سيدي أحمد الحطاب.. مدير ثانوية شعيب الدكالي الذي حزنت لموته كل الجديدة سنة 1970
سيدي أحمد الحطاب.. مدير ثانوية شعيب الدكالي الذي حزنت لموته كل الجديدة سنة 1970


في مساء ذلك السبت الأسود يوم 7 مارس من سنة 1970 على الساعة الخامسة مساء ، تلقت الجديدة خبرا حزينا وصادما " مات سيدي أحمد الحطاب " مدير ثانوية أبي شعيب الدكالي ، في حادثة سير مفجعة قرب أولاد الغضبان وهو في طريقه إلى ضيعته الفلاحية بالقرب من الجرف الأصفر .
في ذلك اليوم الحزين بكت الجديدة مديرها الشاب ، الذي لم يتجاوز عمره 37 سنة فهو من مواليد 8 مارس  1933 ، وكان يعد من الرعيل الأول للمديرين المغاربة الذين تولوا مسؤولية إدارة المؤسسات التعليمية في إطار المغربة  ، خلفا لأسماء بارزة من الفرنسيين الذين كانوا يتولون أمور تعليمنا منذ بسطت فرنسا حمايتها على بلادنا سنة 1912.
أن تكون مديرا لثانوية في السبعينات فأنت من الأطر البارزة بالمدينة ، لذلك كان حجم الصدمة كبيرا على ساكنة الجديدة ، لدرجة لم يصدقوا معها الخبر القادم من أولاد الغضبان ، إلا عندما عاينوا بأم العين جثمان الفقيد يوضع بمستودع الأموات بمستشفى محمد الخامس في مكانه القديم .
تحول آنذاك الملاح حيث منزل العلامة محمد الحطاب والده ، إلى مأتم رهيب وتقاطر الناس من كل المدينة ، يتبادلون فيما بينهم التعازي ويلتمسون لبعضهم الصبر والسلوان .
وفي الغد كانت المدينة مقفلة عن آخرها حتى ليخيل أنها في إضراب عام ، لقد أقفلت المحلات التجارية أبوابها ، ليتفرغ الجميع لتشييع الفقيد إلى مثواه الأخير ، هكذا كانت الجديدة متعاطفة مع ذاتها حنونة ومتضامنة .
انطلق الموكب الجنائزي من الملاح يتقدمه والده العلامة سيدي محمد الحطاب والأعيان والسلطات ، وسط بكاء ونواح الساكنة ووسط ذهول الكثيرين منهم ولسان حالهم يردد " هل فعلا مات سيدي أحمد " ، عبر الموكب شارع الحسن الثاني إلى أن توقف في مقبرة " سيدي أحمد النخل " المجاورة لمستشفى محمد الخامس في القلعة ، حيث ووري الثرى في جنازة مهيبة ، تليق بوضعه الاعتباري مديرا شابا متفانيا لم يمهله الموت لمواصلة الإسهام في ترسيخ دعائم المدرسة العمومية .
دفن المرحوم في مقبرة سيدي أحمد النخل أحد أجداد أسرة الحطاب أصله من برشيد ، الذي حل بدكالة قبل 239سنة ، مبعوثا من السلطان العلوي مولاي سليمان ، الذي كلفه بتلقين القرآن وعلوم الدين  بمازغان .
والفقيد سيدي أحمد الحطاب هو نجل العلامة الكبير سيدي محمد الحطاب الذي تبحر في العلم مع ثلة من العلماء منهم القاضي سعيد بلهيبة والمفتي محمد الريفي ووزير العدل الشيخ شعيب الدكالي والفيلسوف محمد الرافعي .
وفي سنة 1923 تم تعيين سيدي محمد الحطاب في مرتبة " الإمام الأكبر " لمسجد مازغان ، فضلا عن دوره البارز أستاذا في المدرسة الإسلامية الفرنسية ، وهو ما كان موضوع رسالة تنويه تلقاها إثر زيارة محمد الخامس للجديدة ، وفي سنة 1956 تقاعد من التعليم بعد مسيرة امتدت ل 35 سنة كلها عطاء وسخاء ، وتفرغ للإمامة ونشر العلم ، وفي مقال نشره الفرنسي " بولي " بجريدة LE PETIT  MAROCAIN يوم 1 يوليوز 1956 عدد فيه مناقب العلامة الحطاب ، ومما قاله أن تقاعده في التعليم سيترك فراغا كبيرا ، لا يمكن أن يسده إلا ابنه سيدي أحمد الحطاب الذي كان أستاذا للغة العربية منذ سنة 1951 وتتوفر فيه مؤهلات خلف بإمكانه حمل مشعل والده .
لم تكن تنبؤات الموسيو بولي كاذبة عندما صار الإبن على نهج والده ، أستاذا متميزا سيتم تعيينه مديرا على واحدة من أكبر ثانويات المغرب من المرجح ان ذلك كان في سنة 1963 ، لكن الموت لم يمنح سيدي أحمد ذلك الوقت الكافي الضروري لتفجير طاقاته الخلاقة ، لكن وبرغم قصر حياته بصم على مشواره متميز كواحد من المديرين الشباب ، الذين اخلصوا لمدينتهم ولوطنهم ، رحم الله سيدي أحمد الحطاب رحمة واسعة وأجزاه خير الجزاء على ما أسداه من خدمات جليلة . 

عبد الله غيتومي 

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة