أعمدة الرأي
  • ...
    حق المطلقة حية وبعد وفاة طليقها

    بعد أن نشرت مقال الولد الناتج عن الاغتصاب بين الفراغ التشريعي والتحفظ القضائي المنشور بجريدة هسبريس والجديدة 24، وبعد أن شاركت المقال على صفحتي بالفايس بوك، علقت إحدى السيدات بما يلي: (بالتوفيق استاذ ما كرهناش تتكلم على حق الطليقة الغير المتزوجة التي ضحت في تربية الابناء دون عناء الاب ان تخصص لها حصة من الارث في طليقها بعد عدة تضحيات ماديا ومعنويا وتخرج خاوية الوفاض مكرهة).والحقيقة أنني أشعر بمدى التطلعات والإنتظارات التي  نثرتها هذه السيدة  في تعليقها  معولة على  تعديلات  مدونة الاسرة لكي تحققها أو تحقق بعضا منها ، داعية إلى أن يتم إقرار حق المطلقة التي لها أبناء مع الزوج المتوفى في الحصول على نصيب في إرث زوجها، أو لنسميه تعويض حتى لا يخرج علينا البعض علينا وعلى السيدة، وأغلبهم من الذكور مساندين ببعض النساء الذين لم يعشن نفس الحالة التي عاشتها سيدات، استمر زواجهم عقود من الزواج ، نتج عنه أبناء أو لم ينتج عنه أولاد، وبعد حين وجدوا أنفسهم مستدعون أمام المحكمة في دعوى تطليق يقيمها الزوج ، ويُحكم بتطليق الزوجة وتحدد لها متعة لن تكون كافية عن العقود التي قضتها مع الزوج بعد أن كانت شابة صغيرة ، ورمى بها الزوج بعيدا عن المنزل الذي شاركته فيه كل تلك المدة، ويشتد الأمر على المطلقة حين تكون بدون عمل، أو بأطفال مازالوا يدرسون أو عاطلون عن العمل، ويزداد الظلم أكثر ويختل الميزان ، حين يكون الزوج ثريا وغنيا، وتزداد كُربة المٍرأة والأطفال بشكل تراجيدي حين يتزوج بامرأة أخرى، ويُسكنها في المنزل أو الفيلا التي بنتها الزوجة المطلقة طيلة سنين من الصبر والمعاناة والمشورة معها، وقضت برفقة الزوج والأطفال فيها ذكريات جميلة ، أصبحت تاريخا منسيا بين لحظة وأخرى. لو عاشت إحدى النساء ممن سيعارضون تفكير هذه السيدة ويعتبرونه مخالف لشرع الله، ولا مجال للاجتهاد فيه، أو عاشت إحدى قريباتها نفس الوضعية، أو عاشت أخت ذكر أو والدة ذكر ما عاشته هذه السيدة ممن سيعارضون تفكير هذه السيدة، أكيد أنهم سيصفون إلى جانبها، ويعتبرون أن ما قالته وما صرحت به هو عين العدل والعقل والمنطق. والسؤال الذي سنطرحه ونتمنى أن يهرول رجال التشريع ليس فقط للنظر في مدى مصداقيته  بل لوضعه أمام أعينهم لرفع التحدي وتحقيق العدل والإنصاف لنساء ظلمن بسبب الفراغ التشريعي، هو هل يمكن لمدونة الأسرة في تعديلاتها الجديدة، أن تأتي بثورة أخرى ترفع الظلم الذي قدد تتعرض له بعض النساء بعد تطليقهن في الحلات التي سنعرضها ؟ بغض النظر عن حق المتعة التي قررته المدونة للمرأة في جميع الأحول ، سواء كان مقدم طلب التطليق رجلا أو امرأة واسترم العمل بهذا التوجه لحوالي ثمان سنوات ، قبل أن يعتبر قرار غريب لمحكمة النقض المرأة غير مستحقة للمتعة إذا كانت هي من طلبت التطليق للشقاق ، وهو القرار الذي أُلزمت بالسير على توجهه كل المحاكم رغم أنه مخالف للمدونة وماس بالأمن القضائي الذي استمر لمدة طويلة ، نطرح حقا ونتسائل هل يمكن لمدونة الاسرة وللساهرين على تعديلاتها ممن يحملون فكرا يطلع بعمق وبإحساس على مشاكل النساء ويستشرف المستقبل بحلول عادلة لا تظلم الرجل ولا تظلم المٍرأة، من أجل هؤلاء الحداثيون الذين يكملون صرح الحقوق العادلة للمرأة المطلقة الذي بدأته المدونة سنة 2004، نقدم لهم مقترحا لنبدأ به صغيرا، ويكون قابلا للتغذية والتعلية  بعد سنوات بتعديلات جديدة، فالتدرج في أمور لم يعتد عليها المواطن المغربي والعقلية الذكورية التي تحكمه وتحرس صروحه، وتجده مجسدا في صَدٍ يعتمد على بنيان من حديد مع تحليته بحديث يستدعي الماضي السحيق ليعزز الموقف  من كل تعديل يحل مشاكل العصر، ويُخَوف الداعين  لكل تعديل في طياته اجتهاد جديد يراعي مصلحة العباد ، بأن ما سيقدمون عليه يُخالف الشرع وما سار عليه السلف الصالح، ردا على هؤلاء، وحتى لا نمس ما جاء به شرع الله في قرانه الكريم ،  لماذا لا يبدأ المشرع  بتخصيص تعويض يؤديه الزوج المطلق  للمرأة المطلقة طيلة حياته، إلى أن تتوفى المطلقة أو تتزوج من رجل آخر، ونخيرها بين أن تأخذ هذا التعويض على شكل أقساط، يؤدى شهريا للمٍرأة أو بشكل كامل مرة واحدة باختيار المطلقة، وحتى لا يفزع من هذا المقترح الكثيرون، نقترح أن يبدأ تطبيقه على الزيجات التي استمرت لمدة تزيد عن عشر سنوات، أما بالنسبة للتي كانت بين خمس وعشرة سنوات ، يؤدى للمطلقة  تعويض كامل، ويجب أن تحدد هذه التعويضات بناء على حسابات تراعي فيها مدة الزواج ودخل الزوج ومسؤولية كل طرف عن التطليق والتي نجعل مسؤولية  الزوجة في حالة ثبوت مسؤوليتها، تتأرج بين تحميلها ثلث المسؤولية أو ربعها ، لكي لا نحرمها من السنين التي قضتها كزوجة وأم ، ونجعل التعويض المحدد كاملا بدون نقصان إذا لم تكن للزوجة مسؤولية عهن الطلاق أو التطليق  أو تكون مسؤولية الزوجة الثلث أو الربع حسب الأحوال  ، وحين يحتسب التعويض الكامل للمطلقة  يتم اقتطاع الثلث منه أو الربع حسب المسؤولية التي يحددها القاضي بناء على أوراق الملف  ، و يجب التنصيص على إعفاء الأزواج الذين أثبتوا عسرهم وفاقتهم أو عجزهم الناتج عن مرض أو إعاقة وجعلهم فقراء بدون ثروة، من منح هذه التعويضات للمطلقة، فلم يصبح من المقبول أن تقضي زوجة مع زوجها أربعين سنة أو ثلاثين أو عشرين سنة، ويطلقها ويكون الأمر أكثر سوء ا ودرامية حين تكون بدون عمل، وبدون أملاك وترجع إلى بيت والديها إن كانوا مازالوا أحياء، أو تَسْتدر عطف الإخوة أو الأخوات لتعيش معهم، إذا ما قبلوا بهذا، ويعيش الزوج بعيدا عن هذه المشاكل، وتصبح العشرة الطويلة للزوجة المطلقة سراب وخراب ويكون شبابها الضائع قد قضته مع من لا يستحقه، خصوصا إذا كان الزوج موسرا،  يجب على المشرع أن يتدخل ويجعل تعويض لمثل هذه الحالات التي تعيشها نساء مع وضعيات كهذه، ويكفي أن نشير الى أن هذا ليس شيئا جديدا لم تعرف له الدول مثيلا، بل هناك دول عربية، للنساء فيها حقوق أكبر مما عندنا، مثل تونس التي تُقر حق يسمى عندهم حق الجراية للمرأة المطلقة والتي تلزم الزوج بالإنفاق على مطلقته بتعويض على شكل أقساط شهرية يسلم لها حتى تتوفى أو تتزوج غيره ، أو يؤدى بشكل كامل مرة واحدة، أعرف أن الطرح سيصيب الكثير من الرجال المتزوجين  ممن لديهم فكرة التطليق بالصدمة والخوف، ولكن لننظر إلى الأمر أنه يخص امرأة من العائلة والأسرة القريبة كأم أو بنت أو بنت عم...، هنا ستتغير النظرة وتختفي الصدمة ولكن هذه التعديلات لا يمكن ان تأتي مرة واحدة، لأن النهر مازال صغير، وكل فتح لأبواب سد التعديلات بشكل غير متحكم فيه، يمكن أن يتسبب في فيضانات نحن في غنى عنها فالبداية في أمور كهذه يجب أن تكون بشكل تدريجي ونرسم هذا الحق و يتم إقرار التعويض فيه أولا للزيجات التي استمرت لمدة طويلة تتجاوز عشر سنوات، خصوصا لنساء تزوجن وهن عاطلات عن العمل، وكُن ربات بيوت.أما إقرار حق المرأة المطلقة في أن يكون لها نصيب من إرث زوجها كما أشارت السيدة في تعليقها، فالأكيد أنه مطلب بالنسبة لي مشروع وعادل، ولكن يجب أن يكون بصيغة قانونية مختلقة ولبقة وظريفة حتى لا نثير حفيظة حراس المعبد الذين يهجمون حتى دون ان يقرؤوا ويتمعنوا في كل ما يُطرح، فزوجة استمرت زيجتها أربعين سنة، وبدأت مع زوجها من الصفر وصار زوجها غنيا ثريا وهي بدون عمل، وحين أصبح ذا مال قام بتطليقها وتزوج شابة صغيرة السن، دخلت على بحبوحة العيش التي كَدتْ وسهرت في سبيلها الزوجة المطلقة إلى جانب زوجها، فحين سيتوفى الزوج بعد حين أو طول عمر، وأكيد أنه لن يكون بمثل الأربعين سنة التي قضاها مع الزوجة الأولى التي طُلقت ، سترث الزوجة الشابة نصف ثروته إن لم يكن له أبناء أو ربع ثروته، إن كان له أولاد، والزوجة التي رافقته طيلة أربعين سنة من الزواج لن ترث شيئا  وهذا شرع الله الذي لا نعارضه أو نطلب تغييره، ولكن يمكن للمشرع الذي يبحث دائما عن إقرار العدل والمساواة بين أفراد المجتمع ويبحث عن المصلحة المتوازنة للأطراف جميعا، أن يبحث عن مصلحة المواطنين والعباد ،  ويعملون بقول، أينما كانت مصلحة العباد فتم شرع الله كما قال ابن قيم الجوزية رحمه الله، ولكن يُمكن تحقيق العدل في هكذا حالات عن طريق تدخل المشرع الذي يُقر تعويضا وليس نفقة أو نصيب في إرث، للمطلقة في ما خلفه زوجها، ويتم تسميته بالمسميات التي سيختارها المشرع تعويض أو مكافأة ...، وتراعى في التعويض مدة الزواج وثروة الزوج ومسؤولية الأطراف عن الفراق .أعرف أن هذه الأفكار جديدة جدا على بيئتنا المغربية وجريئة بشكل كبير، وستكون غير معقولة في نظر فئة واسعة من الرجال وكذا أخرى من النساء، ولكن من عانوا من ظلم الزوج بعد عشرة طويلة، ووجدن أنفسهن قليلي المال والحيلة بعد عيشة طويلة في بحبوحة زائفة انتهت بين عشية وضحاها، سيعتبرن أن ما نطرحه هو العدل بعيون جاحظة، و روح شرع الله في أبهى لبوسها البيضاء، ويُكَبرْنَ ويدعون صباح مساء عَل المشرع المغربي، يتجرأ ويستجيب لدعائهم وانتظاراتهم التي يريد البعض أن تظل مدفونة في رمال باردة أزكمت رائحة رطوبتها الأنوف الجميلة التي تستطيب كل رياح  زكية وجديدة.الأستاذ وهابي رشيدالمحامي بهيئة الجديدة  .

  • ...
    الولد الناتج عن الاغتصاب فراغ تشريعي وتحفظ قضائي

    في بداية مسيرتي المهنية كمحامي رسمي خلال نهاية التسعينات، كان من ضمن الملفات التي تعاطفت معها بشكل كبير، ملف فتاة صغيرة تعرضت للاغتصاب الثابت والمعترف به من قبل الفاعل، انتهى بافتضاض وحمل، نتج عنه ولادة أنثى، أدانت المحكمة المتهم وحكمت للمغتصبة، بتعويض بسيط، بعد أن أصبح القرار حائزا لقوة الشيء المقضي به، تقدمت بدعوى لقضاء الاسرة من أجل استجلاب رحمة المحكمة الأسرية وتشغيل ماكينة اجتهادها الذي يمكن أن تؤسس لتوجه عادل مطلوب أو يطفئ ضواء زائفا، أشعله فانوس يتغذى بزيت فاسد وطاقة غير منصفة ، وتقدمت بدعوى رامية إلى إثبات نسب هذه البنت الناتجة عن فعل جرمي متمثلا في فعل اغتصاب إلى المغتصب، حتى يمنحها نسبه ولا تكون مجهولة الأب لأنها معلومة النسب والأب ، وحتى يُلزم الاب المغتصب بأداء النفقة عن البنت التي تولدت عن فعله، لكن  الحكم لم يفاجئني، لأنه وقتها لم تكن الظروف بعد قد تهيأت بشكل أكبر،  والأصوات العقلانية التي ترفع صوتها قائلة اللهم إن هذا منكر ، والتي تجتهد بشكل كبير ومصلحي دون أن تخالف آية قرآنية صريحة وثابتة الدلالة،  فقد كان الحكم هو رفض الطلب، استأنفناه فكان مصير هذا الحكم هو التأييد ، ولم أسعى لطلب النقض فيه ، لأنني كنت مقتنع بأن الغرفة الشرعية لا يمكنها أن تخرج عن توجه المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف ، لأن توجهاتها حافظة بشكل غير معقول ولا يمكن أن يتوافق مع ما يعرفه العالم من تغيرات وما تعرفه حقوق المرأة والرجل من تقدم وتغييرات جوهرية في كل وقت وحين ، وأعرف أن قضاتهم يحفظون قاعدة ، الولد للفراش وللعاهر الحجر ، وبعضهم القضاة منهم أو أغلبهم يعلمون ، أن الفقهاء الذين كانوا يعبدون هذا الحديث ، بعضهم ومنهم قدامة قال ( حتى لو أن امرأة أتت بولد وزوجها غائب عنها منذ عشرين سنة لحقه ولدها ). فلو أينينا برجل أو امرأة أمية في عصرنا الحالي ، وقلنا لأحدهما ، رجل غاب عن زوجته عشرين سنة ، وولدت ، هل ننسب الولد للزوج الغائب ، لقالوا لنا ما هذا العبث هل تتكلم بصدق أو تمازحنا ، نعم عشرات الاحكام حكمت بذلك منذ قرون ، ومع الأسف مازالت بعض محاكمنا تحكم بذلك ولن نذهب بعيدا ، ونذكر بقرار قضائي يعتبر وصمة عار على جبين القضاء المغربي ، ومن هذا المنبر أدعو المسؤولين إلى محاولة تدخل السيد وزير العدل أو الوكيل العام لمحكمة النقض للطعن في هذا القرار وإصلاح الزلة التي وقع فيها قضاتنا الاجلاء ، وهي حين اجتمعت غرف محكمة النقض جميعا في منتصف العشرية الاولى من القرن 21 ، لرفض طلب رجل مغربي مهاجر بفرنسا ، أثبت القضاء الفرنسي والخبرة المنجرة بفرنسا ، أن البنت الذي ادعت الزوجة أنها بنته وطلبت نفقتها بفرنسا ،  وبعد أن أثبت الزوج أنهم مفترقان وأنكر نسب البنت ,ان المعاشرة الزوجية بينهما منعدمة ، وبعد أجراء تحليل الحمض النووي على الأطراف والولد، ثبت بالخبرة أنها ليست من صلبه ، فرضت المحكمة دعوى النفقة التي رفعتها الزوجة ضد زوجها، بعدما أثبت الخبرة أن الرجل ليس أب الولد المطلوب نفقته، كان هذا حكم النصارى ، ولكن الزوجة تم نصحها بالتوجه لمحكمة الجديدة ، ورفع دعوى النفقة فقط بالاعتماد على عقد الزواج ونسخة من عقد ولادة البنت ، فتقدت الزوجة بدعوى النفقة أمام لمحكمة الابتدائية بالجديدة ، وبعد توصل الزوج أجاب الزوج عن الدعوى،  وطلب رفض طلب الزوجة وأدلى  بأحكام رفض طلبها بفرنسا، وبالخبرة الجينية التي أجراها مختبر فرنسي بأمر من المحكمة التي تؤكد أن الولد  ليس له، وطلب أساسا رفض طلبها واحتياطيا إجراء خبرة جينية للتأكد من أن الولد ليس من صلبه، فما كان من محكمة الدرجة الأولى إلا أن حكمت عليه بنفقة الولد، مرتكزة على القاعدة الفقهية المشهورة الولد للفراش وللعاهر الحجر، فاستأنف الحكم وأرغد وأزبد في مقال استئنافه داعيا العدالة إلى أن تفتح عيونها المغمضة وترى الحق الذي يتراقص أمامها  وهو عاري شفاف لا ملابس تحجب لحمه وشحمه، فغضت محكمة الاستئناف الطرف عن منطقه السليم والمعقول والقانوني واتكأت على أقوال السلف وقضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم الابتدائي  فاستشاط الرجل غضبا، مناجيا سواكنه وناقلا حرقته واحتجاجه للأصدقاء والمعارف، هل يمكن لعدالة البلد أن ترى الحق متلألأ بين أوراق الملف، وتنحرف عنه وترتمي في حضن الباطل الصُراح وتعلل حكمها هذا بحديث، لا يمكن أن يتم اعتماده في عصر الخبرات الجينية والتطور العلمي الذي يعطي كل صاحب حق، حقه، ويزهق كل باطل، فقال لا بأس سأتوجه إلى أعلى مؤسسة قضائية بالبلد، لأطعن في قرار محكمة الاستئناف، وكله أمل في أن هذه المحكمة وهي محكمة قانون ومؤسسة قضائية وظيفتها تفسير ما استشكل على قضاة الموضوع وما انتاب النصوص القانونية من غموض، وتجتهد في حل النوازل التي لا نصوص قانونية تنظمها وتحددها، معتقدا أنها سترجع الأمور إلى نصابها، وتحكم بالحق وتُزهق الباطل، لكن هذه المحكمة كان لها رأي آخر، وفي ثقة كبيرة بتوجهها، ورسالة واضحة لكل من يريد أن يخرج عن توجه السلف الذي تم تسطيره قبل قرون وسار على طريقه السلف، حتى ولو أثبتت الدنيا كلها والعلم بكل تقنياته  أنه توجه خاطئ، وعوض أن تبث محكمة النقض في هذه القضية بغرفة واحدة، ويمكن أن نقول أن قضاة هذه الغرفة قضاة يمكن أن يخطؤوا، ويمكن للمتضرر أن يطعن في حكمهم بإعادة النظر، ويطلب أن تعرض قضيته على غرفتين أو مجموع غرف محكمة النقض، فوجئ هذا الزوج المسكين الذي يحمل بين يديه حكما فرنسيا رفض نفقة الولد لأنه ليس من صلبه بالخبرة الجينية التي أثبتت ذلك، وأبدى استعداده ليجري خبرة جينية أخرى ببلده المغرب، بأن كل غرف محكمة النقض الستة تجتمع لتقول له هذا الحكم الفرنسي وتلك الخبرة الجينية العلمية التي يمكنها أن تخطأ بنسبة صفر فاصلة صفر.... في المائة لا تساوي جناح بعوضة أمام قاعدة الولد للفراش....، ولو غاب الزوج عن الزوجة في سفر أو مرض، ويصدر قرار بغرف المجلس الأعلى مجتمعة رافضة طلبه، وتُقر، حُكم النفقة التي تلزمه بالنفقة، أحكام  القضاء المغربي، عن ولد أثبتت الخبرة  الجينية الفرنسية والقضاء الفرنسي، أنه ليس من صلبه، ولكن أعتقد أن التوجه الجديد الذي عبر عنه السيد رئيس محكمة النقض الدكتور عبد النباوي محمد أخيرا، تشي بأن أمورا كثيرة تجري وستجري  تحت الجسر، وبأن محكمة النقض ستبدأ في الاعتماد مستقبلا على الوسائل العلمية وهي رسالة واضحة تعني بأن توجه الولد للفراش وغيرها من التوجهات التي تكون معارضة ومختلفة مع الوسائل العلمية الحديثة في الإثبات لن يكون لها مستقبلا مكان في قرارات محكمة النقض والمحاكم المغربية، فقضاتنا بمختلف المحاكم يجب أن يحكموا بأدوات اليوم ومفاتيح  العلم الحديث، ويستبعدوا كل قاعدة أو مبدأ فقهي قد يتعارض معها، لأن ذلك سيصيب الدين في مقتل، ويجعل إيمان من يسلب حقه بمثل هذه القواعد التي يثبت ضعفها وباطلها هشا وضعيفا. فخدمة الدين والموروث الثقافي الإسلامي يكون بالحكم بالحق ورد الباطل كلما ثبت بأي وسيلة كانت وأوثقها وأَأمَنِها هي الوسيلة العلمية، ولا يكون بالتشبث بقواعد يظهر للقاضي أنها لا تعكس الحق ولا تعكس عدالة ومع ذلك يتمسك بها، لأنه وجد شيوخه من القضاة عليها يسيرون على ديدنها.ولنرجع الى خرافنا كما يقول الفرنسيون، مجموعة من الفتيات المغتصبات ، وينتج عن الاغتصاب  حمل  لا يعترف القانون المغربي ولا يجتهد القضاء المغربي في نسبة المولود الناتج عنه للأب المغتصب ، ولا يبقى الولد الناتج عن فعل إجرامي بدون نسب وبدون نفقة ، فهل هذه الوضعية عادلة لا تحتاج منا إلى تدخل تشريعي عاجل في مدونة الاسرة، لجعل نسب هؤلاء ثابت بعد إجراء خبرة جينية في حالة إنكار المغتصب للفعل ، وإلزامه بعد ذلك بواجبات نفقة وحضانة وسكنى هذا الولد، أم أن المشرع سيستمر في غض الطرف عن هذا المشكل الحقيقي الذي يسلط الضوء على ظلم كبير وخطير يقع على هؤلاء المغتصبات  فهم من جهة يغتصبن وقد تفتض بكارتهم بالقوة أو بدون رغبة منهم ، وقد ينتج عن فعل الاغتصاب حمل قد تكون نتيجته ولادة ولد، وهذه المغتصبة كل ما ستغنمه من هذه الجريمة تعويض بسيط وسجن للمغتصب لا يمكن أن يحل مشاكلها المستقبلية من خلال نظرة المجتمع لها كفاقدة لبكارتها، وأم لولد بدون نسب وبدون زواج ، ولا يمكن أن يجد لها حلا مع نفقتها اليومية مع الولد الذي نتج عن حمل كان بفعل الاغتصاب ولم يكن بإرادتها، فالنتائج الكارثية المترتبة عن الفتاة التي تعرضت للاغتصاب من فقدان البكارة وانتشر خبر اغتصابها بين العامة والخاصة ، والذي يمكن أن يقلل لها من فرص زواجها، لأنها ستُلصق بها علامة مغتصبة وأم لولد  بدون نسب، عكس المُغتصب الذي وإن كان المشرع الجنائي يحكم عليه بالسجن والتعويض الذي يكون بسيطا في  الغالب ، فإن النوص القانونية لم الأخرة ومنها الأسرية لم قاسية معه ، فلم تحمله مسؤولية فعله المجرم الغير القانوني، وما نتج عنه من ولد ، وأعفته من نسبة نطفته المنوية التي زرعها في رحم مغتصبه بالقوة وبدون إرادتها لن تنسب إليه بعد أن يكتمل نموها وتخرج للوجود ، ولن ينفق على ولد هو من صلبه يراه يكبر أمامه دون أن يلزمه القانون ولا اجتهاد القضاة بالنفقة عليه ، وبهذا يظهر لي أن القانون الجنائي إدا كان يعاقب هذا الفاعل على فعله الجرمي، فإن  عدم تمام أو نقصان النص الجنائي أو غياب النص القانوني في مدونة الاسرة مثلا ، التي ستُلزم المُغتصب سواء بإقراره أو بعد حكم قضائي يعتمد على خبرة جينية ، بنسب الولد الناتج عن اغتصاب للأب المغتصب، وإلزامه بالنفقة عليه ، يفاقم من هذه المشكلة التي أصبح إيجاد حل تشريعي لها واجبا وطنيا، وذلك من خلال التنصيص على هذه المقتضيات في القانون الجنائي ، مع السماح للقاضي الجنائي استثناء بالحكم في هكذا حالات بنسب الولد للمغتصب  و تحديد واجبات النفقة والحضانة والسكنى على الأب المغتصب. لأن القضاء الجنائي تكون أحكامه أسرع، وإن تعذر ذلك التنصيص عليها في مقتضيات في مدونة الأسرة.وللتذكير فقط فإن قانون الالتزامات والعقود المغربي، نص في الباب الثالث المتعلق بالالتزامات الناشئة عن الجرائم وشبه الجرائم في الفصلين 77 و78 يتكلم عن التعويض الذي يمكن الحكم به للمتضرر من جرائم الاغتصاب التي يمكن أن ينتج عنها ولادة ولد ، وتكلمت عن إمكانية استفادة المتضرر من التعويض المادي والمعنوي، وفيما قبل كان بإمكان القضاة أو حتى الآن،  أن يجتهدوا ويعتبروا أن نفقة الولد وواجبات سكناه وحضانته تدخل في باب التعويض، ويعتبرون أن التعويض يمكن أن يكون  واحدا ونهائيا أو يمكن أن يكون مقسما على شكل دفعات شهرية أو ربع سنوية أو نصف سنوية، ويقيسون  في استنباط اجتهادهم من بعض التعويضات التي يحكم بها لضحايا حوادث الشغل مثلا، وتكون مستمرة وعلى شكل إيراد، وهنا يجب أن لا ننسى الحكم الابتدائي الصادر عن المحكمة الابتدائية بطنجة في الملف عدد 1391/1620/2016، بتاريخ 30/01/2017 حكم عدد 320 ، الذي تتلخص وقائعه في كون امرأة تقدمت  سنة 2016 بدعوى أمام قسم قضاء الأسرة بطنجة ،عرضت  فيها أنها أنجبت بنتا من المدعى عليه، خارج إطار الزواج، وأن الأب رفض الاعتراف بها، رغم أن الخبرة الطبية أثبتت نسبها إليه، ملتمسة من المحكمة، الحكم ببنوة البنت لأبيها، وطلبت أن يؤدي لها  نفقتها من تاريخ ولادتها.وأجاب المدعى عليه بكون طلب المدعية غير مؤسس قانونا، معتبرا أن الخبرة الطبية المدلى بها في الملف، وان أثبتت العلاقة البيولوجية بينه وبين البنت، فإنها لا تثبت العلاقة الشرعية، وبأن النسب في مدونة الأسرة يثبت بالزواج الشرعي، وبأن البنوة غير الشرعية ملغاة للأب، ولا يترتب عنها أي أثر. وقد أدلى بحكم جنحي قضى بإدانته من أجل جنحة الفساد مع المدعية ملتمسا رفض الطلب.ولكن الهيئة التي حكمت في الملف وهي هيئة مكونة من قضاة شباب، حكمت بثبوت نسب البنت للأب البيولوجي، وحكمت للولد بتعويض قدره مائة ألف درهم، معتبرة أن النفقة لا يحكم بها إلا إن كانت هناك علاقة شرعية، وارتكز تعليلها على ما يلي: ارتكز على الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب مع العلم أن الدستور المغربي يجعل هذه الاتفاقيات في رتبة أعلى من القوانين المغربية:وعللت ذلك بقولها يؤخذ من الفقرة الأولى من المادة الثانية من اتفاقية حقوق الطفل التي صادق عليها المغرب بتاريخ 21/6/1993 أن القضاء يتوجب عليه إيلاء الاعتبار الأول لمصالح الأطفال الفضلى عند النظر في النزاعات المتعلقة بهم.وعللت كذلك  بلتنصيص على أن المادة 7 من نفس الاتفاقية على أن الطفل يسجل بعد ولادته فورا ويكون له قدر الإمكان الحق في معرفة والديه وتلقي رعايتهما.وتنص الاتفاقية الأوروبية بشأن حماية حقوق الطفل الموقعة بستراسبورغ بتاريخ 25/1/1996 والتي صادق عليها المغرب بتاريخ 27/3/2014، في الفقرة الأولى من المادة السادسة على ما يلي:"في الإجراءات التي تشمل الطفل – تقوم السلطة القضائية – قبل اتخاذ القرار: 1. بدراسة هل لديها معلومات كافية تحت يدها من أجل اتخاذ قرار في صالح الطفل، وعند الضرورة – الحصول على معلومات إضافية ".وتنص المادة السابعة من نفس الاتفاقية والمتعلقة بواجب العمل بسرعة على أن " في الإجراءات التى تشمل الطفل، تعمل السلطة القضائية بسرعة لتجنب أي تأخير غير لازم، وتكون الإجراءات مناسبة لضمان تنفيذها على وجه السرعة، وفي الحالات العاجلة تكون للسلطة القضائية الصلاحية، متى كان ذلك مناسباً، لاتخاذ القرارات التي تنفذ على الفور". وعللت كذلك حكمها بالاعتماد على الدستور المغربي:فعللت بأن الفقرة الثالثة من المادة 32 من دستور 2011 تنص على أن: "الدولة تسعى لتوفير الحماية القانونية والاعتبار الاجتماعي والمعنوي لجميع الأطفال بكيفية متساوية بصرف النظر عن وضعهم العائلي".وانطلاقا من هذه النصوص، قضت المحكمة:1- بخصوص النسب قضت المحكمة بثبوت البنوة بين الطفلة وبين المدعى عليه اعتمادا على نتائج الخبرة الطبية التي أثبتت العلاقة البيولوجية بينهما، مميزة في هذا الصدد بين البنوة والنسب الذي لا يؤخذ به وبمفاعيله إلا في حال البنوة الشرعي.2- بخصوص النفقة رفضت المحكمة طلب المدعية بتحميل المدعى نفقة البنت، وعللت المحكمة قرارها بكون النفقة من آثار النسب الشرعي. لكنها وفي سابقة أعملت قواعد المسؤولية التقصيرية لتلزم الأب البيولوجي بدفع تعويض للمدعية نتيجة مساهمته في إنجاب طفلة خارج إطار مؤسسة الزواج.وقد جاء في حكم المحكمة:"حيث يؤخذ من الحكم الجنحي عدد 4345 بتاريخ 2016/03/16 في الملف 278/16/2012 الصادر عن هذه المحكمة أن المدعى عليه توبع من أجل جنحة الفساد، وأدين بشهر واحد موقوف التنفيذ، وهو الحكم الذي أصبح نهائيا بعد تأييده استئنافيا.وحيث لما ثبتت المسؤولية الجنائية للمدعى عليه بارتكابه للفعل الجرمي المذكور والذي نتج عنه ولادة الطفلة تكون العناصر القانونية لقيام المسؤولية المدنية ثابتة في نازلة الحال، وفقا لما ينص عليه الفصل 77 من قانون الالتزامات والعقود الذي جاء فيه: كل فعل ارتكبه الإنسان عن بينة واختيار ومن غير أن يسمح به القانون، وأحدث ضررا ماديا أو معنويا للغير، ألزم مرتكبه بتعويض عن الضرر، اذا ثبت أن ذلك الفعل هو السبب المباشر في حصول الضرر".وهكذا ارتأت المحكمة بعد ثبوت علاقة البنوة بين البنت والمدعى عليه، وما يستلزمه ذلك من رعايتها والقيام بشؤونها ماديا ومعنويا والحفاظ على مصالحها كمحضونة، وما يتطلبه ذلك من مصاريف أن تمنح المدعية تعويضا يحدد في مائة ألف درهم".  وإذا كان هذا الحكم الذي اجتهد فيه قضاته، في نسب طفل ثبت نسبه للأب بخبرة جينية لا تقبل الشك، وكان هدفهم تشوف جيل من القضاة الشباب لنسب الأطفال حتى ولو كانوا نتيجة علاقة فساد لآبائهم ، ومؤمنين بأن هذا الولد ليس له أي ذنب أن يُحرم من نسبه عن فعل هو في نظر الشرع علاقة غير شرعية وفي نظر القانون مجرم ، ارتكبه رجل وامرأة، متى تأكد من نسبه، وبالتالي فلا يمكن لطفل أن يحرم من نسبه متى تأكد وعُرف الأب بيقين، لأن الطفل لا يمكن أن يعاقب بجرم لم تكن له يد فيه ، ولا أن يواجه بنتيجة فعل جرمي لم تكن له يد فيه.ولكن مع الأسف هذا التوجه الذي رفع الراية التي تُشهر قاعدة ( إن الشرع متشوف لإثبات النسب )، تم إلغاؤه وفقط اعتمادا، على الحديث المشهور بين قضاة الأحوال الشخصية، والذي يقول : ( الولد للفراش وللعاهر الحجر ) مكتفين بأخذ هذا الحديث على إطلاقيته دون معرفة إطاره التاريخي الذي خرج فيه ، والذي يجعل تطبيقه على كل الحالات المتعلقة بالنسب زلم في الطفل الذي يريد  الأب أن ينكر نسبه له ، قبل أن يكون ظلما في حق المرأة ، فنص هذا الحديث جاء فيه : عن عائشة رضي الله عنها قالت:            ( اخْتَصَمَ سعد بن أبي وقاص، وعبد بن زَمْعَةَ في غلام: فقال سعد: يا رسول الله، هذا ابن أخي عتبة بن أبي وقاص، عهد إلي أنه ابنه، انظر إلى شبهه، وقال عبد بن زمعة: هذا أخي يا رسول الله، وُلِدَ على فِرَاشِ أبي من وَلِيدَتِهِ، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شَبَهِهِ، فرأى شَبَهًا بَيِّنًا بعتبة، فقال: هو لك يا عبد بن زمعة، الولدُ لِلْفِرَاشِ ولِلْعَاهِرِ الحَجَرُ. واحْتَجِبِي منه يا سَوْدَةُ. فلم يَرَ سَوْدَةَ قَطُّ ).  فالواقعة كانت هي تنازع شخصان أمام الرسول صلى الله عليه وسلكم حول، نسب ولد، صاحب الفراش يدعي أنه ابن الزوج، والأخر يدعي أن أخوه قال له بأنه ابنه، مُزكيا ذلك بشَبَهِه لأخيه، ولكن الرسول حين نظرا إلى الولد ونظر للمتنازعين ووجد شبها للولد بمن ولد على فراشه، فنسبه إليه، وقال قولته هذه ، التي أصبحت مشجبا يُعتمد عليها لحرمان عشرات الألاف من الأطفال من نسبهم، حتى بعد ثبوت الخبرة واعتمادا فقط على هذه القولة التي كانت بين شخصين، واعتمدت بالإضافة على الفراش ( الزواج ) على الشبة  الذي كان يتم فيه التخمين فقط عكس الخبرة الجينية التي أصبحت يقينية في إثبات النسب.مسك الختام أن استمرار في إدارة الظهر من طرف المشرع المغربي، أو القضاء المغربي، للأبناء الذين يولدون نتيجة اغتصاب وقع على أمهاتهم، وعدم نسبة هؤلاء الأطفال إلى المُغتصب، وإلزامه بمنحهم نسب الأب وإلزامه بالإنفاق عليهم، كالولد الذي كان نتيجة علاقة عادية، سيعتبر ظلما نلحقه بهؤلاء الأطفال الذين لا يد لهم في ما وقع من جريمة اغتصاب اتجاه أمهم ، وسيكون ورقة مكافأة منحها المشرع المغربي سابقا لهؤلاء المجرمين ، في عدم نسبة الولد الذي كان بسبب اغتصابهم لأنثى ، وإعفائهم من نفقة هذا الابن  الذي كان نتيجة لعمل إجرامي للوالد. وحتى يستدرك المشرع المغربي الظلم الذي لحق بالأولاد الذي ولدوا بعد تعرضت أمهاتهم لاغتصاب، على المشرع المغربي، أن يجعل حق نسبتهم للأب المغتصب وحقهم في الحصول على هذه النفقة يكون بأثر رجعي، حتى يكفر المشرع المغربي عن عشرات الأطفال الذي حرمهم فراغ تسريعي وتحفظ أو خوف قضائي من النسب والنفقة.الأستاذ رشيد وهابي المحامي بهيئة الجديدة..

  • ...
    المغرب يجمع قشدة العالم في مساحة تعادل 28 ملعبا لكرة القدم

    أعلنت  وزارة الشباب والثقافة والتواصل يناير المنصرم عبر موقعها الرسمي، أنها ستنظم الدورة الثامنة للمعرض الدولي للنشر والكتاب في الفترة ما بين 01 و11 يونيو 2023، بفضاء OLM السويسي بالرباط في مساحة تقدر ب :  200 ألف متر مربع. تأتي هذه الدورة في ظل عام استثنائي أبرز أحداثه تسخينات حرب مدمرة بين أقوياء العالم، تدور أطوارها في أوكرانيا التي أضحت حقل تجارب أحدث الأسلحة، ومسرح لعبة من سيضغط على الزر الأحمر أولا؟ بوتين أم بايدن؟ أم كلاهما معا !  حرب أدت إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار السلع الضرورية وعلى رأسها المحروقات. فهل سيدفع المغاربة أو بالأحرى زوار المعرض المرتقبون ثمن الكتب ؟ وهم الذين خرجوا للصراخ والاستنكار من عدم قدرتهم على شراء الطماطم والبصل. فهل يتغلب شغف المعرفة واقتناء جديد الكتب على جوع البطن وسد حاجيات الأسر اللامتناهية ؟ أما الكتاب،  فهو الخاسر الأكبر في ظل هذه الأحداث المتسارعة، فإنسان اليوم أصبح مرقمنا أكثر من أي وقت مضى. بل غارقا في التفاهة حتى أذنيه،  يقضي الوقت متنقلا بسبابته بين محتويات المقالب وعارضات أجسامهن، وتتبع الفضائح حيث تحظى هذه المقاطع بأعلى نسب المشاهدات والمتابعة في مختلف التطبيقات على غرار "فيسبوك" و"إنستاغرام". أما ذلك المسمى "تيكتوك" فيؤكد بالملموس المثل القائل : إن لم تستحي فافعل ما شئت !تطبيق "تيكتوك" الصيني الأصل هدفه تقاسم الأفكار الهندسية والاختراعات الذكية والحلول المبتكرة، إلا أن الذين وصفهم شاعر العرب المتنبي بإخوان الجهالة أخرجوه عن هدفه وجعلوا  منه ماخورا إلكترونيا لعرض الأجساد دون حسيب أو رقيب، على عكس الصين التي تفرض قيودا صارمة حول المحتويات المسموح بعرضها على تطبيق " تيكتوك" ناهيك عن منع من هم دون الثامنة عشر  من الاستخدام المفرط للألعاب الإلكترونية والأنترنت. ما أحوجنا في معرض الكتاب لمن يشخص وضعنا وينتشلنا من شباك اليأس والغبن والبهيمية الحديثة،  على غرار كتب سلسلة السيولة لصاحبها الفيلسوف البولندي "زيجمونت باومان" التي تفضح الغرب وتعري قيمه الزائفة. ما أحوجنا لمن يذكرنا بتراثنا العريق وقيمة أجدادنا كابن خلدون و ابن طفيل وعلماء الأندلس والغرب الإسلامي.ما أحوجنا لكتاب يفسر لنا كيف أصبح المغربي لا يقوى على شراء  الخضر والفواكه بسبب التصدير، ويكتوي بنار  المحروقات والمواد الأساسية بسبب الاستيراد !كما أننا لم ننسى أن وزارة المهدي بنسعيد التي أعلنت عن معرض الكتاب هي نفسها التي وجهت دعوى للمدعو "طوطو" للمشاركة في إحدى السهرات الكبرى بالرباط، والذي  افتخر  بتعاطي المخدرات، بالإضافة إلى تلفظه بعبارات “ساقطة” على منصة الحفل أمام آلاف من المراهقين والشباب الحاضرين.وكأن لسان حال الوزير يقول: "كلشي موجود الثقافة وحتى تخصار الهضرة".

  • ...
    هل تنهي تعديلات مدونة الأسرة المنتظرة معاناة الورثة البنات مع فزاعة التعصيب

    من أكبر المشاكل التي عانى منها الآباء والأمهات ممن لم يرزقهم الله ذكرا أو ذكورا ، ورزقهم فقط بنت أو بنات فقط لقرون طويلة منذ بدأ العمل بنظام الإرث الإسلامي ، كان هو خوفهم بعد الممات من انتقال جزء من إرثهم إلى ابن عم أو عم أو ذكور بعيدون ، لم يسبق أن تعرفوا عليهم ، أو ممن  كانت لهم  عداوة مستحكمة معهم ، و هؤلاء الأقارب مباشرة بعد علمهم بوفاة قريبهم الذي لم يرزقه الله بالذكر الذي سيحجبهم ويبعدهم عن التركة ، تجدهم أول الواقفين والحاضرين للعزاء، ومن أول المطالبين بحقهم الشرعي الذي منحتهم إياه تفسيرات الفقهاء الأوائل ، وتجد الأب والأم يحملان هذا الهم في كل حين، كلما كان يتنقل بين بيته العامر ببنت فقط أو ببنات، ويشعران بالخوف على فلذات أكبادهم البنات، خصوصا ممن كانت تركتهم محدودة وعبارة عن مسكن ، فقد يطالب الورثة العصبة من الذكور البعيدون، بقسمته بعد مماتهم، وتصبح البنات خارج البيت الذي شقى في سبيل بنائه أو شرائه الأب والأم ، بفعل انتظار العصبة الذكور لغنيمة الإرث التي سيغنمونها دونما جهد أو كد في مزاحمة غير معقولة ومبررة بتبريرات يجب أن نلف عليها الستار، وندخلها لمتحف التاريخ ، ونجتهد في سبيل رفع هذا الظلم الكبير الذي رافق ومازال يرافق كل أسرة لها فقط البنات دون الذكور ، ويصابون بفوبيا العصبة الذكور القريبون منهم والبعيدون ، ولا يتخلصون منها ، كما فعل السلف ومازال يفعل الخلف ، إلا بتهريب تركة هؤلاء الآباء والامهات، من فم الورثة الذكور الذين ينتظرون وفاتهم لكي يشاركوا البنات إرث الوالد أو الوالدة ، بعلة أنها شريعة الله في أرضه يجب تطبيقها، ويسعى الأب والأم لدفع الخطر الذي يفكر فيه  الورثة العصبة نهار مساء بكتابة بيع أو صدقة لهم أو هبة للبنت أو البنات ، حتى يتم تهريب التركة من أفواه العصبة الذكور الجوعى لها . ورغم أن هذه العملية لإبعاد أملاك الأب أو الأم من نفق التعصيب المجهول في حياتهما، هي عملية شرعية لا يمكن أن يحرمها شخص أو ينتقدها ويعارضها، لكن مع الأسف نجد بعض رجال الدين ، يدعون إلى أن قيام الأب أو الأم بذلك فيه مخالفة لشرع الله وشريعته ونظام الإرث الذي سطره ، وحرمان للعصبة من الذكور. وهو ما يعني أنهم بطرحهم هذا، يدافعون معتبرين أن الإرث الذي لا يأكل منه ذكر قريب أو بعيد مع وجود الإناث من الولد فقط، هو إرث باسل لا طعم له، ولا توابل دينية شرعية تنسمه.في سبيل تقريب إشكالية هذا الموضوع المثير والمخيف لمن رزقهم الله فقط الإناث، سنحاول تقسيمه إلى فقرتين تكون على الشكل التالي:الفقرة الأولى: السياق التاريخي لربط التعصيب بالذكر فقط وحرمان الانثى منه أول ما نبدأ به هو تلك الجملة الرائعة التي جاءت في خطاب ملك البلاد حفضه الله  بمناسبة عيد العرش الثلاث والعشرين، حين قال ( لن أحل ما حرم الله ولن أحرم ما أحل الله ) إذن المنطلق واضح لتعديلات مدونة الأسرة المنتظرة ، ونذكر بتلك الآية القرآنية الكريمة  في  سورة البقرة رقم 170 التي تقول : ( وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا، أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئًا ولا يهتدون )هذه الآية تدعونا إلى أن نتبع ما أنزل الله في كتابه الكريم، وننتقل الآن لنبحث عن فكرة التعصيب التي استنبطت من الآيات القرآنية من طرف الفقهاء وهي الآيات التالية: آية 11 من سورة النساء "فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث" يقول الفقهاء هنا أن الأب يرث بالتعصيب (الفقيه المغربي عبد السلام الشطبي ) لأن هذه  الآية تشير إلى التعصيب بشكل ضمني. فهي ذكرت أن الأم ترث الثلث وسكتت عن نصيب الأب، فاعتبر المفسرون والعلماء أنه يرث الباقي. (أي أن العلماء والمفسرين هم الذين فسروا الآية) كذلك هناك الآية 176 من سورة المائدة. التي تتحدث عن نصيب الأخ: وجاء فيها "وهو يرثها إن لم يكن لها ولد". وقد فسر دائما العلماء والفقهاء هذه الآية بالقول أن الآية لم تحدد نصيب الأخ بشكل دقيق مكتفية بعبارة "وهو يرثها"، لذا قال المفسرون بأن الأخ يرث ما تبقى من تركة أخته تعصيبا في حالة عدم وجود ولد ذكر لها.إذن فكرة التعصيب مستنبطة فقط كما قلنا من هاتين الآيتين، والآيتين تتكلمان عن الولد ولم تتكلم عن الذكر أو الابن، فالآيتين تقولان: ( إن لم يكن له ولد ) فهل كلمة الولد تعني الذكر أو الأنثى، أم تقصد أنها تعني الأنثى والذكر، والولد في معجم المعاني الجامع يعني الذكر والأنثى ، وفي لسان العرب يعني الولد، الوَلِيدُ: الصبي حين يُولَدُ، وقال بعضهم: تدعى الصبية أَيضاً وليداً، وقال بعضهم: بل هو للذكر دون الأُنثى، وقال ابن شميل: يقال غلامٌ مَوْلُودٌ وجارية مَوْلودةٌ أَي حين ولدته أُمُّه، والولد اسم يجمع الواحد والكثير والذكر والأُنثى، والآية حسب فهمنا المتواضع والظاهر تتكلم عن الحالة التي يتوفى فيها الشخص ولا يكون له بنت أو ابن، فهنا بطبيعة الحال وبحكم المنطق، يجب أن ينتقل إرثه لأقرب الناس إليه، وهو الأخ، وفي اعتقادي  أن التعصيب مسألة ولده اجتهاد الفقهاء التي كانت تسعى بشكل حثيث إلى محاولة جعل الإرث يبقى محصورا بين ذكور العائلة ولا ينتقل إلى إناثها، لأن انتقاله إلى إناثها يعني خروج الإرث من عائلة واسم علان إلى اسم عائلة جديدة يمكن أن تكون عائلة زوج المرأة الوارثة ن السلف وتفسيراتهم  التي، على عكس الإرث بالفرض الذي حدده النص الديني.إذن ليست هناك أية آية قرآنية صريحة  تتكلم عن تعصيب الذكور الأقرب للموروث في حالة عدم وجود الابن الذكر،  بل حين رجعت إلى الآية 7  الإرث في سورة  النساء، وجدت أن الله سبحانه وتعالى يقول فيها  : ( لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا  (7) )فهذ الآية تنص بشكل صريح وحسب الظاهر الواضح أنها تنص على أن أقارب الموروث سواء كانوا من الذكور أو الإناث لديهم نصيب مفروض، فهي لم تتكلم عن أن الأقارب الذكور يكونون عصبة، بل تكلمت على أن الأقارب ، والأقارب يمكن أن يكونوا من الذكور أو الإناث ،  ولم تحدد درجتهم من حيث القرابة وأكدت أن لديهم نصيبا مفروضا ، أي لن يكونوا عصبة ،  ومن كان لديه فرض ونصيب لا يمكن أن يكون عاصبا . إذن نحن أمام عدم وجود أية آية تتكلم عن التعصيب، ونحن كذلك أمام آية تنص بشكل واضح على أن أقارب الموروث لهم مقدار ونصيب ( أي فرض ). فكيف أصبح الأقارب الذكور وقد يكونون بعيدين عن الموروث وحتى في حالة وجود بنت أو بناتا عصبة ويغنمون إرثا بدون كد أو اجتهاد وحتى مع بعد القرابة ومفتاحهم في ذلك الذي يفتح لهم خزانه الإرث هو أنهم ذكور، ذلك كان لأن الذكور من فقهائنا من السلف دافعوا بشكل كبير وواضح عن الذكور، معتمدين في التأسيس لتعصيب الذكر حسب علمي على هذا الحديث «ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر". وهو حديث صحيح، كما جاء في الصحيحين، إذن نحن أمام فراغ قرآني في التنصيص على التعصيب، ووضوح قرآني في كون الأقارب لهم فريضة، وحديث غير واضح وانا استنبط نته الفقهاء فكرة التعصيب، وفسره الفقهاء بكونه هو الذي أسس لفكرة التعصيب ، فهل نأخذ بالآيات القرآنية الصريحة  أو الحديث ، وهل هذا الحديث الغامض والغير الواضح يتكلم حقيقة عن فكرة التعصيب ، التي طرحها الفقهاء، لأن أغلب المفسرين لهذا الحديث يتكلمون على أن توزيع الإرث يجب أن يكون وفق ما جاء في القران الكريم .ومن وجهة نظري أننا يجب ألا نبقى رهينة لتفسير واحد يمكن أن يكون محرجا ومضرا بالكثيرين، ويجب أن نتعلم الإرتكان والانحياز إلى التفسير الذي يمكن ان يكون صالحا ومسايرا لوقتنا الحالي ولظروفه المعيشية ومعالجا لمشاكله الاجتماعية التي يمكن أن يطرحها تفسير معين، يمكن أن تكون له خلفيات ذكورية أو أخرى. الفقرة الثانية: في الحاجة إلى تنبني فكرة الوارث الأقرب يمنع الوارث الأبعد هذا المبدأ يعمل به الشيعة الذين ينكرون فكرة التعصيب، والتعصيب الذي يعمل به السنة  حسب اعتقادي يبعد الوارث القريب جدا  وقد يكون بنتا خصوصا إذا كان أنثى دون وجود ذكر يعضد إرثها ، عن الاستئثار بكل ما خلفه الوالد ، ويُدخل قريبا شرطه أن يكون ذكرا لا أنثى ، ويمكن أن يكون بعيدا وقد يكون من ألذ أعداء الموروث ، ويصبح مقتسما لما خلفه الذكر أو الأنثى  اللذان لم يمن الله عليهما بولد ذكر، ففي نظركم هل فكرة التعصيب التي نعمل بها منذ وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ، استنادا لحديث غير واضح مفسر تفسيرا من طرف فقهاء بشر، في حضور آية قرآنية تنص على أن الأقارب الورثة سواء كانوا ذكورا أو إناثا لهم نصيب مفروض، وعدم وجود أية قرآنية تتكلم عن التعصيب وفق ما هو معمول به عند السنة منذ زمان أصلح لنا ,افضل لنا في رقتنا الحالي أم مبدأ ان الأقرب يمنع الأبعد منم الإرث ، وهو ما معناه أن مجرد وجود بنت للموروث يمكن أن تمنع العم وابن العم من إرث الأخ والعم ، أعتقد أن المنطق والعدالة سيغلب مبدأ أن الأقرب يجب أن يمنع الأبعد ، لذلك فإنني أدعو من خلال مقالي هذا إلى أن نعمل بهذا المبدأ في التعديلات المقبلة لمدونة الاسرة ، ونهمس في أذن من يسعوا إلى الإلقاء  بنا في نهر التشيع ، أننا لا ندعوا للتشيع ولكن ندعوا لفكرة نبيلة وعادلة وغير مخالفة للقرآن ، يمكن أن توقف مآسي العائلات الذي لم يرزقها الله بالذكر، وتعاني من هذا التفسير الذكوري الذي أسرنا لعدة عقود وتسبب في مآسي كبيرة تبقى فقط المحاكم شاهدا عليها ، وحتى نرفع الحرج عن بعض الفقهاء ممن قضوا أو ممن ينتظرون ممن لم يرزقهم الله بالذكر ومن الله  عليهم بالإناث فقط ، والذين  يتبنون مبدأ  التعصيب جهارا، ولكنهم في السر يكدون بكل الوسائل لكي يتركوا إرثهم بين الزوجة والبنات ويبعدون الذكور حتى ولو كانوا من المقربين منهم عن هذا الإرث.مدونة الأسرة ، التي كانت الشجاعة لملك البلاد خلال بداية حكمه، لكي يأمر بإدخال تعديلات مهمة عليها أنصفت المرأة وقللت من الظلم الذي كانت تعانيه المرأة المغربية بسبب مدونة الأحوال الشخصية ،  وكان في ظل مدونة الأحوال الشخصية ، مجرد مقال تطلب فيه المرأة  التطليق، يمكن أن ستمر لسنوات كثيرة ، ويجب أن يمر بجميع محاكم المملكة من محاكم ابتدائية ومحاكم استئناف ومحكمة النقض، ويجب أن تقر فيه هذه المحاكم جميعها حقها في الطلاق ، ليتم تطليقها بعد كل تلك السنوات المديدة من التقاضي للتحلل فقط من عقد زواج  ( حتى سار لسان المغاربة بالمثل القائل : ما ممزوجة مما مطلقة )، عكس الرجل الذي كان بإمكانه  في أقل من أسبوع أن يطلق ويتحلل من هذا العقد، وهذا مثال فقط للظلم الذي رفعته مدونة الأسرة عن المرأة المغربية، وحان الوقت  لكي تتصدى التعديلات المنتظرة في مدونة الأسرة  لحل مشكلة تفريق إرث المتوفية بين أفواه بعض الذكور المنتظرين لوفاة من له فقط بنات، ويتم التنصيص على أن فكرة أن الأقرب يبعد الأبعد من الإرث، ويجب أن يجتهد رجال القانون بسند من بعض فقهاء الدين المجددين والمتنورين ممن ينظرون إلى حل مشاكل الأسر والعائلات وهم ينظرون إليها بنظارات تجديدية وتنويرية شفافة غير مقيدة بتفسيرات الخلف الذين كانوا يفسرون لأناس يختلفون عنا بحكم تطور البيئة بيننا وبينهم  و جعل البنت أو البنات الذين لا أخ لهم يرثون كل ما خلفه مورثهم .الأستاذ رشيد وهابي المحامي بهيئة الجديدة .

  • ...
    المستشار الجماعي لعوينة باولاد غانم يطالب بحقه كمعارض طبقا للقانون

    مازال مفهوم المعارضة لدى العديد من رؤساء الجماعات المحلية يتداول بمفهومه الخاطئ و السطحي على أساس أنه يسعى فقط الى تعطيل وفرملة كل قرارات المجلس المسير، و خلق الفتنة، متجاهلين القانون 113/14الذي  مكن المعارضة من بعض حقوقها للمشاركة في التدبير، حيث ان المادة 27 من هذا القانون تنص صراحة على انها وسيلة تساعد على التدبير الجيد للشأن العام المحلي، وآلية للمراقبة، وتوجه مغاير، يقترح بدائل وحلول للمشاكل التنموية التي يتم التداول في شانها.و الحديث هنا عن جماعة اولاد غانم بإقليم الجديدة التي تعيش على صفيح ساخن مع المعارضة خاصة من جانب المستشار الاستقلالي محمد العوينة الذي عبر من خلاله انصاله بالجريدة انه يتعرض للاستفزاز و التجاهل و عدم الاكثرات بمقترحاته و تساؤلاته التي تعتبر من من صميم أدواره خاصة تلك التي تتعلق بالساكنة و التنمية المحلية، حيث قوبل تساؤله في الجولة الثانية من دورة فبراير الأخيرة برد من الرئيس خارج عن ضوابط الجلسات العمومية بالتوجه لتقني الجماعة  بعد أن كان سؤال المستشار حول عدد الكيلومترات المخصصة لعملية تبليط الطرقات بالجماعة و الدواوير المستفيدة إلى جانب عدم إصلاح الطريق الرابطة بين الطريق الرئيسية 301 و دوار الكراربة و العشبشات، هذين الدوارين اللذان لم يستفيدا لمسلم للطريق الرئيسية كباقي الدواوير لسبب يقول المستشار أنهما ضمن الدواوير المغضوب عليهما، ضدا في معارضة هذا المستشار الذي كما يصرح انه بات يشكل عليهم خطرا، بدل التفكير في مصلحة الجماعة و ان كل مكونات المجلس يجب أن تكون لحمة واحدة و تتناسى معاطفها السياسية و تنبذ كل  الحزازات التي لن تسير بالجماعة لما يتمناه الجميع،

  • ...
    العمل الوحدوي النقابي : أين الخلل ؟

    تعرف معظم الدول الأوروبية، على غرار باقي دول العالم، موجة احتجاجات مستمرة بسبب ارتفاع معدّلات التضخّم وغلاء المعيشة، نذكر على سبيل المثال بريطانيا (يناير 2023 وهي الاحتجاجات الأكبر من نوعها منذ سنوات)، والبرتغال (فبراير 2023)، وإسبانيا (مارس 2022)، وألمانيا (نونبر 2022) وبلجيكا وإيطاليا وفرنسا ورومانيا واللائحة طويلة.ولعل ما يميّز هذه الاحتجاجات هو الحشود الكبيرة من المتظاهرين في أهم شوارع المدن عامة والعواصم خاصة، والشلل الذي أصاب القطاعات الحيوية (النقل، الطاقة...) بهذه الدول. ومما لا شك فيه أن الفضل في ذلك يعود أساسا إلى إلى دور ومسؤولية النقابات والعمل الوحدوي، بالإضافة إلى وعي المواطنين بأهمية المشاركة في الاحتجاجات وأن الحقوق تنتزع ولا تعطى.في المغرب اجتمعت كل المصائب : الارتفاع المهول والفاحش في أسعار مواد الاستهلاك أمام قدرة شرائية هي أصلا متدهورة، وإصرار الحكومة على تمرير مشروع قانون الإصلاح الثاني لنظام التقاعد هو الأسوء في العالم بعد ست سنوات فقط على تمرير الإصلاح الأول (لا يقل سوءا عن المشروع الحالي)، بالإضافة إلى انتشار الفساد وتغول الاستبداد ونهب ثروات البلاد والظلم والحݣرة وما إلى ذلك.ما يحزّ في النفس هو أن النقابات (المركزيات النقابية والنقابة الوطنية للتعليم العالي...) تدعو إلى العمل الوحدوي للدفاع عن حقوق ومصالح الطبقة العاملة وعموم المواطنين، وتنادي برص الصفوف من أجل التصدي للاستبداد والفساد... إلّا أن الواقع  يقول العكس، وإلا كيف نفسر ما يلي (دون الحديث عما سبق، وما جرى ويجري بخصوص إصلاح التقاعد) :1- دعوة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تنظيم مسيرات إقليمية يوم الأحد 19 فبراير احتجاجا على الأزمة الاجتماعية والارتفاع المهول والفاحش للأسعار في مواد الاستهلاك، في غياب غير مفهوم لباقي المركزيات النقابية والنقابات الأخرى ضمنها النقابة الوطنية للتعليم العالي، ليُطرح السؤال : أين العمل الوحدوي النقابي، ولماذا غابت النقابات الأخرى ؟2- في نفس السياق (غلاء المعيشة)، قررت الجبهة الاجتماعية المغربية تنظيم مسيرات أو وقفات احتجاجية محلية يوم الأثنين 20 فبراير، وهو ما يعني خروج المتظاهرين خلال يومين متتاليين (الأحد والاثنين) احتجاجا على غلاء المعيشة... مع العلم  أن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل هي مكون من مكونات الجبهة الاجتماعية المغربية، ومنسق الجبهة عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية، وكلنا نعي جيدا إكراهات التعبئة ونشكو ضعف المشاركة في الاحتجاجات. في الختام، لا بُدّ من التأكيد :أولا، على تقديري واحترامي للنقابات الجادة ولكل المناضلين الشرفاء، وأن الهدف والمراد والمبتغى  هو توحيد الكلمة ورص الصفوف، لمواجهة الاستبداد الذي توَغل وتغوّل والفساد الذي تفشى وانتشر، وللدفاع عن حقوق ومصالح الشعب المقهور؛ ثانيا، على أن المسؤولية مشتركة بين النقابات والمواطنين لتحقيق المطالب... مسؤولية النقابات تكمن في الإستقلالية والمبادرة والتأطير وتوحيد الكلمة قولا وفعلا، ومسؤولية المواطنين تنحصر في الانخراط والالتزام والمشاركة المكثفة في الاحتجاجات؛ثالثا، على أن الحكومة تتحمل وحدها مسؤولية ما آل إليه الوضع الاجتماعي من تدهور واحتقان يهدد التماسك المجتمعي جراء قراراتها، وأن دورها هو إيجاد الحلول لكل المشاكل التي تعيشها البلاد، بعيدا عن جيوب المواطنين وكل ما من شأنه ضرب قدرتهم الشرائية..

  • ...
    دور إمارة المؤمنين في ترسيخ الشأن الديني بالمغرب

    إن إمارة المؤمنين تقوم على رعاية الشأن الديني وحفظ مقومات الأمة وترسيخ قيم الوسطية والاعتدال والتسامح، وذلك في إطار الثوابت الشرعية والتشبث بالوطنية الصادقة وصون الهوية المغربية من الانفلات والتقلب.وهي مؤسسة رمزية مجالها الأمن الروحي والقيمي في الحياة الدينية للمجتمع، وأيضا رمز للتعايش والتسامح ورعاية المصالح المجتمعية وتوفير الأمن الروحي للمواطنين وتحصينهم من التيارات الفكرية المنحرفة والغريبة عن البيئة المغربية .ومن هنا يحق لنا أن نتساءل عن دور إمارة المؤمنين في ترسيخ الشأن الديني بالمغرب؟ ثم ماهي الآليات والأسس المعتمدة في ذلك؟ والى أي حد استطاعت إمارة المؤمنين أن تحصن المجتمع من الغلو والتيارات الفكرية المنحرفة.فإمارة المؤمنين لها دور كبير في ترسيخ الشأن الديني بالمغرب وتحقيق الوحدة ونشر ثقافة التسامح والاعتدال وتحقيق الأمن والاستقرار داخل المجتمع وخارجه.فهي تكتسي أهمية بالغة في حياة الأمة فبها تستقيم أمور المسلمين ويستتب الأمن ويسود الاستقرار في البلد، كما أن لأمير المؤمنين دورا كبيرا في متابعة تطبيق شرع الله تعالى وأحكامه، ورعاية مصالح الأمة وصون الثوابت الدينية، وغير ذلك من المهام والواجبات الجسام، وقد حرص العلماء والدعاة على الدعاء لأمير المؤمنين بالتوفيق والصلاح والصحة والعافية. ويرتكز الشأن الديني بالمغرب على مجموعة من المقومات بهدف التصدي للانحرافات الضالة والمعتقدات الفاسدة والتأويلات الخاطئة الداعية إلى العنف والقتل وإراقة الدماء نتيجة التطرف والغلو والتشدد بغرض الاتجار في الدين، اي استغلاله لتحقيق نزوات شيطانية تهدف إلى تخريب المجتمع .ومن هذه المقومات نذكر على سبيل المثال⮚ الحفاظ على القيم الإسلامية وسلامة العقيدة، والحفاظ على وحدة المذهب المالكي والعمل على ضمان إقامة الشعائر الدينية في جميع مساجد المملكة.⮚ إحياء التراث الإسلامي وبعث الثقافة الإسلامية والعمل على نشرها على أوسع نطاق.⮚ وضع سياسة التكوين المستمر لفائدة الأطر الدينية من أجل تحسين أدائهم والرفع من مستوى تكوينهم. فإمارة المؤمنين شكلت في كل الحقب التاريخية للمملكة المغربية، وخاصة في العصر الحاضر مكونا أساسيا للهوية الوطنية، وهي نظام مجتمعي ديمقراطي يحافظ على الثوابت الدينية ويصونها من الانحراف والتطرف. وتنص الفقرة الأولى من الفصل 41  من الدستور المغربي على أن الملك أمير المؤمنين حامي حمى الملة والدين والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية"فإمارة المؤمنين حسب مقتضيات هذا الفصل  تهتم بقضايا الشأن الديني من حيث الحماية والتكوين والتدريس والتعليم، وتوفير ظروف التطور والتنمية للمجتمع وتنزيل مضامين الدستور والتعددية السياسية والروافد الثقافية بشتى أشكالها بطريقة ناجعة تكريسا للمكاسب الدينية التي حققتها البلاد، فهي تحقق المناعة الذاتية الدينية والفكرية للمغاربة وتتجاوب مع المقاصد الشرعية التي تضمن تطلعات المجتمع بشكل يتماشى  والدين الإسلامي الحنيف.ويستمد الشأن الديني بالمغرب روحه وجوهره من خلال العناصر التالية:أولا: إن التطور البنيوي الذي عرفته المؤسسات الأمنية للدولة داخليا وخارجيا على يد أمير المؤمنين جعل المغرب قطبا امنيا يحتدى به في كل الأوساط الإقليمية والدولية.ثانيا : إن إمارة المؤمنين مبنية على التعايش والتسامح والوسطية والاعتدال ودفع براثين الطائفية والغلو وفرض الاعتراف المتبادل من خلال انفتاح خطاب المملكة الديني على كافة المعتقدات السامية وغيرها.ثالثا : إن التنوع الثقافي الذي يزخر به المغرب من ثقافة حسانية وأمازيغية وعربية بكل لهجاتها المحلية المختلفة ونمط طقوسها الاجتماعية والتعبيرية جعل من الشأن الديني بالمغرب يعيش تحت وحدة الاستقرار والأمن والسلم.وخلاصة القول فإن امارة المؤمنين تعنى بالشعور الديني للأمة ورعاية مصالحه و توفير الأمن و الأمان و نبذ الغلو و العنف و التطرف و التصدي للإرهاب، بإعداد مواطن صالح في ذاته و مصلح في مجتمعه و بيئته،لتقف  صرحا شامخا بالمملكة المغربية كركيزة أساسيية لمشروع الإصلاح،          و كضمان لاستقرار البلاد و رمز سيادتها و عماد وحدتها.بوشعيب جوالطالب باحث بسلك الدكتوراه الشريعة والقانون وقضايا المجتمع.بوشعيب جوالطالب باحث بسلك الدكتوراه الشريعة والقانون وقضايا المجتمع[email protected]

  • ...
    أهمية الوسيط الأسري في ظل ارتفاع قياسي في حالات الطلاق وسؤال الأصالة والمعاصرة

     تعد الوسائل البديلة لإنهاء الخلافات بما في ذلك الخلافات الأسرية، هي الأفضل في العصر الحديث، خاصة بعد الارتفاع القياسي في حالات الطلاق وما يترتب عنه من أضرار كبيرة على الأفراد وخصوصا الأطفال.وعلى هذا الأساس تظهر أهمية الوساطة باعتبارها وسيلة لتعزيز التماسك الأسري، وحل الخلافات، وتقريب وجهات النظر بهدف إحداث التوازن والتراضي. فاستنادا إلى مقتضيات الفقرة الثانية من المادة 82 من مدونة الأسرة : للمحكمة أن تقوم بكل الإجراءات بما فيها انتداب حكمين أو مجلس العائلة أو ما تراه مؤهلا لإصلاح ذات البين، وفي حالة وجود أطفال تقوم المحكمة بمحاولتين للصلح تفصل بينهما مدة لا تقل عن ثلاثين يوما. وعلى الرغم من تطور المجتمع والقوانين، وتعدد أنواع الوساطة. سواء داخل مؤسسة القضاء أو خارجها، تظل النتائج التي يتم تحقيقها في فض النزاعات الأسرية ضعيفة، بدليل ارتفاع القضايا المطروحة على القضاء بشكل قياسي. في مقابل ذلك، لعبت الوساطة الشعبية غير الرسمية بالمغرب دورا كبيرا في الإصلاح بين الناس ومنعت أغلب المنازعات من الاحتكام إلى القضاء، ومن بينها الخلافات الأسرية.ومن خلال ذلك، فإن نجاح الجهود الشعبية المقترنة بالعادات والأعراف المغربية الأصيلة يجعلنا نتساءل عن صفات الوسيط الأسري الشعبي من أجل تثمينها ودراستها ثم إدماجها في تكوين الوسيط الأسري المعاصر. *الوساطة الأسرية في الموروث الثقافي المغربي*  حسب معجم القاموس المحيط فالوساطة لغة: من وسط يسط أو يتوسط فهو واسط. بمعنى التوسط في الشيء وهو ما بين طرفي الشيء والمعتدل من كل شيء كالتوسط في الحق والعدل، وشيء وسط بين الجيد والرديء، والوساطة هي عمل الوسيط. والوسيط هو من يتوسط بين المتخاصمين لإنهاء الخصومة بينهما.يظهر من خلال هذه الاستعمالات، أنها تدور حول معنى التوسط والاعتدال، وأن للوسيط مكانة رفيعة في المجتمع.  قال الطاهر بن عاشور في معرض حديثه عن تفسير قوله تعالى: ﴿قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون﴾ [سورة القلم آية 28] أوسطهم :أفضلهم وأقربهم إلى الخير، والأوسط يطلق على الأفضل.وهو ما يتفق تماما مع الشروط الضرورية التي يجب أن تتوفر في الوسيط من النزاهة والحياد والمهارة في التفاوض والحوار. والوساطة تعني عملية مهيكلة حيث يسعى طرفان أو أكثر في نزاع، بأنفسهم وبمحض إرادتهم، للوصول إلى اتفاق لتسوية النزاع القائم بينهم بمساعدة وسيط.من جهة أخرى، لطالما تميز المغاربة بالركون إلى التوافق والسلم عند فض النزاعات، وأكبر شاهد على ذلك، تعدد أشكال الوساطة على امتداد التاريخ القديم والمعاصر، ونبذ التطرف والتخاصم. وقد كان المغاربة يقضون في النوازل الجنائية والمدنية والأحوال الشخصية بالأعراف والتقاليد المتبعة في كل منطقة. وكانت هذه الأعراف تدون في سجلات خاصة يتوارثها الأحفاد عن الأجداد.وعرف المغرب مؤسسات قامت بدور الوساطة والتحكيم على أفضل نحو، وهي الزوايا. خصوصا أن شيخ الزاوية كان رمزا للحقيقة، وحفظ الحقوق والعدالة. إلى جانب قاضي الجماعة الذي كان يحل الخلافات الزوجية بشكل رضائي بعد النظر إلى الحجج والدفوعات.ونظرا لأصالة الوساطة الأسرية وتجذرها في المجتمع المغربي، فإن المغاربة على العموم، وفي المجال القروي على الخصوص، لا يزالون إلى يومنا هذا يعتمدون على مجهودات الوساطة الأسرية الشعبية. كما لا تزال هذه المهمة النبيلة حكرا على أشخاص وجهاء، يحظون بالاحترام والتقدير، والمكانة الرفيعة في أوساطهم.  وقد تختلف طرق التسوية حسب النوازل لحل النزاعات، ومن بينها الترضية المقدمة للضحية، كالذبيحة على باب خيمته أو داره. هذا النوع من التسويات أخذ أشكالا جديدة، وهدايا مختلفة كتعويض عن الخصومة. لكن يبقى أصله راسخا في الموروث الثقافي المغربي. ويمثل المجتمع السوسي نموذجا لإعمال الوسائل البديلة غير القضائية لحل النزاعات بسبب تمسكه بعاداته وأعرافه. وبخصوص ذلك يقول محمد المختار السوسي في مؤلفه سوس العالمة " إن أستاذ المدرسة بمنزلة القاضي الرسمي للقبيلة يقضي بالتحكيم بين الناس في الجبال التي لا قضاء رسمي فيها فقلما يتجاوز إلى غيره إلا إذا كان مغمورا بأستاذ آخر أعلى منه شأنا وأكبر منه سنا "ويضيف في نفس الكتاب: إن عامة الناس ترسخ في ذهنها بأن الفقهاء هم الذين يتولون فض النزاعات وقسمة الأموال والتركات لذلك يحتكمون إليهم وهذا شأن القبائل السوسية بدون استثناء.  *الوساطة الأسرية في مغرب اليوم* لا يختلف اثنان على أن للأسرة مكانة عظيمة في المجتمع، والعناية والاهتمام بها ضرورة لا محيد عنها، وهو ما أتى به دستور2011 في منظوره للأسرة كمفهوم قديم باعتبارها اللبنة الأساسية في المجتمع، فقد حمل الدولة وهيئاتها بمسؤولية جديدة وبعناصر غير مسبوقة في الدساتير السابقة بما يضمن وحدتها واستقرارها والمحافظة عليها.وعلى هذا الأساس لم تعد الوساطة الأسرية بالمغرب مقتصرة على الفقيه أو شيخ القبيلة، بل باتت تأخد طابعا أكثر تنظيما. ولعل أبرز المؤسسات التي دخلت على خط الوساطة الأسرية نجد المجلس العلمي الأعلى وفروعه الجهوية والإقليمية، ومرد ذلك تشبع المغاربة بالقيم الدينية الداعية إلى التسامح، من خلال توفير مرشدات ومرشدين مؤهلين لأداء دور الوسيط بين أفراد الأسرة المتنازعة. إلى جانب الاستعانة بمراكز الاستماع، وباقي المؤسسات الاجتماعية باعتبارها مكونا أساسيا في المجتمع المدني، والتي تعرف إقبالا متزايدا من طرف الأسر المتنازعة.مع ذلك تظل مبادرات الصلح الشريكة والاختيارية متواضعة في ظل تعقيدات العلاقة بين الأسر، في خضم التغييرات الكبيرة التي يعرفها المجتمع المغربي، الذي تأثر بالانفتاح على الثقافات العالمية وخصوصا الغربية. مما يجعل مأسسة الوساطة الأسرية يصبح أمرا ملحا وحتميا لمواجهة الارتفاع القياسي في حالات الطلاق وما لذلك من تجليات خطيرة على المجتمع.   *مواصفات الوسيط الأسري.*   من البديهي أن مهنة الوسيط الأسري ليست متاحة للجميع، بل تتطلب تعبئة المعارف والمهارات والتجربة، وكل ما يمكن أن يساعد في حلحلة الخلافات. كما أن نماذج الوساطة في التراث المغربي تبين أن من يقوم بها ينبغي أن يحظى بالاحترام والتقدير والمكانة المهيبة في محيطه الاجتماعي. ومن بين المواصفات التي يمكن استخلاصها نجد: المروءة والشهامة: فلا بد للمصلح أن يتصف بالأخلاق الحسنة حتى يتسنى له تقديم النصيحة والموعظة والإرشاد من باب أن فاقد الشيء لا يعطيه. الفراسة والذكاء وسرعة البديهة: وكلها صفات ينبغي توفرها في الوسيط الأسري، حتى يتمكن من تحديد أسباب النزاع، والتي تكون خفية قد لا تظهر حتى للمتخاصمين.  الحياد والنزاهة: فلا ينبغي للوسيط الأسري أن تكون له مصالح مع أحد الأطراف، أو انحياز عاطفي لأي سبب من الأسباب. الصبر: لا شك أن الوساطة بين المتنازعين ليست بالمهمة اليسيرة، وإلا ما احتاج هؤلاء لطرف ثالث خارجي. ولذلك يجب أن يكون الوسيط صبورا حليما، وأن يتحكم في عواطفه مهما كانت القضايا المعروضة عليه معقدة، وأن يستحضر المصلحة الفضلى خصوصا في حالة نزاع أسري مع وجود أبناء. مهارات الاستماع وإدارة الصراع: حيث ينبغي للوسيط الأسري أن يكون مستمعا جيدا من خلال إرساء جو من الثقة حتى يتسنى للجميع البوح بكل الأفكار والمؤاخذات، حيث أن غياب الحوار والتواصل يعتبر من أكثر الأسباب الشائعة التي تدمر العلاقات الأسرية. الشخصية القيادية: إرساء مناخ من الاحترام المتبادل والكرامة، بما يؤدي الى التعاون واستحضار المصالح المشتركة لجميع الأطراف. مهارات التحليل والتنظيم: تنظيم اللقاءات وتهييئ ظروف الحوار بين المشاركين والقدرة على تحليل سياق الحياة الشخصية للأفراد. التواصل والوضوح: إبلاغ جميع  الأطراف بعملية الوساطة والتحقق من موافقتهم واستعدادهم ودوافعهم من أجل إبرام تعاقد وساطة مبدئي.إن الأرقام الرسمية الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، المتعلقة بالارتفاع القياسي في حالات الطلاق بالمغرب، تعكس واقعا خطيرا يصعب معه تحقيق المساعي الرسمية  في إرساء الدولة الاجتماعية، وتنزيل مقتضيات النموذج التنموي الجديد. ومن خلال ذلك أصبحت مأسسة الوساطة الأسرية أمرا ملحا أكثر من أي وقت مضى، مما يستوجب تعزيز القوانين الحالية، وجعل الوساطة الأسرية إلزامية وملزمة. وتقنين المهنة وتأهيل ما يكفي من الموارد البشرية لمساعدة القضاء في المحافظة على تماسك النواة الأساسية في المجتمع وهي مؤسسة الأسرة. من جهة أخرى، يمكن للوسيط الأسري أن يكون شريكا فعالا لوزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، من باب الإرشاد الأسري، وتكوين المقبلين على الزواج. كما يمكن أن يساعد المدارس في مواكبة الأطفال الذين يعيشون في أسر تعاني من مشاكل كالعنف الأسري. كذلك يمكن للوسيط الأسري القيام بأدوار استشارية، ورفع التوصيات للهيئات الرسمية من أجل سن القوانين وتعديلها..

  • ...
    من قلب الجماعات الترابية بالجديدة بعد مرور سنة على الانتخابات.. جماعة اولاد غانم في ركب التنمية

    في إطار تتبع أشغال دورات المجلس المنتخبة بإقليم الجديدة خلال شهري أكتوبر و نونبر  عملت جريتنا هلى استقصاء عدد من المواطنين و الفاعلين الجمعويين حول تسيير و تدبير سنة هلى ولاية هذه المجالس ،فكان لقاء بساكنة جماعة اولاد غانم التي يرأسها الشاب مولاي ادريس الزاهيدي، حيث  عبر عدد من المواطنون و الفاعلين الجمعويون،  عن ارتياحهم وتنويههم، بسياسة الانصات والتجاوب التي ينهجها رئيس الجماعة في الاستجابة لمطالبهم المشروعة ، الذي لا يدخر جهدا في حل كل المشاكل التي تؤرق بالهم.وأكد عضو من لجنة المساواة و تكافئ الفرص و مقاربة النوع و رئيس جمعية العدل و السلام بدوار الحوزية عبد الواحد المستعين  ، أن الرئيس الشاب لا يتوانى في خدمة ساكنة هذه الجماعة القروية التي تعرف أكراهات عدة أثرت بشكل كبير على الساكنة و حالتهم الاجتماعية  كما يعمل جاهدا على ازالة كل الصعاب التي تشغل بالهم ، مستعينا على عدة امتيازات تمنحها له الجماعة بقوة القانون، مستثمرا أموالها في ميزانية الجماعة حيث وفر النقل المدرسي وسيارة اسعاف والانارة العمومية و يسعى جاهدا لخلق مرافق اجتماعية كمرفق التعاون النسوي وملاعب للقرب وكذلك تجهيز المسالك الطرقية التي تربط بين الدواوير، التزاما منه ببرنامجه الانتخابي الذي كان قد وعدهم به قبل جلوسه على كرسي الجماعة ، التي بدأت تنتعش بعدما وجدت شخصا مناسبا همه الوحيد هو حل مشاكل الساكنة وتحقيق مطالبها. فيما أشاد متابعة الشأن المحلي بالجماعة   بالتدابير اللازمة التي إتخذها لتنمية جماعتهم، في إطار حس وطني مسؤول، تماشيا مع ما أكده جلالة الملك محمد السادس في مناسبات عدة في الأخذ بالليونة والتجاوب مع قضايا المواطنين دونما تبخيس لمطالبهم العادلة في حياة أفضل،

  • ...
    الزيادة الباهظة في أسعار اللجوء للعدالة

    عاش المغاربة ومعهم أغلب سكان العالم جائحة كرونا وبعدها نشوب الحرب الروسية الأوكرانية، محطتين كانتا كافيتين لكي تعدم ملايين مناصب الشغل وتوقف عجلة الاقتصاد المغربي والعالمي وتلهب الأسعار كافة، أزمتين مازالتا لم تنتهيا، أزمتين أصبحنا نتكلم فيهما عن قرب إفلاس العديد من الدول الفقيرة والمتوسطة، بل إن الازمة والفاقة وقلة الحيلة أرخت بظلالها على دول كنا نعتبرها لحد سنوات قليلة دول عظمى لا يمكن أن تشتكي أو يعاني مواطنوها.وفي المغرب وبعد حوالي سنتين من معاناة الأسر مع الغلاء الذي لا يريد أن يتوقف، وأسعار طاقة جاع بطنها لأكل الطري واليابس من جيوب المغاربة، لم يكفهم ما قاسوه والألم الذي عاشه ومازالوا من فقدان الأحبة والأصدقاء. وفي الوقت الذي كان يجب فيه على الحكومة أن تفكر في سبل معالجة وضعية المغاربة التي تضررت من الزيادات في كل شيء وأن تُحس بأن صبر المغاربة يجب أن يكون حافزا لمجازاتهم عليه لا أن يكون دافعا لزيادة وضع الحصى على أكتافهم، أو تقرأه على أنه إشارة خضراء لمزيد من الزيادات ورفع الأسعار دون وجل أو خوف من رد فعل.ها هي الحكومة ممثلة في وزارة العدل، وفي أول سابقة من نوعها تريد أن  تزيد وتفرض رسوما ضريبية جديدة ، وهي رسوم ضريبية  ستثقل كاهل  المواطنين المغاربة  لا على المحامين، فلجوء المغاربة  لعدالة  بلدهم بعد الإضافات المقترحة في مشروع قانون المالية لسنة 2023، سيصبح غالي جدا  ومكلف جدا ، فبعد أن كان المواطن قبل لجوئه للمحكمة لوضع دعواه كان يؤدي عنها رسوم قضائية مهمة ، ها هي تسبيقات الضرائب على الدخل التي اقترحها وزير العدل  واستجابت لها بسرعة وزارة المالية ، أصبحت تهم كل ملف سيفتح أمام المحاكم ، فالمواطن عليه أن يؤدى مبلغ 300 درهم عن فتح ملف أمام المحاكم الابتدائية  وهذا التسبيق يعني أن المحامي  يجب أن يتقاضى على الأقل  أتعابا عن ملفه ، بعد أن كان يؤدي فقط رسوم قضائية أو تسبيق بسيط عن أتعابه من الموكل ، وأداء مبلغ 400 درهم عن رفع الملف إلى محكمة الاستئناف، ومبلغ 500 درهم عن رفع الملف إلى محكمة النقض، وهذا المقتضى لا يهم فقط المدعين بل كدلك المدعى عليهم الذين هم معفون أصلا من أداء أية رسوم قضائية ومازالوا ، وهذه المقترحات  سيصبح  معها المواطن كمدعي أو مدعى عليه مجبرا على أن يؤدي  مبالغ مالية  مهمة لمحاميه لكي يضعها هذا الأخير  بصندوق المحكمة كشرط قبل فتح ملفه، والذي يعتبره مشروع قانون المالية لسنة 2023 مجرد تسبيق عن الضريبة على  دخل المحامي ،  رغم أن المتعارف عليه أن الضريبة على الدخل  تؤدى بعد التوصل بالأتعاب  ولا يمكن تصور أدائها  أو أدائها قبل تسلم الأتعاب، وحتى التسبيق الأدنى عنها كان يتم بعد نهاية السنة لا قبلها، ولم تكن بتاتا مرتبطة وقيدا يمكن أن يكون مقيدا للجوء المتقاضي إلى العدالة والقضاء.بل شهية الحكومة في إثقال المتقاضين المغاربة لم تقف عند ما سطرناه أعلاه،  فهي حسب نفس المشروع  تريد الزيادة في ضريبة القيمة المضافة، ورفعها بنسبة مائة بالمائة على المتقاضين المغاربة، وكان من الأنسب  أن يتم إعفاء المتقاضين الباحثين عن العدالة والذين يلجؤون للمحاكم  من الضريبة على القيمة المضافة  كما تم إعفاء المرضى وزبناء الأطباء  من أداء الضريبة على القيمة المضافة وحرمان المتقاضين  من مثل هكذا إعفاء ،  وهذا التضريب المفاجئ والغير المبرر على المتقاضي المغربي،  هو ناتج ربما عن تصور خاطئ وقاصر يتصور أن المتقاضين  سيربحون من لجوئهم للعدالة والقضاء، و خدمة وعمل العدالة في الحقيقة هي مبتغى أخلاقي يروم في هدفه منح كل صاحب حقه عبر انتزاعه من الظالم المتعدي أو إحقاقه وتقريره لمصلحة صاحب الحق، وهو مفهوم  بعيد جدا عن  هدف التجارة والربح،  وضريبة القيمة المضافة هي  ضريبة تدور عدما ووجودا مع وجود التجارة والربح. والعدالة والقضاء تغرق كلما حفتها مصطلحات التجارة والربح وأكلت من كتف مرتاديها مثل هذه الضرائب.والمتقاضين المغاربة، وأغلبهم من الفئات الفقيرة والمتوسطة ، لم تنم الحكومة وتصبح على فقط على  رسم فرض عليهم أدائه قبل وضع أي ملف كما هو مفصل أعلاه في مشروعها الخطير، بل مددت حلم الزيادة لزيادة مداخيل خزينتها على حساب جيوب الفقراء والمتوسطين من المتقاضين، بعد أن  ضمنت مشروعها رفع واجب الضريبة على القيمة المضافة، ليس على المحامين ، ولكن على الضريبة التي يجب عليهم أن يستخلصوها من موكليهم لقاء لجوئهم للقضاء والعدالة ، من عشرة بالمائة إلى عشرين بالمائة ، وهو ما يعني أن الموكل الذي سيؤدي مبلغ خمسة آلاف درهم كأتعاب لمحاميه، عليه أن يؤدي مبلغ ألف درهم كضريبة على القيمة المضافة،  وعلى تفكيره في أن يقصد محاكم الدولة لاسترجاع حقوقه أو إقرارها ، وهو ما يعني زيادة مضاعفة لضريبة القيمة المضافة التي يجب عليه أن يؤديها للدولة  بداية من سنة 2023، بعد أن كانت فقط يؤدس ضريبة أقل حسب النمط الضريبي القائم .ولنعطي مثال بسيط رجل يقصد المحكمة ليطلب أداء مبلغ 10000 درهم كدين على مدينه  عليه أن يؤدي كرسوم قضائية لصالح الخزينة نسبة  ، 2 ,5 /    من المبلغ المطلوب الحكم به  تساوي مبلغ  250 درهم ، وحسب زيادات المشروع المقترح عليه أن يؤدي مبلغ قدرها 300 درهم كتسبيق عن الضريبة على دخل محاميه ، لأن محاميه سيطلب هذه الضريبة وأتعابا كذلك  والضريبة المستحدثة نلاحظ أنها تفوق الرسم الذي يؤديه المغاربة منذ عقود لفتح ملفاتهم أمام القضاء،  بالإضافة إلى مبلع 20/  كضريبة عن القيمة المضافة ، فإذا أدى إلى محاميه مبلغ  2500 درهم أتعاب ، عليه أن يؤدي له مبلغ خمس مائة درهم ، كضريبة على القيمة المضافة لكي يؤديها المحامي الجابي للدولة ، فيكون مجموع ما عليه أدائه  لاقتضاء مبلغ 10000،00 درهم هو مبلغ 250  درهم الذي قد يسترجعه من المحكوم عليه وقد لا يسترجعه، ومبلغ ثلاث مائة درهم مبلغ الضريبة المسبقة على الدخل المقترحة، ليصل المبلغ إلى 550 درهم يضاف إليها مبلغ 500 درهم كضريبة على القيمة المضافة المقترحة ، تضاف إليها أتعاب المحامي وقدرها 2500 درهم، وأتعاب المحامي-  وفقط في المغرب وبخلاف دول عربية وغربية كثيرة تبقى على كاهل الموكل، ولا يمكن أن يسترجعها من خاسر الدعوى،  وهو الموضوع الذي سبق وأن طرحناه سابقا في مقال لنا وطلبنا فيه تضمين المسطرة المدنية المغربية مقتضى يقضي بضرورة أداء خاسر الدعوى لأتعاب  محامي خصمه. حتى نقلل من الدعاوى الكيدية، ونقلل من الخسارة المالية التي يُبتلى بها كل متقاضي يلجأ إلى العدالة - . هذا دون أن ننسى مصاريف أخرى يوديها المتقاضي طالب 10000 درهم كرسم المرافعة 10 دراهم، وأجرة المفوض القضائي التي غالبا ما أصبحت تفوق الرسوم القضائية بكثير. لنخلص على أن متقاضي في ظل مقترحات المشروع الضريبي الجديد، بعد ربح دعواه وتنفيذها وبعد استرجاعه الرسوم القضائية، وأداء الضريبة على القيمة المؤداة المسبقة قبل وبعد التنفيذ، سيتبقى له ما يلي بعد هذه العملية: 10000 درهم ناقص أتعاب محاميه 2500 درهم، ناقص 500 درهم ناقص 10 دراهم رسم المرافعة زائد 300 درهم ضريبة الدخل المسبقة التي سيرديها لمحامية في الأول ، فيتبقى له مبلغ 6700 درهم من المبلغ الذي كان مدينا به . أما إذا لم يسترجع ما عليه من رسوم سيكون المبلغ أقل بكثير . وهو ما يعني أنه خسر مبلغ 3300 درهم من حر ماله، لكن الكثير من المتقاضين يصعب عليهم استرجاع الرسوم القضائية والضريبية المؤداة بعد تعذر التنفيذ، أو حتى مع التنفيذ، ليصبح المبلغ الدائن به المتقاضي الذي سيغنم به بعد لجوئه للعدالة، أقل مما سطرناه أعلاه .إذن من خلال مشروع قانون المالية المقترح لسنة 2023 ، فقد زادت الحكومة  على المتقاضين المغاربة الضرائب وهم ليسوا بتجار بل فقط  طالبوا عدالة وباحثون عن حقوقهم عبر اللجوء للعدالة ، بالرفع من نسبة الضريبة على القيمة  المضافة من عشرة بالمائة إلى عشرين بالمائة بل إنها فرضت عليهم أداء تسبيق ضريبي، ولمن يقول ان ضريبة الدخل تهم المحامي ولا تهم الموكل، فهو لا يعرف كيف يعمل المحامين المغاربة بكل إنسانية وينوبون في الملفات الاجتماعية بدون تقاضي أتعاب ، ولكن مع هذه المقتضيات الجديدة الدولة تريد أن تعدم وتنهي إنسانية المحامي في تعامله مع موكله، و المحامي لن يكون كما كان في تعامله ، سيطلب التسبيق الضريبي وتسبيق الأتعاب، و أداء تسبيق ضريبي قبل اللجوء إلى فتح الملف أمام القضاء ، هو مقتضى غير دستوري، لأنم الدستور يجعل الحق في اللجوء للقضاء  حقا مضمون، وكل حق يضمنه الدستور لا يكون بشروط مالية يمكن أن تجعل هذا الحق الدستوري المضمون المشروط  بضرورة الأداء، حقا موقوفا على أداء مبلغ مالي وليس مطلقا حين اعتبره الدستور مضمون ( الفصل 118 ) ونفس الأمر بالنسبة لحقوق الدفاع فالضمانة الدستورية التي تحيطه تجعل القيود المالية التي تسعى الحكومة من خلال قانون الميزانية  لفرضها نظير الاستفادة من خدمات الدفاع  ، حقا مشروطا ومقيدا وغير متاح للجميع وليس مضمون ، وضمانته الدستورية  المطلقة التي ينص عليه دستور 2011  والغير المقيدة تصبح حبرا على ورق الدستور فقط . الدولة في شخص الحكومة من خلال المقترحات المسطرة في القوانين التي تعمل عليها أصبح يظهر من خلال الاطلاع عليها أن اللجوء إلى خدامات العدالة أو طرق الطعن ستصبح مكلفة جدا، وحق الطعن سيحرم منه صغار المتقاضين والمتوسطين منهم في قضايا كثيرة، فلا يجب أن نقع في أرض تلك المقولة التي تقول (الأغنياء فقط هم من يحصلون على العدالة، والفقراء فقط لا يستطيعون الهروب منه). الظلم الذي يقع على الكثير من المغاربة الفقراء والمتوسطين في حياتهم البسيطة من طرف خصومهم، قد يكون قليل أو كبير، والدولة فتحت لهم المحاكم لكي تساعدهم في الوصول إلى حقوقهم واسترجاعها أو إقرارها وكل تفكير ينحو في اتجاه إثقال كاهل هؤلاء المتقاضين بالرسوم والضرائب هو ضرب بدراية      أو بغير دراية ، بقيمة العدالة وبأهدافها السامية وتعسير على هؤلاء المتقاضين في اقتضاء حقوقهم وإقرارها عبر مؤسسات العدالة, سيجعل المتقاضي المظلوم فريسة للظالم ورهينة جشع الدولة الضريبي في اغتنام فرصة طلبه للعدالة عبر مؤسساتها لإرهاقه ماديا.كفوا عن اعتبار العدالة المغربية ساحة للتربح والتجارة بل يجب أن تعلموا أنها قلعة أسس بنيانها لاسترجاع الحقوق وإقرارها، ولا يربح المتقاضي بعد اللجوء إليها بل يخسر جزء من حقوقه عبر تأدية رسوم قضائية وأتعاب محاميه، وفكروا في إعفاء المتقاضي المغربي من هذه الضريبة المرتبطة بالربح والتجارة.الأحزاب المشكلة للأغلبية الحكومة نالت ثقة المواطنين المغاربة ببرامجها التي استهوت الناخب المغربي، وجعلته يعتقد بأن نوافذ الأمل بمستقبل زاهر ومنصف للطبقة الفقيرة والمتوسطة من المغاربة يمكن أن تنفتح معهم لتدخل للبيت المغربي رياح ذات نسيم عليل مبهج ومريح، ولكن الزيادات والخطوات الضريبة التي تريد وزارة المالية أن تقدم عليها باقتراح من وزير العدل كما صرح بذلك السيد لقجع، هي ذاهبة في جعل اللجوء إلى عدالة بلادنا مكلفه وغاليه على الطبقة الفقيرة والمتوسطة. وستجعلنا نترحم على السابقون من الوزراء الحكماء مهما اختلفنا معهم ونعوذ من كيد القريب.الأستاذ رشيد وهابي المحامي بهيئة الجديدة