله إيجابا وعفويا مع نازلة "المواطن المغربي، الذي اعتدى عليه موظف من جهاز الأمن، (أبهر) بحسه الوطني، وبمواطنته الصادقة،  وبمكارم الأخلاق، ونبل السلوكات، التواضع، وعدم الاستعلاء والاستقواء، وبتقيده بالتوجيهات السامية، وباحترام إنسانية الإنسان، أسمى حق من حقوق الإنسان الكونية. الحموشي الذي كانت مديريته سباقة إلى أجرأة مبدأ التخليق والتطهير والترشيد، وإلى تنزيل مقتضيات دستور المملكة، سيما الفقرة الثانية من الفصل الأول، وإلى "نبذ الحكرة"، وترسيخ  "الكرامة" و"المساوة". الحموشي الذي لا فرق عنده "بين السيرور والوزير". الحموشي الذي كان سباقا إلى تفعيل مضامين الخطاب السامي، وترجمتها على أرض الواقع، وتنزيلها في الممارسة اليومية لرجال ونساء الأمن الوطني.. الخطاب الذي قال فيه جلالته: "وهنا أشدد على ضرورة التطبيق الصارم لمقتضيات الفقرة الثانية، من الفصل الأول من الدستور التي تنص على ربط المسؤولية بالمحاسبة. لقد حان الوقت للتفعيل الكامل لهذا المبدأ. فكما يطبق القانون على جميع المغاربة، يجب انم يطبق أولا على كل المسؤولين بدون استثناء أو تمييز، وبكافة مناطق المملكة. إننا في مرحلة جديدة لا فرق فيها بين المسؤول والمواطن في حقوق وواجبات المواطنة، ولا مجال فيها للتهرب من المسؤولية أو الإفلات من العقاب".

الحموشي الذي حصن المغرب والقارة العجوز، من الخلايا التخريبية، وجعل من المغرب نموذجا ومرجعا للأجهزة الاستخباراتية والأمنية العالمية، في محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة.

الحموشي الذي وقع رئيس الجمهوية الفرنسية (فرونسوا هولاند)، في ال5 يناير 2016، على مرسوم رئاسي، يقضي بتوشيحه بوسام الشرف من درجة ضابط،  بعد أن أصبح بفضله المغرب يحظى بجهازين، استخباراتي وأمني، قويين، فاقا وتفوقا حتى على أقوى الأحهزة الاستخباراتية والأمنية الغربية، وفي دول الجوار، شمال أفريقيا.

الحموشي الذي منحه الرئيس الفرنسي السابق (نيكولا ساركوزي)، وسام جوقة الشرف من درجة فارس. وهما وساما شرف انضافا إلى وسام كانت منحته إياه ملكة إسبانيا.

الحموشي الذي تعتبر هذه الأوسمة الرئاسية والملكية التي منحتها دولتان أوربيتان (فرنسا وإسبانيا)، من أكبر دول الاتحاد الأوربي، اعترافا بالدور المركزي والفاعل للمغرب وجهازيه الاستخباراتي والأمني، في "الحرب العالمية" على الإرهاب والتطرف، الذي بات يتهدد أوربا.

الحموشي الذي، لعل أكبر وسام توشيح حظي به، هو الثقة المولوية التي وضعها فيه الملك السادس، عندما تفضل جلالته، وعينه على رأس المديرية العامة للأمن الوطني، وأصبح من ثمة يجمع بين جهازي ال"ديستي" وال"دي جي إس إن".

فإذا كان رعايا التاج البريطاني في المملكة المتحدة، يبدون تشبثهم بملكتهم وملكيتهم التقليدية، ويدعون لها في النشيد الوطني: "فليحفظ الله الملكة" (God Save the Queen)، فإن المغاربة يفتخرون، من بعد العرش، ونظام الحكم الدستوري، بحماة الوطن وثوابته ومقدساته، وفي طليعتهم عبد اللطيف الحموشي، مدير جهازي الاستخبارات والأمن الوطني، وبرجله الأول عبد الحق الخيام، رئيس المكتب المركزي للأبحاث القضائية (بسيج)، اللذين حصنا الوطن ضد الإرهاب والتطرف.

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة