عميد كلية الآداب بالجديدة يُلحق أحد الموظفين بالإشراف على بناء تعاونية سكنية
عميد كلية الآداب بالجديدة يُلحق أحد الموظفين  بالإشراف على بناء تعاونية سكنية

يتداول الموظفون والأساتذة الباحثون بكلية الآداب والعلوم الانسانية بالجديدة بشكل خاص، والرأي العام الجامعي بشكل عام، خبرا مفاده أن موظفا كفئا ومتمرّسا كان مشرفا على قسم البرامج، قد أعفاه عميد الكلية من مهامه، وعيّنه في مصلحة أخرى أصبح فيها شبه عاطل يقضي يومه خارج أسوار الكلية، بعد أن كلّفه بالإشراف على تعاونية سكنية، يساهم فيها هو كعميد ونائبه، وذات الموظف وآخرين.

إن إعفاء موظف من مهامه، والكلية في حاجة ماسة إلى كفاءته وتجربته في قسم البرامج ، وتكليفه بتتبّع بناء تعاونية سكنية يساهم فيها العميد ونائبه، يعتبر استهتارا بالمسؤولية وإخلالا بالواجب، إذ كيف يسمح العميد لنفسه، أن يعفي هذا الموظف من مهامه  والكلية تشكو من خصاص مهول في الموظفين، ويرسله في مهمة لا علاقة لها بوظيفته، حيث يمضي سحابة وقته في أوراش التعاونية، ويتجول بين بائعي مواد البناء، لتظل موظفة تتحمل لوحدها أعباء  قسم البرامج، وتبذل جهدا مضنيا في تحضير استعمالات الزمن وتوزيع القاعات لأكثر من ست شعب وما إلى ذلك.

نتساءل في هذا الباب : ماذا يُنتظر من عميد ونائبه حوّلا اهتمامهم من المشاريع الأكاديمية الى الاهتمام بمشاريع التجارة في العقار (نجزم بأنها تجارة لأسباب نترفّع عن ذكرها هنا)؟، وهل المشاكل التي تتخبط فيها كلية الآداب والعلوم الإنسانية، والتي أصبحت ماركة مسجلة بهذه الكلية سببها انشغال الجميع بالتجارة والبحث عن الاستثمار في المشاريع العقارية؟

نتساءل كذلك : هل هذا هو مشروع تطوير الإدارة الذي أتى من أجله العميد إلى رئاسة المؤسسة؟ هل يحمل المشروع في طيّاته إفراغ المصالح الإدارية من موظفيها  وإرسالهم إلى التجارة في العقار؟ هل مشروع الإدارة يتضمن استثمار العميد وفريقه في مجال العقار؟ ما هو نوع الخطاب والعلاقة التي يمكن أن تربط العميد  بموظف،  يساهمان في مشاريع استثمارية مشتركة؟ ماذا يحدث حين يصبح المسؤولون والأساتذة الباحثون والموظفون يستثمرون في بقع أرضية مشتركة؟ كيف سيختلفون على تدبير شأن الكلية وينتقدون بعضهم  البعض؟  بل كيف سيحافظون على نظافة اليد، ويحرصون على تطبيق القانون، إذا كان همهم الأول والوحيد هو الاستثمار والتجارة في العقار؟

الآن، يتضح بما لا يدع مجالا للشك أن الأسباب التي أدّت إلى كل هذا العبث والفوضى في كلية الآداب والعلوم الانسانية بالجديدة بشكل ملفت ومخيف، بالإضافة إلى أسباب أخرى سبق وأن تطرّقنا إليها في مناسبات ومقالات عديدة، هو اهتمام المسؤولين وحاشيتهم بأمور لا علاقة لها بشؤون الكلية.

ومما يزيد الطين بلّة، هو غضّ رئيس الجامعة بصره عن ما يقع في هذه الكلية التي تصل ميزانيتها الإجمالية إلى أكثر من مليار سم، لدرجة أصبح فيها العميد وفريقه يخالون أنفسهم فوق القانون، يسيّرون ضيعة وليس مؤسسة عمومية تخضع لمراقبة الدولة، وغضّ بصره أكثر عن التجاوزات والأخطاء الجسيمة لنائب العميد. 

في الختام، نجدّد ونؤكد أن هدفنا أولا وأخيرا هو الرقي بعمل مؤسساتنا العمومية وتخليق الحياة العامـة وتكريس مبادئ المحاسبة والشفافية وحماية الأموال العمومية، وإرساء المزيد من  قيم الاستقامة والنزاهة، وهذا لا يمكنه أن يتأتّى إلاّ من خلال ربط المسؤولية بالمحاسبة الذي جاء النص عليه في الفقرة الثانية من الفصل الأول  لدستور 2011، مع ما يعنيه هذا الترتيب التشريعي المقصود في الوثيقة الدستورية، والذي لا يمكنه أن يعطي ثماره ومفعوله في التدبير العمومي، بدون تفعيل حقيقي، جدّي، ومسؤول، يبدأ بالجواب على السؤال البديهي : من أين لك هذا؟

ذ. غريب عبد الحق

كلية العلوم بالجديدة


الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة