لهذه الأسباب يجب أن نحمد الله على وجودنا بالمغرب وبالجديدة ونفتخر بمغربيتنا في زمن كورونا
لهذه الأسباب يجب أن نحمد الله على وجودنا بالمغرب وبالجديدة ونفتخر بمغربيتنا في زمن كورونا


القصة التي سأنقلها إليكم هي قصة حقيقية، حكاها لي أحد المغاربة الذين يسكنون بإحدى المدن الفرنسية  الصغيرة، وهو يسكن في شقة تقع فوق شقة يسكنها  مسن ومسنة فرنسيين، يتجاوز عمرهما السبعين سنة، وكانت عادة  الفرنسيين أنهما حين يريدان التدخين، يطلان من نافدة منزلهما؛ وخلال الأيام الماضية، كان سعالهما يملأ المكان، حتى اعتقد صاحبي أن الزوجين قد يكونان مصابين بفيروس كوفيد – 19. وبعد ثلاثة أيام من تخمينه، في مساء إحدى الليالي، وجد سيارة الإسعاف تقف بأسفل العمارة، لتحمل الزوج الذي ارتفعت درجة حرارته وفقد وعيه.
 بعد نقله إلى المستشفى وإجراء التحليلات  الطبية عليه، سيما تلك المتعلقة بالفيروس، تبين أنه أصيب به. وصباح الغد، سأل صديقي  زوجته المصابة،  وهي امرأة مسنة؛ هما إذا أخذت منها عينات لإجراء فحوصات، بغية لتأكد من عدم إصابتها بالفيروس اللعين؛ لكن المفاجأة كانت هي ردها المتهكم والحزين، حين صرحت له بكون الطواقم الطبية، ومن يتابع ملف هذا الفيروس في البلد، أصبحت لا تهتم بحياتهم، ولم يستغرب الجار فقط  عدم إجراء التحليلات الطبية على الزوجة التي تعيش معه في البيت نفسه؛ بل استغرب كيف لا يتم إجراء الفحوصات الطبية لكل سكان العمارة التي تتكون من أكثر من عشرة شقق، يتشاركون في درج العمارة وسلاليمها، ويستعملون نفس مقبض أبواب العمارة، لفتح باب العمارة، ويستعملون نفس المفاتيح الكهربائية، لإشعال ضوء درج العمارة؛ وكيف لا يتم إجراء الفحوصات لكل المخالطين من جيران المسن وعائلته. وأخبرني  ذلك المغربي  كيف كان يطلع على الأخبار المغربية في المواقع الإلكترونية المغربية؛ وكيف يتم تتبع كل مخالطي أي شخص تظهر عليه الإصابة، من عائلته ومحيطه، وحتى من التجار الذين تعامل معهم أو مع من يعملون معه؛ وكيف يتم تطويق الحي الذي ظهرت أو تطهر فيه الإصابة،  وتجرى حراسة مشددة على الخروج منه أو الدخول إليه؛ وكيف تجري عشرات ومئات التحليلات الطبية، يخضع لها المحيطون بالشخص الذي تأكدت إصابته؛ وكيف تساهم السلطات الترابية والمحلية، وأفراد القوات المساعدة، ورجال الأمن والدرك، في تتبع الحالات ومخالطيها من العائلات والجيران والعاملين معهم، والسهر بكل صرامة وتتبع دقيق لخرقهم الحجر الصحي، وخروجهم من منازلهم.. إلى درجة تصل، في بعض الأحيان، وضع رجال من الشرطة والقوات المساعدة أمام باب منازلهم؛ عندما يصاب أحد ساكنيها؛ ويسهرون كذلك على كل المئونة الغذائية  التي يحتاجونها،  خلال مدة حجرهم، بعد جلبها لهم على حساب السلطات؛ ويطلبون منهم فقط المكوث في منازلهم،  وعدم الخروج منها.. ويستمر تواصل السلطات مع عائلات المصابين وجيرانهم  بشكل دائم، أكثر من مرة  في اليوم، بغية تطويق المرض والعدوى.
هي مجهودات جبارة مافتئت تبذلها السلطات العمومية بالمغرب، لمحاصرة المرض، من خلال التتبع على نحو مستمر ودقيق لمخالطي المريض؛ ما ساهم بشكل ملحوظ في السيطرة على تفشي المرض الفتاك، والحد من انتشاره بين المخالطين الذين لا يتم بالمناسبة الكشف عنهم وتتبعهم في بلدان أخرى.
لقد كنت شاهدا على ما حكاه لي المغربي الموجود في فرنسا، بلد الأنوار الذي يفتخر بحمل شعاره التاريخي: "حرية – مساواة – أخوة"، هذا البلد  حيث أجريت فيه التحاليل على الزوج الفرنسي المسن، واتضح مخبريا أنه مصاب؛ فيما أهملت، أو بالأحرى حرمت  الزوجة  والجيران من تلك التحاليل المصيرية، للتأكد من خلوهم من الفيروس القاتل. وهذا ما جعلني ويجعلني أفتخر بمغربيتي  وبوطني ووطنيتي، وبسلطات بلدي المغرب، وأفتخر أيضا بانتسابي إلى عاصمة دكالة،  وبسلطاتها العمومية، وعلى رأسها المسؤول الترابي محمد الكروج، ممثل صاحب الجلالة على إقليم الجديدة، الذي يعتبر تكريسا على أرض الواقع للانفتاح وممارسة سياسة القرب، وللقطيعة مع بعض ممارسات الماضي، ومع البيروقراطية التي كانت سائدة إلى أمد غير بعيد، ومع تدبير الشأن العام بواسطة "التيليكوموند"، من داخل المكاتب المكيفة، ومن على الكراسي المريحة.. إلى جانب باقي  المتدخلين بالمدينة والإقليم، من أطقم طبية وتمريضية، ورجال السلطة والأمن الوطني والدرك الملكي، والأجهزة الأمنية الموازية.. على المجهودات والتضحيات الجسام التي يبذلونها بتفان ونكران الذات، 24 ساعة / 24 ساعة، وطيلة أيام الأسبوع، تحت قيادة ملكنا الطيب والمحبوب  محمد السادس حفظه الله وأطال الله عمره، في مواجهة فيروس كورونا، هذا العدو الفتاك غير المرئي.

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة