سيدي بنور: تلك المدينة الشاحبة التي تنام على هامش حلم بين أحضاني
سيدي بنور: تلك المدينة الشاحبة التي تنام على هامش حلم بين أحضاني

مدينتي  ذات حلم: أصحو كل صباح على صوت ملائكي ،وهو يشدو بالفيروزيات التي تحملني على أجنحت الحلم نحو المدينة الفاضلة،

مدينة أحيى فيهابكياني الإنساني، وأرشف فيها قهوتي الصباحية على طاولة أمنياتي الموشومة بحب الانتماء، وأن أستنشق رائحة فضاء مزخرف بكل الوان الطيف على أريج الياسمين وعبق الأوركيد،

مدينة أمارس فيها عشقي للحياة وأرسم على محياها أجمل اللحظات أخط على جبينها أبهى الذكريات ،أحضنها بكل حب وتضمني بكل شوق ،اعلنها مولدي ومماتي ،ورغد ما تبقى من أيام حياتي.

 

 

مدينتي  ذاتحقيقة : أستيقظ مجددا ولكن هذه المرة من غفلتي ،لتتلقفني الخيبات حين ادرك أني أقف على سراب أرض الأمنيات.. ،حيت لا فرح مرتقب ولا عبق أمل أستنشقه ولا حلم يلوح في الأفق من جميع الاتجاهات المكونة لهذه المدينة الشاحبة الملامح، مدينة تتشكل من اللونين الاعتياديين "الأبيض والأسود" فقط ، وتغيب عنها باقي الوان الحياة الجميلة، أعني "سيدي بنور" أو سان برنار أو كنيخ أو الحفرة ..كما يحب أبنائها الغيورين  تسميتها .

سيدي بنور حيث يرقد عبد الله بن وكريس الذي أنار طريق الآخرين ولم يتوفق في أن ينير هذا الفضاء المظلم حيث يرقد بين أمواته الأحياء من المسؤولين عن الشأن المحلي، هنا حيث لا متسع للحلم كما تشاء،

هنا حيث تسقط منك مشاعرك وأحاسيسك عن محض إرادة دون سابق إنذار،

هنا المدينة التي تنام في خمول بين مدن المملكة في محطة من الزمن السالف،

مدينة لا تحمل من التمدن سوى تهمة باطلة تزج بها في غياهب المدن المغربية...

مدينة توقفت عقارب حضارتها على تمام فراغ، تحمل اسم رجل ولا رجل يحملها في قلبه

مدينة تنام بين أحضان الأوساخ والنفايات وتنعم وسط الغبار والقاذورات،

مدينة تعانق لحظات الاحتضار وترقص على نغمات صفائح البغال،

 مدينة تفوح منها روائح ما تيسر من الإهمال و مخلفات دواب العربات والأزبال،

-مدينة وحتى وأن انطلقت فيها الإصلاحات واستبشرت الساكنة خيرا بهذه الإجراءات، تتوقف الأوراش وتتفاقم الوضعية وتبقى قيد إصلاح ،لان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ذات ضمير ،

 مدينة يجثم على أنفاسها معمل الحلاوة،بنكهة الشقاوة وطعم الغباوة،-

مدينة تستيقظ على أخبار الانتحار  وكل جرائم الدم وسلسلة من الإخفاقات، تشيخ فيها قبل الأوان ،تغتال عمرك في انتظار الوهم حتى تنام ،

 مدينة يمكنك فقط أن تعيش أن تآكل أن تشرب أن تشهق أن تحيى مع وقف التنفيذ ،

مدينة تنزع منك ابتسامتك وملامح فرحك قسرا ظلما واضطهادا،

مدينة تنتهي فيها صلاحية كل نبض مرهف داخل كيانك، بقساوة صورتها وبشاعة ملامحها وحلكة حاضرها... مدينة ننتظر فيها الموت بكل فرح والرحيل بكل شوق، ننتظر فيها أن نحيى أن نشهق من بصيص أمل مرتقب في في شيء ما!!..

 فيك يالله الذي نودع بين يديه هذه المدينة المنكوبة في أعين من يعشقها حتى النخاع ويقطنها ويحيا فيها ويمارس غيرته فيها ويحملها في بطاقة تعريفه كما يحملها في قلبه الى أن يرث هذه الأرض فاعل خير ذات ضمير حي.

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة