تنقيل عميد الشرطة (مصطفى ح) من الجديدة إلى سلا.. إجراء ''عقابي'' أم لدواعي ''المصلحة'' ؟!
تنقيل عميد الشرطة (مصطفى ح) من الجديدة إلى سلا.. إجراء ''عقابي'' أم لدواعي ''المصلحة'' ؟!

أصدرت المديرية العامة للأمن الوطني، الخميس 13 دجنبر 2018، قرارا بتنقيل عميد الشرطة (مصطفى ح.) ، الذي شغل  منصب رئيس الدائرة الخامسة بالنيابة لدى أمن الجديدة، إلى مصالح الأمن الإقليمي لسلا.

ويأتي قرار التنقيل المديري، عقب نشر الجريدة تحقيقا صحفيا تحت عنوان: "عقوبات قاسية في حق أمنيين.. لم يخلوا بالواجب والقانون!"؛ وتزامنا مع عودة عميد الشرطة (مصطفى ح.) من إجازته التي قضاها خارج أرض الوطن؛ وكذلك، على إثر تعميم "مذكرة الحموشي" على المصالح الأمنية اللاممركزة، التي  تكون الغاية منها إنصاف رجال ونساء الأمن الوطني، ووضع حد للتعسفات والشطط في استعمال السلطة، التي يخولها القانون في إطار مقيد ومحدود، والتي حدت ببعض الموظفين الأمنيين إلى الخروج في "فيديوات" على مواقع التواصل الاجتماعي، لإيصال تظلماتهم ومعاناتهم بالصوت والصورة مباشرة إلى المدير العام عبد اللطيف الحموشي، مكسرين بذلك جدار الصمت، وسيف واجب التحفظ والسر المهني.

هذا، ويتم الترويج لإشاعات مفادها أن سبب تنقيل العميد (مصطفى ح.) من الجديدة إلى سلا، كان على خلفية "مخالفة واجب التحفظ وانتهاك السر المهني".. و"التنصت على الهواتف". إشاعات يتم الترويج  لها من قبل من له المصلحة.. المصلحة في "ضرب عصفورين بحجر واحد"،  بالإساءة إلى شخص ومصداقية الإعلامي الذي أنجز التحقيق الصحفي في موضوع العقوبات الإدارية "القاسية"؛ وإعطاء العبرة للآخرين.. حتى يتفادوا مخالطته أو الحديث إليه، ومن ثمة، فرض العزلة عليه، وخنقه من حيث الحصول على المعلومات، والوصول إلى مصادرها. وهذا ما كان سببا ومبررا كافيين لكي تخرج الجريدة، في ردة فعل، ليس من أجل أن تدافع عن العميد الذي تم تنقيله، وإنما لتسلط الضوء وتضع تحت المجهر أمورا قد يحاول بعضهم إخفاءها على الرأي العام، وحتى على المدير العام عبد اللطيف الحموشي. وقد يكون  "توضيح الوضائح من أبشع الفضائح!".

وعليه، فهل قرار تنقيل رئيس الدائرة الخامسة بالنيابة (مصطفى ح.)، كان بسبب التحقيق الصحفي الذي نشرته الجريدة؛ واستنادا إلى التقرير الذي يكون رئيس الأمن الإقليمي للجديدة رفعه إلى المديرية العامة؛  أم أنه جاء من باب الصدفة، تزامنا مع ذلك، وأن التنقيل المديري كان بكل بساطة لدواعي "المصلحة"، وحتمته  الضرورة.. أم أن هناك أمورا أخرى يحجبها جبل الجليد (iceberg) ؟!

الجواب يستشف من الوقائع والحقائق التي تعرضها الجريدة، لكل غاية مفيدة؛ والبداية ستكون من التحقيق الصحفي الذي نشرته الجريدة في موضوع العقوبات "القاسية".

قراءة في التحقيق الصحفي:

استهلت الجريدة تحقيقها بالفقرة التالية: "أصدرت المديرية العامة للأمن الوطني عقوبات إدارية، اعتبرت "قاسية"، في حق أمنيين بالدائرة والمحبس لدى مفوضية الشرطة بأزمور، والدائرة ومفوضية الشرطة الخاصة بميناء الجرف الأصفر (شرطة الحدود)، والمحبس  والمصلحة الإقليمية للشرطة القضائية، والدائرة الخامسة بأمن الجديدة. عقوبات تكون المديرية العامة استندت في اتخاذها إلى تقارير "فيها ما فيها"، وردت من المصلحة الإدارية الإقليمية بأمن الجديدة، ومفوضية الشرطة بأزمور، التابعتين للأمن الإقليمي للجديدة.".

وقد عنونت الجريدة فقرات التحقيق الصحفي كالتالي:

عقوبات بسبب ممنوعات في المحبس / عقوبات في حق 5 أمنيين بأزمور/ عقوبات بسبب شهادات طبية / عقوبتان بسبب فرار من المحبس / عقوبات بسبب نقل شخص موقوف / تبريرات واقعية وموضوعية / عقوبتان بسبب تفعيل التعليمات النيابية / وقائع النازلة / إجراءات المسطرة القضائية تحت المجهر / النيابة العامة.. وحماية الضابطة القضائية / المصلحة الإدارية تحت المجهر / "المحاكمة العادلة" / الحموشي.. وإحقاق الحق.

الجريدة اعتمدت، كما يظهر جليا وبالواضح والملموس من طبيعة وتنوع الوقائع والحقائق الدقيقة، المضمنة في التحقيق الصحفي، الذي أنجزته في إطار الصحافة الاستقصائية، على مصادر خاصة، متنوعة وجيدة الاطلاع، ومن مستويات مختلفة، قد يقول قائل أنها "من قلب الحدث"، أو "من قاع الدار".

أولا وقبل كل شيء، يجب استحضار أن "الحقيقة" و"لا شيء غير الحقيقة"، ما دأبت بالتزام على إظهارها الجريدة في جميع الكتابات والتحقيقات الصحفية التي أنجزتها، والكشف عنها بكل نزاهة ومصداقية وتجرد، بعيدا عن خوض "حرب بالوكالة" (guerre par procuration)، وعن "نظرية المؤامرة" (la théorie de conspiration)، هذا المصطلح الذي كثيرا ما يردده "صاحبنا" في جلساته ومجالسه.

فالجريدة تعمل من موقعها الإخباري والتخليقي والإصلاحي، وبحس وطني صادق، على تكريس  الاستراتيجية المديرية الجديدة، التي جاء بها المدير العام عبد اللطيف الحموشي، والتي تروم تخليق المرفق الأمني، وترشيد النفقات، والرقي بجودة الخدمات، وأجرأة مفهوم "الشرطة في خدمة المواطن".

هذا، وبالرجوع إلى التحقيق الصحفي تحت عنوان: "عقوبات قاسية في حق أمنيين.. لم يخلوا بالواجب والقانون!"، وردا على الإشاعات التي يتم الترويج لها بكون رئيس الدائرة الخامسة بالنيابة، كان على خلفية "مخالفة التحفظ على الواجب وانتهاك السر المهني (..)"، فإن ثمة وقائع وحقائق تضمنها التحقيق، يتعذر، إن لم يكن ذلك مستحيلا  على عميد الشرطة (مصطفى ح.)، الذي تم تنقيله "عقابيا" أو لدواعي "المصلحة"، أن يعرفها، وما بالك أن يعرف أدق تفاصيلها. ولعل هذا ما يمكن الوقوف عليه من فقرات التحقيق الصحفي، التي خصتها الجريدة للعقوبات الإدارية، التي شملت أمنيين من محبس أمن الجديدة، ومن المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بأمن الجديدة، ومن مفوضية الشرطة الخاصة بميناء الجرف الأصفر، ومن الأمنيين العاملين بمحبس مفوضية أزمور، ومن الدائرة الأمنية بأزمور.

المسطرة المرجعية.. وانتهاك السر المهني:

1/ إجراءات المسطرة القضائية:

تعرض الجريدة باختصار لأهم الإجراءات القانونية والمسطرية، التي طبعت النازلة الجنائية، موضوع المسطرة القضائية التي أنجزتها تباعا الضابطة القضائية لدى الدائرة الخامسة، والفرقة الجنائية بالمصلحة الإقليمية للشرطة القضائية.

إن النازلة الإجرامية تفجرت، السبت 21 يوليوز 2018، عقب الاعتداء بالسلاح الأبيض، على المسماة قيد حياتها (ع. م.)، في الشارع العام بعاصمة دكالة. حيث تدخلت الدائرة الخامسة، وأنجزت جميع إجراءات البحث القضائي، بتعليمات وتحت إشراف الوكيل العام باستئنافية الجديدة. وهو البحث الذي كان من المفترض والمفروض أن ينجزه بتلقائية، وفي إطار الاختصاص النوعي، رئيس القسم القضائي الخامس (بوشعيب ط.)، الذي كان حاضرا في مسرح الجريمة، ويؤمن المداومة بالنيابة عن المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية.

هذا، وكان دخول مصلحة الشرطة القضائية بأمن الجديدة، على الخط،  بشكل جد متأخر، السبت 4 غشت 2018، وتحديدا في اليوم الذي حصلت فيه تطورات مفاجئة ومثيرة، اليوم الذي لفظت فيه  الضحية (ع. م.) أنفاسها في قسم الإنعاش بالمستشفى الإقليمي بالجديدة. وقد أحيلت من ثمة المسطرة القضائية المرجعية، التي أنجزتها الدائرة الخامسة، في اليوم ذاته، 4 غشت 2018، على الفرقة الجنائية.

وبالمناسبة، فقد نشرت الجريدة، الجمعة 17 غشت 2018، مقالا صحفيا تحت عنوان: "خطير.. الشارع العام بالجديدة يهتز على وقع جريمتي قتل في ليلة واحدة !"، أوردت فيه نازلة المدعوة قيد حياتها (ع. م.)، التي قضت نحبها في ال4 غشت الماضي، بعد أسبوعين عن نازلة الاعتداء الإجرامي عليها.. فيما ظل وقتها الجاني حرا – طليقا.

وقد حظيت جريمة الدم هذه، عقب تفجرها إعلاميا، بتتبع والي الأمن، محمد الدخيسي، مدير مديرية الشرطة القضائية (DPJ/DGSN)، والذي كان يتابع أولا بأول مجريات البحث القضائي، في اتصالاته الهاتفية مع رئيس مصلحة الشرطة القضائية بالجديدة.

وبدورها، انتظرت المصلحة الإدارية بأمن الجديدة (SAP/SPROV) طويلا، إلى حين تفجر القضية إعلاميا، ودخول مدير مديرية الشرطة القضائية على الخط، لكي تفتح بحثا داخليا، في اليوم ذاته، الجمعة 17 غشت الماضي. حيث استمعت "استثناءا" إلى ضابط الشرطة بالدائرة الخامسة (حسن ن.)، الذي أنجز المسطرة القضائية المرجعية.

إلى ذلك، وبعد فرار دام شهرين و5 أيام، أوقفت الفرقة الجنائية، الأربعاء 26 شتنبر 2018، الجاني، خارج تراب مدينة الدارالبيضاء.

عقوبتان بسبب تفعيل التعليمات النيابية:

وجه رئيس الأمن الإقليمي للجديدة رسالة ملاحظة (محلية) إلى العميد (مصطفى ح.)، رئيس الدائرة  الخامسة بالنيابة، تلتها عقوبة مديرية في حق (حسن ن.)، ضابط الشرطة بالدائرة  ذاتها، ارتباطا بالمسطرة القضائية التي تتعلق بجناية الضرب والجرح البليغ، بواسطة السلاح الأبيض، المفضي إلى الموت، والتي أنجزها وفق مقتضيات قانون المسطرة الجنائية، وبتعليمات وتحت إشراف الوكيل العام.

2/ "السر المهني !!":

إن الضابطة القضائية وضباط الشرطة القضائية، ملزمون بالسر المهني، وعدم الكشف عن الإجراءات والأبحاث والتحريات بشأن الشكايات والوشايات والقضايا، التي يباشرونها تحت إشراف النيابة العامة المختصة، بموجب حالة التلبس (le flagrant délit)، والبحث المتهيدي (l’enquête préliminaire). وهم بذلك يقعون تحت طائلة مقتضيات المادة 15 من قانون المسطرة الجنائية، التي هذا نصها: "تكون المسطرة التي تجرى أثناء البحث والتحقيق سرية. كل شخص يساهم في إجراء هذه المسطرة ملزم بكتمان السر المهني ضمن الشروط وتحت طائلة العقوبات المقررة في القانون الجنائي".

والمساطر القضائية، جنائية كانت أم جنحية، ترفع عنها السرية بعد عرضها على النيابة العامة المختصة، التي تبث وتحسم فيها، بإحالتها على القضاء الجالس، في حالة المتابعة الجنائية، وتحريك الدعوى العمومية، لإصدار الأحكام فيها بالإدانة أو البراءة. حيث تصبح تلك المساطر المرجعية في متناول الأطراف، ودفاعهم من هيئة المحامين. ما يعني أن سرية البحث ترفع عنها، في هذه المرحلة من مرحلة التقاضي. وهذا ما يطبق وينطبق على نازلة الضرب والجرح البليغ، بواسطة السلاح الأبيض، المفضي إلى الموت، التي أجرت الدائرة الخامسة بشأنها البحث القضائي، في  الفترة ما بين 21 يوليوز 2018، و4 غشت 2018؛ ومن بعدها، الفرقة الجنائية لدى مصلحة الشرطة القضائية، في الفترة ما بين 4 غشت 2018، وتاريخ إيقاف الجاني، الأربعاء 26 شتنبر 2018، وإحالته على الوكيل العام باستئنافية الجديدة.

وعليه، فأين يكمن إفشاء السر المهني..؟! ولماذا تحميل العميد (مصطفى ح.)، رئيس الدائرة الخامسة المسؤولية، حسب الإشاعات التي يتم الترويج لها بنية مبيتة، من قبل من له المصلحة في ضرب عصفورين بحجر واحد..؟! ولماذا لا يكون من قام بذلك، وأفشى بالسر المهني، ضابط الشرطة بالدائرة الخامسة، الذي أجرى البحث القضائي، أو  من الفرقة الجنائية، أو من مصلحة الشرطة القضائية، أو من المصلحة الإدارية الإقليمية..؟!

وتجدر الإشارة إلى أن الجريدة لم تنشر التحقيق الصحفي تحت عنوان: "عقوبات قاسية في حق أمنيين.. لم يخلوا بالواجب والقانون!"، المتضمن لبعض وقائع القضية والإجراءات المواكبة لها، المضمنة في المسطرة القضائية في موضوع جريمة الضرب والجرح البليغ، بواسطة السلاح الأبيض، المفضي إلى وفاة المسماة قيد حياتها (ع. م.)، إلا بتاريخ: 26/11/2018؛ أي بعد أن رفعت الدائرة الخامسة يدها عن المسطرة المرجعية؛ وبعد أن تكلفت الفرقة الجنائية بمواصلة البحث؛ وبعد مضي شهرين تقريبا عن رفع السرية عن محاضر  وإجراءات القضية، عقب إحالتها على النيابة العامة المختصة.

لماذا تحديدا رئيس الدائرة الخامسة بالنيابة؟!:

منذ أن أحيل، حوالي 3 سنوات، العميد الإقليمي (عبد الكريم م.)، على التقاعد، خلفه في هذا المنصب بالنيابة مساعده الأول، عميد الشرطة (مصطفى ح.).. إلا أن تثبيته رسميا  لم يتم، وذلك على خلاف رؤساء المصالح الأمنية لدى بعض الدوائر والفرق بأمن الجديدة، حتى ممن تمت ترقيتهم، وإسناد مناصب المسؤولية إليهم لاحقا، أي من بعد رئيس الدائرة الخامسة بالنيابة (مصطفى ح.). وهذا ما كانت الجريدة عرضت له في تحقيق صحفي تحت عنوان: "مناصب المسؤولية الأمنية اللاممركزة.. هل تخضع لمعايير الكفاءة وتكافؤ الرفص ؟!".

ومن ضمن هؤلاء "المستفيدين" على سبيل المثال:

رئيس المصلحة الإدارية:

باقتراح من رئيس الأمن الإقليمي، قامت المديرية العامة للأمن الوطني، سنة 2016، بتثبيت العميد (فهد ب.) في منصب رئيس المصلحة الإدارية الإقليمية بأمن الجديدة.

العميد (فهد ب.)، أصبح يحمل بالنيابة رمز (س7)، عندما قامت  المديرية العامة، شهر غشت 2016،  بتنقيل المسؤول السابق (عبد الرحمان و.)، بدون مهمة، إلى ولاية أمن مراكش.

وبالمناسبة، فإن العميد (فهد ب.)، الذي تمت ترقيته إلى هذه الرتبة، برسم الترقية الداخلية لسنة 2016، كانت المديرية العامة نقلته، سنة 2013، نتيجة "ظروف معينة"، من ولاية أمن مراكش إلى الأمن الإقليمي للجديدة. إذ عمل حوالي سنة، بالدائرة الثانية بالجديدة، ومنها تم تنقيله إثر"ظروف معينة"، إلى مقر أمن الجديدة، حيث عمل لدى المصلحة الإدارية الإقليمية، التي أصبح على رأسها.

رئيس مفوضية البئر الجديد:

باقتراح من رئيس الأمن الإقليمي، عينت مديرية الأمن، شهر مارس 2018، العميد الممتاز (منير  ت.)، رئيسا لمفوضية الشرطة بالبئر الجديد، خلفا للعميد الإقليمي (محمد ع.)، الذي أحيل على التقاعد.

 وقبل ذلك، شغل العميد (منير ت.) لفترة معينة، رئيسا للفرق الحضرية لدى المصلحة الإقليمية للشرطة  القضائية بأمن الجديدة.

رئيس الدائرة الثالثة:

باقتراح من رئيس الأمن الإقليمي، عينت إدارة الأمن، شهر يوليوز 2018، العميد الممتاز (رشيد ز.)، الذي شغل منصب رئيس الدائرة الثانية بالجديدة، رئيسا لمفوضية الشرطة بالزمامرة، التابعة للمنطقة الأمنية لسيدي بنور، خلفا للعميد الممتاز (الحسن ل.)، الذي أعفته، عقب زيارات لجن تفتيش مديرية،  وألحقته بدون مهمة بأمن الجديدة. وقد تم تعيين العميد الممتاز (الحسن م.)، في ظرف وقت وجيز، نائبا للعميد الممتاز (علي م.)، الرئيس السابق للدائرة الثالثة بالجديدة. وقد أسند إلى العميد الممتاز (الحسن ل.) منصب رئيس الدائرة الثالثة، الذي تم تثبيته رسميا فيه، بعد تعيين المسؤول الأمني (علي م.) على رأس الدائرة السادسة التي فتحت أبوابها بحي المطار، شهر يناير 2018.

رئيس الدائرة الأولى:

بعد تعيين العميد الممتاز (صالح ط.)، منذ حوالي سنتين، عميدا مركزيا بالمنطقة الإقليمية لسيدي بنور، التابعة للأمن الإقليمي للجديدة، خلفه على رأس الدائرة الأولى بالجديدة، عميد الشرطة (عبد المجيد ح)، الذي كان يشغل لدى الدائرة الثالثة. حيث تم تثبيته في المنصب، منذ زهاء سنة، باقتراح من رئيس الأمن الإقليمي للجديدة.

إجراءات مخالفة لاستراتيجية الحموشي:

يأتي تنقيل العميد (مصطفى ح.) من مدينة الجديدة إلى مدينة سلا، حيث يضطر للعيش وحيدا، وبمصاريف إضافية تزيد من تأزيم وضعه المالي، بعد أن ترك خلفه أسرته (زوجته، وهي ربة بيت..)، في المنزل الذي اقتناه ب"الكريدي" بعاصمة دكالة.. (يأتي) في الوقت الذي يسعى فيه المدير العام للأمن الوطني، عبد اللطيف الحموشي، إلى جمع شمل الأسر، من خلال تسهيل حركة الانتقال، لاعتبارات اجتماعية وأسرية؛

كما أن تنقيله يتزامن مع تعميم "مذكرة الحموشي" على المصالح الأمنية اللاممركزة، والتي جاءت لتنصف رجال ونساء الأمن الوطني، وتضع حدا للتعسفات والشطط في استعمال السلطة التي يخولها القانون في إطار مقيد ومحدود، والتي حدت ببعض موظفي الشرطة إلى الخروج في "فيديوات" على مواقع التواصل الاجتماعي، لإيصال تظلماتهم ومعاناتهم بالصورة والصوت، مباشرة إلى الحموشي، مكسرين بذلك جدار الصمت، وسيف واجب التحفظ والسر المهني؛

وحتى بالرجوع إلى العقوبات الإدارية "القاسية"، التي ولدت إحساسا بالإحباط عند أمنييين "معاقبين" بمصالح الأمن الإقليمي للجديدة، لم يخلوا  بالواجب والقانون، والتي تكون استندت إلى تقارير إدارية  "فيها ما فيها".. فإنه كان يتعين عدم  الاستناد إلى تلك التقارير،  واعتبارها فقط للاستئناس، وإعادة الاستماع إلى الموظفين "المخالفين" أمام لجان مركزية بالمديرية العامة؛ وإذا اقتضت الضرورة، فعرضهم على أنظار المجلس التأديبي،  ومنحهم فرصة للدفاع عن أنفسهم، في إطار "المحاكمة العادلة".

وبالمناسبة، فإن زمن التقارير "المشحونة" قد ولى إلى غير رجعة. التقارير التي كان مسؤولون أمنيون لاممركزون يرفعونها، في موضوع أخطاء مهنية منسوبة لمرءوسيهم، إلى المديرية العامة. حيث كانوا يوصون باتخاذ إجراءات وعقوبات إدارية "قاسية"، وكانوا يحددون حتى طبيعنها ودرجتها. وكانت تتم الاستجابة لها. وقد كان المسؤول اللاممركز في الآن ذاته "رئيسا" و"خصما" و"حكما" و(..).

ومن جهة أخرى، فإن تنقيل العميد (مصطفى ح.) من الجديدة إلى سلا، يأتي في وقتت شددفيه المدير العام عبد اللطيف الحموشي، في الاجتماع الأمني الموسع، الذي عقده، الاثنين 24 دجنبر 2018،  مع المدراء المركزيين والولاة ورؤساء المناطق الأمنية بالمغرب، على إعطاء أهمية قصوى للعنصر البشري، الذي اعتبره الفاعل الاساسي في عملية إنتاج الأمن، وأنه لن يقبل أن يطال أي رجل أمن كيفما كانت درجته، أي نوع من الظلم أو الحكرة أو المس بكرامته أو إهانته من طرف رؤسائه.

وهكذا، فإن الحموشي يكون قد قطع مع العهود السابقة التي كانت تؤخذ مسألة العقوبات صبغة تعسفية تطبعها الذاتية والإنتقام والشخصنة.

وعليه، فإن المأمول في الحموشي، "الإنسان"، و"ابن الشعب"، المتحلي بقيم الإنسانية النبيلة،والذي شدد في الاجتماع الأمني الموسع، بتاريخ: 24 دجنبر 2018، على أن رجال ونساء الأمن هم أبناؤه، وأن العقوبة لا تجدي شيئا، بل تزيد تعقيد الوضعية، والذي أعطى بالمناسبة تعليماته لجميع المسؤولين الأمنيين بأخذ طلبات وتظلمات الشرطيين بفائق العناية، والنظر إلى ظروفهم الإجتماعية والمادية، ونهج سياسة التقويم على سياسة العقوبات التي لا تجدي في شئ، إلا في تأزيم أوضاع هؤلاء الموظفين.. (فإن المأمول في الحموشي) أن يعتبر عميد الشرطة (مصطفى ح.)، أحد أبنائه، ويعتبر حالته الخاصة هذه،  حالة إنسانية واجتماعية، وأن يعيد النظر فيها وفي تنقيله إلى مدينة سلا، على ضوء الوقائع والحقائق المضمنة في هذا التحقيق  الصحفي، الذي يجب أن يطلع عليه،  وأن يعمد في بادرة إنسانية طيبة تحسب له، إلى إرجاعه إلى أحضان أسرته وزوجته، التي تسكن بمفردها بمدينة الجديدة.

الجريدة والحموشي.. معا لتخليق المرفق الأمني:

إن الخط التحريري للجريدة وللإعلامي، منجز التحقيقات الصحفية، يتماشى في غاياته النبيلة، كما تمت الإشارة إلى ذلك، مع الاستراتيجية المديرية الجديدة. فالإعلام الوازن والمتزن، والذي يتسم بالواقعية والنزاهة والمصداقية، يعتبر الأعين والأذان التي يمكن من خلالها للمسؤولين رصد كل كبيرة وصغيرة، ومن ثمة، تفعيل سياسة التخليق والإصلاح.

 فالانتقادات الموجهة إلى المسؤول الأمني، ليست بنية سيئة مبيتة. إذ يتوخى منها تقويم الانحرافات والاعوجاجات، التي تكون حالة فردية ومعزولة واستثنائية، لا دخل فيها لجهاز الأمن الوطني، رغم أن من يرتكبها، ينتيسب إلى الجهاز، ومحسوب عليه. فهذه الكتابات الصحفية تضع الأصبع على مكامن "الداء"،  وتساعد بالتالي على إيجاد "الدواء"، والوصول إلى الغاية المتوخاة، التي هي التخليق والإصلاح المنشودان، في الآن ذاته من قبل الجريدة، ومن قبل المديرية العامة التي مافتئت تتفاعل بإيجابية مع كل ما ينشر ويتم تداوله من أخبار، على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، بما فيها حتى الأخبار الزائفة (fake-news).  

إلى ذلك، فعندما يتخذ مثلا الحموشي إجراءات في حق المخالفين من الأمنيين، سواء بالإدارة المركزية، أو بالمصالح اللاممركزة.. قد تصل حد العقوبات التأديبية والإدارية، وحتى أبعد من ذلك.. الفصل من أسلاك الشرطة، وفتح أبحاث قضائية، والإحالة على النيابة العامة المختصة.. فهل يمكن القول أن الحموشي هو ضد جهاز الأمن الذي يرأسه ويدبر شؤونه.. أوليس المخالفون من موظفي الشرطة هم مجرد حالات فردية ومعزولة، ولا يعكسون بسلوكاتهم وتصرفاتهم وخروقاتهم، وبأي حال من الأحوال، جهاز الأمن الوطني، وتوجهات وتوجيهات المديرية العامة والمدير العام الحموشي،  والاستراتتيجية المديرية الجديدة!

وبالمناسبة، فقد حركت المديرية العامة "قضائيا" شكاية ب"التحرش الجنسي"  في مواجهة مسؤول أمني، وذلك بعد أن أجرت بحثا داخليا،  ورفعت تقريرا إلى الوكيل العام، الذي أجرى بحثا قضائيا تحت إشرافه، عهده إلى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية. حيث رفع ممثل النيابة العامة المختصة إلى قاضي التحقيق ملتمسا بإجراء تحقيق إعدادي في مواجهة المشتكى به، وفق مقتضيات القانون الجنائي.

الحموشي وشكاية "التحرش الجنسي":

في حوار صحفي بالصوت والصورة خص به الجريدة، أكد الأستاذ النقيب أن المديرية العامة للأمن الوطني تعتبر "المشتكية الحقيقية"، لكونها هي الطرف الذي تقدم إلى النيابة العامة المختصة بشكاية في موضوع نازلة "التحرش الجنسي"، التي اتهمت بها ضابطة الشرطة  المسؤول الأمني. وهي الشكاية التي سلط الأستاذ النقيب الضوء على ظروفها وملابساتها، مبرزا أنها كانت في إطار استغلال النفوذ، والتعسف الإداري.

وكانت المديرية العامة أوفدت لجنة تفتيش مركزية إلى مصلحتها الأمنية اللاممركزة (مفوضية الشرطة)، حيث أجرت بحثا داخليا، ورفعت تقريرا في الموضوع.  وتبعا لذلك، استدعت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، ضابطة الشرطة، واستمعت إلى تصريحاتها في محضر قانوني.

ونظرا لما تكتسيه من طابع جنحي الادعاءات ب"التحرش  الجنسي"، والتعسف الإداري واستغلال النفوذ،  أسندت مديرية الشرطة القضائية بالمديرية العامة (DPJ/DGSN)، البحث القضائي في النازلة، إلى  الفرقة الوطنية للشرطة القضائية  (BNPJ).

وبتعليمات من المدير العام عبد اللطيف الحموشي، أحالت مديرية الشرطة القضائية تقريرا إخباريا في الموضوع، على الوكيل العام بمحكمة الاستئناف، الذي فتح على ضوئه  وتحت إشرافه، بحثا قضائيا.

وقد حظيت "النازلة الأخلاقية" باهتمام الرأي العام، الوطني والدولي، سيما بعد أن فجرها الأستاذ النقيب في ندوة صحفية، عقب تفجر قضية "التحرش الجنسي"، الذي توبع على خلفيتها الصحفي المغربي، توفيق بوعشرين، أمام جنايات الدالرالبيضاء، وتجاوزت  أصداؤها أرض الوطن، وتناقلتها على نطاق واسع وسائل الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي، وكبريات القنوات الفضائية الدولية، مثل "فرانس24".

هذا، ورفع الوكيل العام إلى قاضي التحقيق ملتمسا بإجراء بحث قانوني (تحقيق)، في مواجهة المشتكى به، على خلفية جنحة  "التحرش الجنسي"، المنصوص عليها وعلى عقوبتها وفق مقتضيات الفصل 1 – 503 من القانون الجنائي. حيث  سيتخذ قاضي التحقيق على ضوء التحقيق الإعدادي علاقة بالشكاية المرجعية، أمرا بالمتابعة أو بعدم المتابعة.

وعليه، فهل يمكن القول علاقة ب"النازلة الأخلاقية"، التي فجرتها "قضائيا" المديرية العامة للأمن الوطني، والتي تعتبر فيها، حسب الأستاذ النقيب، "المشتكية الحقيقية"، لكونها هي من حركت الشكاية، وأحالتها على النيابة العامة المختصة، وهي من كانت تحمي الضحية، ضابطة الشرطة، (هل يمكن القول) أن المدير العام عبد اللطيف الحموشي، هو ضد جهاز الأمن، وضد المسؤول الأمني، المشتكى به، بصفته شخصا ذاتيا، يتحمل شخصيا تبعات الأفعال المنسوبة إليه، وليس شخصا معنويا، يمثل جهاز الأمن، رغم انتسابه إلى هذا الجهاز..؟!

 

 

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة