لماذا يلقي رؤساء الأغلبية بالحكومة اللوم على العصا ؟ برعلا زكريا
لماذا يلقي رؤساء الأغلبية بالحكومة اللوم على العصا ؟     برعلا زكريا


"حنا معندناش واحد العصا سحرية..." هكذا صرح عزيز اخنوش خلال ندوة صحفية عقب انعقاد الاجتماع الشهري العادي لهيئة رئاسة الأغلبية. حضرها رفقة  رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، كل من عبد اللطيف وهبي الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، ونزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال.
نفس التعبير لجأ له رؤساء الحكومة السابقون بنكيران والعثماني، وإن اختلفت الصيغة، لكن نفس الفكرة التي تضع اللوم على العصا. 
والملاحظ أن الخطاب يتغير تماما بين السعي وراء المنصب، والمقصود بذلك فترة الانتخابات والوعود الرنانة التي يتم إطلاقها، وبين ما بعد الجلوس على كرسي الوزارة، حيث ينقلب الخطاب من الوعد إلى التبرير. أما الأعذار فيمكن أن تكون كل شيء: أزمة كورونا، حرب أوكرانيا، تأخر هطول  المطر، العفاريت، التماسيح، ضعف المدرب، مشكل في التحكيم...وما إلى ذلك.
من جهة أخرى، لا عجب أن ينأى المسؤول الحكومي بنفسه عن الفشل، ويرمي كرة النار بعيدا عنه، ما دام مجتمعنا يستأنس مع هكذا سلوك. 
فمثلا عندما تسأل طفلا صغيرا عن سبب تلف لعبته سيجيبك بدون تردد : " خسرات" !  ولن يقول أبدا أنه المسؤول عن تعطلها، هذا السلوك اكتسبه الطفل من والديه ومحيطه الأسري والاجتماعي، فالزوجة التي انشغلت عمدا أو سهوا عن طبيخها تقول لزوجها : " الطاجين تحرق" !  بمعنى أن "الطاجين" هو المسؤول عن وصوله لدرجة التفحم وليس الزوجة. وإن تأخر أحد عن الموعد سيبرر ذلك بالقول : " ماجاش طاكسي" أو "داتني عيني"! وحتى لو تسبب بحادث سير فسيجيب " هربات بيا طوموبيل" !
وبالعودة لمناصب المسؤولية، فيمكن الجزم بأنها ثقافة شائعة، فالمعلم الذي لم ينجح في تبليغ الدرس سيقول للمفتش بأن التلاميذ لا يركزون وأن الظروف لا تساعد وغيرها من المبررات، نفس الأمر نجده عند الطبيب والممرض والمحامي وكل شخص يتحمل مسؤولية ما. و نادرا ما تجد شخصا يتحلى بالجرأة اللازمة ليقول : أنا السبب فيما يجري وأتحمل  عواقب خطئي !
 
حتى العصا فلا تملك من الأمر شيئا. إلا عصا النبي موسى عليه السلام والتي تدخل في باب المعجزات التي خصها الله الرسل والأنبياء دون غيرهم من البشر. 
أما العصا السحرية التي تحول المنديل لأرنب فهي  لا تكاد تكون سوى خدعة بصرية تدخل في باب الترفيه والإبهار. فعن أي عصا يتحدث رئيس الحكومة ؟
في مقابل ذلك شهد العالم بأسره، النجاح المبهر الذي أحدثته الدبلوماسية المغربية تحت القيادة الحكيمة للملك محمد السادس بدءا بالاعتراف التاريخي الأمريكي بالسيادة الكاملة للمغرب على أراضيه، وانتهاءا بالموقف الإسباني الذي تبنى نفس الطرح والذي كان صفعة قوية على خد المساومين في طريق الطي النهائي لهذا الملف. والأكيد أن ذلك كان بسبب العمل الجاد المتواصل  والفعال،  ولم يكن بفضل العصا السحرية.

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة