صراع صامت بين إيمان بنربيعة وعثمان الطرمونية .. خلافات حزب الاستقلال بالجديدة
انكشف جزء غير بسيط من بنية الصراع الداخلي الذي يعيشه حزب الاستقلال بإقليم الجديدة. حدثٌ بدا اقتصادياً في الظاهر، لكنه تحوّل إلى مسرح لعرض موازين القوة بين شخصيتين وازنتين داخل الحزب، إيمان بنربيعة وعثمان الطرمونية.
التحقيق الآتي يحاول كشف ما جرى فوق منصة مؤتمر الاتحاد العام للمقاولات والمهن، وما دار تحتها، من حسابات سياسية وتأثيرات حزبية وسباق خفي لقيادة المرحلة المقبلة داخل الحزب.
الفصل الأول: مؤتمر مهني… أم منصة لإبراز مراكز النفوذ؟
حين حضر وزير الصناعة والتجارة رياض مزور المؤتمر الإقليمي للاتحاد العام للمقاولات والمهن يوم السبت 15 نونبر 2025، بدا اللقاء في ظاهره محطة للتواصل مع الفاعلين الاقتصاديين محلياً.
لكن مشهد الإشادة القوية التي وجهها الوزير لإيمان بنربيعة، في حضور عثمان الطرمونية، قلب المعادلة. الإشادة لم تكن تفصيلاً بروتوكولياً؛ فقد ربط الوزير اسم بنربيعة مباشرة بـ الجهود التنظيمية للمشاورات الوطنية حول المساهمة المهنية الموحدة، وبقدرتها على تعزيز التواصل بين الوزارة والمهنيين.
هذه اللحظة، التي صفّق لها الحاضرون، اعتبرها مراقبون “رسالة سياسية مشفرة” وضعتها الدولة في سياق إقليمي يعرف منافسة صامتة بين وجوه استقلالية بارزة.
الفصل الثاني: إيمان بنربيعة… صعود مدعوم بالكفاءة والمؤسسة
إيمان بنربيعة ليست مجرد قيادية داخل اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال. فهي تشغل منصباً استراتيجياً داخل ديوان وزير الصناعة والتجارة: مديرة للتواصل، التعاون والشراكات.
هذا الموقع جعلها واجهة تقنية للوزارة وأحد أهم عناصر تنزيل سياساتها العمومية، وهو ما يضيف إلى رصيدها السياسي شرعية مؤسساتية تتجاوز حدود الإقليم.
كما أن حضورها داخل مجلس جهة الدار البيضاء–سطات يمنحها تأثيراً مباشراً في المشاريع المهيكلة التي تهم إقليم الجديدة، ومنها مشروع تهيئة شارع جبران خليل جبران.
وبين الصفة الحزبية والمسؤولية الحكومية، تحولت بنربيعة إلى قوة صاعدة داخل الحزب، مدعومة بكفاءة أكاديمية وتكوين عالي يجعل كثيرين ينظرون إليها باعتبارها واجهة لجيل جديد من القيادات الاستقلالية.
الفصل الثالث: الطرمونية… حضور ترابي وصراع مواقع غير مكتمل
عثمان الطرمونية، عضو اللجنة التنفيذية هو الآخر، حضر المؤتمر بصفته رئيس الجماعة القروية أولاد فرج. ورغم جهده التنظيمي وموقعه داخل الحزب، إلا أن سلسلة خرجاته الإعلامية الأخيرة أضعفت موقعه، لا سيما تصريحه الإعلامي "بعد المؤتمر" حول مشروع تهيئة شارع جبران خليل جبران، حين ادعى أنه وراء إخراج المشروع بعد تدخله لدى رئيس الجهة.
هذا التصريح اعتبره الكثيرون محاولة لانتزاع موقع سياسي وليس نقل حقيقة؛ فالمشروع صُوّت عليه داخل المجلس الجهوي الذي توجد فيه بنربيعة بدورها، وهو ما يفقد الرواية التي قدمها الطرمونية الكثير من الجدية.
الأكثر من ذلك، ربط البعض تصريحاته بمحاولة واضحة لـ سحب البساط من عائلة بنربيعة سياسياً، في وقت يستعد فيه الحزب محلياً لمرحلة ما بعد “التقاعد السياسي” لكل من جمال بنربيعة ومبارك الطرمونية.
الفصل الرابع: خلفية الصراع… جيل يغادر وجيل يصعد الصراع بين بنربيعة والطرمونية:
حزب الاستقلال بإقليمي الجديدة وسيدي بنور يعيش لحظة انتقال داخلية، حيث تقترب وجوه تقليدية من مغادرة الواجهة، في حين يتسابق قياديون شباب لوراثة مواقع النفوذ.
في هذا السياق، يبدو أن بنربيعة تتقدم بثبات:
• موقع داخل الوزارة يمنحها شبكة علاقات قوية.
• حضور داخل الجهة يضعها في قلب المشاريع.
• كفاءة أكاديمية تجعل صورتها مقبولة لدى قواعد الحزب.
• دعم مؤسساتي واضح ظهر في إشادة الوزير.
في المقابل، يعتمد الطرمونية على الحضور الترابي والصيت التنظيمي، لكن أخطائه التواصلية تقلص من جاذبيته السياسية وتُظهره في موقع المتسرّع الباحث عن دور أكبر من معطياته الفعلية.
الفصل الخامس: هل الحزب في طريقه لإعادة توزيع الأدوار؟
ما كشفه المؤتمر ليس مجرد تنافس بين شخصين، بل إعادة تشكيل للخارطة الاستقلالية بالإقليم.
فقد بات واضحاً أن الحزب يتجه نحو بروز قيادة جديدة، وأكثر انفتاحاً، وأكثر ارتباطاً بمؤسسات الدولة، وهو ما تمثله بنربيعة بوضوح.
بينما يحاول الطرمونية أن يحافظ على نفوذ عائلي وتنظيمي يتراجع مع الزمن، ومع تغير موازين التأثير داخل الحزب محلياً وجهوياً.
المؤتمر كشف الحقيقة…
طغى على المؤتمر الاقتصادي صراع سياسي مكتوم لكنه واضح للعيان:
• إيمان بنربيعة تخرج أكثر قوة، مدعومة بالإشادة الوزارية وبالموقع المؤسساتي والشرعية الجهوية.
• عثمان الطرمونية يجد نفسه في موقع دفاعي، يلجأ للخطابات والمطالبة بالفضل لتثبيت نفوذ يتراجع تدريجياً.
إنه صراع جيلين داخل حزب الاستقلال، والظاهر أن اليد العليا بدأت تنتقل نحو الجيل الذي تمثله بنربيعة، فيما لن تسعف المناورات السياسية أصحاب الخطابات التقليدية في الحفاظ على مواقعهم داخل المشهد الإقليمي.
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة