معاناة القيمين الدينيين بالعالم القروي باقليم الجديدة.. تعويضات هزيلة وكورونا تضاعف المعاناة
معاناة القيمين الدينيين بالعالم القروي باقليم الجديدة.. تعويضات هزيلة وكورونا تضاعف المعاناة


يعيش القيمون الدينيون من خطباء المنابر و أئمة و خاصة المؤذنين بالمساجد في العالم القروي، ظروفا اجتماعية ومادية صعبة ، وذلك بسبب هزالة المكافأة التي يتقاضونها شهريا، مقارنة مع المهام النبيلة التي يقومون بها، حيث يتقاضون مكافأة مالية قدرها  خمس مئة ( 500) درهم، وهي غير كافية بتاتا لسد حاجياتهم اليومية، خصوصا بالنسبة للمؤذنين المتفرغين لمهامهم، و الدين ليس لهم أي دخل  آخر إضافي ، ثم إن هذه المخصصات أو المكافآت، لم تتغير من سنة 2013، بالرغم من انتماء هذه الفئة، إلى أغنى الوزارات بالمغرب، بحكم مداخيلها الناجمة عن تنوع موادها المالية.
 وقد  ازدادت  معاناة القيمين الدينيين، مع انتشار جائحة كورونا، بل تضاعفت مع الفترات التي أغلقت فيها المساجد،  كما هو الحال ، خلال ليالي شهر رمضان، مما حرم هؤلاء المؤذنين من المساعدات التي كانوا يتلقونها من المحسنين وتعويضات تلاوة القرآن الكريم، في  هذا الشهر المبارك، وهو الوضع الذي زاد من حدة معاناتهم وتسبب في تأزم وضعيتهم المادية، لا سيما و أن هذه الفئة لم تتلق أي دعم استثنائي من قبل الحكومة ولجنة اليقظة، على غرار باقي الحرف و المهن المتضررة من وباء كورونا.
و في هذا الصدد عبر مجموعة من المؤذنين، فضلوا عدم الكشف عن أسمائهم، أنهم يعانون من الإهمال المالي و الإجحاف المعنوي، وأن أغلبهم يعيش أوضاعا اجتماعية، مالية ونفسية صعبة، بسبب هزالة المكافآت التي يتقاضونها شهريا، مما يدفع بهم إلى البحث عن موارد مالية أخرى، من  قبيل  ممارسة بعض الأنشطة الفلاحية المعيشية أو التجارية البسيطة، من أجل توفير لقمة العيش و مواجهة متطلبات المعيشة اليومية المتزايدة .
كما أن بعض الأعراف المرتبطة بالمجال الديني والتي كانت تساعد القيمين الدينيين على سد حاجيتهم المعيشية، بدأت في التراجع، إن لم نقل في الانقراض، منها عرف " الشرط " الذي ينظم الاجتماعية و الدينية ، بين الجماعة و الإمام أو المؤذن، حين كانت جماعة الناس(في زمنها الجميل ) من دوار ،قبيلة أو حي شعبي،  يكلفون مؤذنا أو إماما أو خطيبا، بتولي شؤون مسجد الجماعة، من إمامة الناس للصلاة، آذان الصلوات الخمس، تلاوة القرآن الكريم، ، تعليم أبناء الجماعة، حضور المناسبات الدينية ، الإرشاد الديني... مقابل نصيب من زكاة الحبوب و المواشي، وتوفير حاجياته اليومية من  مواد غذائية اللباس، وكبش الأضحية، مساعدته على التطبيب... وهنا يجب على الوزارة الوصية على هذه الفئة أن تتدخل من أجل الحفاظ على هذا العرف وتشجيعه على الاستمرار.
 وتجدر الإشارة إلى أن  القيمين الدنيين، ظلوا مهمشين لعدة عقود خلت، إلى أن اطلقت الدولة مشروع إعادة هيكلة المجال الديني، منذ سنة 2004،  حيث  وضعت قانونا للمساجد والقيّمين الدينيين، و جعلتهم تابعين للدولة عبر وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية . و لرد الاعتبار إليهم أنشأت الدولة "مؤسسة محمد السادس للقيّمين الدينيين" تكلفت برعاية شؤونهم الاجتماعية، ومنها استفادتهم من التغطية الصحية.
 غير أن المكافآت التي يتلقونها في حاجة ماسة إلى إعادة النظر فيها، و تحويلها من مخصصات أو مكافآت إلى رواتب شهرية محترمة، حتى يتمكن القيمون الدينيون من خطباء المنابر، أئمة، مؤذنون ثم عمال المساجد، مهامهم و رسالتهم النبيلة  في أحسن الظروف ،لا سيما و أنهم يعتبرون بمثابة البنية التحية التي يقف عليها صرح الإصلاح الديني بالمغرب..

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة