التجار بالجديدة يلوحون بمسيرة بالسيارات إلى وزارة الداخلية والبرلمان.. جراء التضييق على رزقهم!


أصبحت عاصمة دكالة عبارة عن سوق قروي يومي، بعد أن احتل "الفراشة" والباعة المتجولون أحياءها وأزقتها، والأرصفة المخصصة للراجلين، وحتى أهم شوارعها وساحاتها العمومية، في ظل صمت السلطات المحلية، وعلى رأسها باشا مدينة الجديدة. 
هذا، فإن "الفراشة" والباعة المتجولين الذين يحتلون الملك العمومي، باتوا يتسببون في اختناق وعرقلة حركات السير والمرور، وفي وقوع حوادث السير، كما أنهم يساهمون في تلوث المدينة، ويسيئون بفوضاهم العارمة، إلى جماليتها. ويكفي القيام بجولة، ما بعد منتصف الليل،  على سبيل المثال في المدينة وفي مركزها، وفي حي للازهرة، وحي السعادة الأولى، وعبر شارع بوشريط، وساحة الحنصالي (..).
 ومن الانعكاسات السلبية لظاهرة "الفراشة" والباعة المتجولين، الذين يتوافد بعضهم، في إطار الهجرة القروية،  على مدينة الجديدة، حيث يستقرون نهائيا، أو يمارسون نشاطات تجارية موسمية، أو مناسباتية،  تنامي تجليات الانحراف و"الشماكريا". 
ومن جهة أخرى، فإن ظاهرة المطاعم المتنقلة، ظاهرة أصحاب العربات المدفوعة، باتت بدورها مشهدا مألوفا في عاصمة دكالة. حيث يقدم هذا الصنف من الباعة، سيما بحلول الليل، وبعد أن ينصرف رجال السلطة، إلى بيوتهم، وجبات غذائية، لا تخضع للمراقبة، ولشروط النظافة. ما يشكل خطرا محدقا، بسبب التسسمات الغذائية، على سلامة المواطنين، وأمنهم الغذائي، في غياب  المراقبة والحماية والوقاية، المنوطة  للسلطات المحلية، وفي غياب الأدوار المنوطة بجمعيات المجتمع المدني، سيما تلك التي تعنى بسلامة المستهلك.
هذا الوضع الكارثي الذي تعرفه، دون حسيب أو رقيب، مدينة الجديدة، ينعكس سلبا على التجار المهيكلين، والذين ينظمهم القانون. حيث إنهم أصبحوا يعانون من شراسة المنافسة التي يفرضها "الفراشة" والباعة المتجولون. فمدخولهم قد أضحى من ثمة محدودا وهزيلا، لا يكفي لأداء حتى الضرائب المترتبة عليهم، لفائدة الجماعة الحضرية بالجديدة، وواجبات الكراء، ومستحقات استهلاك الماء والكهرباء، للوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء بالجديدة. إذ باتوا مهددين بالإفلاس، وبالتشرد، هم وأسرهم التي يعيلونها.
وبالمناسبة، فإن ظاهرة "الفراشة" والباعة المتجولين، التي عرفت قمتها في عهد عامل إقليم الجديدة السابق، معاذ الجامعي، والذي تربع على الإقليم، في حالة استثنائية، حوالي 7 سنوات، كان من أسباب تفريخها بشكل صاروخي مقلق، المنتخبون الذين جعلوا من عاصمة دكالة ونواحيها، بشرعة وتقنين  احتلال الملك العمومي، خزانا للأصوات الانتخابية، وأسلوبا لاستمالة الناخبين، وكسب أصواتهم التي أوصلتهم إلى سدة تدبير الشأن العام. فهذه الظاهرة لم يسلم من ويلاتها حتى الشاطئ الرملي بعاصمة دكالة، الذي أصبح، على عهد العامل السابق، مرتعا للأزبال، والحيوانات الأليفة (الجمال والخيول)، التي تتعايش في منظر مثير،  مع زوار المدينة والمصطافين.
ومن الظواهر المشينة بمدينة الجديدة، ناهيك عما تم استحضاره، انتشار العربات المجرورة بالدواب، والكلاب الضالة (..).
هذا، وكان ل"الهيئة المغربية لحماية المواطنة والمال العام"، وممثلو 27 جمعية للتجار المهيكلين،   موزعين ما بين رؤساء جمعيات وكتاب النقابات التجارية، مع النائب الأول لعامل إقليم الجديدة، باشا  الجديدة، لقاء استغرقت أشغاله مدة 30 دقيقة، لتدارس المشاكل التي يقبع التجار المهيكلون بالجديدة، في مستنقعها. لقاء أفاد بشأنه عبد الجبار أفطيش، رئيس "الهيئة المغربية لحماية المواطنة والمال العام"، أنه تميز بحسن الاستقبال الذي خصهم به ممثل السلطة المحلية، وبخطابه الجميل (un bon discours).. لكن نتائجه  ومخرجاته، كانت سلبية، ولم ترق إلى تطلعات وانتظارات التجار بالجديدة، في مواجهة احتلال الملك العمومي، واكتساح المدينة ب"الفراشة" والباعة المتجولين. 
وعلى إثر الاصطدام بالباب المسدود، وعجز باشا الجديدة على تدبر هذا الملف الشائك، قررت "الهيئة المغربية لحماية المواطنة والمال العام"  التصعيد في نضالاتها، من أجل تحقيق المطالب المشروعة، وذلك بالإعلان عن تنظيم مسيرة حاشدة بالسيارات، سيتم قريبا تحديد موعد انطلاقها من الجديدة، إلى العاصمة الرباط، وتحديدا إلى مقر وزارة الداخلية، والبرلمان.. للاحتجاج بقوة على ظاهرة احتلال الملك العمومي بعاصمة دكالة، واكتساحها المهول من طرف "الفراشة" والباعة المتجولين.
وفي تصريح خص به الجريدة، أفاد عبد الجبار أفطيش، رئيس "الهيئة المغربية لحماية المواطنة والمال العام"، أن مدينة الجديدة عرفت في الآونة الأخيرة استقرار بعض الباعة المتجولين، ممن حربتهم السلطات المحلية في بعض شوارع العاصمة الاقتصادية، الدارالبيضاء. وشدد على كون الهيئة التي يرأسها، سبق أن اشتغلت، سنة 2016، على هذا الملف، حيث طالبت، إلى جانب جمعيات التجار المهيكلين، الذين يخضعون للقانون ومقتضياته، بضرورة تحرير الملك العمومي من الباعة المتجولين، الذين كانوا يمارسون نشاطاتهم التجارية العشوائية بالدارالبيضاء، وكذا، بإيجاد حلول موضوعية، ترضي الباعة المتجولين بعاصمة دكالة.
 

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة