القصة الكاملة لتورط أمنيين في وفاة ''المريض'' المحروس نظريا في ضيافة الشرطة بالجديدة !
القصة الكاملة لتورط أمنيين في وفاة ''المريض'' المحروس نظريا في ضيافة الشرطة بالجديدة !



بتعليمات من عبد اللطيف الحموشي، المدير العام للأمن الوطني، حل، نهاية الأسبوع الماضي، بأمن الجديدة، محققون من الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، استمعوا، في إطار البحث الذي أجروه، إلى موظفين من الأمن العمومي، علاقة بنازلة "المريض" المحروس نظريا بمحبس الأمن، والذي قضى نحبه في ظروف مثيرة للجدل. هذا، فيما تم، بتعليمات من النيابة العامة المختصة، نقل جثة "الهالك" إلى مركز الطب الشرعي ابن رشد بالدارالبيضاء، للإخضاعها للتشريح الطبي من قبل لجنة ثلاثية (ثلاثة أطباء شرعيين)، لتحديد سبب أو أسباب الوفاة.
وأوفد وزير الصحة، أنس الدكالي، الاثنين الماضي، لجنة تفتيش مركزية إلى مستشفى الجديدة، أجرت بحثا داخليا بشأن الواقعة، التي تحظى باهتمام الرأي العام، والتي تعدت أصداؤها أرض الوطن.
 هذا، فإن شرطيين من الهيئة الحضرية بأمن الجديدة، أحدهما ضابط أمن والآخر حارس أمن برتبة مقدم الشرطة، مثلا،  أمس الخميس، بعد البحث القضائي الذي أجرته ال"بي إن بي جي"، أمام الوكيل العام لدى استئنافية الجديدة، على خلفية جناية "الضرب والجرح المفضي إلى الموت دون نية إحداثه". حيث أمر بإيداع  الأول رهن الاعتقال الاحتياطي بالسجن المحلي، والثاني تابعه في حالة سراح، مع إغلاق الحدود في وجهه؛ وأحالهما على قاضي التحقيق الجنائي، الذي سيباشر معهما، شهر أكتوبر القادم، جلسات الاستماع التفصيلي.

الجريدة تفجر إعلاميا النازلة: 


كان للجريدة السبق في تفجير النازلة إعلاميا، والتي كادت أن تقبر وتبقى طي الكتمان، وذلك  بنشرها، صباح الجمعة الماضي، مقالا صحفيا تحت عنوان: " محروس نظريا بمحبس الشرطة بالجديدة يقضي نحبه بعد حوالي 11 ساعة عن إيقافه". وهو التحقيق الذي تفاعلت المديرية العامة للأمن الوطني مع الوقائع والحقائق المضمنة فيه، وأصدرت لتوها بلاغا للرأي العام، مباشرة بعد نشر المقال. 

الوقائع والحيثيات: 


ولج شاب في مقتبل العمر (30 سنة)، مساء الخميس الماضي،  إلى المستشفى الإقليمي بالجديدة، حيث وجهه الطبيب المداوم بقسم المستعجلات إلى قاعة "الأشعة السينية" لإجراء "الراديو"،  إثر تأزم وضعه الصحي، كونه كان يعاني من ضيق حاد  في التنفس. وقد أحدث "المريض" فوضى، وكان في حالة غير طبيعية (حالة سكر، حسب ما أورده بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني)، وذلك في ردة فعل عن عدم تمكينه من "المجانية" في الاستفادة من خدمة "الراديو"، سيما أنه توجه قبل ذلك إلى المساعدة الاجتماعية بالمستشفى. 
هذا، وانتقلت دورية من الدائرة الأمنية الثالثة، صاحبة الاختصاص الترابي، في حدود الساعة الثالثة والنصف مساءا، بناء على إشعار هاتفي  على خط النجدة 19،  إلى المستشفى، حيث أوقفت "المريض"، واقتادته مصفد اليدين  إلى المصلحة الأمنية. وبعد أن أنجزت الضابطة القضائية الإجراءات المسطرية، قيدت حريته بوضعه بتعليمات نيابية، تحت تدابير الحراسة النظرية، ونقلته سيارة النجدة إلى المحبس بمقر أمن الجديدة. 
ولم تجد نفعا توسلات والد "المريض" الموقوف، لدى الضابطة القضائية، بعدم وضعه في المحبس، في فضاء ضيق يصعب فيه التنفس على ابنه المصاب بضيق حاد في التنفس!
وعلى الساعة العاشرة و9 دقائق من مساء اليوم ذاته، تدخلت سيارة إسعاف، ونقلت "المريض" المحروس نظريا، بعد قضائه أكثر من 6 ساعات داخل "الجيول"، إلى المستشفى الإقليمي بالجديدة، حيث أدخل ما بعد منتصف الليل، في وضعية صحية حرجة، إلى قاعة الاستشفاء بقسم الإنعاش، حيث لفظ أنفاسه، في حدود الساعة الواحدة من صبيحة الجمعة الماضي. 
وقد جاء في تقرير أعده الطبيب المداوم أن سبب الوفاة كان "سكتة قلبية"، حسب ما أورده بلاغ المديرية العامة للأمن الوطني. 
وقد خلقت وفاة "المريض" الذي كان في ضيافة الشرطة، حالة استنفار أمني، بعد إيقاظ رئيس الأمن الإقليمي، الذي كان يخلد وقتها للنوم، والذي أشعر لتوه المصالح المديرية، مديرية الشرطة القضائية، مديرية الأمن العمومي، ومديرية الاستعلامات العامة (..).

إجراءات ضرورية للوقوف على الحقيقة:


في إطار الأبحاث التي أجرتها أو تجريها الجهات المختصة، يتعين الرجوع إلى الملف الصحي الخاص بالهالك (ملف التطبيب)، وكذا، إلى تسجيلات الكاميرات، المخزنة في جهاز "دي في إغ"، والتي من المفترض والمفروض أن يكون محتفظا بها لدى إدارة المستشفى، والتي لا يمكن بأي حال من الأحوال القول أو التذرع بكون كاميرات المراقبة كانت وقتها "غير مشغلة"، أو  "مصابة بعطب"، أو أي عذر من هذا القبيل.. وذلك للوقوف عن كثب وبالواضح والملموس على ظروف إسعاف وتطبيب "المريض المتوفى" داخل المستشفى، وكيفية معاملته والتعامل معه، سواء عند إيقافه من قبل الشرطة، أو أثناء اقتياده على متن سيارة النجدة، إلى المصلحة الشرطية. 
وعلاوة على ظروف الإيقاف، يتعين أيضا وبالموازاة مع ذلك، الوقوف على الظروف المصاحبة لفترة الحراسة النظرية، حوالي 7 ساعات، التي قضاها "المريض الهالك" في المحبس، إلى حين نقله إلى المستشفى، في حالة حرجة، على متن سيارة الإسعاف، على الساعة العاشرة و9 دقائق، وذلك بالاطلاع على تسجيلات كاميرات المراقبة، المثبتة في "الجيول". هذه الكاميرات التي كانت بالمناسبة  "معطلة"، قبل أن تتدخل وتعيد تشغيلها لجنة تفتيش مركزية، أوفدتها، منذ أقل من سنتين، المديرية العامة إلى المصلحة الشرطية اللاممركزة، الأمن الإقليمي للجديدة.

ملاحظات لكل غاية مفيدة:


ثمة ملاحظات واقعية وقانونية وموضوعية، من شأنها أن تفيد البحث القضائي علاقة بالنازلة، تستحضرها الجريدة بقوة، ولكل غاية مفيدة، من قبيل:
إن وكيل الملك لدى ابتدائية الجديدة، قد أصدر تعليماته النيابية بإيقاف الشاب "المريض"، ووضعه تحت تدابير الحراسة النظرية في المحبس بمقر أمن الجديدة، وهو في ذلك كان مقيدا بقانون المسطرة الجنائية، الذي لم يعمل إلا على إعمال مقتضياته، وذلك وفق الوقائع "غير الدقيقة"، التي تكون الضابطة القضائية وافته بها، والتي عمد تبعا لذلك إلى تكييفها القانوني (السكر العلني البين، وإحداث الفوضى في مرفق عمومي)، طبقا وتطبيقا لما ينص عليه القانون الجنائي. 
فلو أن الضابطة القضائية التي أوقفت الشاب "المريض" من داخل المستشفى، وليس في الشارع العام أو في مكان عمومي آخر، كانت أطلعت ممثل القضاء الواقف (النيابة العامة)، بوضعه الصحي، وبخطور حالته، ما كان ليأمر بوضعه رهن "الحراسة النظرية"؛ ولكان أصدر تعليماته بإيداعه رهن "المراقبة الطبية المحروسة" في إحدى الأقسام أو المصالح الصحية المختصة بالمستشفى، إلى حين تماثله للشفاء، سيما أنه لم يكن يشكل البتة أي خطر، ناهيك عن كون الأفعال الجنحية المنسوبة إليه، في حال ارتكابها، لا تشكل جريمة أو أفعالا جرمية جسيمة. 
وبالمناسبة، فإنه حتى في بعض الحالات، عند وقوع جرائم دم خطيرة، قد تشكل خطرا على أمن وسلامة المواطنين، وعلى الممتلكات العامة والخاصة، ويكون الفاعل مصابا بمرض أو يصاب وقتها بجروح، فإن وضعه الصحي يحتم قانونا إخضاعه أولا وقبل كل شيء، للعلاج والتطبيب، وتعويض "الحراسة النظرية" في حقه، إذا استدعى الأمر ذلك، ب"المراقبة الطبية المحروسة"، وذلك قبل الشروع في إخضاعه للبحث القضائي تحت إشراف النيابة العامة المختصة..على غرار ما يتم التعامل به في دول العالم المتحضر.


انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان:


عرفت مصالح شرطية، تابعة للأمن الإقليمي للجديدة، في عهد ولاية رئيس الأمن الإقليمي، عزيز بومهدي، انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.. حيث كانت الضابطة القضائية سببا في وضع مواطنين أبرياء تحت تدابير الحراسة النظرية، وحتى رهن الاعتقال الاحتياطي بالسجن المحلي بالجديدة، بعد أن وافت النيابة العامة بوقائع "غير دقيقة". مواطنون أبرياء تبثت، بعد سلبهم حرياتهم لمدد غير قصيرة، براءاتهم بموجب أحكام قضائية. وهذا ما كانت فضحته الجريدة في تحقيقات صحفية، يمكن لكل من يهمه الأمر، ولكل غاية مفيدة، الرجوع إليها عبر محرك البحث الإلكتروني، تحت العناوين التالية:
"البعد الحقوقي في قضية مواطن مغربي زج به في السجن بالجديدة بسبب لقب المعاشي"؛
"البوليس بأزمور ينسب لمواطنين الاتجار في المخدرات والقضاء يحكم ببراءتهما"؛
وفي سياق الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، فإن متقاضية تدعى (أ.) ولجت ليلا، في غضون سنة 2016، إلى مقر أمن الجديدة، ك"مشتكية"، وخرجت منه، بعد تقييد حريتها ووضعها تحت تدابير الحراسة النظرية، ك"مشتكى بها"، مصفدة اليدين، تجر خلفها جناية من العيار الثقيل، لفقها إليها ضابط الشرطة القضائية (ح.)، العامل لدى المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية، وتكمن في جناية تمزيق وثيقة رسمية، والتي هي محاضر الضابطة القضائية، والتي تصل عقوبتها حد 10 سنوات سجنا نافذا، وفق الفصل 592 من القانون الجنائي.
وبعد أن ثبتت براءتها بموجب حكم نهائي، أصبح غير قابل للطعن؛ وبعد سنتين من المعاناة ومن الكابوس الذي عاشته في يقظتها ومنامها؛ وعلى إثر شكاية تقدمت بها "الضحية"، أدانت غرفة الجنايات الابتدائية باستئنافية الجديدة، شهر نونبر 2018، ضابط الشرطة (ح.)، بسنتين سجنا نافذا، وتعويض بقيمة 30.000 درهم (ثلاثين ألف درهم)، من أجل جناية "شهادة الزور"، التي تابعه بها قاضي التحقيق الجنائي، وفق مقتضيات الفصل 369 من القانون الجنائي. 
وفي الدرجة الثانية من التقاضي، قضت غرفة الجنايات الاستئنافية بسنة سجنا موقوف التنفيذ، في حق الضابط، إثر تنازل تقدمت به "الضحية" لفائدته (!).
ودائما في السياق ذاته، أخضعت الشرطة بأزمور، الجمعة 09 دجنبر 2016،  (أحمد م.)، رجل الإعلام والناشط الحقوقي الدولي (العضو في المرصد الدولي للإعلام وحقوق الإنسان) للاعتقال التحكمي، بعد أن أجبره ضابط أمن من الهيئة الحضرية، في تدخل "بوليسي" هوليوودي في الشارع العام، أثار ألف علامة تعجب واستفهام، على مغادرة عربته رباعية الدفع، دون سابق إنذار أو إشعار، ودون إطلاعه على أي سبب أو تبرير؛ ورمى به فور ترجله، إلى داخل سيارة النجدة، حيث وضع الأصفاد في يده، وشدها إلى خلف مقعد السائق، وقام بصفعه على وجهه، وكأنه مجرم خطير.. قبل أن يتراجع ويخلي سبيله. وهي الجريمة التي ينص عليها الفصل 446 و225 من القانون الجنائي.
وكان الإعلامي والحقوقي (أحمد م.) نشر، طيلة السنوات الخمسة الأخيرة، عشرات التحقيقات الصحفية المزلزلة، فضح فيها بالواضح والملموس سوء التدبير والخروقات الجسيمة، غير المسبوقة وغير المعهودة، التي شابت تدبير الشأن الأمني في عهد رئيس الامن الإقليمي للجديدة، عزيز بومهدي، الذي تم تعيينه، في ال26 أبريل 2014، والذي تعدت بالمناسبة ولايته، على خلاف جميع من سبقوه من مسؤولين أمنيين،  سنتها الخامسة، وذلك في تناقض مع الحركية الانتقالية،  التي كان  المرحوم الحسن الثاني دعا إلى إجرائها في مناصب المسؤولية، مرة كل 4 سنوات.
ويأتي الاعتقال التحكمي الذي استهدف "الضحية"، الجمعة 09 دجنبر 2016، مباشرة في اليوم الموالي لتحقيق صحفي نشره، الخميس 08 دجنبر 2019، تحت عنوان: "باراج البوليس بالجديدة تحت المجهر". 
وكان لحظة تنقله وانتقاله، يوم اعتقاله، إلى أزمور، بصدد إنجاز تحقيق صحفي في موضوع نازلة "وفاة غامضة" داخل محبس مفوضية الشرطة بأزمور، كان يتابع في إطارها، في حالة سراح، شرطيان من القسم المحلي للشرطة القضائية بأزمور، أمام الغرفة الجنائية الاستئنافية بمحكمة الدرجة الثانية بالجديدة، على خلفية اتهامهما بجناية "الضرب والجرح بواسطة السلاح المفضي إلى الموت"، طبقا للفصول 401 – 403 – 410 من القانون الجنائي. 
ولم تحل العراقيل دون إنجاز هذا التحقيق الصحفي، ونشره، الثلاثاء 27 دجنبر 2016، تحت عنوان: وفاة "غامضة" في ضيافة الشرطة بأزمور.. وتقرير التشريح تجاوز حدوده (+ فيديو). 

مدى مسؤولية المسؤولين الأمنيين:


بالرجوع إلى ظروف وملابسات إيقاف وتقييد حرية "المريض الهالك"، فإن المحبس حيث كان تم وضعه قيد حياته تحت تدابير الحراسة النظرية، يخضع لمراقبة المسؤولين الأمنيين، الذين يحظون بالصفة الضبطية، وفي مقدمتهم رئيس الأمن الإقليمي، والعميد المركزي (رئيس الأمن العمومي)، ورئيس المصلحة الإدارية، الذين كانوا أخذوا في حينه، الخميس 12 شتنبر 2019، علما بنازلة إيقاف "المريض" من داخل المستشفى، وبظروفه وحالته الصحية،  وبإيداعه رهن الحراسة النظرية.. فلماذا لم يتدخل أي من هؤلاء المسؤولين..؟! ولماذا أبقوا عليه، رغم وضعه الصحي المتأزم، في "الجيول"، حيث كان يصعب عليه التنفس في فضاء مغلق وضيق؟! ولماذ لم يعملوا على تطبيق ما يقتضيه القانون، وحتى الإنسانية والأخلاق، في مثل هذه الحالات، ناهيك عما يحتمه القانون من تقديم المساعدة والإسعاف لشخص في خطر.. حيث كان عليهم التدخل فورا لإشعار النيابة العامة، وطلب رفع الحراسة النظرية عنه..؟! 

التشريح وتحديد أسباب الوفاة:


يبقى التشريح الطبي الذي أمر بإجرائه الوكيل العام، الكفيل بتحديد سبب أو أسباب وفاة "المريض" المحروس نظريا. التشريح الطبي الذي يتعين عليه أن يحدد طبيعة المعاملة والتعامل معه، عند إيقافه وتقييد حريته، وكذا، نوع الدواء، أكان حقنة أو أقراصا وغيرها، الذي قد يكون أعطي ل"الهالك"، ومعرفة مكوناته الكيماوية، وما إذا كان مفعوله وتفاعله يتنافى والوضع الصحي ل"المريض المتوفى"، وما إذا كانت له نتائج وتأثيرات جانبية وعكسية على صحته، وما إذا كان سببا محتملا من أسباب الوفاة.. وكذا، الرجوع إلى ملف التطبيب المودع لدى إدارة المستشفى، لمعرفة طبيعة التحليلات الطبية "القبلية"، التي من المفترض والمفروض أن يكون الطبيب المعالج أجراها عليه، قبل إعطائه أي دواء وعلاج.

أسرة مكلومة واستياء عارم:


استقبلت الأسرة المكلومة بالجديدة، الاثنين الماضي، نعش فلذة كبدها الذي فارق الحياة في مقتبل العمر (30 سنة)، وترك زوجة وصغيرة في عمر الزهور (سنتين)، جثمانا داخل صندوق مغلق ومشمع، أقامت عليه والاٌقارب والمعارف وفعاليات حقوقية وجمعوية ومتعاطفون، صلاة الجنازة بعد عصر اليوم ذاته، في مسجد سيدي موسى، وتمت مواراته الثرى في مثواه الأخير بمقبرة "دوار الشهب"، في أجواء خيم عليها الحزن والأسى والاستياء.
وقد أخرجت وفاة "المريض"، المثيرة للجدل، والذي كان في ضيافة الشرطة، حقوقيين وجمعويين ومواطنين،  للتظاهر في وقفة غاضبة، مساء  الأربعاء الماضي، وسط عاصمة دكالة، قبالة مسرح عفيفي. 

هل تم حقا إسعاف "المريض" في الوقت المناسب؟:


وبالمناسبة، وحتى إن كانت وفاة المحروس نظريا نتيجة الضرب والجرح، أو الإسقاط أو السقوط.. أكان عمدا أو غير متعمد، والذي قد يكون حصل عندما كان ضابط الأمن ومقدم الشرطة، بصدد إيداع "المريض" الموقوف في المحبس، في حدود الساعة الرابعة أو الرابعة والنصف، أو حتى الخامسة مساءا، بعد اقتياده مصفد اليدين، على متن سيارة النجدة، بعد أن أنجزت الدائرة الأمنية في حقه بطاقة الوضع رهن الحراسة النظرية (billet d’écroulement)، فلماذا لم يتدخل في حينه المسؤولون الأمنيون.. وأين كان رئيس الأمن الإقليمي، والعميد المركزي (رئيس الأمن العمومي)، ورئيس المصلحة الإدارية، الذين كان من المفترض والمفروض أن يكونوا حاضرين ومتواجدين، وأن يسعفوه، سيما أنه كان في حالة خطر..؟! ولماذا تم الانتظار إلى غاية الساعة العاشرة و9 دقيقة مساءا، أي بعد حوالي 5 ساعات، لكي يتم طلب سيارة الإسعاف،  لنقله إلى المستشفى، بعد أن تدهورت بشكل خطير حالته الصحية؟!

تحديد المسؤوليات بمختلف مستوياتها ودرجاتها:


يجب أن يتم تحديد المسؤوليات (المسؤولية الجنائية – المهنية – المهنية – الإارية – التقصيرية..)، وأن تشمل التحقيقات التي أجرتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، في إطار البحث القضائي، أو البحث الإداري الداخلي، علاقة بالنازلة التي تزامن بالمناسبة وقوعها مع تداول "فيدوات" بالصورة والصوت، على نطاق واسع، على مواقع التواصل الاجتماعي، تتهم مسؤولين بأمن الجديدة، بعضهم خرج في إجازة، بأفعال من العيار الثقيل، (أن تشمل) مختلف المستويات والدرجات، وكل من له صلة من قريب أو بعيد بالواقعة، من أطر صحية بالمستشفى، وأمنيين متدخلين بشكل مباشر أو غير مباشر،  من الضابطة القضائية التي أوقفت "المريض الهالك"، وإلى العميد المركزي، ورئيس المصلحة الإدارية، ورئيس الأمن الإقليمي بالجديدة، استنادا إلى ما تم استحضاره أعلاه، ناهيك عن كون القاعدة الإدارية تنص على كون: "الرئيس يتحمل مسؤولية مرؤوسيه وأكثر".

الرحمة على الفقيد والرأفة بالضابط المعتقل:


هذا، فإن كان الجميع يشاطرون أسرة "الضحية" الحزن والأسى، جراء هذا المصاب الجلل، قدر الله الذي لا مرد له.. فلا بد من الرأفة بضابط الأمن، الذي كان بالأمس مكلفا من قبل رؤسائه بنقل "المساجين" (المجرمين ونفايات المجتمع..)، إلى السجن المحلي بالجديدة؛ والذي ها هو أصبح اليوم وسطهم معتقلا.
 فهل ستتحرك المديرية العامة للأمن الوطني، والمدير العام عبد اللطيف الحموشي، ابن الشعب، الغيور على جهاز الأمن الوطني، وعلى العاملين فيه، لمؤازرة موظفه، ضابط الأمن، في محنته التي قد توصل رسالة سلبية إلى الساهرين على استتباب الأمن والنظام العام. هذا الشرطي الذي يشفع له، كي يتم تمتيعه بدوره، وعلى الأقل في الظروف الراهنة، بالسراح المؤقت، كونه  مصابا بمرض مزمن، وتقدم به السن، وبات مقبلا على التقاعد؛ ويحظى بشهادة إجماع زملائه ومرءوسيه، وكل من يعرفه، بأخلاقه وسلوكاته الحميدة، وبتفانيه في أداء الواجب المهني، والواجب الوطني، وذلك دون استحضار أن  "الهالك" تغمده الله بواسع رحمته، والذي كان وقتها في حالة سكر، حسب البلاغ المديري المرجعي، قد  يكون فقد توازنه (..!).

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة