عندما يصبح العميد ونائباه جزء من المشاكل.. كلية الآداب بالجديدة نموذجا
عندما يصبح العميد ونائباه جزء من المشاكل..  كلية الآداب بالجديدة نموذجا

يعتبر مجلس الجامعة أعلى هيئة تقريرية، ويتمتع طبقا للمادة 11 من القانون 00-01 المنظم للتعليم العالي بجميع السلطات والصلاحيات اللازمة لإدارة الجامعة.

 بجامعة شعيب الدكالي بالجديدة، عقد مجلس الجامعة اجتماعا عاديا يوم الخميس 19 يناير 2017، أياما قليلة فقط بعد مقاطعة الطلبة لامتحانات الدورة الخريفية بكلية الآداب والعلوم الانسانية، والتي تعتبر سابقة خطيرة في تاريخ جامعة شعيب الدكالي. 

ما يثير الاستغراب، هو أن مجلس الجامعة المشار إليه أعلاه  لم يتطرّق البتّة إلى موضوع مقاطعة الامتحانات بكلية الآداب والعلوم الانسانية يوم الاثنين 02 يناير 2017، ولم يطرح أحد أي سؤال حول هذا الموضوع، ولم يُقدّم عميد كلية الآداب والعلوم الانسانية تقريرا أو توضيحا ولو مقتضبا حول ما وقع في مؤسسته، ولم يقرّر المجلس خلق لجنة للتقصي في أسباب وحيثيات هذه المقاطعة وتحديد المسؤوليات، وكأن مقاطعة الامتحانات بكلية الآداب والعلوم الانسانية حدث عادي لا يعني مجلس الجامعة في شيء، ولا يدخل ضمن اختصاصاته واهتماماته.

 إن مقاطعة الطلبة لامتحانات الدورة الخريفية بكلية الآداب والعلوم الانسانية بالجديدة، تجسّد فعلا قمة العبث والاستهتار بمصداقية الامتحانات ومصلحة الطلبة ومجهودات الأساتذة الباحثين والموظفين، ويأتي هذا العبث والاستهتار ليؤكد أن ما يجري داخل أسوار هذه المؤسسة ليس عاديا، حيث لا يكاد ينتهي مشكل حتى يطفو على السطح مشكل آخر أكثر غرابة وتعقيدا، وأصبحت المشاكل جزء لا يتجزّأ من هذه المؤسسة.

 وهذا يحيلنا إلى ما أشار إليه مجموعة من الجامعيين في مقال سابق، نُشر  في عدة جرائد إلكترونية  وفي مواقع التواصل الاجتماعي مفاده أن هناك يد خفية تلهث وراء كرسي العمادة، وتسعى إلى تأجيج الوضع وتعقيده بكلية الآداب والعلوم الانسانية، لحرق أوراق العميد وقطع الطريق أمامه للترشيح لولاية ثانية، يساندها في ذلك لوبي متحكّم في مفاصل المؤسسة، من مهامه الضغط على العميد ومحاصرته وعرقلة دور وعمل الهيئات المنتخبة.

 ولعل ما يقوّي هذا الطرح هو أن جل المشاكل التي تعرفها كلية الآداب والعلوم الانسانية هي مشاكل ما كان لها أن تقع لو لا "عماء بصيرة" المسؤولين، وعندما تقع ما كان لها أن تطول وتتعقد لو لا ضغوطات اللوبي المتحكم، نذكر على سبيل المثال لا الحصر مشكل منع الطلبة حاملي الباكالوريا قديمة أو علمية من التسجيل دون أي سند قانوني، والذي أدى إلى اضرابات عارمة كادت أن تعصف بالدخول الجامعي 2015-2016، ومشكل البلوكاج غير المفهوم في نتائج المترشحين لتكوين دكتوراه اللسانيات وبلاغة الخطاب برسم 2016-2017، حيث لم يتم الإعلان عن هذه النتائج إلى حدود كتابة هذه السطور، بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على إجراء المباراة، ورغم ارتفاع أصوات المتضررين وتهديدهم باللجوء إلى القضاء بعد أن استنفذوا كل المساعي الحميدة  لحل هذا المشكل.

 أما مقاطعة الطلبة لامتحانات الدورة الخريفية، فإنها جاءت بعد أن استنفذ الطلبة كل الوسائل والسبل لحث العميد على فتح باب الحوار لمناقشة تأجيل تاريخ بداية الامتحانات (عريضة، احتجاجات، مسيرات، اعتصامات، إضراب عن الطعام، مبيت ليلي أمام العمادة... لمدة 10 أيام)، والمثير في الأمر أن عميد الكلية استمر في تعنّته (ربما بضغط من اللوبي المتحكم)، رغم تحذير الطلبة بمقاطعة الامتحانات، وتصعيدهم للأشكال النضالية، والتي أدّت إلى إغماءات في صفوف الطلبة المضربين عن الطعام والمبيت الليلي في ظروف جد قاسية أمام العمادة، هذا دون الحديث عن المساعي الحميدة لذوي النيّات الحسنة لحث العميد على عقد اجتماع استثنائي لمجلس المؤسسة لمناقشة تأجيل الامتحانات قبل فوات الأوان.

للأسف الشديد وقع ما لم يكن في حسبان العميد، حيث نفّذ الطلبة ما جاء في البلاغ الذي أصدروه خلال معركتهم، وقاطعوا اجتياز المادة الأولى صبيحة يوم الاثنين 02 يناير 2017، ليجد العميد نفسه مضطرّا إلى إصدار بلاغ في الساعة الأولى من هذا اليوم يعلن فيه عن تأجيل الامتحانات إلى تاريخ لاحق، ثم  يدعو مجلس المؤسسة لعقد اجتماع طارئ... بعد فوات الأوان.

 جدير بالذكر أن كلية  العلوم التي لا تفصلها عن كلية الآداب والعلوم الانسانية  إلاّ سور قصير، عرفت بدورها احتجاجات الطلبة لتأجيل امتحانات الدورة الخريفية، وقد بادر العميد إلى فتح باب الحوار مع ممثلي الطلبة، ووجه دعوة لعقد اجتماع طارئ لمجلس المؤسسة يوم 2 يناير 2017، صادق خلاله أعضاء المجلس بالإجماع عن تأجيل الامتحانات من 9 يناير إلى 13 يناير 2017، مستحضرين مصلحة المؤسسة والجامعة، وهو ما جعل امتحانات الدورة الخريفية بكلية العلوم تمر في ظروف عادية.

بناء على ما سبق، وتفاديا لكل ما من شأنه أن يعقّد الوضع بكلية الآداب والعلوم الانسانية بالجديدة أكثر مما هو عليه، آن الأوان لخلق خلية تقوم مؤقتاً بمهمة تسيير وتدبير شؤون الكلية، إلى أن يتم تعيين عميد جديد يتوفر على مقوّمات القيادة وطاقم كفء، قادرين على حل المشاكل عوض أن يكونوا جزء من المشاكل، وهذه مهمة ومسؤولية مجلس الجامعة، طبقا لمقتضيات المادة 12 من القانون 00-01 التي تنص على ما يلي : "يقوم مجلس الجامعة باتخاذ جميع التدابير الرامية إلى تحسين التسيير بالجامعة".

 

عبد الحق غريب

 كلية العلوم بالجديدة


الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة