''المارشي سنترال'' بالجديدة.. معلمة أثرية تحولت إلى مرتع لتجمع الأزبال ونفايات الأسماك
''المارشي سنترال'' بالجديدة.. معلمة أثرية تحولت إلى مرتع لتجمع الأزبال ونفايات الأسماك

أثار وبصمات عدة خلفها المستعمر الفرنسي بمدينة الجديدة أثبتت بما لا يدع مجالا للشك القيمة والأهمية الكبرى التي أولاها لهذه المدينة التاريخية العريقة حيث وضعها في مصاف المدن الكبرى، فرغم أنها كانت مدينة ساحلية صغيرة وتعداد ساكنتها قليل جدا وقربها من مدينة الدارالبيضاء، أبى المستعمر الفرنسي إلا أن يخلق منها مدينة عصرية حديثة تضاهي المدن الكبرى كفاس ومكناس ومراكش والبيضاء وهو ما يؤكد المكانة الكبرى لهذه المدينة لدى الفرنسيين حتى لقبت من قبل الجنرال "ليوطي" ب"دوفيل دي ماروك" نظرا لغرامه الكبير بها وتشابهها  بمدينة دوفيل الفرنسية.

وهكذا شيد المستعمر الفرنسي معمارا تاريخيا سيظل خالدا منها المسرح ومكتب البريد و"بيرو عراب" الذي تحول حاليا لمتحف للمقاومة وبنك المغرب، دون أن ننسى بناية السوق المركزي أو "مارشي سنترال" بشارع الحسن الثاني، الذي ظل مفخرة المدينة تباع فيه الورود وبه محلات برونق وجمال فتان.

ولعقود من الزمن ظل رواد "المارشي سنترال" من أغنياء وأثرياء المدينة ولم يكن بإمكان الطبقات الفقيرة التسوق من هذا الفضاء.

لكن مع توالي السنوات وتحول "المارشي سنترال" إلى ملك جماعي، تدهورت وضعيته بشكل لافت وجار عليه الزمن وأصبح كل زائر للمدينة يتأسف لحال هذه المعلمة الأثرية التي تحولت إلى "شبه خراب"، قبل أن يفكر مجموعة من أبناء المدينة في استغلال بعض فضاءات "المارشي سنترال" من أجل بيع الأسماك الطازجة وفواكه البحر وإنشاء مقاهي متخصصة في الأسماك، فقام المجلس الجماعي للجديدة في محاولة لتشجيع هؤلاء المستثمرين ونفض الغبار على هذا السوق التاريخي بتفويت محلات على سبيل الكراء بأثمنة زهيدة، وفعلا نجحت الفكرة واستطاعت هذه المقاهي جلب ساكنة المدينة وزوارها و أصبح لها صيت على المستوى الوطني كأفضل مكان لتناول فواكه البحر الطازجة.

لكن المثير أنه رغم نجاح المشاريع الاستثمارية ب"المارشي سنترال" والإقبال الكبير للزبائن من ساكنة وزوار المدينة من داخل وخارج أرض الوطن، لم تنعكس هذه الانتعاشة والحركية والحيوية التي تشهدها هذه المعلمة على واقعها، وتحولت إلى مرتع لتجميع النفايات والأزبال وبقايا نفايات الأسماك في مشهد يقزز النفس ويبعث على الغثيان، والغريب أن المستفيدين من هذه المشاريع والذين استفادوا من عمليات كراء هذه المحلات بأثمنة هزيلة جدا، لم يكلفوا أنفسهم عناء التدخل والمساهمة في إعادة تأهيل هذه المعلمة التاريخية، والقيام بتنظيفها وإعادة طلائها لتستعيد بريقها ولمعانها.

ويطالب العديد من رواد "المارشي سنترال" بالتفاتة عامل إقليم الجديدة "محمد الكروج" لهذه المعلمة التاريخية الكبرى على غرار ما قام به بالحي الصناعي لمدينة الجديدة، حيث قام بحث المستثمرين ودعوتهم لإعادة تأهيل هذا الفضاء، وفعلا تجاوب مجموعة من المستثمرين مع نداءات عامل الإقليم وفي مقدمتهم المستثمر "رفيق بناصر" الذي قدم دعما ماليا مهما في هذا الاطار، وكانت مبادرة رائدة شجعت باقي المستثمرين للمساهمة في إعادة تأهيل الحي الصناعي ومحيطه الخارجي، فهل يتدخل عامل الإقليم ويجبر المستفيدين من المحلات التجارية وأرباب المقاهي ب"المارشي سنترال" على التدخل لإعادة تأهيل هذه المعلمة التاريخية والعمل على ترميم مختلف فضاءاتها وتنظيفها وتزيينها؟ خصوصا وأن شهر رمضان الأبرك على الأبواب وهو الفترة المثالية لإعادة تأهيل "المارشي سنترال" وتزيين فضاءاته استعدادا لإستقبال صيف سنة 2018 .


                                 

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة