هذا ما خلص إليه الأساتذة الباحثون في ندوة 'النموذج التنموي الجديد بالمغرب و سؤال الإصلاح' بكلية الآداب بالجديدة
هذا ما خلص إليه الأساتذة الباحثون في ندوة 'النموذج التنموي الجديد بالمغرب و سؤال الإصلاح' بكلية الآداب بالجديدة

احتضنت كلية الآداب و العلوم الإنسانية بالجديدة ندوة علمية وطنية في موضوع "النموذج التنموي الجديد بالمغرب و سؤال الإصلاح" يوم الإثنين الماضي من  تنظيم وحدة تكوين الدكتوراه "فكر الاصلاح و التغيير في المغرب والعالم الإسلامي” و "مجموعة البحث في فكر الإصلاح و التغيير" بتعاون مع "الجمعية الأكاديمية للأبحاث و المؤتمرات" و جمعية "المسار بمدرج مركز دراسات الدكتوراه بكلية الآداب و العلوم الإنسانية بالجديدة. أطر هذه الندوة مجموعة من  الأساتذة الباحثين من داخل الجامعة و خارجها.

و رجوعا إلى مداخلات و تعقيبات الطلبة الباحثين فقد عرفت الجلسات العلمية نقاشا مستفيضا حول سؤال الإصلاح في المغرب و النماذج التنموية المتبعة في مسيرة الإصلاح و آثارها و الآفاق المنتظرة، و من جملة الأسئلة و الإشكالات التي طرحها الطلبة الباحثون  و الإجابة عنها نطرح في هذا العرض بعض من الردود و التدخلات التي خلص إليها الأساتذة الباحثون الذين أطروا هذا الملتقى العلمي و من ذلك:

سؤال طرحه أحد الطلبة الباحثين في سلك الدكتوراه تساءل فيه عن مدى صحة دعوى أن النظام المغربي  يقف عائقا  أمام التنمية.

 فجاءت إجابة الأستاذ الدكتور "نور الدين لحلو" كالتالي:  "تعتبر المؤسسة الملكية و هي أساس النظام المغربي قاطرة التنمية و صمام أمان الإصلاح، فمميزات النظام المغربي عديدة؛ فهو نظام عريق، ليس مستحدثا، نظام يقوم على أسس شرعية مفهوم البيعة بين العرش و الشعب، نظام لا ينتمي الملك فيه لأي جهة أو حزب أو طائفة كانت و قد أكد جلالته في خطابه السامي أن الحزب الوحيد الذي ينتمي إليه جلالته بكل اعتزاز هو المغرب، و هو نظام لجميع المغاربة على اختلاف توجهاتهم و مرجعياتهم و لا يمكن تصور مغرب بدون مؤسسة ملكية و لا نظام دستوري برلماني توافقي خاصة في ظل المتغيرات الدولية و الإقليمية و الوضع الدولي الراهن. فالملكية في المغرب من المقدسات و الثوابت التي لا ينازع فيها أحد، فالمؤسسة الملكية إحدى الركائز الأساسية للنظام السياسي المغربي، حيث تستمد شرعيتها من تاريخها العريق 12 قرنا من الزمان و كذلك من بعدها الديني و الروحي. نظام تستند الأمة فيه في حياتها العامة على ثوابت جامعة تتمثل في الدين الإسلامي السمح و الوحدة الوطنية متعددة الروافد و الملكية الدستورية و الاختيار الديموقراطي".

السؤال الثاني : سؤال حول مرتكزات الإصلاح الديني في المغرب.

يجيب الأستاذ الدكتور "نور الدين لحلو" : "الإصلاح الديني في المغرب مبني على إمارة المؤمنين، ملك البلاد أمير المؤمنين و حامي حمى الملة و الدين و الضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية ،يرأس الملك "أمير المؤمنين" المجلس العلمي الأعلى و يمارس الملك الصلاحيات الدينية المتعلقة بإمارة المؤمنين و المخولة له حصريا بمقتضى الدستور.

فأول هذه المرتكزات هي حصر المنظومات المرجعية لأن الدين ليس أمرا هينا و لأنه الأمر الجامع و الحروب المتعلقة بالدين هي الأكثر تفرقة بين الناس. المنظومات المرجعية للمغرب ثوابته الدينية التاريخية الخاصة به و هي العقيدة الأشعرية و المذهب المالكي و تصوف الجنيد السني و هذه المرجعيات قد حسمت الخلاف بشكل نهائي في باب الدين  و تنزيله. فالفتوى الإنشائية  التي تحتاج الى مرجعية معينة  ليست لمن هب و دب، إذ يعتبر المجلس العلمي الأعلى الذي يرأسه أمير المؤمنين الجهة الوحيدة المؤهلة لإصدار الفتاوى المعتمدة رسميا بشان المسائل المحالة عليه.

 المرجعية الدينية تحدد التوافق الوطني في حده الأدنى فالعبادة العلنية مثلا هي من النظام العام و تحتاج إلى انضباط، فهذا التوافق من شانه أن يحقق الأمن الروحي للبلاد و احترام المقدسات و ثوابت الأمة."

وفي سياق الموضوع عرج ذات الأستاذ على مجموعة من القضايا الوطنية التي تهم سؤال الإصلاح و في مقدمتها قضية النموذج التنموي للصحراء المغربية و حدد أبعاده العديدة ؛ أبعاد سياسية في إطار الجهوية الموسعة، أبعاد اقتصادية، أبعاد اجتماعية و ابعاد ذات بعد إفريقي باعتبار الصحراء بوابة إفريقيا. و ركز على ضرورة اعتماد المقاربة التشاركية بين الهيئات و مراكز البحوث و المجتمع المدني و الجهات الرسمية في تدبير أوراش التنمية المفتوحة.

و أكد على ان الجامعة ينبغي أن تشارك بدورها في هذا الورش التنموي و تقول كلمتها في النماذج التنموية المقترحة إسوة بباقي الجامعات و المعاهد الدولية في الدول المتقدمة و تقديم تقارير بشأن قضايا التنمية و الإصلاح، و أضاف أن الجامعة في إطار النهضة الإصلاحية تواكب و تقدم تصوراتها حول الموضوع.  كما أشار إلى المعيقات و المشاكل التي تحول دون الوصول إلى الحكامة  و الجودة الكفيلتين  بتنزيل ورش الإصلاح بسبب تزواج  المال و السلطة لتحقيق المصالح الخاصة مما يؤثر سلبا على مسلسل الإصلاح. و أشاد بالاستقرار و التقدم  الذي تحققه المملكة بعدما مرت من أوقات عصيبة أيام الربيع العربي، و طالب بمزيد من العمل و التجديد و ترصيد المكتسبات لكن بتدرج و عقلانية واعية  و تخطيط عميق.

بدوره الأستاذ الدكتور بنزاكور أجاب في تدخله على سؤال يتعلق بإشكالية علاقة الفرد بالجماعة في ظل الإصلاح، فكان جوابه أن أكد على ضرورة الاعتناء بالمؤسسات لبناء صرح الحضارة، و أشار إلى بروز بعض الظواهر المختلة في المجتمع المغربي  حيث أصبح الفرد فيه أهم من الجماعة و كذلك حتى في الأسرة التي أضحى الفرد فيها هو الأصل فلم يعد مفهوم الأسرة متداولا، و هذه الثنائية بين الفرد و الجماعة يُؤًسَّسُ لها أيضا حتى في المؤسسات السياسية.

الأستاذ الدكتور "أحمد فاضل" بدوره أجاب عن إشكالية الإصلاح الديني في ارتباطه بقضية الأسرة مبرزا في حديثه أن المسلمين ينطلقون من النصوص الشرعية قرآنا و سنة وعلى أن مصدر التلقي فيها مؤسسة المسجد هذا الأخير عملت الدولة على هيكلته و إصلاحه فيما يتعلق بالشخص الذي يعطي هذا الخطاب للآخرين من اجل إصلاح أنفسهم و أسرهم فعملت المجالس علمية و المندوبيات على تأطير الأئمة و المرشدين حتى لا يتم الترويج للأفكار التي تخالف مرجعية أهل البلد و ثوابته فيقعوا في التخريب و الإفساد عوض الإصلاح، و ذلك من أجل نشر المقومات الإصلاحية الحقة و تبليغها للناس، و أضاف أن المغرب يسير بخطى ثابتة في مجال إصلاح الأسرة عن طريق المجال الديني.

و بعد هذه المداخلات العلمية المتنوعة للأساتذة الباحثين و التفاعل الإيجابي للطلبة الباحثين أوصى المشاركون بمجموعة من التوصيات يمكن حصر بعض منها فيما يلي:

-         الاستجابة للخطاب الملكي السامي لإعادة النظر في النموذج التنموي للبلاد.

-         الانفتاح على النماذج التنموية العالمية .

-         تجويد البحث العلمي حتى يلائم صياغة النموذج التنموي.

-         إشراك المواطن في بناء النموذج التنموي.

-         تعزيز دور الجامعة باعتبارها الحضن الذي تنصهر فيه جميع الكفاءات لإنتاج إصلاح حقيقي.

-         ضرورة الانخراط الفعلي شعبا و حكومة في صياغة النموذج التنموي و إنجاز المشاريع الكبرى من خلال التخطيط و التدبير الاقتصادي 

-   ضرورة تلاقح افكار جميع التخصصات العلمية في صياغة النموذج التنموي و أن يكون شاملا لجميع مجالات الحياة.

-         ضرورة البحث و الرجوع للتراث اللامادي و إعادة النبش فيه حتى يكون منطلقا من المنطلقات الفكرية التي تساعد في صياغة النموذج التنموي المقبول و الفعال.

-         انفتاح شعبة الدراسات الاسلامية و طلبتها على كل مجالات الحياة لبناء النموذج التنموي.

 

 

 

 

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة