الامتحانات بكلية العلوم بالجديدة.. أية مصداقية ؟
الامتحانات بكلية العلوم بالجديدة.. أية مصداقية ؟

تعرف كلية العلوم بالجديدة هذه الأيام فترة امتحانات الدورة الاستدراكية، ولعل أهم ما يميز هذه الفترة هو الاستياء العارم والسخط الشديد وسط الأساتذة الباحثين والطلبة على حدّ سواء، حيث لا حديث في الساحة إلاّ عن الاختلالات التي تشوب تدبير الامتحانات، نذكر على سبيل المثال لا الحصر الحركة غير العادية في صفوف الطلبة بمجرد دخولهم إلى القاعات والمدرجات، حيث يتوجهون مباشرة نحو الأساتذة المكلفين بالحراسة ويتجمهرون حولهم لمعرفة إن كانت اسمائهم ضمن لائحة الامتحانات (أنظر الصورة الأولى بمدرج الفارابي رفقته)، وعندما لا يجدون أسمائهم فإنهم يهرولون في اتجاه قاعات ومدرجات أخرى.. وقد تستمر عملية التيه والبحث عن الأسماء لمدة قد تتعدى عشرون دقيقة، علما أن مدة امتحان كل وحدة هو ساعة ونصف فقط، وفي كثير من الأحيان يضطر بعض الأساتذة إلى تأخير موعد بداية الامتحان إلى حين الانتهاء من هذه "الفوضى"، والتي تُحدِث ارتباكا كبيرا قبل انطلاق توزيع أسئلة الامتحان واستياء عارما لدى الأساتذة الباحثين، ويؤثر سلبا على معنويات ونفوس الطلبة.

أما المصيبة الكبرى، فهي عندما لا يجد الطلبة أسمائهم ضمن أي لائحة، فيضطرون إلى الجلوس في أي مقعد يكون شاغرا، بعد جهد جهيد وضياع للوقت بين القاعات والمدرجات.

جدير بالذكر أن لوائح الامتحانات كانت تُعلّق على أبواب القاعات والمدرجات، وكان الطلبة يطلعون على أسمائهم ورقم الامتحان قبل الولوج إليها بدون مشاكل، أما الآن فإن إدارة الكلية وضعت رهن إشارة الطلبة لائحة واحدة تتضمن كل المعلومات المتعلقة بهم (رقم الامتحان، رقم القاعة..) في مكان معزول يصعب فيه على الطلبة قراءة اللائحة بشكل جيد ومريح (الصورة الثانية رفقته)، مما قد يؤدي ببعضهم إلى أخذ معلومات خاطئة عن رقم القاعة أو رقم الامتحان وما إلى ذلك.

إن المجال لا يتسع هنا لإعطاء أمثلة عديدة عن سوء تدبير الامتحانات بكلية العلوم، ولكن لا بأس من إعطاء الأمثلة التالية، والتي تُبيّن مدى استهتار العمادة بمصداقية الامتحانات ومدى استخفافها بنفسية الطلبة وبكل المجهودات التي يبذلها الأساتذة الباحثون لتهيئ الامتحانات:

1- برمجة فوجين من الطلبة الممتحنين (لائحتان، deux listes)  في نفس المدرج (مدرج الهيثم، امتحان مادة الرياضيات SVT السنة الماضية).. وبعد الارتباك الكبير الذي حصل، تقرر إبقاء لائحة/فوج من الطلبة في المدرج، وتوزيع اللائحة الأخرى/الفوج الثاني من الطلبة على قاعات شاغرة..

2- برمجة قاعات للامتحان بدون أظرفة تحمل أسئلة الامتحان، حيث جلس الطلبة في مقاعدهم والأساتذة في انتظار أن تقوم العمادة بنسخ العدد الكافي من أوراق الأسئلة لتوزيعها..

3- برمجة قاعات للامتحان بدون طلبة، أي تعيين أساتذة للحراسة واستنساخ أوراق الأسئلة ووضعها في أظرفة تحمل رقم قاعات فارغة..

في نفس السياق، لا بد من الإشارة إلى أن رئيس الجامعة السابق سبق أن وجه مذكرة إلى رؤساء المؤسسات الجامعية، بتاريخ 27 يونيو 2012، يهيب بهم العمل بمقتضيات المذكرة لتفادي أي عيب قد يشوب سيرورة الامتحانات، ويشير فيها إلى أن بعض المؤسسات الجامعية لازالت تعرف خللا في نظم الامتحانات وطريقة تدبير المداولات، وإصدار المحاضر، والإعلان عن النتائج.

ولا بد من الإشارة أيضا إلى أن المكتب المحلي للنقابة الوطنية للتعليم العالي بكلية العلوم ومجلس المؤسسة ورؤساء الشعب ومنسقي المسالك سبق أن نبّهوا أكثر من مناسبة عمادة الكلية إلى مجموعة من الاختلالات التي تشوب عملية الامتحانات، ضمنها لوائح الطلبة.

للأسف الشديد، يُلاحظ أن عمادة الكلية  لم تتعاطى بالجدية المطلوبة مع مقتضيات مذكرة السيد الرئيس وأهدافها، ولم تعر أي اهتمام لكل الدعوات والملاحظات الصادرة عن مكونات المؤسسة، واستمرت في تدبيرها للامتحانات بكثير من اللامسؤولية واللامبالاة، ليستمر العبث والاستهتار في سيرورة الامتحانات، ما يدل على سوء تسيير مزمن يتطلب تجاوزه هيكلة حقيقية لمصلحة الامتحانات، واتخاذ تدابير أخرى.

إن ما تعرفه كلية العلوم بالجديدة من مشاكل في التسيير بشكل عام وفي مصلحة الامتحانات بشكل خاص، يستدعي أولا فتح تحقيق عاجل للوقوف على ما يجري بهذه المصلحة، من أجل طمأنة الرأي العام الجامعي، وللحفاظ على مصداقية الشواهد الممنوحة باعتبارها "السلعة" الوحيدة المنتَجة من قبل المؤسسة، وثانيا التفكير بشكل جدّي في خلق لجنة منبثقة عن مجلس المؤسسة تكون مهمتها تقييم عملية الامتحانات بعد كل دورة للوقوف على كل الاختلالات التي يمكن أن تشوبها واقتراح الحلول المناسبة لتفادي وقوعها.

ذ. غريب عبد الحق

كلية العلوم بالجديدة


الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة