مائة سنة من التخييم بدون ترسانة قانونية تنظم المجال .. هل الأخلاقيات؟ أم المهام ؟
مائة سنة من التخييم بدون ترسانة قانونية تنظم المجال .. هل الأخلاقيات؟ أم المهام ؟

مائة سنة كاملة (1918_2018) كإرث إنساني مشرف ورصيد غني وسجل مفتوح مليء بالإهتزازات التي لاتزال ارتداداتها تتكرر،والنجاحات والمكتسبات الثابثة والراسخة والتي لا تقبل الجدل والخصام،فتاريخ المخيمات بالمغرب يستحق الدراسة والتأمل والإستقراء،كي نجيب على أسئلة الحاضر ونستشرف المستقبل.لعلنا فتحنا كتاب التاريخ حين استشعرنا ثقل الحاضر نريد تجاوز معضلاته ومشاكله،وحين خبرنا أهمية هذا المجال كمدرسة للمواطنة وتعلم الحياة وتنمية الإحساس بالمصلحة العامة،إذا ما استحضرنا الأدوار والوظائف لفضاء تربوي ديمقراطي يتم فيه تصريف المعرفة وتبليغها للمستفيد كما تذهب إلى ذلك الدراسات التربوية الحديثة.

فمن خلال بانورامية تاريخ المخيمات بالمغرب ومخرجات المناظرات الوطنية ،على قلتها(1963-1973-1978-1982)وكان أخرها المنتدى الوطني للتخييم سنة2008 الذي لم يكتب للتوصيات المنبثقة عنه أن ترى النور وأقبرت في مهدها،يتضح أن ثوتيقنا وأرشفتنا لإنجازات هذا المسار التخييمي ضعيفة إن لم اقل هزيلة بالنظر لحجم العطاء والتضحيات الجسام التي قدمها السلف(منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر)حتى وصلت إلى جيل بحجم انتظارات كبيرة لتخليص هذا الوعاء الإنساني من الضبابية والإرتجالية التي عايشته طيلة المائة سنة ولا تزال،وذلك بسن تشريع قانوني كفيل بضمان الحقوق والواجبات لجميع مكونات العملية التخييمية.فإذا كان مجالنا الحيوي والخصب ضاربا جذوره في التاريخ،فإننا لن نبني الحاضر بالركون للماضي والنكوص لمراحله الذهبية ،أو باستنطاق التاريخ وحده وإنما بالإنخراط الجدي والفعلي نحو التأسيس لترسانة قانونية تحمي المجال وتطهره من مجموعة من السلوكات التي تسيء إليه، والتي حولته في ازمنة مضت إلى "جوطية"تعج ب"الشناقة"،أضف إلى ذلك إرساء بنية ذهنية جديدة قابلة لإستيعاب المتغيرات المجتمعية المتسارعة التي نعيش في كنفها،وفي انصهار وانسجام كاملين مع التجربة الجديدة(النظام الجديد للتغذية)التي نعيش تداعياتها اليوم بعد مرور أزيد من شهرعلى تبنيها،وما تقتضيه من وجوب التوافق بين جميع الأطراف،والتقاء الإرادات كلها،والتئام المشارب جميعها وانخراط جميع الفاعلين وتحفيز التجربة وتدعيمها وبلورتها على اعتبار أن المشروع مجتمعي والطموح جماعي ولا يهم شخصا بعينه.

سيكون صعبا التحلي بأفق ضيق من البدئ وتخيل الفشل لبرنامج غذائي جديد وتجربة بدأت بالكاد يوم أمس،وسيكون من باب وضع العصا في العجلة ونحن لم نملك بعد الرؤيا الواضحة للنتائج ثم الحكم بعدها،فالواقع يقاس بما نعيشه من تجارب،والتنظير من المكاتب المكيفة يحتاج دائما لواقع ومجال للتجريب والممارسة(وسندلي بدلونا فور انتهاء المراحل التخييمية)،لأن الأمر لا يعفينا من النقد والتمحيص ،فمن العبث الإعتقاد بأن تصورا جديدا يريد الإرتقاء بالمجال التخييمي والنهوض بجودة المضامين التنشيطية المقدمة في فضاءاتنا الرحبة،ويعيد النظر في الأفكار السابقة،ويخلخل العادات الراسخة والأفكار الجاهزة،سيلقى الرضى والقبول بالسرعة التي نرغبها ونحن لم نسيج مجالنا ومؤسساتنا بالتشريعات والقوانين التي تساير وتلائم كل التصورات والإصلاحات المعلنة،فالراجح في غياب القوانين المنظمة أن تتعرض كل التصورات للإزورار وتناصبها العداء اتجاهات تخشى التغيير وتنفر منه وتأنس للمعتاد.

فمتى وجدت القوانين واتضحت المهام قام التعاون بين الجهاز الوصي وكل قوى المجتمع المدني والشركاء المحوريين، وعندما تغيب القوانين تبدو الإصلاحات والتصورات وكأنها مراهم خفيفة ومواد تجميل لن تزيد مجالنا التخييمي إلا قبحا مثل العجوز المتصابية.


بقلم عادل الياكدي

0662465438

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة