''دلاح'' دكالـة يلـج الأسـواق.. حلاوة في الصدارة وتراجع في الأرباح
''دلاح'' دكالـة يلـج الأسـواق.. حلاوة في الصدارة وتراجع في الأرباح

يشتهر “دلاح” دكالة منذ أن انتشرت زراعته على عهد الحماية الفرنسية سنة 1912 بحلاوته التي لا تضاهى، وعادة يزور الأسواق في مثل هذه الفترة من كل سنة، حيث يحجز لنفسه مساحة استهلاكية مهمة لدى سكان المنطقة وزوارها، لكن منتجيه خلال هذا الموسم يقرون باستمرار حلاوته وجودته، مقابل تأكيدهم على تراجع ملحوظ في وزن كل حبة، مع انخفاض في أثمنة البيع الذي أثر بشكل ملحوظ على أرباحهم التي لن تغطي حتما كلفة الإنتاج.

 

 شيء من التاريخ 

"الدلاح” أو البطيخ الأحمر هو فاكهة يربط البعض أصلها بمنطقة إفريقيا الاستوائية، وهي نوع من القرعيات، التي انتشرت بدكالة خاصة مع الدخول الفرنسي، بمناطق عديدة، منها أولاد بوعزيز وأولاد افرج وسيدي إسماعيل وأيضا في الولجة بين سيدي عابد والوليدية، وكان الإنتاج موجها نحو التصدير الخارجي وتلبية حاجيات الجالية الفرنسية المقيمة، بينما كان الاستهلاك المحلي شبه محدود، لكن حاليا تزايد الطلب على الدلاح في المجتمع الدكالي نظرا لاحتوائه على نشويات وأملاح معدنية وبروتينات وأيضا لقدرته على معالجة الكلي وبعض أمراض المسالك البولية.

 

حلاوة طبيعية

أكد محمد لغريب تاجر البطيخ الأحمر من منطقة أولاد احسين، أن دلاح دكالة يحل ضيفا على الأسواق عادة في مثل هذه الفترة من كل سنة، وهو الذي يختم الاستهلاك، الذي بدأ منذ مارس مع الدلاح المنتج في زاكورة وشيشاوة وأكادير وأولاد برحيل وأيت باها. ويستطرد لغريب “حلاوة دلاح دكالة لا تضاهيها إلا حلاوة دلاح لعكارطة بمنطقة عبدة المجاورة للواليدية، وهي حلاوة طبيعية تسخر فيها كميات كبيرة من مياه الآبار العذبة، التي لا يكون ماؤها “مهماجا” عكس مناطق إنتاج تعتبر فيها الحلاوة اصطناعية بالاستعانة بمادة “السيرو” للتحلية، مضيفا أن التربة الرملية بدكالة ودرجة الحرارة، عاملان يساهمان في توفير الظروف الملائمة لزراعة هذا المنتوج الذي يتطلب فترة إنباتية تصل إلى ستة أشهر، وأهم مناطق الإنتاج بسيدي اسماعيل وأولاد بوعزيز وأولاد عيسى وأولاد افرج.

وارتباطا بذلك فإن زراعة الدلاح، التي تشغل الأرض لفترة 6 أشهر، فضلا عن تسويق المنتوج لشهرين كاملين، تخلق العديد من أيام العمل وحركية تجارية على طول الطريق بين سيدي اسماعيل والجديدة وأيضا على الطريق بين مصور راسو وأزمور، وأن انتشار الهاتف المحمول حد بشكل كبير من نشاط “الكورتية” الذين كانوا يتوسطون في بيع “البحيرات”.

 

تراجع الأرباح

يبتلع محمد عطوف تاجر من دوار أولاد عياد بأولاد حسين ريقه، في ما يشبه نوعا من المرارة “هذه السنة تراجعت أثمنة دلاح دكالة بشكل ملحوظ، إلى قرابة النصف، نحن نبيعه اليوم بدرهمين للكيلو غرام الواحد، وزراعة هكتار واحد من الدلاح تكلف 45 مليون سنتيم، في السنة الماضية كان الهكتار الواحد يترك للمنتجين أرباحا صافية بقيمة 3 ملايين سنتيم، أما هذه السنة “الفلاحون كالو العصا مزيان” وبالكاد سيسترجعون مصاريفهم”، لأن عوامل الإنتاج، حسب المتحدث نفسه، مكلفة جدا، وذلك لأن المنتجين في دكالة يستخدمون مخصبات طبيعية، منها غبار الأبقار الذي يصل إلى 3000 درهم للشحنة الواحدة، فيما يتم الإنفاق بشكل كبير على “الكازوال” الفلاحي المسخر في السقي، إذ يتطلب إنتاج البطيخ الأحمر 12 عملة سقي خلال فترة إنباته.

وفي موضوع ذي صلة، يتخوف منتجون أن يؤدي ضعف الأرباح هذه السنة إلى تقليص مساحات الإنتاج خلال الموسم الفلاحي المقبل، ويرجع عطوف تدني الأثمنة إلى وفرة الإنتاج، قبل أن يردف أن التراجع طال أيضا “الطوناج”، ففي السنة الماضية وصل وزن أكبر دلاحة في دكالة إلى 42 كيلوغراما بينما هذه السنة لم يتعد وزن أكبر دلاحة 30 كيلوغراما. ويعلل عطوف ذلك بتغيير نوع البذور، التي هي شتلات مستقدمة من أكادير. وقال التاجر ذاته إن دلاح دكالة سيستمر في السوق إلى نهاية الصيف، وأنه يلبي حاجيات منطقة دكالة بصفة خاصة، وكان في سابق السنوات يسوق في الدارالبيضاء والناظور ومعظم المنطقة الشمالية، وأنه خلال هذا الأسبوع تعزز الاستهلاك بإنتاج الدلاح “المكركب” المنتج في العونات وأولاد افرج..

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة