حوار مع شاب من الجديدة زار أدغال افريقيا برّا وهذه هي ارتساماته حول سفره ومغامراته
حوار مع شاب من الجديدة  زار أدغال افريقيا برّا وهذه هي ارتساماته حول سفره ومغامراته

اسمه عثمان الزولاتي، شاب من مواليد سنة 1994 بمدينة الجديدة، حاصل على دبلوم تقني عال من المدرسة العليا للتكنولوجيا بآسفي، مهووس بالمغامرة والسفر ورياضات "الإكستريم".

 

التقيناه على خلفية الزيارة التي قام بها الى ادغال افريقيا برّا، وتحدث لنا عن مغامراته وسفريته وكل ما صادفه في طريقه دون ان يكون بحاجة لاي اعتماد مالي لهذه الزيارة الفريدة.

 

-ما هي دوافع سفرك إلى إفريقيا؟

 

-أول دافع بالنسبة لي كشاب طموح يرغب في ركوب تحدّ جديد، هو الرغبة في التعرف عن كثب على عادات الشعوب والقبائل الإفريقية.. فتموقعنا داخل القارة الإفريقية عامل أساسي في التحدي الذي وضعته نصب عيني، لم أعد أرغب في أن أسمع عن إفريقيا في الإعلام والتلفاز والصور، بل بالعكس أردت أن ألامس عاداتهم وتقاليدهم، هذا أول دافع، أما الدافع الآخر فهو تكسير القاعدة والبحث عن السعادة من بوابة إفريقيا. فرغبتي كانت كبيرة في وضع قطيعة مع الحياة الروتينية التي تجعل الاكتئاب والملل يتمكنان منا.. تفاديا لهذا الأمر قلت لنفسي لمَ لا أركب التحدّي، تحدّي البحث عن منافذ جديدة وأفق أكثر أملا، لم أعد أريد فقط أن أسمع عن إفريقيا أو أتفرّج في "ناسيونال جيوغرافيك" كي أعرف عنها، لم أعد أريد أن أعيش داك الروتين القاتل، ولم أعد أريد أن أعيش طيلة الأسبوع ساخطا وأنا أنتظر نهاية الأسبوع كي أفرح.. لم أعد قادرا على كبت حلمي وألا أسعى إلى تحقيقه وأندم على ذلك يوماً. لا أريد أن أفعل شيئا فقط لأن الآخرين يفعلونه؛ لا أريد أن أكون ما يريد لي الآخرون أن أكون؛ بل أن أكون أنا وأفعل ما أريد وما أنا مقتنع به.. باختصار، أريد أن أحقق حلمي، أن أحقق سعادتي وأتقاسمها مع الآخرين: أن أغامر، أقفز وأضحك، أن أعيش بدل أن أحارب الموت، أن أتعلم أشياء جديدة، أن أسأل وأعرف وأتعرف على أناس غرباء وأعيش معهم؛ أن أكتشف ثقافة جديدة، نمط حياة جديداً، لغة جديدة وأفكارا جديدة؛ أريد أن أشعر باستقلالي وحريتي، أسعى وراء خبرة في الحياة عبر السّفـر.. هذه هي الدوافع التي دفعتني لكي أسافر إلى الأدغال الإفريقية.

 

-كيف تنقلت من دولة إلى أخرى؟

 

-كنت أمشي، وقد أصادف أحدهم فأركب معه في ناقلته، قد تكون "كرويلة" أو دراجة نارية أو شاحنة، فنقطع بعض الكيلومترات أو قد أمشى يوما كاملا أو ثلاثة أيام متتالية.. وأحيانا كنت أجدني وسط غابة أو في طريق ساحلية.. فالفضول والرّغبة في الاكتشاف والتأمل والتفكير تجعلك لا تفكر في العواقب..

 

-ما كان أغربَ موقف وجدتَ نفسك فيه خلال سفرك؟

 

-وقع لي حادث طريف لم أتوقعه.. نمتُ لمدة ثلاثة أيام في أفقر حيّ في باماكو، العاصمة المالية، بدون كهرباء وفي غياب أدنى شروط.. في اليوم الرابع استضافني أحد السّكان فإذا بي داخل أحسن إقامة سكنية "فيلا "، أنام في أحسن حيّ.. تحدُث أمور غير متوقعة، وهذا هو الجانب الجميل في الأمور، عشتُ لحظاتٍ من التشويق، وكأني بي في فيلم.. وهذا كان أحسنَ ما في ذلك السفر/ المغامرة..

 

والأمر الثاني الذي وقع لي أنني رأيت أمورا لم أكن أراها إلا في التلفزيون ولا أسمع بها إلا في الأساطير الإفريقية، ألا وهي السحر الأسود الإفريقي، ما لم أرَه أبداً عشته في رحلتي ما بين الأدغال الإفريقية..

 

-ما الذي تعلمته أو صححته في علاقتك بالمجتمعات التي زرتها؟

 

-أهمّ ما تعلمته من سكان البلدان التي زرتها (موريتانيا، السنغال، غامبيا، مالي وساحل العاج) هو البساطة، عشت معهم وعلموني الكثير من الأمور، أولها الاعتماد على النفس، حيث عاينتُ كيف أن جميع أفراد العائلة يشتغلون من أجل توفير لقمة العيش، فالأب يخرج للصيد في الوادي والأم تطبخ وتتكفل بأمور البيت، بينما تتولى البنات جلب الماء والأولاد يصنعون الفحم الحجري من الشجر أو "القفة" من النخل كي يبيعوها... الكل يشتغلون ولا ينتظرون من الدولة أو أي جهة أن تعطيهم شيئاً.. وفي الليل يتجمّعون قرب النار ويقضون لحظات مرحة؛ لقد تعلمتُ منهم معنى السعادة الحقيقية؛ وقفتُ على مدى كرمهم أكثر مما كنت أتصور.. كما تعلمت سلوكات وممارسات مميزة ستعطيني إضافة في حياتي، منها الطب التقليدي، الفلاحة، الصيد والتجارة، وكذا أمورا ترتبط بالديانات والفكر والحياة... باختصار إنّ إفريقيا لوحدها مدرسة.

 

-ما هي انطباعاتك بعد هذا السفر في الأدغال الإفريقية ؟

 

-اكتشفت أنه لا ينقصنا أي شيء في الحياة إلا السعادة والحرية والسلام والحب.. أما ما عداها، سواء المال أو الأمور الأخرى فما هي غير وسائل كي نصل إلى هذه الأهداف الأساسية التي سبق أن أشرت إليها؛ وأكبر دليل على هذا أني سافرت بمبلغ متواضع ورغم ذلك تنقلت من بلد إلى بلد، وتعرفت على قبائل وتعايشت معها؛ واشتغلت مع أفرادها كي أضمن قوت يومي، والحمد لله أنا الآن في صحة جيدة وفي قمة السعادة، إذ استطعت إشباع رغبتي، التي أعتبرها أساسية في تكوين شخصيتي..

 

\"\"

 

\"\"

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة