جماعة أولاد احسين بين أنياب التهميش وضعف التسيير
جماعة أولاد احسين بين أنياب التهميش وضعف التسيير


توقفت بوصلة الجماعة ، وصارت بدون هوية، تنتشلها من أيدي العبث، التي أحكمت قبضتها على كل مناحي الحياة، متحكمة بذلك في مساحة شاسعة، وحولت حياة سكانها إلى جحيم لا يطاق حيث كل مظاهر التهميش والتفقير والتجويع بادية على دواويرها، بفعل عقليات مسؤولين محدودي المستوى، بجراح التجاوزات القانونية وتدبير الشأن المحلي، بطرق كلها غاية في العشوائية وتغليب المصلحة الشخصية، ضدا على شعارات جوفاء تتطلع إلى التنمية والإقلاع نحو الأفضل.
بهذه الجماعة، شكل الإحساس عند البعض بعدم المتابعة والمحاسبة درعا واقيا لـ”رؤوس الفتنة” وفسح المجال لكثير من الظواهر والممارسات المشبوهة، وسهل إنتاج مجموعة من التجاوزات
التي أشاعت منطقة الاغتناء والانتهازية والمحسوبية، كثقافة محلية بشتى الطرق والوسائل، فكان من ذلك بزوغ عدة ظواهر وسلوكيات إجتماعية خطيرة تمارس بالعلن، وبمباركة من الأطراف المسؤولة التي تراقب عمليات التبذير والاستنزاف المالي، دون أن تكون لها القدرة على تحريك ساكن.
إقصاء..إهمال…تهميش
أن تزور جماعة  المتجدرة في التاريخ ليوم واحد، شيء كاف بأن تتقزز نفسك من منظر منطقة تعرف الإهمال والنسيان، وتتألم لمنظر شباب يجر ذيول اليأس في طرقات تنتظر من يرق قلبه لحالها، ويستر عوراتها المكشوفة.
وأن تقوم بجولة قصيرة بين دواوير هذه الجماعة المزعومة ومركزها المهمل، شيء كاف لتقرر أن تعود أدراجك، وتدعو لهؤلاء المهمشين، أن يزورهم يوما ما، ولي من أولياء الأمور، لعله يكتشف أن ما يستنكره هؤلاء ويعانون منه، ليس وهما تخيلوه، أو إفكا افتروه، وإنما مرارة يعيشونها كل يوم، وأنهم يطالبون بأبسط شروط العيش، ولا يريدون جماعة فاضلة، ولا يتمنون أن تتحول جماعتهم إلى”باريس” وتتلخص كل مظاهر الفوضى في الفقر والبؤس، وغياب اهتمام المسؤولين، الذي يعكسه حال مركز السبت دويب والطرقات المتصدعة، وانعدام التهيئة، وتصدع الموجود من بعض شبه الادارات، والقمامة في كل ناحية، وكأن المنطقة خارج مجال التغطية.
الإحساس بالغبن والمعاملة التمييزية جذّر التطرف أكثر،
يشعر شباب جماعة أولاد احسين، بأنهم وأهاليهم يعاملون معاملة تمييزية، فيها كثير من التهميش والإجحاف من طرف المسؤولين، وتجذرت في نفوسهم مع الوقت، قناعات سلبية خطيرة.
فهناك أمثلة بالجملة عن مظاهر الحرمان والتمييز التي يعانون منها في كل شيء، فطرقهم ترابية ومدارسهم مهترئة، وبيوتهم متصدعة، ودواويرهم مظلمة، والنقل قليل، وشبابهم يقتله الفراغ والضياع، وتتلقفه الانحرافات، في ظل غياب أي مرفق أو مرافقة تحتويهم وتفتح لهم آفاقا لولوج العصرنة وترقية مداركهم.
وهذه الأوجه من المعاناة والإحساس بالغبن تلعب كثيرا على معنويات الشباب، وتنمي في نفوسهم إحساسا متجذرا بالإهمال المقصود لهم، وتدفع بالضعاف منهم نحو هاوية التطرف بكل أبعاده ومعانيه، رغم وقوعها على الطريق الرئيسي، إلا أن البعض يجهل وجودها على الخارطة الجغرافية وكأنها غير موجودة على أرض الواقع ، خاصة في ظل تهميشها، حيث لا تزال تفتقر إلى العديد من الخدمات الضرورية والأساسية.
 جواد المصطفى ومن أجل إعلان بقائها وصمودها، لا تزال جماعة أولاد احسين  تعيش على أنفاس الجماعات  المجاورة رغم الظروف الصعبة التي يكابدها سوء التسيير ، خاصة وأن للحياة هنالك طعم آخر مغموس بالقهر والحرمان.
الحياة في عين ساكنة ، معنونة بالحرمان خاصة في ظل افتقار الجماعة لأبسط الخدمات، والتي تكاد تكون معدومة من جميع النواحي،  الإنارة العمومية والبنية التحتية والنقل الحضري وملاعب القرب وغير ذلك.
. مقبرة منسية !!!
يتغير كل شيء، ولا تتغير جماعة أولاد احسين، التي تبقى ضحية لسياسة الإهمال والتهميش واللامبالاة المفروضة عليها، مما جعل الجماعة تعاني مشاكل هيكلية متعددة رغم توفرها على مؤهلات مهمة، بالإضافة إلى موقعها الاستراتيجي، فهي جماعة العبور حيث تتواجد على الطريق بين مدينة الجديدة وزاوية سيدي اسماعيل ازمور جرف الأصفر أولاد عيسى ، تثير انتباهك قرية مهجورة إسمها “عين جماعة أولاد احسين ” التي تعيش التهميش والنسيان والإقصاء، بسبب تقاعس المسؤولين القائمين على تدبير الشأن المحلي.
سكان أولاد احسين ، أعلنوا عن سخطهم وغضبهم اتجاه المنتخبين، بسبب دوامة التهميش والإقصاء الذي تتخبط فيها منطقتهم، فبالرغم من مؤهلاتها البشرية والفلاحية وموقعها الإستراتيجي، فلا زالت لم تشهد بعد تنمية حقيقية، وظلت عرضة للتهميش و الإقصاء.
وهناك عدة عوامل ساهمت في ذلك منها ضعف أداء المجالس المنتخبة التي لم تكن في مستوى تطلعات الساكنة التي تشكو الكثير منها البنيات التحتية المنعدمة، أما المجلسي القروي، فهو يفتقر إلى استرتيجية تنموية هادفة، تخرج الجماعة من براثن التخلف والتهميش، دون اهتمامهم بالأوضاع الإجتماعية التي تعيشها الساكنة، إضافة إلى تعطيل عملية تنفيذ برامج تنموية، مما حول معه الجماعة برمتها إلى حلبة للصراع الجانبي غير المجدي.
وأمام الوضعية الكارثية الراهنة التي تعيشها المنطقة،أصبحت تتطلب تدخلا فوريا ومستعجلا من أجل إعادة بناء الجماعة بشكل عقلاني ومنظم لفك العزلة عنها، مما حول المنطقة إلى مقبرة منسية، كما يحب السكان تسميتها، الذين يتحدثون عن جماعتهم بمضاضة، ويتساءلون عن الأسباب التي جعلت منطقتهم منسية.
هذا هو إذن حال جماعة أولاد احسين التي كتب عليها أن تعيش معاقة ومحرومة من أدنى شروط العيش السليم، كما كتب أيضا على شبابها أن يعيشوا حياة كئيبة، ومستقبلا غامضا بسبب جفاء مسؤوليهم . 


جواد المصطفى/ أولاد احسين 




الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة