الحكامة ومدى تبلور أبعادها وإنبثاق مبادئها بالمجال الحضري لمدينة الجديدة
الحكامة ومدى تبلور أبعادها وإنبثاق مبادئها بالمجال الحضري لمدينة الجديدة


إن مفهوم الحكامة La Gouvernance  كمقاربة وفلسفة للتغيير تسعى لتحقيق التنمية برهاناتها وتعقيداتها وفق رؤية استراتيجية معقلنة على مدى القريب والبعيد، الحاضر والمستقبل، مع دراسة الموارد المالية والبشرية والطبيعية(...) لتحديد عناصر الضعف والقوة لرؤية واضحة للنهوض بالشأن العام لتدويب وتجاوز الرؤى التقليدية في تدبير مجال معين ونهج منهج حكماتي ذات برنامج إصلاحي متكامل للحياة الإقتصادية والسياسية والإجتماعية(البيريسترويكا).
إن منطق تدبير المجال الحضري لمدينة الجديدة كمسكنات الآلام بين راحة عاجلة وأضرار أجلة. فالبرامج الإصلاحية ظلت حبرا على ورق بحيث أن هذه الوضعية تتحملها المجالس التي تناوبت على قيادة المدينة بعجز تام أمام تنفيد العديد من الإنجازات سواء على مستوى المشاريع المقررة كإخراج مشروع المقبرة إلى حيز الوجود، أو في ما يخص التنمية الاجتماعية والإقتصادية وغيرها من الخدمات التي تنتظرها  الساكنة. هذه الفلسفة والسياسة التي ينهجها المجلس لم تقدم تلك القيمة التي يطمح إليها الجديديين حيث أن الأزبال في كل الشوارع والأزقة فمشكل النظافة يتفاقم يوم بعد يوم والمواطن الجديدي بعد أن نشأ وشب وأيفع  فقد شاخ وهرم وطعن للحد من هذه الظاهرة. الجديدة كما يحيل اسمها لم تعد جديدة بالنظر لتواجد هذا الكم من الأزبال. علاوة عن هذا البنية التحتية التي تستغيت نتيجة التساقطات المطرية.المطر من نعم الله المباركة فبعد أن كان يسر ويفرح أصبح يفضح ويجرح هنا تستسلم الطرقات والساكنة تشعر بوخزة الآلم الحادة. أما قطاع النقل الحضري يتخبط في فوضى عارمة حيث أن جودة الخدمات لاتتجاوب مع متطلبات الساكنة وبالتالي يجب وضع لجن مراقبة على سائقي سيارات الأجرة الصغيرة لأنهم يتلاعبون بالزبائن يحددون وجهاتهم وثمن رحلاتهم دون حسيب أو رقيب، أما شركة 'إيكينوكس' فحدث بلا حرج، لذا الساكنة مازالت تعيش نفس المعاناة اليومية مع وسائل النقل. ناهيك عن الظلام الذي يخيم على أغلب المناطق والأحياء بسبب غياب الكهرباء وعدم صيانة التجهيزات التي قد تتسبب في إنتشار الجرائم التي تهدد آمن وحياة الساكنة. فالتسول وتكاتر الباعة المتجولين في كل زمان ومكان وقلة التجهيزات العمومية وندرة المساحات الخضراء وتلوت الجو والمياه والترامي على الملك العام. اختلالات طمست هوية المدينة هنا يجب وضع حلول وإعادة النظر في المشاريع والرؤى التقليدية في تدبير هذا الشأن المحلي. مدينة الجديدة تفتقر للحكامة الجيدة على مستوى التدبير الجماعي فتراجع روح المواطنة والإلتزام السياسي وإعطاء الأولوية للمصلحة الفردية عن نظيرتها الجماعية ومحدودية الوسائل المالية والبشرية والتقنية وتقل المساطر الإدارية وأساليب الوصاية التقليدية كلها عوامل أضرت بالعمل الجماعي بالمدينة. فالساكنة لا تريد خطابات ووعود بل تريد كفاءات  بشرية ستقدم الإضافة على مستوى إعداد الملفات والمشاريع وعلى تنفيد قرارات المجلس الجماعي تحت تناسق كل الهيئات المتداخلة في تدبير المدينة مع تخفيف الوصاية القبيلة. فالحكامة الجيدة داخل هذا المجال شبه مفقودة لأن مبادئها وأبعادها في خبر كان في ظل هذه المشاكل الذي تعيشها المدينة لذا يجب إقرار المجلس لوضع مخطط استراتيجي على المدى القريب والبعيد ببرامج واضحة المعالم في كل الميادين وفق رؤية شاملة من طرف كفاءات مؤهلة ولإعادة النظر في منظومة الإعلام والتواصل، ووضع لجن مراقبة لتقييم مستمر خصوصا على رأس المجلس لحماية المال العام (المساءلة والمحاسبة) في حالة نجاح أو إخفاق لتحقيق التنمية الإقتصادية ولبلوغها يجب ربطها بالعدالة الإجتماعية. لأن الحكامة لا تتحقق إلا بالعدالة والديمقراطية خصوصا التشاركية، لذا فهذا المجال(مدينة الجديدة) يحتاج لإرادة سياسية بإصلاحات تشريعية وهيكلية وتأهيل للموارد البشرية قصد تثمين مؤهلات المدينة.


الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة