كراء الشقق المفروشة ''غير المصرح به'' بالجديدة تشجيع لإيواء الإرهابيين والممارسات اللاأخلاقية
كراء الشقق المفروشة ''غير المصرح به'' بالجديدة تشجيع لإيواء الإرهابيين والممارسات اللاأخلاقية

في كل مرة يتم فيها تفكيك خلية إرهابية، تمتد نشاطاتها الظلامية إلى عاصمة دكالة، يتضح أن أفرادها يكادون يخترقون حواجز المراقبة، لولا يقظة المكتب المركزي للأبحاث القضائية (بسيج)، الذي يحبط مشاريعهم التخريبية، التي تكون في مرحلة جاهزيتها الأخيرة، قبل حلول "لوجور جي"، وساعة الصفر والحسم.. نقطة اللاعودة

اختراق حواجز المراقبة:

إن اختراق حواجز المراقبة في المغرب بات إلى حد ما ممكنا، للاعتبارات التالية:

 أولا:  نظرا لشساعة الحدود الجغرافية المغربية مع الجارتين، الجزائر من جهة الشرق، وموريتانيا من جهة الجنوب.

وثانيا:  بسبب تعذر، إن لم نكن استحالة إخضاع جميع الشاحنات والمركبات ووسائل النقل، للمراقبة والتحقق من البضائع والسلع المحملة على متنها، وتحديد طبيعتها وقانونيتها، منذ عبورها الحدود الترابية، سيما البرية، ومرورا عبر نقاط المراقبة الطرقية، التي تؤمنها السلطات المغربية المختصة، الجمركية والدركية والشرطية، والتابعة لوزارة النقل، على الطرقات الوطنية والجهوية والإقليمية والثانوية. ما بات يساهم في تهريب مواد محظورة، إلى تراب المملكة، بعضها   يشكل خطرا على أمن واستقرار المغرب، من قبيل:

1/  أقراص الهلوسة: التي تصنعها بالأطنان  الجزائر في مختبرات خاصة،  وتهربها الشبكات المافياوية الدولية، إلى جانب تلك المصنعة في دول شرق أوربا، من النوع "إكستازيي" الخطير، عبر الحدود الشرقية، إلى تراب المغرب، لتدمير شبابه، والرمي به في براثين الانحراف والجريمة.

وتجدر الإشارة إلى أن السلطات المغربية تواجه بحزم حرب أقراص الهلوسة، التي أعلنتها عليه الجارة الشرقية.

2/ الأسلحة النارية: التي يتم تهريبها عبر الحدود البرية إلى تراب المملكة. وقد حجزت بالمناسبة السلطات المغربية العديد من هذه الأسلحة الفتاكة، في عمليات تفكيك خلايا إرهابية. وكشفت التحريات عن ضلوع مرتزقة البوليساريو، والاستخبارات العسكرية الجزائرية، في المخططات الظلامية التي تستهدف المغرب.

الاستقرار بالجديدة..اختراق للمراقبة:

إن الحديث عن اختراق حواجز المراقبة.. يجر حتما  إلى أخر محطة في هذا الاختراق، وهي عندما تحط الخلايا الإرهابية، وعتادها ومعداتها العسكرية والحربية، الرحال بمدينة الجديدة التي يستقر فيها الإرهابيون، بعد أن يجدوا لأنفسهم فيها شققا مفروشة في أحياء شعبية، وبأثمنة بخسة، دون تعقيدات، ودون الإدلاء حتى  بوثائقهم الثبوتية، أو ما يفيد هوياتهم الحقيقية. شقق آمنة، تأويهم من ثمة بعيدا عن أعين السلطات المحلية والأمنية المعنية، سيما أن أصحابها لا يصرحون بكرائها للسلطات المختصة. ما يجعلها لا تخضع، على خلاف الفنادق، للمراقبة والتحقق من هويات من يشغلونها على وجه الكراء، لفترات قد تطول أو تقصر.

تجارب الجديدة مع الإرهاب:

أبانت جميع التجارب التي عاشتها مدينة الجديدة مع الإرهاب،  أن رجال عبد الحق الخيام قاموا بتفكيك خلايا إرهابية، واعتقال أفرادها من داخل شقق مفروشة في عاصمة دكالة، وليس من داخل فنادق، يتم التصريح فيها بنزلائها، لمصالح الاستعلامات العامة. تجارب توردها الجريدة كالتالي:

1/ التجربة الأولى: كانت من داخل شقة مفروشة، لصيقة بمؤسسة تربوية (الثانوية–التأهيلية محمد الرافعي)، بالجديدة، حيث عمد عناصر المكتب المركزي للأبحاث القضائية، الخميس 18 فبراير 2016،  إلى تفكيك أخطر خلية إرهابية،  ضمت في صفوفها 10 إرهابيين، بينهم مواطن فرنسي وقاصر مغربي، كانوا ينشطون في مدن الصويرة ومكناس وسيدي قاسم والجديدة. إذ  جرى اعتقال زعيمها وعقلها المدبر، من داخل الشقة المفروشة بالجديدة، وحجز 4 رشاشات أوتوماتيكية مزودة بشواحن ذخيرة، و3 شواحن فارغة، و3 مسدسات بالرحى، ومسدسا أوتوماتيكيا، وبندقية مزودة بمنظار، وكمية كبيرة من الذخيرة الحية، و13 قنبلة مسيلة للدموع، و4 عصي حديدية، قابلة للطي، و"صاعق كهربائي"، و3 قارورات زجاجية تحتوي على مواد سائلة، و6 قارورات بلاستيكية تحتوي على مواد كيماوية، ومسامير، ورايتَيْن ترمزان إلى "تنظيم الدولة الإسلامية"، ناهيك عن أسلحة بيضاء، وأصفاد بلاستيكية وبذل عسكرية.

وكان للتدخل الاستباقي الذي قامت به مصالح الاستخبارات بالجديدة، و(بسيج)، دور ناجع في إحباط المخطط التخريبي  المتكامل ل"كومندو"  أو "الكتيبة المسلحة"، والذي كان في مراحله ولمساته الأخيرة، قبل دخوله حيز التنفيذ، في اليوم الموالي (الجمعة 19 فبراير 2016). حيث كان يستهدف، بإيعاز من قادة تنظيم "داعش" في سوريا وتركيا.. بتعبير"الوثيقة الكاشفة عن التحرك الأمني"، ضرب أماكن عمومية للتبضع والتسوق، ومؤسسات سيادية وسياسية ذات رمزية، ومواقع اقتصادية ومنشآت سياحية وصناعية، ضمنها المنطقة الصناعية "الجرف الأصفر"، 15 كيلومترا جنوب مدينة الجديدة.

وقد تأكد ضلوع مرتزقة البوليساريو في هذا المخطط الإرهابي، والذين هم في خدمة المخابرات العسكرية الجزائرية (مديرية المصالح الأمنية / DSS)، التي حلت محل (دائرة الاستعلام والأمن / DRS).

2/ والتجربة الثانية: كانت من قلب الحي البرتغالي بعاصمة دكالة (الملاح)، حيث أوقف المتدخلون من المصالح الاسخباراتية بالجديدة، الجمعة 20 يناير 2017، "داعشيا"، كان يشغل على وجه الكراء غرفة في منزل، اكترتها له سيدة تحمل لقب (ز.). وينتمي الإرهابي  الذي جرى اعتقاله، إلى خلية ظلامية، تم تفكيكها، وكان عناصرها ينشطون في عدة مدن مغربية، ضمنها الجديدة وفاس.

وبالمناسبة، فإن المصالح الشرطية بالجديدة، كانت أوقفت، منذ حوالي سنتين، مجرمين اثنين، من داخل غرفة في منزل السيدة الملقبة ب(ز.)، بالحي البرتغالي، كانت اكترتها لهما دون أن يدليا لها بوثائقهما الثبوتية. وقد كان البحث جاريا في حق هذين المجرمين، لتورطهما في جناية سرقة موصوفة.

وبالمناسبة، فقد اعتادت السيدة المذكورة على كراء منزلها وغرفه للغرباء، لمدد قصيرة.. تكشف عن طبيعة الغرض من ذلك.

3/ والتجربة الثالثة: كانت من حي "الصفا" بعاصمة دكالة، حيث داهم رجال عبد الحق الخيام، في الساعات الأولى من صبيحة الجمعة 27 يناير 2017،  شقة مفروشة في زنقة "سيدي قاسم"، وتحديدا في درب لصيق بمدرسة عمومية. ما أفضى إلى  إيقاف إرهابيين اثنين من تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، وحجز أسلحة ومتفجرات ومواد كيماوية وبذل عسكرية.. الإرهابيان ينتسبان إلى خلية خطيرة، جرى تفكيكها في اليوم ذاته، وتتكون من 7 أفراد كانوا ينشطون في مدن الجديدة وسلا والكارة، والجماعة القروية "بولعوان"، بإقليم الجديدة، ودوار "معط الله"، بتراب قيادة "أولاد زبير"، دائرة "واد امليل"، بإقليم تازة.

وبالنظر إلى خطورة هذه الخلية الإرهابية، فإن عبد اللطيف الحموشي، المدير العام لمراقبة التراب الوطني، والمدير العام للأمن الوطني، أشرف شخصيا، من مقري الأمن الإقليمي و"الديستي" بالجديدة، على سير أطوار عملية تفكيك خلية الجديدة.

 وحسب مصدر مقرب من رئيس الأمن الإقليمي بالجديدة، فإن المسؤول (س1) وجه برقية عبر الجهاز اللاسلكي، إلى المتدخلين الأمنيين، أبلغهم فيها شكر وامتنان المدير العام، عبد اللطيف الحموشي، جراء تفكيك خلية الجديدة، والتي تعتبر من أخطر الخلايا الظلامية،  التي ستتمحور حولها الندوة الصحفية، التي يعقدها، اليوم الأحد، عبد الحق الخيام، رئيس المكتب المركزي للأبحاث القضائية، وسيسلط من خلالها الضوء على المجموعة الإرهابية، ومشاريعها التخريبية، ونوعية الأسلحة والمتفجرات والمواد الكيماوية، التي جرى حجزها، والأماكن التي كانت تستهدفها أو في منظارها.

للإشارة، فإن أعضاء الخليات الإرهابية الثلاثة، كانوا يكترون، من باب التذكير،  شققا مفروشة في أحياء شعبية بمدينة الجديدة، وكانوا يتميزون، على حد الشهادات التي استقتها الجريدة، بمظاهر وبسلوكات عادية،  كانت تبعد عنهم الشكوك، وتجعلهم مواطنين جد عاديين، بعيدين كل البعد عن الشبهات.

الجديدة قبلة للسياحة الجنسية:

من جهة أخرى، فإن مدينة الجديدة، التي باتت بمثابة حي شعبي من أحياء مدينة الدارالبيضاء، بفضل الطريق السيار والقطار، (فإنها)، أصبحت قبلة مفضلة للسياحة الجنسية، جراء ما توفره من غرف وشقق مفروشة، لا يتم التصريح  بكرائها، وهي معدة لقضاء الليالي البيضاء والحمراء، التي يؤثثها ممارسة الفساد والشذوذ الجنسي، واحتساء الخمور، واستهلاك المخدرات.. ولعل أول ما يطالع زوار  عاصمة دكالة، عند مدخلها الشمالي، وفي محطة المسافرين، وقبالتها مباشرة، في شارع محمد الخامس، اصطفاف نساء وشباب، يلوحون بمفاتيح الشقق المفروشة، ويعرضون خدماتهم الخاصة.

تجارب سوداوية مع الشقق المفروشة:

كانت شقق مفروشة في عمارات سكنية وأحياء شعبية بالجديدة (درب البركاوي – حي الصفا...)، غير مصرح بكرائها، ولا تخضع  للمراقبة والقانون، اهتزت على وقع نازلت مأساوية (اختناقات بالغاز قاتلة..)،  أو جرائم دم،  راح ضحيتها شواذ جنسيا من جنسيات أجنبية (أمريكية – فرنسية – إسبانية ...)، انتهى المطاف بهم جثثا في مستودع حفظ الأموات.. كما كانت بعض من تلك الشقق المفروشة، مسارح لنازلات ومغامرات لاأخلاقية، انتهت إما في قسمي المستعجلات والإنعاش بالمستشفى الإقليمي محمد الخامس بالجديدة، وأخرى جرت  إلى السجن، المتورطين فيها، رجالا ونساء متزوجين، ضمنهم منشد جماعة دينية محظورة. ويكفي، للوقوف عن كثب على هذه الحقيقة أو الحقائق المرة،  الرجوع إلى السجلات المحفوظة بأرشيف المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بأمن الجديدة، أو السجلات الإدارية المحفوظة بأرشيف المستشفى الإقليمي بالجديدة.

غضب شعبي عارم:

في أعقاب تفكيك خلية الجديدة الإرهابية، أجرت الجريدة حوارات صحفية مع مواطنين ومواطنات، عبروا جميعا وبالإجماع عن استنكارهم وغضبهم الشديدين من ظاهرة كراء الشقق المفروشة، غير المصرح به للسلطات المختصة،  والتي  أصبحت مستشرية، وتكتسح كالنار في الهشيم، الأحياء والعمارات السكنية، إلى حد أن بعض ممن لا مهنة لهم، أصبحوا يمتهنون الوساطة في كراء الشقق المفروشة، وفي أعمال القوادة، التي تدر عليهم وعلى مالكي الشقق، أرباحا طائلة. فهؤلاء معروفون لدى من يهمهم الأمر، والنشاطات التي يمارسونها بانتهازية، خارج الضوابط القانونية والأخلاقية، ودون حسيب ولا رقيب، تتم حتى في وضح النهار، و"على عينيك أبن هدي"، كما يقول المثل المغربي.. فبساطة، فكما أن لكل خدمة أجرا، فإن للصمت أو الحياد السلبي الذي يعتبر خدمة ثمينة، مقابلا.. وإلا فكيف يمكن أن يكون ثمة من يملك في حي شعبي معروف، وهو في حد ذاته شخصية معروفة لدى الجميع،  5 شقق مفروشة، ومعروفة، يكتريها، عن طرق وسطاء ووسيطات، للباحثين عن اللذة الجسدية، منهم من يقضي المبيت، ومنهم من يقضي ال(passe)،  ساعة أو ساعتين مع عشيقة، سيدة متزوجة، جاء بها على عجل من الدارالبيضاء، ويجب أن تعود على عجل إلى بيت الزوجية..؟!

لقد سئم الجديديون والجديديات الأحرار من ظاهرة كراء الشقق المفروشة، المعدة كأوكار للفساد والرذيلة، والتي تسيء إلى سمعتهم وكرامتهم. والخطير أن الأمر قد تعدى حدود توفير "بورديلات"، تحظى بالحماية، إلى توفير ملاجئ آمنة لإيواء المجرمين، والإرهابيين ومخابئ لعتادهم العسكري والحربي الفتاك، في ظرفية تزداد فيها خطورة التهديدات الظلامية المحدقة، التي تستهدف الوطن.

تجريم الكراء غير المقنن:

إن الدولة المغربية في شخص برلمانها، مدعوة إلى سن قوانين تشريعية جديدة، تدخل في نطاق محاربة الإرهاب. فكما أن الإشادة بالإرهاب تعتبر جريمة إرهابية، يعاقب عليها قانون الإرهاب، فيجب أن يكون ثمة فصلا زجريا، بغض النظر عما نص عليه القانون الجنائي، في ما يخص إعداد أوكار للدعارة،  يجرم كراء الشقق المفروشة إلى الغرباء، خارج الضوابط القانونية والأخلاقية، وفي مقدمتها، (أولا) عدم حصول صاحب العقار (الشقة المفروشة)، على نسخ من الوثائق الثبوتية التي تخص شخص المكتري (بطاقة التعريف الوطنية...)، وعقد الزواج، وبطاقة التعريف الوطنية، الخاصة بشخص مرافقته، إن كان متزوجا منها، و(ثانيا)، عدم التصريح بصفقة الكراء، ولو كانت ليوم واحد أو ساعات معدودة، لدى السلطات المختصة.. أو على الأقل، سن فصل  من القانون  المدني، يغرم كل مخالف من أصحاب الشقق المفروشة، بغرامة مالية باهضة، لا تقل عن 5000 آلاف درهم.

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة