المهندسة الفلاحية بالجديدة لطيفة الكانة .. '' ينبغي على الرجال أن يؤمنوا بقدرة المرأة على تغيير المجتمع ''
المهندسة الفلاحية بالجديدة لطيفة الكانة .. '' ينبغي على الرجال أن يؤمنوا بقدرة المرأة على تغيير المجتمع ''


بوجه مشرق وابتسامة لا تفارق محياها وبعزيمة وإيمان بالواجب وتطلع إلى الأمام، تمكنت السيدة "لطيفة الكانة" من شق طريقها بنجاح في مجال الهندسة؛ حيت ترعرعت في عائلة محافظة متشبتة بالتقاليد المغربية وكان الهدف الأسمى لوالدها رحمه الله هو تربية بناته و أبنائه دون ميز بين الإناث و الذكور مع الحرص على ولوجهم جميعا الكليات و المعاهد العليا لأنه كان يؤمن كثيرا بفائدة التعلم و يشجع كثيرا أبنائه للتفوق في الدراسة و قد نجح في ذلك بتكوين طبيبين اختصاصين و مهندسة و أستاذتين و رجلي أعمال.
 فبعد حصولها على شهادة الباكالوريا بامتياز ولوجت الى معهد الحسن الثاني للزراعة و البيطرة الذي كون عدد كبير من المهندسين الأكفاء في المغرب وكان له الفضل أيضا في تكوين مهندسين من عدة دول إفريقية وعربية، وهو تجسيد واضح للتميز الذي لازمها منذ نعومة أظافرها.
لتتخرج من هذا المعهد مهندسة دولة في الميدان الفلاحي وتلتحق بالعمل في المكتب الجهوي للإستثمار الفلاحي منذ أكثر من 25 سنة وكذلك بالمديرية الجهوية للفلاحة الدار البيضاء – سطات. 
لطيفة الكانة، متزوجة بطبيب بمدينة الجديدة و أم لثلاثة أطفال، الطفلة البكرة مهندسة دولة في ميدان هندسة الكهرباء والطاقة و الآخرين يدرسان في كلية الطب، وهي حريصة على تربية أبنائها بنفس الطريقة المحافظة التي رباها بها والدها رحمه الله مع إعطائهم مجالا أكثر من الحرية لأخذ القرارات في المراحل المهمة في حياتهم، فهي و زوجها أصدقاء لأبنائهم يشاطرهم أسرارهم في جو من الثقة المتبادلة مما يمكنها و زوجها من تأطيرهم و متابعتهم دون إزعاجهم وتقليص حريتهم، فهي تؤمن بالديمقراطية في الحياة.  أظافت أنها تحرص بشدة في تربية أبنائها على روح المواطنة وحب الوطن: "مغربنا الحبيب الذي ليس لنا وطنا سواه كما قالت عدة مرات"...
وفي هذا السياق، قالت لطيفة، في حديتها لموقع "الجديدة24"، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، " نجحت في اختيار تكويناتي بدقة من أجل اكتساب التجربة بسرعة وتعزيز مداركي للاستعداد أكثر للولوج إلى المجال المهني "، مضيفة، أنه إذا توفرت الكفاءة وتطور الأداء عبر السنين، لا شيء يمكن أن يعرقل أي مسار يتشكل ويتقوى، تحتاج فقط إلى معرفة كيفية فرض نفسك والحصول على الثقة بالنفس من خلال إرادة قوية.
و قد كان مسارها المهني حافل بكثير من الإنجازات و الأنشطة، وهي مسلحة بإرادة قوية لتملك مصيرها بنفسها وتصميم مسارها المهني الذي يتوافق مع طموحاتها ومعرفتها التي كانت ليست نتيجة للصدفة، بل تتويج لتكوين أكاديمي متين وتجربة مهنية غنية ومتطورة، أثبتت نفسها بفضل إرادتها وفضولها ومثابرتها، الشيء الذي مكنها من الاحتكاك بالفلاحين في الميدان خلال عدة سنوات في إطار إنجاز عدة مشاريع لتحديث أنماط السقي بالمدار السقوي بدكالة و تحديث الفلاحة بالمنطقة، و اكتساب عدة مهارات في الميدان التقني وكذلك في الميدان الاجتماعي من خلال معرفة نمط و مستوى العيش بالعالم القروي و الإكراهات التي تواجه المرأة و الفتاة القروية. وقد وجهت من خلال هذه المناسبة التحية و الإحترام لهاته الشريحة من النساء المغربيات التي رغم ظروفهن المعيشية اليومية كثيرات منهن يجتهدن لتحسين مستواهن الاقتصادي و الإجتماعي و المعرفي عبر تكوين تعاونيات فلاحية مدرة للدخل لتساعدن أسرهن و أبناؤهن وتحسين ظروفهن المعيشية معتبرة إياهن نساء مناضلات حقيقيات.
كما أكدت أن من خلال عملها عدة سنوات كرئيسة مصلحة التواصل و الإنعاش بالمديرية الجهوية للفلاحة الدار البيضاء - اسطات تمكنت عبر وسائل التواصل المتاحة و عبر عدة منابر من إبراز الأهمية الاقتصادية و الاجتماعية للفلاحة بالجهة و كذا المؤهلات الفلاحية بجميع أقاليم الجهة لجلب الاستثمارات و إنعاش المشاريع...
كما أكدت أن المرأة المغربية لازالت في حاجة إلى النضال و تحقيق ذاتها، رغم المكتسبات التي حققتها إلا أنها تعتبر غير كافية، مضيفةً أن الطريق أمام النساء المغربيات ما زال طويلاً من أجل النضال والدفاع عن قضاياهن التي كفلها لهن الدستور المغربي.
وأوضحت السيدة "لطيفة الكانة" إن يوم 8 مارس هو جزء من التاريخ النضالي للنساء بالعالم وفرصة لتجديد النضال والتعريف بمطالب للنساء المغربيات في شتى الميادين. 
من بين القوانين المهمة الداعمة لحقوق المرأة المغربية، على سبيل الذكر لا الحصر، مدونة للأسرة، التي تم الإعلان عنها سنة 2003، وهي من أولى المبادرات الملكية الرامية إلى إنصاف النساء وإقرار حقوقهن،  والتي تم اعتبارها "ثورة اجتماعية وتشريعية". ومما لا جدال فيه أن المغرب حقق الكثير من الإنجازات في مجال النهوض بحقوق المرأة؛ فجلالة الملك محمد السادس نصره الله منذ توليه الحكم حرص على التأكيد، خلال خطبه، على ضرورة النهوض بأدوار النساء وفتح آفاق مشاركة المرأة في مراكز القرار وفي المؤسسات المنتخبة.
وأكدت السيدة لطيفة أن مستوى أداء المرأة في المغرب، ظهر من خلال بروز النساء نشيطات لنضالهن من داخل عدة منابر ارتبطت بعدة قضايا تهدف إلى تحسين صورة المرأة والمناداة بحقوقها داخل المجتمع المغربي، مشيرة إلى أنه بفضل تعدد النضال النسائي، تغيرت العديد من الأمور، ووضعت العديد من القوانين الجديدة والمكتسبات التي جاءت لصالح النساء المغربيات، وتحققت مكاسب حقوقية وقانونية وتشريعية أو من خلال مدونة الأسرة، وهذا لم يأتي من فراغ بل جاء بفضل النضال النسائي في المغرب والقوى الداعمة لها. كما أكدت أنه بالنسبة لها فرغم التحسن والتطور الذي عرفته وضعية المرأة المغربية، إلا أنها تبقى غير كافية و في حاجة إلى مزيد من النضال. فوضعية النساء هي مقياس لتقدم كافة شعوب العالم.
فلا يمكن الاختلاف عما حققته المرأة المغربية من تقدم وإنجازات وما وصلت إليه من مكانة مشرفة بفضل جهودها وكفاحها وطموحها لتقلد مواقع الريادة، وفرض حضورها في المجتمع المدني والسياسي. و يحق لكل امرأة مغربية أن تفتخر بما تمكنت من الوصول إليه وناضلت لأجله، وحصلت عليه، من حقوق عبر مختلف المراحل التاريخية، وساهمت في الإنتاج مساهمة فعالة، وفتحت أمامها أبوابا لم تفتح بالأمس، و ولجت كل الميادين التي تتناسب مع إمكانياتها واختصاصاتها، ما مكنها من انتزاع مكاسب لائقة بكرامتها كامرأة، سواء داخل الوطن أو خارجه.
ولا ننسى أن الدستور المغربي لسنة 2011 نص على تمتيع الرجل والمرأة على قدم المساواة بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وعلى أن تسعى الدولة إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء، وتحدث هيئة للمناصفة ومكافحة التمييز، على أن تعمل السلطات على توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنات والمواطنين والمساواة بينهم ومشاركتهم في الحياة الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية.
وفي الأخير أكدت السيدة "لطيفة الكانة" أن اليوم العالمي للمرأة هو مناسبة للاحتفال بالتقدم الذي تحقق في مجال المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، وأيضاً للتفكير في تلك الإنجازات، والسعي إلى تحقيق زخم أكبر نحو المساواة بين الجنسين في جميع أنحاء العالم، وهو يوم للنضال يذكرنا بمنجزات لتقييم عام من العمل والاستعداد لعام آخر من النضال المستمر.
وقالت أن بداية الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، انبثق عن حراك عمالي، سجلته النساء العاملات في نيويورك للاحتجاج ضد الأوضاع المأساوية التي كن يعملن بها، ففي عام 1908 خرجت 15.000 امرأة في مسيرة احتجاجية بشوارع مدينة نيويورك الأمريكية، للمطالبة بتقليل ساعات العمل وتحسين الأجور والحصول على حق التصويت في الانتخابات، و لم  تكن المناضلات اللواتي خضن الاحتجاج في ذلك الوقت يعلمن أن الثامن من مارس سيصبح يوماً عالميا للمرأة تحتفل به جميع النساء في العالم. وهو يوم تبنّتْه الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1977 بناء على توصية تدعو الدول إلى تخصيص يوم 8 مارس من كل عام للاحتفال بحقوق المرأة والسلام الدولي. وأصبح يوما عالميا للمرأة تحتفل به جميع البلدان في مختلف بقاع العالم. و يصادف يوم 8 مارس من كل سنة اليوم العالمي للمرأة، وقد أصبح هذا اليوم مناسبة عالمية لمناقشة واستعراض الإنجازات التي حققتها المرأة، ورصد طموحات النساء في المستقبل.
واختتمت المهندسة "لطيفة الكانة" حديثها "للمنعطف" مبينةً أن المرأة المغربية تعيش على هاجس تحصين المكتسبات التي حققتها، وهو ما يعني أن المرأة تطالب بمزيد من العمل، وفي الأخير يمكن التأكيد على أن مشاركة المرأة المغربية في تنمية بلادها على جميع المستويات الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية و القانونية و الحقوقية و غيرها تبقى أمراً ضرورياً وملحاً يفرضه الواقع و لا مفر منه، فوضعية النساء هي مقياس لتقدم كافة شعوب العالم. 
وبناء عليه أن مصير المرأة والرجل واحد؛ فكلاهما مشتركان في الحقوق والواجبات في إطار من التكافؤ والمساواة، وأيّ تحجيم لدور المرأة يجعل المجتمع غير محقق لأهداف ومبادئ الديمقراطية، إذ إن الديمقراطية تعد القناة الأكثر فاعلية في نشر ثقافة تمكين المرأة من في جميع الميادين وتسهم في خلق ثقافة المواطنة؛ فحب الوطن لا يقاس بثمن.

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة