الحموشي الشخصية 'الاستخباراتية' لسنة 2016.. حرب بلا هوادة على الإرهاب والجريمة المنظمة‎
الحموشي الشخصية 'الاستخباراتية' لسنة 2016.. حرب بلا هوادة على الإرهاب والجريمة المنظمة‎

نادرا ما يتم اقتراح بعض الموظفين الحكوميين السامين في استفتاءات اختيار شخصيات السنة الميلادية، التي تطوى صفحاتها، مع فتح صفحة بيضاء من السنة الميلادية الجديدة. فذلك مرده إما إلى كون المؤسسات أو الهيئات التي تنظم الاستفتاءات، لا تجرؤ على الاقتراب من قطاعات ومجالات حساسة، ظل الاعتقاد سائدا أنها مناطق محرمة؛ وإما إلى كون أن من بين الشخصيات العامة أو العمومية، التي بصمت بعطاءاتها ميادين عملها وتدخلها، من يفضلون البقاء في الظل، بعيدا عن الأنظار، وعن البهرجة وأضواء الكاميرات. شخصيات  كعبد اللطيف الحموشي، المدير العام للمديرية العامة للأمن الوطني (DGSN)، والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (DST). عبد اللطيف الحموشي الذي تكرمه  "الجديدة24" و"هبة بريس"، وتتوجانه "الشخصية الاستخباراتية" لسنة 2016. تكريم وتتويج لم يأتيا من أو عن فراغ، وليسا لا وليدي  الصدفة، ولا من أجل إلقاء الورود والمجاملة والمحاباة، ولا طمعا في التقرب ونيل الود، أو الظفر بجميل، على غرار ما عودنا جهات تعمد "تحت الطلب" إلى تتويج أشخاص نكرة، أو ممن  بصموا سلبا مجالات عملهم وتدخلهم.

تتويج لجهاز "مواطن":

إن تتويج "المسؤول المخابراتي"، عبد اللطيف الحموشي، هو تتويج  لجهاز "وطني ومواطن"، ظل لعقود خلت، بحكم طبيعته وهيكلته، مغلقا وبعيدا عن الأضواء، وعن مقاربته إعلاميا، وعن حضوره واستحضاره في الحوارات العمومية والخاصة، والغوص في أغواره وخباياه. حتى أن الاقتراب منه، بالمعنيين المجازي والحقيقي، كان، إلى أمد قريب، محظورا.. إلى درجة أن المخيلة الشعبية حاكت حوله الحكايات و"الأساطير". ولم يكن المغاربة يجرؤون حتى على ذكر اسم هذا الجهاز، في أحاديثهم وجلساتهم الحميمية، في الأماكن العمومية، وحتى المرور بمحاذاة إداراته، التي لم تكن مقراتها غير المميزة، معروفة، سيما أنها لا تشهر على واجهاتها الأمامية العلم الوطني، الراية المغربية، أو أي كتابات أو علامات تشير إلى الجهاز الاستخباراتي.  هذه المقرات التي يحظر الولوج إليها على عامة المواطنين، والتي تختلف عن باقي الإدارات العمومية والترابية في المغرب.

الإرهاب والجريمة المنظمة:

لقد استطاع عبد اللطيف الحموشي، "الشخصية الاستخباراتية"، أن يقتحم قلوب المغاربة، ويحقق حوله الإجماع، بتشبعه بالقيم الكونية، وبثقافة حقوق الإنسان، وبإيمانه الراسخ بحرية الرأي والتعبير، وباقتناعه بالاختلاف في الفكر والتفكير، وبإخلاصه لثوابت الوطن.. وبتوفير الأمن والأمان للمغاربة، بتصدي جهاز المخابرات لظاهرة الإرهاب، وكذا، لجرائم لا تقل خطورة عن الإرهاب، وهي لصيقة به، وقد تكون وجهه الخفي، وتتمثل في الهجرة السرية وتجارة البشر، والاتجار الدولي في المخدرات، والجرائم الاقتصادية والمالية. جرائم تزداد خطورتها في المغرب، بالنظر إلى موقعه الجيو–استراتيجي، المتاخم للشريط الجنوبي لأوروبا، والممتد على طول الشمال–الغربي لأفريقيا، والمتصل في عمقه بمنطقة الساحل والصحراء الكبرى. ما يجعله عرضة لمخاطر مرتبطة بالجريمة المنظمة، العابرة للحدود الوطنية، وتقاطعاتها العضوية مع الظاهرة الإرهابية. ناهيك عن كون المحيط الإقليمي الراهن، الموسوم بالمتغيرات السياسية والأمنية في دول الجوار بشمال أفريقيا، وبعض دول الشرق الأوسط، مفتوحا على التحديات الأمنية في منطقة الساحل والصحراء، المتصلة بشكل مباشر بالأمن الاستراتيجي للمملكة المغربية.

المغرب في "منظار" الإرهاب:

شكل المغرب، منذ تسعينيات القرن الماضي، هدفا على أراضيه للإرهاب. حيث استهدف فرنسيان من أصل جزائري، في ال24 من غشت 1994، فندق "أطلس–أسني" بمراكش. ما أسفر عن ارتكاب مجزرة، راح ضحيتها أبرياء مغاربة وأجانب. وقادت التحقيقات التي أجرتها السلطات المغربية بتعاون مع فرنسا، إلى التعرف على جزائريين كانوا وراء تدبير هذا الحادث التخريبي. وقد اعتقلت ثلاثة منهم (هامل م.) و(استيفن آ.) و(رضوان ح.)، حاصلين على الجنسية الفرنسية.

تورط المخابرات الجزائرية:

كشف العميل (كريم م.)، المتورط بدوره في العملية الإرهابية، لوكالة "قدس بريس" اللندنية، معلومات كان لها وقع القنبلة، تفيد كون المخابرات العسكرية الجزائرية (مديرية المصالح الأمنية / DSS)، هي التي خططت للهجوم التخريبي، الذي هز فندق "أطلس– أسني" بمراكش.

التحام جهازي"الديستي" والأمن:

كان إحداث "المكتب المركزي للأبحاث القضائية"، التابع لجهاز المخابرات المدنية، في ال20 من مارس 2015. وقد أصبح على رأس هذا المكتب، الكائن مقره المركزي بمدينة سلا، والذي بات يعرف عند المغاربة اختصارا ب(بسيج)، ترجمة بالعربية للأحرف الأولى لتسميته بالفرنسية (BCIJ)، عبد الحق الخيام الذي كان على رأس "الفرقة الوطنية للشرطة القضائية" (BNPJ)، التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني،  بعد ترقيته من مراقب عام للأمن، إلى ولي الأمن.

وكان (بسيج) بمثابة اللبنة الأولى على طريق التحام جهازي المخابرات والأمن الوطني، مقريهما بجهة الرباط–سلا–القنيطرة، على التوالي في مدينة تمارة ومدينة الرباط، (التحامهما) تحت قبعة واحدة، بعد أن تفضل الملك محمد السادس، ووضع  ثقته المولوية في المدير العام للمديرية العامة لمراقبة الترب الوطني، عبد اللطيف الحموشي، وعينه جلالته، في ال15 من ماي 2015، على رأس المديرية العامة للأمن الوطني.

هذا، وجاء التحام هذين الجهازين الحساسين، في ظرفية استثنائية، اتسمت بوقوع نازلة "نوعية"، أبانت عن غياب التنسيق الأمني بين المصلحة الولائية للشرطة القضائية بولاية أمن الرباط، والمصالح الشرطية بالمنطقة الأمنية لسلا، بعد أن استهدف 3 منحرفين بالسرقة الموصوفة بيد مسلحة، في أرقى حي بالرباط، حي النخيل، عربة فارهة من نوع "رانج روفير"، في ملكية الراحلة، عمة الملك محمد السادس، وكان على متنها فتاتان من محيط الأسرة الملكية.

 وأحبط تدخل مباغت لدوريات شرطية راكبة من المنطقة الأمنية لسلا، عملية إيقاف الجناة الذين كانوا ركنوا السيارة المسروقة في مكان بسلا.

ومن جهة أخرى، فإن التحام الجهازين جاء على بعد أقل من 24 ساعة عن حلول الذكرى ال59 لتأسيس المديرية العامة للأمن الوطني. وهي ذكرى حضر المدير العام الجديد، عبد اللطيف الحموشي، بالزي المدني، فعالياتها الاحتفالية التي جرت، السبت 16 ماي 2015، بالمعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة.

(بسيج).. الحرب على الإرهاب:

أبان "المكتب المركزي للأبحاث القضائية" عن نجاعة غير مسبوقة في محاربة جميع أشكال الجريمة المنظمة (الجرائم الاقتصادية والمالية – الاتجار الدولي في المخدرات – تبييض الأموال – الهجرة السرية وتجارة البشر..)، والتطرف والإرهاب العابر للدول والقارات.

فمنذ خلقه، تماشيا ومقتضيات الدستور الجديد، عمد (بسيج) إلى تفكيك العشرات من الخلايا الإرهابية،  وإيقاف المئات من المقاتلين المغاربة، ذوو ارتباطات بمجموعات إرهابية في سوريا والعراق، منهم من قاتلوا في صفوف تنظيم الدولة "داعش"، ومنهم ذوو سوابق قضائية في ملفات الإرهاب. ما مكن من إحباط مخططات ومشاريع تخريبية، كانت تستهدف شرايين السياحة والاقتصاد في المغرب، حسب طبيعة الأماكن والمواقع الحساسة، التي كانت هزتها عمليات إرهابية في الداخل.

أخطر خلية إرهابية:

لعل أخطر الخلايا الإرهابية، كانت تلك التي قام (بسيج) بتفكيكها،  الخميس 18 فبراير 2016، ضمت في صفوفها 10 إرهابيين، بينهم مواكن فرنسي وقاصر مغربي، كانوا ينشطون في مدن الصويرة ومكناس وسيدي قاسم والجديدة. إذ  جرى اعتقال زعيمها وعقلها المدبر، من داخل منزل بالجديدة، وحجز 4 رشاشات أوتوماتيكية مزودة بشواحن ذخيرة، و3 شواحن فارغة، و3 مسدسات بالرحى، ومسدسا أوتوماتيكيا، وبندقية مزودة بمنظار، وكمية كبيرة من الذخيرة الحية، و13 قنبلة مسيلة للدموع، و4 عصي حديدية، قابلة للطي، و"صاعق كهربائي"، و3 قارورات زجاجية تحتوي على مواد سائلة، و6 قارورات بلاستيكية تحتوي على مواد كيماوية، ومسامير، ورايتَيْن ترمزان إلى "تنظيم الدولة الإسلامية"، ناهيك عن أسلحة بيضاء، وأصفاد بلاستيكية وبذل عسكرية.

تدخل استخباراتي استباقي:

كان للتدخل الاستباقي الذي قامت به مصالح الاستخبارات بالجديدة، و(بسيج)، دور ناجع في إحباط المخطط التخرييي المتكامل ل"كومندو"  أو "الكتيبة المسلحة"، والذي كان في مراحله ولمساته الأخيرة، قبل دخوله حيز التنفيذ، في اليوم الموالي (الجمعة 19 فبراير 2016). حيث كان يستهدف، بإيعاز من قادة تنظيم "داعش" في سوريا وتركيا.. بتعبير"الوثيقة الكاشفة عن التحرك الأمني"، ضرب أماكن عمومية للتبضع والتسوق، ومؤسسات سيادية وسياسية ذات رمزية، ومواقع اقتصادية ومنشآت صناعية وسياحية، ضمنها المنطقة الصناعية "الجرف الأصفر".

ضلوع المخابرات الجزائرية:

مرة أخرى، تأكد ضلوع مرتزقة البوليساريو في هذا المخطط الإرهابي، والذين هم في خدمة المخابرات العسكرية الجزائرية (مديرية المصالح الأمنية / DSS)، التي حلت محل (دائرة الاستعلام والأمن / DRS). هذه الأخيرة جرى حلها بمقتضى مرسوم رئاسي، بعد أن ظل على رأسها، منذ سنة 1990 وإلى غاية سنة 2015، محمد لمين مدين، المعروف ب"الجنرال توفيق"، والذي كانوا يسمونه "ملك الجزائر".

وأصبح اللواء المتقاعد عثمان طرطاق، المتخصص في العمليات "القذرة"، يقود جهاز (DSS) الجديد، الذي  بات  يخضع  لسيطرة الرئاسة (الرئيس عزيز بوتفليقة)، في خطوة أخرى لإخراج الجيش من الحياة السياسة.

انتصار من نسج الخيال:

كانت المشاريع التخريبية التي خطط لها ال"لكومندو"، ستحدث حتما، في حال ما نفذها الإرهابيون، الجمعة 19 فبراير 2016، "زلزالا مدمرا" في الداخل وفي العالم بأسره، سواء من حيث الكم الهائل في الأرواح والخسائر المادية، أو من حيث، بالدرجة الأولى، الصدمة القوية (l’impact)، جراء ضرب المغرب، آخر قلعة صامدة في وجه الإرهاب؛  أو من حيث الحرب الدعائية والنفسية التي سيجني تنظيم "داعش" ثمارها من ردود الفعل العالمية، والتغطيات الإعلامية "الكونية"، التي ستعقب تنفيذ العمليات الإرهابية، أو كذلك من حيث "الانتصار والنصر المعنويين" الكبيرين، اللذين سيظفر بهما، بإلحاق "الهزيمة التاريخية" بألذ أعدائه، الاستخبارات المغربية، التي أذاقته وخلاياه بشكل استباقي، في الداخل وفي أوربا، مرارة الهزائم النكراء المتتالية، وأصبحت من ثمة مرجعا ونموذجا عالميين في الحرب على الإرهاب، وجعلت من الرباط عاصمة للعالم، وقبلة لأقوى الاستخبارات الدولية، والمسؤولين الحكوميين رفيعي المستوى في دول الغرب. "انتصار" مستحيل المنال، ولد لدى التنظيم الظلامي وقادته عقدا نفسية وكوابيس.  "انتصار" لن يقارن، في حال ما كان تحقق، حتى ب"الانتصار والنصر الزائفين" اللذين ظن تنظيم القاعدة أنه ظفر بهما، في أعقاب هجمات ال11 شتنبر، التي استهدفت الولايات المتحدة الأمريكية، أكبر قوة عسكرية وصناعية واقتصادية في العالم، والتي كان الاعتقاد سائدا أنها تحظى بأقوى استخبارات في الكون.. قبل أن تسقط الأسطورة.

فشل "داعش" في ضرب المغرب:          

لقد سعى  تنظيم "داعش"، الذي ضم في صفوفه 38 ألف مقاتل إرهابي، والذي استفاد من خبرات "النخب" العسكرية والعلمية والمدنية التي التحقت بصفوفه، من العراق وسوريا، وكذا، ممن التحقوا به من 76 دولة أجنبية، (سعى) إلى توسيع مناطق نفوذه، وتمدده الترابي والجغرافي "الأخطبوطي"، بتصدير تجربته الظلامية إلى المغرب، بعد أن وجد لنفسه موطئ قدم في مستنقع ليبيا، جراء انهيار الدولة فيها، مستغلا غياب التنسيق الأمني والاستخباراتي في ما بين دول شمال أفريقيا، وسعي الجارة الجزائر إلى تصريف وتصدير أزماتها وصراعاتها الداخلية، السياسية والمجتمعية والقبلية، التي تتخبط في مستنقعاتها، إلى عمق الدولة المغربية، بافتعال القلاقل في أقاليمه الجنوبية، وتجنيد مرتزقة البوليساريو في خلايا إرهابية، تستهدف أمن واستقرار المغرب، الذي ظل القلعة الشامخة الوحيدة، المحصنة ضد الإرهاب (citadelle imprenable)، في العالم العريي وشمال أفريقيا.

التفوق الاسخباراتي المغربي:

اكتسب المغرب ما يكفي من الخبرات في مجال محاربة التنظيمات الإرهابية. إذ يعمل دون توقف على تطويرها، مستفيدا من كفاءاته الذاتية، ومن تجارب مريرة، عاشها مبكرا مع الإرهاب. وهذا ما جعله يحظى بجهازين استخباراتي وأمني قويين، فاقا وتفوقا حتى على أقوى الأحهزة الاستخباراتية والأمنية الغربية، وفي دول الجوار، شمال أفريقيا.

 ومن تجليات هذا التفوق، على سبيل المثال، أن كانت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية أوقفت، بتعاون وثيق مع المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، الأربعاء 15 أكتوبر 2014، بمطار محمد الخامس الدولي بالدارالبيضاء،  مغربيا مقيما في فرنسا (ن. ر.)، بمعية صغيرتيه ليلى وأسيا اللتين أنجبهما من مواطنة فرنسية (فاليري ر.)، إلى جانب  متطوعة مغربية كان ينوي عقد قرانه بها، عن طريق عقد عرفي. وكان يعتزم السفر إلى تركيا، بغاية الالتحاق بصفوف تنظيم "داعش" الإرهابي، بعد أن قرر مغادرة بلد إقامته، باعتباره أرض "كفر". وسبق  للسلطات الفرنسية أن أوقفت هذا الإرهابي المقيم بمنطقة تولوز في فرنسا، والمعروف بتشبعه بالفكر المتطرف. حيث أخضعته لتدابير المراقبة القضائية، بتهمة التحريض على الأفكار المتطرفة ذات الطابع التكفيري.

وتشكل هذه العملية الناجحة، إلى جانب عمليات أخرى، دليلا ماديا على يقظة الأجهزة الاستخباراتية والأمنية المغربية، ونجاعتها وفعاليتها في مواجهة التهديدات الإرهابية، على خلاف أجهزة استخباراتية وأمنية عريقة، في دول متقدمة، كبلجيكا أو فرنسا التي وجدت صعوبة في رصد تحركات المنتمين للمنظمات الإرهابية، وضبط قنوات التمويل واللوجستيك، التي يعملون وفقها. وكدليل على الفشل الذريع الذي منيت به السلطات الفرنسية، عجزها عن توقيف 3 متطرفين فرنسيين، كانت السلطات التركية رحلتهم، سنة 2014. إذ استطاعوا الولوج إلى التراب الفرنسي، دون أن تتمكن مصالح الاستخبارات والأمن من توقيفهم، رغم كونهم مبحوثا عنهم على الصعيد الدولي.

(بسيج) والاتجار الدولي في المخدرات:

 أسفر التنسيق المحكم بين فرقة مكافحة الجريمة المنظمة، التابعة  لدى للمكتب المركزي للأبحاث القضائية، والذي يعتبر (إف بي آي.) المغرب، والمصالح الاستخباراتية بالجديدة، والقيادة الجهوية للدرك الملكي للجديدة، عن إحباط أضخم عملية "مافياوية" للاتجار الدولي في المخدرات، وتهريبها من المغرب إلى الخارج، المحيط الأطلسي. حيث أوقف المتدخلون الاستخباراتيون والدركيون، الخميس 03 دجنبر 2015، في باحة الاستراحة "البئر الجديد"، على الطريق السيار الرابط بين الدارالبيضاء والجديدة، 9 أشخاص متلبسين بتهريب 40 طنا من مخدر الشيرا، محملة على متن 3 شاحنات، كانت انطلقت من الناظور، بشمال المغرب.  وكانت تؤمن لها الطريق عربة رباعية الدفع "4x4"، بداخلها تم ضبط  كيس ممتلئ بأوراق نقدية،  لتسهيل عملية العبور عبر نقاط المراقبة الطرقية.

وقد أفضت التحريات لفك خيوط القضية، إلى إيقاف عنصرين آخرين، نشيطين في الشبكة الدولية، وحجز مبلغ قدره 1.240.000 درهم، كانا يتحوزان به، وثلاثة صيارفة شكلوا الحلقة الحيوية والمحرك المالي للشبكة الإجرامية، باعتبارهم صلة الوصل بين أباطرة المخدرات في المغرب، وشركائهم في الخارج. ناهيك عن حجز مبلغ ضخم، بقيمة 34.500.000 درهم و200.000 أورو، وشيكات صادرة بمبلغ إجمالي قدره 5.370.000 درهم. كما باشر (بسيج) عمليات توقيف همت أشخاصا آخرين، كشف البحث عن تورطهم في مافيا الاتجار الدولي في المخدرات.

المغرب.. مرجع استخباراتي:

أصبح المغرب نموذجا ومرجعا للأجهزة الاستخباراتي والأمنية العالمية، في محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة. واستطاع أن يفرض نفسه على الساحة الدولية. ما جعل العاصمة الرباط قبلة للعالم. وقد قام بالمناسبة الوزير الأول ووزير الداخلية البلجيكيان، في إطار التعاون الأمني، والاستفادة من خبرات المغرب، بزيارة ميدانية إلى مختبر "مديرية نظم المعلوميات والاتصال والتشخيص" (DSITI)، التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني. حيث اطلع المسؤولان الحكوميان البلجيكيان رفيعا المستوى، على مختلف المراحل المتعلقة بإنجاز المكونات الخاصة ببطاقة التعريف الوطنية، والتي يعتبر المغرب من بين الدول المتقدمة عالميا في ضبط وتخزين المعلومات الخاصة بالمواطنين الذين يتوفرون على بطاقة التعريف الوطنية، وكذا، تكنولوجيا البصمات الوراثية. ما يساعد على تبادل المعلومات على الصعيدين الوطني والدولي.

المغرب.. "شريك استراتيجي":

رغم السحابة العابرة التي كانت خيمت على العلاقات المغربية–الفرنسية، ظهرت المملكة المغربية ك"صديق حقيقي"، بعد أن وفرت معطيات ومعلومات دقيقة حول الخلايا "الجهادية" في أوروبا. ما يؤكد أن المغرب أصبح "شريكا استراتيجيا" لأوربا في مجال محاربة الإرهاب والتطرف. وهذا ما شكل سببا كافيا لكي ينوه الرئيس الفرنسي  (فرونسوا هولاند)، ورئيس الوزراء البريطاني السابق (دافيد كاميرون)، وملك بلجيكا (لويس فيليب ليوبولد ماري)، بالمملكة المغربية، ويقدموا الشكر والإطراء للعاهل المغربي محمد السادس.

أوربا توشح الحموشي:

وقع رئيس الجمهوية الفرنسية (فرونسوا هولاند)، في ال5 من يناير 2016، على مرسوم رئاسي، يقضي بتوشيح عبد اللطيف الحموشي، المدير العام لللمخابرات المدنية المغربية،  ثاني أقوى جهاز استخباراتي في المغرب، بعد "المديرية العامة للدراسات والمستندات" (DGED)، التي يرأسها محمد ياسين المنصوري، بوسام الشرف من درجة ضابط. وكان الرئيس الفرنسي السابق (نيكولا ساركوزي)، منح المسؤول الاستخبارتي المغربي (عبد اللطيف الحموشي) ، وسام جوقة الشرف من درجة فارس. وهما وساما شرف انضافا إلى وسام كانت منحته إياه ملكة إسبانيا.

 وتعتبر هذه الأوسمة الرئاسية والملكية التي منحتها دولتا فرنسا وإسبانيا، من أكبر دول الاتحاد الأوربي، اعترافا بالدور المركزي والفاعل للمغرب وجهازيه الاستخباراتي والأمني، في "الحرب العالمية" على الإرهاب والتطرف، الذي بات يتهدد أوربا. ولعل أكبر وسام تم توشيح عبد اللطيف الحموشي به، هو الثقة المولوية التي وضعها فيه الملك محمد السادس، عندما تفضل جلالته، وعينه على رأس المديرية العامة للأمن الوطني، وأصبح من ثمة يجمع بين جهازي ال"ديستي" وال"دي جي إس إن".

حماة الوطن:

إذا كان رعايا التاج البريطاني في المملكة المتحدة، يبدون تشبثهم بملكتهم وملكيتهم التقليدية، ويدعون لها في النشيد الوطني ب (فليحفظ الله الملكة)، "God Save the Queen"، فإن المغاربة يفتخرون، من بعد العرش ونظام الحكم الدستوري، بحماة الوطن وثوابته ومقدساته، وفي طليعتهم عبد اللطيف الحموشي، مدير جهازي الاستخبارات والأمن الوطني، ورجله الأول عبد الحق الخيام، رئيس المكتب المركزي للأبحاث القضائية (بسيج)، اللذين حصنا الوطن ضد الإرهاب والتطرف. وهذا ما يستشف من شهادات وارتسامات المغاربة، التي يدلون بها، ومن التفاعلات التي يدونونها على مواقع التواصل الاجتماعي، ومما تتناقله وسائل الإعلام، والمجتمع المدني بمختلف حساسياته، كلما عمدت الاستخبارات المغربية بشكل استباقي إلى تفكيك خلية إرهابية في الداخل، أو ساعدت جيرانها في الضفة الأخرى للبحر الأبيض المتوسط،، بخدمات ومعلومات استخباراتية ثمينة، تفضي إلى تحديد هويات الإرهابيين، والاهتداء إلى مخابئهم الآمنة، وشل تحركاتهم وحركاتهم، ومن ثمة، إحباط مشاريعهم التخريبية في المهد، وتجنب الكارثة.

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة