حقيبة التعليم ستكون الأصعب بالحكومة المقبلة
حقيبة التعليم ستكون  الأصعب  بالحكومة المقبلة


تميزت فترة تدبير سعيد أمزازي لوزارة التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي بغليان غير مسبوق في صفوف أطر الوزارة بمختلف هيئاتهم، سواء الأطر الإدارية أوالتربوية أوهيئة المراقبة والتأطير أوأساتذة التعليم العالي أوالمتصرفين. 
ولعل أشد الملفات حدة واحتقانا مشكل أساتذة أطر الأكاديميات  والأساتذة المطالبين بالترقية وتغيير الإطار من خلال الشهادة بالإضافة لملف الأطر الإدارية. حيث شهدنا احتجاجات وإضرابات غير مسبوقة. وأدى بعضها لتعرض أطر التربية والتعليم للعنف والأذى خلال تفريق الاعتصامات التي كانت تعرف كثافة كبيرة، ناهيك عن طول فترات الإضراب عن العمل التي كانت تحسب بالأشهر عوض الأيام. 
أما طريقة تدبير رأس الوزارة لهذه الملفات الثقيلة فكانت عن طريق محاولات امتصاص الغضب عبر الدعوة إلى الحوار والاستعانة بالتمثيليات النقابية وأحيانا عبر إشهار ورقة تطبيق مساطر الغياب وترك المهام التي أسفرت عن اقتطاعات مهمة طالت جيوب المضربين.
 
أما الحلول لكل هذه الملفات فغلب على رد الوزارة التسويف ومحاولة إيجاد حلول بديلة. 
واليوم فاطر الأكاديميات لازالوا  يطالبون بأمر واحد ولا شيء غيره، وهو الإدماج المباشر في أسلاك الوظيفة العمومية المركزية كما كان يجري به العمل من قبل. نفس الأمر بخصوص الترقية بالشهادة، فالمعنيون متشبثون بموقفهم ويرفضون الحياد عنه، 
أما الأطر الإدارية فيشعرون بالخيانة  من المسؤول الأول عن القطاع بعدما كرر في مناسبات عديدة بأن الملف تم حله وطيه بصفة نهائية، بينما واقع الحال يقول غير ذلك.
 
ينضاف لمن سبق ذكره معتقلوا الزنزانة 10 الذين يطالبون بالترقية للدرجة الأولى على أساس 15 سنة أقدمية عامة و6 سنوات في الدرجة الثانية.أيضا  تنسيقية أخرى تنضاف للمشهد وهم ضحايا تجميد الترقية الذين لم يتوصلوا من الخزينة بمبالغ تعود لسنة 2019 ولم تتم تسوية وضعية بعضهم  المادية لحدود كتابة هذه الأسطر. 
في مقابل كل ذلك نسمع أخبارا عن استمرار سعيد أمزازي في تدبير القطاع بهدف استكمال الأوراش التي انطلقت خلال ولايته كالقانون الإطار والرؤية الاستراتيجية بما في ذلك تعميم التمدرس الأولي ونجاعة التكوين المهني والتربية الدامجة  ونظام توجيه تربوي جديد وغيرها من المشاريع. 
في مقابل هذه الأخبار هناك أخرى تشير إلى  تمسك حزب الأحرار بحقيبة التعليم كونها تدخل في صلب برنامجه الانتخابي، كما أن رئيس الحكومة المقبل عزيز اخنوش صرح بعد تكليفه بتشكيل الحكومة أنه ماض في رد الاعتبار لقطاع التعليم. 
وأخبار أخرى تشير إلى أن حزب الاستقلال من سيتولى  وزارة التربية الوطنية أوحزب الأصالة والمعاصرة. 
والسؤال المطروح لماذا تتصارع الأحزاب على حمل حقيبة بها ملفات حارقة؟ 
فالاحتقان الكبير في صفوف العاملين بالقطاع  بمختلف أصنافهم، والبلاغات التي تصدر عن التنسيقيات والتي كتبت بلغة التصعيد، كل ذلك من شأنه إقلاق أي وزير قد لا يتمكن من امتصاص كل هذا الغضب. 
ومن جهة أخرى لايمكن بالمنطق والحسابات الاقتصادية أن يتم حل هذه الملفات بشكل مستعجل، ببساطة لأن موظفي التعليم ليسوا الوحيدين من لهم مطالب اجتماعية. وحتى لو توفرت  للحكومة المقبلة الكلفة المالية اللازمة لحل كل ملفات التعليم فلن تبقى أطر باقي القطاعات مكتوفة الأيدي. 
وفي نفس السياق فوزارة المالية لا يمكنها الموافقة على حل هذه الملفات الثقيلة سواء دفعة واحدة أو عبر مراحل لأنها مكلفة للموازنة العمومية.
كما أن المشاريع المرتبطة بالوزارة تحتاج لأغلفة مالية ضخمة كتعميم التعليم الأولي وتوسيع البنيات والإحداثات الجديدة وتوظيف الأنظمة المعلوماتية وتعزيز الموارد البشرية. 
فهل ستمضي الوزارة في هذه المشاريع أم سوف تحل الملفات الإجتماعية؟ علما أنه لا يمكن القيام بالأمرين معا بسبب الإكراه المادي. 
لكل الأسباب السالفة الذكر فإن حقيبة وزارة التربية الوطنية تعتبر من أثقل الحقائب في الحكومة المقبلة وأن من سيحملها سيحتاج جهدا مضاعفا وتنتظره تحديات صعبة للغاية.

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة