راديج في قلب العاصفة.. سكان الجديدة وسيدي بنور ساخطون على فشلها في تدبير ''الإجهاد المائي''
راديج في قلب العاصفة.. سكان الجديدة وسيدي بنور ساخطون على فشلها في تدبير ''الإجهاد المائي''


تواجه الوكالة المستقلة الجماعية لتوزيع الماء والكهرباء وتدبير التطهير السائل بإقليمي الجديدة وسيدي بنور، هذه الأيام موجة سخط عارم من قبل سكان الإقليمين، بلغ حد المطالبة بضخ دماء جديدة بالوكالة، التي لم تعد قادرة على مسايرة طموحات “دكالة الكبيرة”، التي تحظى بمشاريع وطنية كبرى مفصلية في النسيج الاقتصادي العام لبلادنا، والتي أظهرت الإدارة المسيرة للوكالة أنها تغرد خارج سرب التنمية المنشودة.

* تدبير دون المتوسط

قال متتبعون إن الوكالة غير قادرة، لحد الآن، على كسب “المعدل” في امتحان الإجهاد المائي، الذي يعيشه الإقليمان، البالغ عدد سكانهما أكثر من 1.5 مليون نسمة، بل يبدو أن الوكالة في طريق تحصيل نقطة موجبة للإقصاء، وهي التي لم تتفاعل بالجدية المطلوبة مع تعليمات صارمة، لمناسبة زيارة الوالي مهيدية لعمالة الجديدة، بحثا عن الماء لإرواء عطش سكان الإقليمين.

* احتقان اجتماعي وهروب إلى الأمام

تحول تقصير الوكالة في تدبير أزمة الماء الشروب بالجديدة وسيدي بنور، ولجوؤها إلى الحل الأسهل، وهو تقنين ساعات الاستهلاك، وقطع الماء على السكان، بدون احترام حقهم في أن يشعروا بذلك، لاتخاذ الاحتياطات اللازمة، إلى “احتقان اجتماعي” على وسائل التواصل الاجتماعي، ما جعل مديرة الوكالة والمهندس المسؤول عن قطاع الماء في فوهة بركان انتقادات لاذعة، بلغت حد المطالبة بتدخل عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، الوصي على القطاع، لإنهاء معاناتهم مع “راديج”، التي تظهر يوميا عدم امتلاكها النجاعة الضرورية في التعاطي مع معضلة الإجهاد المائي، في دكالة، التي ليست إطلاقا الحلقة القاتمة في أزمة المياه ببلادنا، مقارنة بمناطق أخرى.
يعاتب أهل دكالة الوكالة، التي لم يعد أمامها أي مسوغ للتذرع عن تعطيش السكان، بنفاد مخزون سدي “الداورات” و”بن معاشو”، لأن الدولة، عبر المجمع الشريف للفوسفاط، ضخت ميزانية طائلة لتمويل محطة تحلية المياه بالجرف الأصفر، والتي أضحت إجرائية منذ أكثر من ثمانية أشهر، وتغذي خاصة المركب المائي للجديدة، قرب الغزوة، تغذية مستمرة بمعدل 1800 متر مكعب في الساعة، وهو تطعيم مائي كاف لتلبية الحاجيات في الوقت الراهن، بينما تواصل الوكالة سياسة “قطع الماء” وحرمان سكان الإقليمين من هذه المادة الحيوية، مع ما لذلك من انعكاسات اقتصادية واجتماعية وخيمة، بلغت حد لجوء الناس للتيمم والتنازل، مضطرين، عن استعمالات يومية مرتبطة بالماء.
وتظهر الوطأة حادة وصعبة التحمل أكثر على سكان سيدي بنور الذين يشربون من خزان الوكالة.
وبصدد ذلك، يلوم متتبعون الوكالة وتمسكها بسياسة الهروب إلى الأمام، لدرجة أضحوا يعتبرون “راديج” محمية خاصة، ليس من حق السكان أن يحاطوا علما بما يجري بداخلها، وأضعف الإيمان إحاطتهم علما بدواعي قطع الماء الشروب، أما قطع التيار الكهربائي فهو حديث بدون حرج، في الكثير من المراكز القروية، التي تشكو منه باستمرار وتحصي خسائرها المتواصلة جراء انقطاعات غير معلن عنها.

* مجلس إداري خارج الهموم

في الوقت الذي كان فيه سكان الجديدة وأزمور وسيدي بنور، يأملون في اجتهاد استثنائي من الوكالة المستقلة الجماعية لتوزيع الماء والكهرباء، للتخفيف عنهم من وطأة الانقطاعات بحلول إجرائية، جاء جدول أعمال دورة المجلس الإداري للوكالة، المزمع عقده، بعد عيد الأضحى، مباشرة، بعيدا عن هموم المواطنين، بل متنكرا لأمانيهم في التوفر على الماء بشكل عاد، حد طرح البعض منهم في “السوشل ميديا” سؤال: الوكالة التي لم تستطع توزيع الماء القادم من محطة التحلية بالجرف الأصفر، هل هي فعلا مؤهلة أن تكون في صلب البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020/2027؟
فقد تضمن جدول الأعمال المذكور التفويض لمديرة “راديج” للقيام بنزع ملكية الأراضي المرتبطة بمشاريع إيصال مياه محلاة من الجرف الأصفر إلى سد “الداورات”، لتلبية حاجيات سكان جماعات مجاورة للجديدة وأزمور، وهو ما علق عليه أحد الظرفاء “واش الوكالة ما شرباتش سكان الجديدة وأزمور فبالأحرى تشرب جيرانهم”.

* موت المساحات الخضراء

ليست المساحات الخضراء بإقليمي الجديدة وسيدي بنور بأحسن حال من السكان، فقد أدت التدابير الاحترازية إلى قطع السقي عنها لمدة طويلة، ما جعل مجالا واسعا في عداد الاندثار. وكانت زخات الأمطار ما أطال في عمرها، وفي ظل هذا الوضع البيئي الخطير، ينحى متتبعون باللائمة على عبد القادر كرسي، نائب المديرة المكلف بتدبير التطهير السائل، الذي لم يأت بإجراءات بديلة لإغاثة “المساحات الخضراء”، على غرار ما فعلت العديد من الوكالات النموذجية والرائدة في التدبير، بإعادة تدوير المياه العادمة ومعالجتها وتسخيرها في سقي تلك المساحات، صونا للغطاء الأخضر الذي يعد من شروط العيش الكريم في كل السياسات العمومية، الرامية إلى جعل مدننا ومراكزنا تدخل نادي “المدن الصديقة للبيئة” من أبوابه الواسعة.

عبد الله غيتومي (الصباح)

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة