64 سنة سجنا في حق مافيا العقار بالجديدة.. ضمنها طبيب وبرلماني سابق
64 سنة سجنا في حق مافيا العقار بالجديدة.. ضمنها طبيب وبرلماني سابق

بعد زهاء عشرة سنوات من تقديم السيدة (م. ر.)  لشكاية ضد العصابة الخطيرة التي يتزعمها برلماني سابق وطبيب وعدلين، والتي استولت على عدة أراض، باستعمال التزوير، وبمساعدة كبيرة من محافظين سابقين، وموظفين بالمحافظة العقارية بالجديدة، والذين تم استبعادهم وعدم إدخالهم في معطيات الملف.  وقد تمكن المزورون، الطبيب (ش. ي.)، والبرلماني السابق (م. ك.) من الحصول على أموال بعشرات الملايير، بعد بيعهم للقطع المختارة في مناطق ذات قيمة مالية عالية، وكانت بدون تحفيظ  بعد تزويرها وتحفيظها في اسمهم، أو اسم الشركة المنشئة بينهم، ثم بيعها بأموال كبيرة.  وبعد أبحاث مارطونية لسنوات تكلفت بها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، وبإشراف مباشر من  الوكيل العام بالجديدة، الأستاذ سعيد الزيوتي، لسنوات على ملف هذه العصابة، وبعد ضم مجموعة من الشكايات الأخرى  المتعلقة بالتزوير، إلى ملف واحد، وبعد اعتقالهم وإحالتهم من طرف قاضي التحقيق على المحاكمة، بتهم التزوير واستعماله وتكوين عصابة إجرامية، وبعد أن استمرت جلسات هذا الملف لعدة أشهر، أصدرت غرفة الجنايات الابتدائية برئاسة الأستاذ بدر، وعضوية الأستاذ حمزة واحسينة، وقد تم تسيير الجلسة من طرف رئيسها بمهنية وذكاء وبرودة كبيرة، جعلت مجريات الملف تمر بسلاسة كبيرة، رغم طول النقاش والمرافعات.
وأصدرت الغرفة أحكام 15  سجنا نافذا في حق العدلين، لكل واحد منهما،  و12 سنة سجنا في حق الطبيب والبرلماني السابق، لكل واحد منهما  من أجل تكوين عصابة إجرامية للاستيلاء على أراضي الغير والتزوير واستعماله. وتمت إدانة شاهدين ب5 سنوات لكل واحد منهما، من أجل المشاركة في التزوير.
وقد تميزت مرافعة النيابة العامة المقدمة من طرف الأستاذ منير الإدريسي، بكلمة قوية  زواج فيها بين الاعتماد على الخطاب الديني، الذي يمقت الاستيلاء على أموال الغير، بمثل هذه الطرق، وعلى الخطاب القانوني الذي أكد ثبوت كل هذه الجرائم في حق المتهمين بوضوح كبير، لا تخطأه عين أي أحد، و دعا فيها المحكمة إلى تشديد العقاب في نازلة الحال، حتى يكونوا عبرة لباقي المزورين، مؤكدا أن النيابة العامة بالجديدة بإشراف الوكيل العام، ومساعدة نوابه، عاقدون العزم على التصدي بدون رحمة لهذه العصابات، ودعا المحكمة إلى أن تغلظ العقوبة في هذه الجرائم التي أصبحت تتكاثر يوما بعد يوم. 
وقد لقيت الأحكام التي أصدرتها الغرفة الجنائية ارتياحا لدى دفاع المطالبين بالحق المدني، في حين اعتبر بعض ضحايا هذه العصابة أن العقوبات كان يمكن أن تكون أكبر، حتى تكون رادعة خصوصا وأن هناك ملفات عديدة لهذه العصابة، كلها تتعلق بالاستيلاء على عقارات بالتزوير في مناطق ذات قيمة مالية كبيرة، وأن العقوبة لو كانت رادعة وشديدة، لحققت الردع العام مؤكدين على أن هناك ملفات تزوير بسيطة، تتعلق بحالة واحدة وتكون فيها القيمة المالية للتزوير ببضعة ملايين قليلة، ويدان المتهمين فيها بعشر سنوات نافذة، في حين أن المتهمين كونوا عصابة إجرامية مختصة في الاستيلاء على أراضي الغير بالتزوير، ويختارون الأراضي التي ستباع بثمن باهض. كما كانت مرافعة الأستاذ يوسف وهابي، المحامي بالجديدة،  عن إحدى ضحايا مافيا العقار، والتي تعتبر الضحية الرئيسية التي حرك بها الملف،  والتي استمرت لمدة تقارب الساعة دقيقة ونارية فضحت الطرق الخطيرة، التي تستعملها المافيا للاستيلاء على العقارات، وفصل في نسبة كل الجرائم التي يتابع بها المتهمون بالدليل والبرهان والوثائق. وطلب تشديد العقاب في حقهم، وتناول الأستاذ الياس المرابط، المنحامي بالجديدة،  مرافعة عن بعض ضحايا العصابة، وسرد ماسي العائلة التي استولت العصابة على أرضهم، وكيف توفي الأب نتيجة حسرته، وهو يرى بعينه كيف أن أرضه أصبحت تجزأ أمامه وبيعت بالملايير من طرف العصابة، وكيف أصيب كذلك أحد أبنائهم بخلل عقلي نتيجة سلب أرضهم، ومعاناتهم من الفقر، وظلم العصابة المتمثل في سلبهم لأرضهم، وتبرعهم بملايير البيع عن أرض لا علاقة لهم بها من قريب أو بعيد.
وكانت الملكيات والهبات والوثائق المزورة تنجز عند العدلين المدانين معهما ضمن الملف، وبنفس الشهود، بل هناك مطالب أكد الأستاذ وهابي أنها تظهر مدى التسيب والنفوذ الذي كان لدى العصابة بالمحافظة العقارية بالجديدة، فتحت بواسطة وثيقة مكتوبة بخط اليد لا طابع فيها، ولا اسم موثق أو عدل أو سلطة بها، بل  ورقة عادية مجرد كتابة بخط اليد، فتح بها مطلب تحفيظ، كما أشار إلى فتح ستة مطالب للتحفيظ بوثيقة واحدة.
أما دفاع المتهمين، فرغم محاولتهم دفع التهم عن موكليهم، لكن ضعف موقف موكليهم،  وقوة وثائق الملف، ودقة بحث الفرقة الوطنية،  جعل دفاعهم صعبا للغاية لرد التهم المتابع بها موكليهم. مع العلم أن هذه العصابة مدانة في ملفات أخرى، ومتابعة بأخرى في الدار البيضاء بسبب استيلائها على أراضي بالدار البيضاء وبوسكورة.
ولنا عودة بتفصل لفضح أساليب هذه العصابة في سلب أراضي المواطنين بسبب التزوير.


الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة