استقلالية الجامعة العمومية حبر على ورق (عبد الحق غريب)
استقلالية الجامعة العمومية حبر على ورق (عبد الحق غريب)


منذ تعيين السيد سعيد أمزازي على رأس وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، تعرضت الهياكل الجامعية القانونية (مجالس الجامعات ومجالس المؤسسات)  لتهميش ممنهج على حساب ما يسمى بندوة رؤساء الجامعات وشبكة العمداء غير القانونيتين، وتعرض القانون 00-01 المنظم للتعليم العالي إلى خرق سافر ومقصود  وغير مسبوق، سواء من قبل الوزير نفسه أو من طرف رؤساء الجامعات، أمام صمت مريب للمكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي.
 
لا يسمح المجال هنا للتفصيل  في هذا التهميش الممنهج للهياكل الجامعية والخروقات السافرة والمقصودة لمقتضيات القانون 00-01، يكفي أن أُذِكّر هنا، على سبيل المثال لا الحصر، بعض الإجراءات والقرارات التي تمّ اتخاذها بشكل أحادي/انفرادي (مذكرات أو بلاغات) من طرف الوزير ورؤساء الجامعات، خارج الهياكل الجامعية المخول لها قانونيا ذلك:
- المذكرة التي يرسل السيد وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي في نهاية كل سنة جامعية إلى رؤساء الجامعات يحدد من خلالها مراحل الموسم الجامعي المقبل، وتواريخ تسجيل الطلبة الجدد وإعادة تسجيل الطلبة القدامى وكذا تواريخ إجراء مباريات الإجازات والماستر والدكتوراه، بالإضافة إلى موعد إنطلاق الدراسة بشكل فعلي، وكذا إجراء الامتحانات العادية والاستدراكية للدورة الخريفية والربيعية؛
- سلسلة من البلاغات/القرارت المتعلقة بالتعليم الجامعي في سياق جائحة كورونا (توقيف الدراسة من شهر مارس إلى شهر شتنبر، التدريس عن بعد، ارجاء الامتحانات إلى شهر شتنبر، إلخ...)؛
- بلاغ رؤساء الجامعات الأخير حول امتحانات الدورة الربيعية ومناقشة البحوث وأنشطة البحث العلمي برسم سنة 2019-2020...  
جدير بالذكر أن المادة 5 من القانون 00-01 المنظم للتعليم العالي تنص على أن الجامعات تتمتع في إطار مزاولة المهام المسندة إليها بالاستقلال البيداغوجي والعلمي والثقافي.. والمادة 11 من نفس القانون تنص على أن مجلس الجامعة يتمتع بجميع السلطات والصلاحيات اللازمة لإدارة الجامعة، والمادة 22 تنص على أن مجلس المؤسسة يتداول في جميع المسائل المتعلقة بمهام المؤسسة وحسن سيرها، ويتخذ جميع الإجراءات الرامية إلى تحسين سير المؤسسة.
ويدل صريح منطوق فقرات مواد القانون 00-01 المشار إليها أعلاه، على أن الجامعات المغربية تتميز بالاستقلال البيداغوجي والتدبيري الكامل، مما يعطي للأساتذة الجامعيين وحدهم فقط صلاحية وضع البرامج والمضامين البيداغوجية والحق في اتخاذ كل القرارات المتعلقة بالدخول الجامعي ومراحل الموسم الدراسي وبرنامج الامتحانات وكيفية تدبيرها وتنظيمها وما إلى ذلك.
فِي نفس السياق، يمكن القول أن المكاتب الجهوية والمحلية للنقابة الوطنية للتعليم العالي في العديد من المواقع الجامعية تحملت مسؤوليتها، وعبرت عن استيائها  ورفضها لكل تطاول على صلاحيات واختصاصات الهياكل الجامعية وتشبثها باحترام مقتضيات القانون 00-01 المنظم للتعليم العالي، أما المكتب الوطني فإنه ملزم بتحمل مسؤوليته كاملة في الدفاع عن استقلالية الجامعة، والتصدي لمؤامرة تهميش هياكلها القانونية (مجالس الجامعات ومجالس المؤسسات) على حساب ما يسمى بندوة رؤساء الجامعات وشبكة العمداء غير القانونيتين، والتعبير عن موقفه مما يحاك نهاراً جهاراً ضد استقلالية الجامعة العمومية، قولاً وفعلاً.

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة