نظافة الواجهة وخلفها مدينة تغرق في الأزبال: الجديدة بين تزيين السطح وتهميش العمق. .
نظافة الواجهة وخلفها مدينة تغرق في الأزبال: الجديدة بين تزيين السطح وتهميش العمق.  . - الجديدة 24


في مشهد يتكرر يومياً بأحياء مدينة الجديدة، تتراكم الأزبال وتنتشر الروائح الكريهة وسط أزقة وشوارع داخلية مهملة، في وقت تُظهر فيه الشركة المفوض لها تدبير قطاع النظافة حرصاً مبالغاً فيه على تنظيف الواجهة السياحية والمركزية للمدينة، بدءاً من كورنيش الجديدة وصولاً إلى الساحات التي تستقبل الوفود والزوار. خلف هذه الصورة المزخرفة، تخفي المدينة اختلالات مقلقة في تدبير مرفق عمومي حيوي.
شاحنات متهالكة وتجهيزات متأخرة
تعاني عملية جمع النفايات من تأخر مزمن في تجديد الأسطول الميكانيكي، إذ لا تزال شاحنات قديمة ومهترئة تُستعمل في جمع الأزبال، بعضها لا يصلح حتى للاستخدام خارج الخدمة. إلى جانب ذلك، تُسجل خصاصات كبيرة على مستوى المعدات والحاويات، التي أصبحت في عدة أحياء غير صالحة للاستعمال، ما يؤدي إلى تكدّس النفايات في الهواء الطلق.
الأحياء الداخلية كـ”سيدي الضاوي”، “درب غلف”، “السلام”، "النجد" و “الزهور”و "جوهرة" و”إقامات السعادة” باتت تعاني من مظاهر الإهمال البيئي، في مقابل عناية شبه يومية تُخصَّص لبعض النقاط السياحية، في مفارقة وصفها السكان بـ”التمييز المجالي غير المقبول”.
خصاص في اليد العاملة وضعف في التغطية
وتُفاقم الأزمة قلة عدد عمال النظافة، الذين لا يتناسب عددهم مع الكثافة السكانية وتوسع المجال الحضري للمدينة. الأمر الذي يجعل تدخلاتهم محدودة، ويؤخر عملية جمع النفايات، مما يُسبب تراكمها في عدة نقاط سوداء، وفق ما عاينته الجريدة في جولات ميدانية.
الجماعة خارج التغطية… والمراقبة غائبة
ورغم أن العقد الموقع مع الشركة ينص على توفير الوسائل اللازمة لتقديم الخدمة، إلا أن المراقبة المفترضة من طرف المجلس الجماعي شبه منعدمة. فغياب تقارير التتبع والمساءلة يطرح تساؤلات جدية حول مدى التزام الجماعة الترابية بمقتضيات القانون التنظيمي 113.14، الذي ينص صراحة على مسؤولية المجالس المنتخبة في مراقبة وتتبع تنفيذ عقود التدبير المفوض وضمان احترام مبادئ الجودة والشفافية في تقديم الخدمات.
ويؤكد متابعون للشأن المحلي أن هذا الغياب في الرقابة لا يؤدي فقط إلى تردي جودة الخدمة، بل يُفضي كذلك إلى هدر المال العام، خاصة في ظل استمرار الأداء الضعيف دون أي إجراءات زجرية أو مراجعة للعقد.
ساكنة تحتج وتطالب بالمساواة
احتقان اجتماعي بدأ يظهر على السطح، خاصة في الأحياء المهمشة التي لا تصلها خدمات النظافة إلا بعد أيام من التراكم. أحد سكان إقامة الزهور صرح للجريدة قائلاً: “نستفيق كل يوم على مشهد الأزبال، وننتظر أكثر من يومين حتى تمر شاحنة قديمة تُحدث ضجيجاً أكثر مما تنظف. نحن مواطنون وندفع الضرائب، لكن لا نحصل على نفس مستوى الخدمة”.
الجديدة تحتاج إلى أكثر من تنظيف الواجهة
في ظل ما تشهده المدينة من توسع عمراني ونمو سكاني، بات من الضروري تجاوز سياسة “تجميل السطح” نحو مقاربة أكثر عدلاً في توزيع خدمات النظافة، قائمة على الكفاءة، الحكامة، وربط المسؤولية بالمحاسبة.
الجديدة لا تحتاج فقط إلى تجديد الشاحنات وتوفير الحاويات، بل إلى إرادة حقيقية في ضمان الحق في بيئة سليمة لجميع السكان، وتدبير عقلاني لمرفق النظافة كخدمة عمومية لا كأداة تجميل مؤقت.

إدريس بن يزة

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة