تفاعلات وخلفيات لافتة الجمهور الجديدي الذي هدد في ملعب العبدي ب'الثورة'
تفاعلات وخلفيات لافتة الجمهور الجديدي الذي هدد في ملعب العبدي ب'الثورة'

في سابقة خطيرة، خلق الجمهور الدكالي الحدث والتميز، في مقابلة كرة القدم التي جمعت، الثلاثاء الماضي، على أرضية ملعب العبدي بعاصمة دكالة، برسم الجولة ال18 من الدوري الاحترافي لكرة القدم، فريق الدفاع الحسني الجديدي والوداد البيضاوي. حيث رفع مشجعو الفريق الجديدي في المدرجات الأمامية، المعروفة ب"شميشة"، لافتة سوداء بطول ناهز ال40 مترا، كتب عليها بأحرف بيضاء: "إن لم تستقيلوا من تسيير النادي، فانتظروا أكبر ثورة في الشارع الجديدي".

هذا، وخلفت عبارات التهديد والوعيد والتحريض على "الثورة، المضمنة في اللافتة، التي ظل الجمهور الجديدي يرفها طيلة عمر المباراة، التي تابع أطوارها معاذ الجامعي، عامل إقليم الجديدة، (خلفت) ردود فعل لدى الرأي العام، والفعاليات الرياضية، والمتتبعين للشأن الرياضي والأمني، ووسائل الإعلام، والمجتمع المدني، أجمعت على استنكار سلوكات الجمهور الجديدي، التي لا تمت بصلة للرياضة، النبيلة في غاياتها. هذا الجمهور الذي كانت قسمته الانشقاقات، وشاء القدر أن توحد صفوفه مقابلة الثلاثاء الماضي، وأن يتحد، من سخرية القدر (ironie du sort)، حول اللافتة المحرضة على "الثورة".. العنف الذي بات يحرمه ويجرمه داخل الملاعب، قانون مكافحة الشغب الرياضي الجديد.

ولعل نتيجة التعادل التي انتهت بها المقابلة، والعرض المشرف الذي قدمه الفريق المحلي (الدفاع الحسني الجديدي)، أمام ضيفه الوداد البيضاوي، الذي يحتل الصف الأول في البطولة لوطنية، كانا كافيين لإقناع مشجعي الفريق الدكالي، بالعدول عن  "الثورة"، التي هددوا بإشعال فتيلها في الشارع الجديدي.

هذا، وأوردت جريدة "الصباح" في مقال على أعمدة صفحاتها، أن جمهور كرة القدم، في الغالب، ينتقد ويغضب، مثلما يشجع ويفرح. لكن حين يصل الأمر إلى درجة التهديد والوعيد، وإرهاب الناس، وتهديد استقرار المدينة، فذلك يحتاج، حسب كاتب المقال الصحغي، إلى طرح أكثر من سؤال، أوردها كالتالي:

أولا، كيف سمح رجال الأمن بإدخال تلك اللافتات المهددة لاستقرار المدينة، والمرهبة للناس، إلى الملعب، سيما أن عدد الجماهير الحاضرة وطبيعة الملعب، متحكم فيهما ؟ وأضافت الجريدة أنه "ومع ذلك ظلت اللافتات ترفرف من بداية المباراة، حتى نهايتها، وكأنها تحتفل بنصر".

ثانيا، أوردت "الصباح" أن الفريق غير مدربه، وقبله غير مكتبه الذي يقضي سنته الاولى في التسيير. وفي هذه الحالة، عادة ما يحاول الفريق ومعه جماهيره التطلع إلى صفحة جديدة، لمصلحة الفريق، قبل التفكير في أي عتاب. لكن عندما يحاول البعض في هذه الظروف، سلك طريق  معاكس بالتهديد والعنف، فهذا يعني أن شيئا ما يحدث في الخفاء، ربما أشبه بالتحريض الذي جعل المدرب جمال السلامي يقول في تصريح وداعه، أن محيط الدفاع يحب أن ينظف. فماذا ينتظرون ؟ حسب ما كتبته "الصباح" في ختام مقالها الصحفي.

ومن جهة أخرى، فأن يتم في سابقة خطيرة، عير معهودة البتة سواء محليا أو وطنيا، التحريض، طيلة عمر المباراة (105 دقيقة باحتساب فترة الاستراحة)، وبصريح العبارة في لافتة بطول زهاء 40 مترا، يحظر إدخالها إلى الملعب، قانون مكافحة الشغب الرياضي، وأمام أعين السلطة الإقليمية الأولى، عامل إقليم الجديدة، وممثلي السلطات الأمنية والمحلية، و"مركز القيادة العملياتي"، (أن يتم التحريض) على "الثورة" في الشارع الجديدي، فذلك أمر في منتهى الخطورة، بحكم كونه ينطوي على أخطار تهدد أمن وسلامة  وممتلكات المواطنين، رعايا صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وتهدد من ثمة أمن واستقرار المجتمع، وأمن الدولة، بالنظر لما يواكب عادة "الثورة" من عصيان وأعمال عنف وشغب وتخريب، واصطدامات مع  السلطات والقوات العمومية. "ثورة" لم  تندلع لحسن الحظ، وربما كانت الغاية من التهديد بإشعال فتيلها، ممارسة ضغوطات، للظفر بمكتسبات غير مشروعة، وبطرق غير شريفة، وذلك بالتحريض على حركة احتجاجات، تخرج عن نطاق ما يسمح به القانون، سلاحها ووقودها أحداث وقاصرون ومراهقون، سخرهم انتهازيون "ماكيافليون"، لتحقيق مبتعاهم (الغاية تبرر الوسيلة). ما يستوجب على المكتب المسير لنادي الدفاع الحسني الجديدي، المستهدف بدوره بالتهديدات، رفع شكاية إلى وكيل الملك، الذي تابع (نائبه)، بصفته عضوا في "المركز القيادي العملياتي"، مقابلة الثلاثاء التي ستظل راسخة في الأذهان.

هذا، وكان للجريدة اتصال بمسؤول في المكتب المسير لنادي الدفاع الحسني الجديدي، حمل المسؤولية في ما حصل، للمصالح الأمنية، وخص بالذكر "الاستعلامات العامة"، التي لم يكن لها علم بشكل قبلي واستباقي باللافتة، التي يمنع  قانون مكافحة الشغب الرياضي إدخالها إلى الملعب، لكونها تحرض، بعيدا عن الروح الرياضية، على العنف، وتستهدف المكتب المسير لفريق الدفاع، وتهدد بالتالي الأمن والاستقرار، ناهيك عن تسخير قاصرين.

واستغرب المسؤول الرياضي الكيفية التي عبرت بها هذه اللافتة، التي يصل طولها حوالي 40 مترا، سوداء اللون، والتي دونت عليها عبارات التحريض والتهديد باللون الأبيض، (الكيفية) التي عبرت بها بوابة ملعب العبدي، أمام أعين رجال الأمن.  كما استغرب الصمت والحياد السلبيين اللذين لزمهما رجال الشرطة الذين غص بهم الملعب، والذين لم يتدخلوا لسحب اللافتة التي تحرض على العنف، والتي ظلت ترفرف في المدرجات، طيلة عمر المباراة، أمام أعين عامل إقليم الجديدة، والسلطات الأمنية والمحلية، و"مركز القيادة العملياتي".

وفي الختام، فإن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة وإلحاح، هو كالتالي: ماذا لو انهزم فريق الدفاع الحسني الجديدي، الثلاثاء الماضي، على أرضية ملعبه، أمام ضيفه الوداد البيضاوي، واندلعت من ثمة في المدرجات،  "الثورة" التي هدد بها الجمهور الدكالي.. وامتدت بالتالي إلى الشارع الجديدي ؟

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة