''احتضار'' مصب وادي أم الــربيع بآزمور (تحقيق صحفي)
''احتضار'' مصب وادي أم الــربيع بآزمور  (تحقيق صحفي)

يعد نهر أم الربيع أحد الأنهار الرئيسية بالمغرب، يبلغ طوله 600 كيلومترا ونسبة تدفق مياهه 142,20 متر مكعب في الثانية، ينبع من جبال الأطلس الشامخة، تحديدا من ضواحي مدينة خنيفرة، يقع المصب بمدينة أزمور العريقة، وقد ارتبطت حياة السكان بهذه المدينة الصغيرة بخيرات وثروات هذا الوادي المعطاء منذ أزمان غابرة، وللإشارة فقد أطلق عليه الإغريق اسم "أنــــــايس" و "أسانا" كما أطلق عليه الرومان اسم "وادي سليفين".

وإيمانا منا بالدور الذي لعبه وادي أم الربيع في حياة الأزموريين والأزموريات قرر فريق العمل شد الرحال إلى المصب المحاذي لأسوار المدينة العتيقة (الملاح) مدينة التشكيل والملحون، هناك التقينا السيد محمد الرداف رئيس "جمعية أم الربيع للبيئة والتنمية" والمستشار الجماعي ببلدية أزمور الذي حدثنا عن المصب وأحواله بين الأمس واليوم، إذ أكد لنا أن مياه المصب كانت عذبة تتيح لسكان المدينة والمنطقة إمكانية  استغلالها في مختلف الأنشطة ومن أبرزها الفلاحة التي كانت تمارس بضفاف النهر، إذ كانت لمياه الوادي النقية الصافية العذبة دورا أساسيا في سقي الحقول والأراضي الجاثمة على ضفاف المصب خاصة حقول الحوامض والحناء والخضروات.


وبعيدا عن الفلاحة فقد أكد السيد محمد الرداف أن المصب كان مرتعا خصبا لصيد سمك "الشابل" الذي شكل أحد مصادر قوت الأهالي منذ القديم، وأشار إلى أن هذا النوع من السمك. كما يؤكد المؤرخون من الأسباب التي جعلت البرتغاليين يستهدفون المدينة ويشيدون على ضفاف مصب النهر قلعة وأسوارا ومخازن وميناء. بل إن بعض الأوربيين المولعين بتجارة الأسماك كانوا يستأجرونه لمدة تتراوح بين سنة وسنتين.         

وفي معرض حديثه بين السيد المستشار بأن هذا النوع من السمك يعيش وسط المياه العذبة حيث عمق المياه المليئة بالأكسجين بعد أن يقوم بعملية هجرة موسمية من المحيط نحو المصب لوضع بيضه الذي يقدر ما بين 100.000 إلى 150.000 بيضة سنويا، ومن ثمة اقترن مصب وادي أم الربيع ومدينة أزمور بسمك "الشابل" المعروف في إيطاليا باسم "لاتشيه".

وفي تدخله أكد السيد أبو شعيب الشوفاني رئيس "المرصد الوطني للأبحاث والدراسات الباراسيكولوجية للنصوص وعلوم الطاقة البشرية" أن منتوج الصيد البحري تحول في وقت من الأوقات إلى "صناعة تسويقية" محلية ووطنية وخارجية من خلال التجفيف أو التصبير، وأشار إلى أن طبق "الشابل" الأزموري جابت شهرته أرجاء المغرب كاملا، وعرج محاورنا على عملية غسل الصوف التقليدية بمياه المصب التي كانت تذر على صناع خياطة "الجلباب" مداخيل مهمة.


غير أن هذا "الطيلسان" الجميل للمصب، وعنفوانه الشامخ فقد بريقه وانهارت قواه واختل توازنه الإيكولوجي، فضاعت أسماكه وذبلت ثمار وخضروات حقوله، وفي إجابتهما عن أسباب هذا التحول الكارثي لفضاء المصب أكد كل من السيد محمد الرداف والفاعل الجمعوي في مجال البيئة السيد حميد يسيف، عضو المرصد الوطني للابحاث والدراسات الباراسيكولوجية، بأن الأسباب عديدة منها :

ضخ آلاف من الأمتار المكعبة من المياه العادمة يوميا بالمصب، ورمي النفايات والأزبال من طرف ساكنة المدينة العتيقة (الملاح)، بالإضافة إلى استغلال بعض الشاحنات والعربات الفضاء لتفريغ مخلفات البناء وغيرها من المتلاشيات ، علاوة على سنوات الجفاف التي عاشتها البلاد من جهة، وبناء بعض السدود على الوادي والتي أصبحت تخزن مياه الأمطار فضلا عن تراكم الرمال والأوحال، كل هذه العوامل ساهمت بقوة في تلوث المياه وملوحتها وانخفاض مستوياتها.

وعن سؤال موجه إلى السيد المستشار محمد الرداف بخصوص إمكانية تجاوز هذا الوضع المؤلم للمصب أكد بأن المجلس البلدي برمج مشروعا لاستكمال تهيئة الكورنيش بمبلغ يتعدى المليار سنتيم، كما أشار إلى أن المجلس أبرم اتفاقية شراكة مع الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء لإنشاء محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي قرب "سيدي وعدود" بغلاف مالي يقارب 8 مليار سنتيم، لكنه أكد أيضا على ضرورة تجاوب الساكنة وتفاعلها الإيجابي لإعادة الاعتبار لمصب وادي أم الربيع لتعود مراكب الصيد إلى مصايدها عوض نقل الركاب إلى عالم "للا عائشة البحرية" حيث ألوان وطقوس الشعـوذة والخرافــة،

وليعود سمك "الشابل" إلى مياهه الدافئة الصافية العذبة، ولتعيش مدينة أزمور مرة أخرى "الخضرة والوجه الحسن" في أفق انتظار جلب استثمارات دولية كبرى لبناء "مارينا" المصب التي طالما حلم به أهالي أزمور والبريجة معا.

إنجاز تلاميذ الأولى باكالوريا علوم / مجموعة مدارس الملاك الأزرق الخاصة بالجديدة

في اطار المسابقة الوطنية لمباراة الصحفيين الشباب من أجل البيئة  


الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة