المحكمة تعيد الكرة إلى عامل الجديدة لتطبيق القانون في قضية ''القرش الأزرق''
المحكمة تعيد الكرة إلى عامل الجديدة لتطبيق القانون في قضية ''القرش الأزرق''

دخل ملف مقهى ومطعم "القرش الأزرق" بمنتجع سيدي بوزيد بإقليم الجديدة، في دوامة يبدو أنها قد لا تنتهي في الأفق القريب، بعد أن أصبح في كل مرة تعمد السلطات المختصة إلى تنفيذ القرار الاستئنافي عدد: 336 – 2015 – 1201، موضوع ملف  التنفيذ عدد: 11–2016، يصطدم بصخرة التأجيل، ثم التأجيل، ولا شيء غير التأجيل، تحت تبريرات وأسباب لم يعد يستوعبها ويستسيغها الرأي العام وفعاليات المجتمع المدني والمتتبعون للشأن العام. فالتأجيلات في هذه القضية التي تتعلق بتحرير ملك عمومي، ومن خلاله، حماية المال العام والممتلكات الجماعية، مافتئت تعيد عقارب الساعة، إلى نقطة الانطلاقة.



انتكاسة وخيية امل  

هي انتكاسة وخيبة أمل أصيب بها مرة أخرى الجميع.. في الوقت الذي كانوا ينتظرون على أحر من الجمر، ساعة الفرج واسترجاع مقهى ومطعم  "القرش الأزرق"، إلى حظيرة ممتلكات جماعة مولاي عبد الله، بحلول الأربعاء فاتح مارس 2017.. الموعد الحاسم الذي  كان مقررا أن يشهد تنفيذ القرار الاستئنافي، الصادر في مواجهة شركة "إلينيو"، بعد أن طال انتظار تنفيذه، منذ أن انتزعت جماعة مولاي عبد الله، في عهد رئيسها السابق، حسن يشكر المعاشي، بتاريخ: 24 نونبر 2015، حكما قضائيا  من محكمة الدرجة الثانية بسطات.


أحكام قصر العدالة بالجديدة:

أقام المجلس الجماعي لمولاي عبد الله، سنة 2008، في عهد ولاية رئيسه السابق، حسن يشكر المعاشي، دعوى قضائية بالإفراغ، في مواجهة شركة "إلينيو"، مكترية مقهى ومطعم  "القرش الأزرق".

وكانت محكمتا الدرجتين الأولى والثانية بقصر العدالة بالجديدة، أصدرتا تباعا حكما ابتدائيا وقرارا استئنافيا في غير صالح الجماعة القروية. ما حدا بالجماعة المحكوم ضدها، إلى الطعن، عن طريق دفاعها الأستاذ المقتدر سامي سلمان، المحامي بهيئة الجديدة، بالنقض في قرار استئنافية الجديدة، الذي   قضى بأحقية عقد الكراء، والحكم لفائدة شركة "إلينيو". وهو الطلب الذي  استجابت له محكمة النقض  (المجلس الأعلى سابقا). حيث أحالت القضية على محكمة الاستئناف بالجديدة، للبث فيها من جديد، بناء على سداده، من طرف هيئة قضائية أخرى.هذه  الأخيرة قررت بدورها أحقية عقد الكراء، والحكم لفائدة المكتري.


حكم استئنافية سطات "التاريخي":

عمد مجلس جماعة مولاي عبد الله إلى النقض من جديد، عن طريق دفاعه، في الحكم الذي أصدرته استئنافية الجديدة، ملتمسة في حال قبوله، إحالة ملف الدعوى على محكمة مستقلة، تكون خارج دائرة النفوذ الترابي والقضائي لمحكمة الاستئناف بالجديدة.

وبالفعل، قضت محكمة النقض بقبول طلب جماعة مولاي عبد الله، وأحالت من ثمة ملف القضية على الغرفة المدنية بمحكمة الاستئناف بسطات،  والتي بثت في الدعوى المدنية، وأصدرت قرارا استئنافيا عدد: عدد: 336 – 2015 – 1201، قضى بإلغاء عقد الكراء الذي كان يربط بين طرفي الدعوى، والحكم على المكترية، شركة "إلينيو"، بإفراغ مقهى ومطعم "القرش الأزرق"، بتعليل أن عقد الكراء غير قانوني وغير سليم، لكونه لم تتم المصادقة عليه من طرف "سلطة الوصاية".

 وقد أحالت استئنافية سطات، القرار الاستئنافي الذي أصدرته، قصد تنفيذه، على المحكمة الابتدائية بالجديدة،  والتي فتحت له ملف  التنفيذ عدد: 11– 2016.



التنفيذ في دوامة التأجيلات:

إن الحكم القضائي، موضوع  ملف  التنفيذ عدد: 11– 2016، كان مقررا تنفيذه في ال04 فبراير 2016.. إلا أن الشركة المحكوم ضدها،  لجأت إلى المحكمة، والتي أمهلتها شهرين، من أجل تسوية وضعية المستخدمين العاملين لديها، وتدبير معدات وتجهيزات مقهى ومطعم "إالقرش الأزرق".

وقد حددت المحكمة، بتاريخ: 24 أكتوبر 2016، الفاتح من  مارس 2017، موعدا لتنفيذ الحكم، وأمهلت من ثمة الطرف المكتري والمستفيد، مهلة إضافية تزيد عن 4 أشهر.

وبحلول الفاتح مارس 2017، التاريخ الذي كان مقررا لتنفيذ حكم الإفراغ، عقدت ابتدائية الجديدة، تحت رئاسة رئيسها الأول، جلسة، وأمهلت مجددا الشركة المكترية، إلى غاية ال17 أبريل 2017.


دورة فبراير ومقرر الصلح:

 لقد أتاح تأجيل تنفيذ الحكم القضائي بالإفراغ.. لمجلس جماعة لمولاي عبد الله، عقد دورته العادية برسم فبراير 2017، المحددة في موعدها، وفق مقتضيات القانون التنظيمي رقم: 113.14، المتعلق بالجماعات المحلية، وإدراج نقطة تحمل رقم: 11، متعلقة بمشروع الصلح بين الجماعة القروية وشركة "إلينيو"، مكترية مقهى ومطعم  "القرش الأزرق"، ضمن جدول أشغال الدورة العادية، بتاريخ: 2  فبراير 2017. وهي النقطة التي تمت المصادقة عليها.

وبالرجوع إلى تنفيذ الحكم بالإفراغ، الذي كان تم تأجيله، بتاريخ: 24 أكتوبر 2016، إلى ما بعد دورة فبراير العادية، أي ما بعد المصادقة على مشروع الصلح، فقد بقي الأهم هو إحالة  محاضر ومقررات الدورة الثلاثة والثلاثين (33)، وضمنها أساسا المقرر رقم: 11، على سلطة المراقبة الإدارية والمالية، عامل إقليم الجديدة، للتأشير عليه من عدمه، سيما أن موعد تنفيذ الحكم  كان مقررا في الفاتح مارس 2017، قبل أن يتم تأجيله مجددا إلى ال17 أبريل 2017.

وتجدر الإشارة إلى أن المقرر رقم: 11، قد اصطدم بصخرة المعارضة بجماعة مولاي عبد الله، التي وجهت رسالة تعرض إلى عامل إقليم الجديدة، باعتباره يمارس، طبقا لمقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 145 من الدستور، والمواد 115 –  187 – 188 – 189 من القانون التنظيمي للجماعات المحلية، مهام المراقبة الإدارية على  شرعية قرارات رئيس المجلس، ومقررات مجلس الجماعة، والمراقبة المالية على ميزانية الجماعة والمقررات ذات الوقع المالي على المداخيل والنفقات الجماعية.

وقد أثار بالمناسبة مشروع الصلح جدلا واسعا، جعل حساسيات المجتمع المدني تدخل على الخط. ولم يكن أمام السلطة الإقليمية الأولى، عامل إقليم الجديدة، بعد أن كان في "المنظار"، وتم توجيه انتقادات لاذعة ومحرجة إليه، من مخرج، على الأقل مؤقتا وعلى ضوء الظرفية، سوى تأجيل التوصل بمحاضر ومقررات الدورة العادية لمجلس جماعة مولاي عبد الله، إلى ما بعد 1 مارس 2017، أي إلى ما بعد الموعد الذي كان مقررا  لتنفيذ الحكم  بالإفراغ.


ثغرات في القانون رقم: 14 -  113:

حدد القانون التنظيمي للجماعات المحلية، في مادته 116،  أجل 15 يوما من أيام العمل الموالية لتاريخ اختتام الدورة،  أو لتاريخ  اتخاذ قرارات الدورة، كالمدة القانونية لتبليغ نسخ من محاضر الدورات ومقررات مجلس الجماعة، وكذا،  نسخ من قرارات الرئيس المتخذة في إطار السلطة التنظيمية،على عامل العمالة أو الإقليم  أو من ينوب عته.

لكن المشرع لم ينص لا صراحة ولا ضمنيا عما يترتب عن عدم تقيد رئيس مجلس الجماعة، بالمدة الزمنية المحددة، وعما إذا كان عدم الالتزام بالأجل القانوني،  سببا لبطلان المحاضر والمقررات والقرارات الجماعية.

ولعل الثغرات التي شابت القانون رقم، 14 -  113، جعلت عامل إقليم الجديدة، باعتباره سلطة المراقبة الإدارية والمالية، على ضوء الظرفية ومؤقتا ولو إلى حين، في وضعية قانونية مريحة، وفي وضع المتفرج  والمنتظر.. والمترقب، على غرار الرأي العام وحساسيات المجتمع المدني والمتتبعين للشأن العام، للقرار رئيس ابتدائية الجديدة، جلسة الأربعاء 1 مارس 2017، في موضوع الدعوى الاستعجالية التي رفعتها شركة "إلينيو"، عن طريق دفاعها. وهي الجلسة التي تزامن عقدها، من باب الصدفة، مع تنفيذ الحكم بالإفراغ، المقرر في اليوم ذاته.


التأجيلات.. لعنة (سيزيف):

لقد أصبح تأجيل تنفيذ الحكم القضائي، لأسباب ومبررات وأعذار، لم يعد يستوعبها ويستسغها الرأي العام وفعاليات المجتمع المدني والمتتبعون للشأن العام، يدور في دوامة أو حلقة مفرغة، نقطة الانطلاقة فيها هي نقطة الوصول.. كما في  الميثولوجيا الإغريقية، حيث حكم كبير الآلهة (زيوس) على (سيزيف) أو (سيسيفوس)، بعد أن أغضبه، جراء خداعه إله الموت ( ثاناتوس)، من أجل معاقبته، بأن يحمل صخرة من أسفل الجبل إلى أعلاه. فإذا وصل القمة، تدحرجت إلى الوادي، فيعود إلى رفعها إلى القمة، ويظل هكذا، تطارده حتى الأبد لعنة الآلهة.

وخلاصة القول، فإن تأجيل تنفيذ الحكم القضائي بالإفراغ،  الصادر باسم جلالة الملك، بعد 7 سنوات من التقاضي، ومساطر معقدة، والذي أصبح نهائيا وغير قابل للطعن، بعد استيفائه جميع درجات التقاضي، وبعد أن لم يكن بالهين أمر انتزاعه، في عهد رئيس جماعة مولاي عبد الله السابق، حسن يشكر المعاشي، وخاصة من محكمة خارج النفوذ الترابي والقضائي لاستئنافية الجديدة،  (فإن  تأجيله) إلى ما لانهاية، قد يحول دون تحقيق العدالة، وحماية حقوق ومصالح جماعة مولاي عبد الله، وفي مقدمتها حماية المال العام والممتلكات الجماعية.


الدعوى الاستعجالية:

علمت الجريدة من مصادرها الخاصة أن رئيس ابتدائية الجديدة، قد أصدر، الفاتح من مارس 2017، حكما في موضوع الدعوى الاستعجالية، التي تقدم بها دفاع شركة "إلينيو"، أمهلها مدة 48 يوما، وحدد ال17 من مارس 2017، موعدا لتنفيذ الحكم، مع النفاذ المعجل. وقد استند رئيس المحكمة الابتدائية إلى طلب الاسترخاء.. لتسوية وضعية المستخدمين وإزالة المعدات والتجهيزات، من مقهى ومطعم "القرش الأزرق".

وبالمناسبة، فإن دفاع الشركة المذكورة قد علل الطلب أيضا، حسب ما ضمنه في  مقال الدعوى، باستكمال إجراءات الصلح بين شركة "إلينيو"  وجماعة مولاي عبد الله. وهو ما زكته الجماعة القروية  عن طريق دفاعها، في جلسة الفاتح مارس 2017.

وهكذا، تكون شركة  شركة "إلينيو"، قد استفادت من مهلة إضافية أو " ما فوق الإضافية" ، بعد أن ظلت تستفيد من تأجيلات تنفيذ الحكم القضائي، الذي أصبح نهائيا وغير قابل للطعن.



القضاء يعيد الكرة إلى عامل الجديدة:

بعد أن رمى عامل إقليم الجديدة بالكرة إلى القضاء.. ها هو القضاء يعيدها إليه، بعد اتخاذه، وفق الطلب الاستعجالي، قرار التأجيل إلى غاية ال17 أبريل 2017. وهذا ما يضع عامل إقليم الجديدة أمام مسؤولياته الدستورية والقانونية، وتحمل تبعاتها، للاعتبارات التالية:

أولا: بحكم أن العامل يمارس، طبقا لمقتضيات للفقرة الثانية من الفصل 145 من الدستور، والمواد 115 –  187 – 188 – 189 من القانون التنظيمي للجماعات المحلية، مهام المراقبة الإدارية على  شرعية قرارات رئيس المجلس، ومقررات مجلس الجماعة، والمراقبة المالية على ميزانية الجماعة والمقررات ذات الوقع المالي على المداخيل والنفقات الجماعية.

ثانيا: بحكم أن المحكمة غير مخول لها إقرار مشروع الصلح  بين جماعة مولاي عبد الله، وشركة "إلينيو"، مكترية مقهى ومطعم "القرش الأزرق"، والذي صادق عليه المجلس الجماعي، في دورة فبراير 2017.

ثالثا: بحكم أن القناة الوحيدة التي يمر عبرها مسطريا وقانونيا وإداريا مشروع الصلح المصادق عليه من قبل جماعة مولاي عبد الله، هو سلطة المراقبة الإدارية والمالية، عامل إقليم الجديدة، طبقا وتطبيقا لمقتضيات القانون التنظيمي رقم: 14 –  113، المتعلق بالجماعات المحلية.


القانون يقيد صلاحيات العامل:

إن عامل إقليم الجديدة مقيد، في إطار سلطة المراقبة الإدارية والمالية، التي يمارسها في نطاق محدد ومحدود،  بتطبيق مقتضيات القانون، في ما يتعلق  بالتأشير من عدمه على المقررات الجماعية الثلاثة والثلاثين (33)، وخاصة المقرر رقم: 11، المثير للجدل،  الذي أكدت مصادر  جيدة الاطلاع للجريدة، أنه أقلع، الأربعاء 22 مارس 2017، من جماعة مولاي عبد الله، في رحلة صاحبها التكتم والسرية، في طريقه إلى عامل إقليم الجديدة، مرورا عبر قائد قيادة مولاي عبد الله، ورئيس دائرة الجديدة. تكتم وسرية  إلى درجة أن أعضاء مجلس الجماعة لم يتوصلوا بالمقرر المرفوع، طبقا للمادة 116 من القانون التنظيمي للجماعات المحلية، إلى سلطة المراقبة الإدارية والمالية.

وعليه، سيكون على عامل إقليم الجديدة التقيد بمقتضيات المواد  92 – 94 – 115 – 117 – 187 – 188 – 189 من القانون رقم: 14 –  113، تحت طائلة بطلان القرار الذي سيتخذه.


قراءة في القانون رقم: ا14– 113:

أولا: حددت المواد 92 – 94 من القانون التنظيمي للجماعات المحلية، الصلاحيات التي خولها المشرع لمجلس الجماعة المحلية ولرئيسه..  إلا أن تلك الصلاحيات المنصوص عليها، لا يندرج في إطارها إجراء الصلح  ذي الوقع المالي على المداخيل والميزانية الجماعية، مع طرف مدعى عليها، صدر في حقه حكم  قضائي  أصبح نهائيا، وغير قابل للطعن فيه، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، فإن من يسعى إلى إبرام الصلح، يكون دائما الطرف الذي خسر الدعوى، كان مدعيا أو مدعى عليه، وليس العكس، أي ليس من كسب الدعوى. والحال أن مجلس جماعة مولاي عيد الله هو من كسب، بعد 7 سنوات من التقاضي والمساطر المعقدة، الدعوى في مواجهة شركة "إلينيو"، والقاضي بإفراغ مقهى ومطعم "القرش الأزرق". فلو كانت فعلا ثمة نية صادقة في الصلح وحل المشكل بالتوافق والتراضي، فمن المفترض والمفروض أن يكون ذلك قد تم قبل أن تلجأ جماعة مولاي عبد الله، سنة 2008، إلى القضاء، وليس بعد أن أصبح الحكم نهائيا، ومسطرة تنفيذه جارية، رغم تعطيلها بتأجيلها وإعادة تأجيلها.. تحت تبريرات وأسباب لم تعد مستساغة ومقبولة.

وللتذكير، فعلى المجلس الحالي لجماعة مولاي عبد الله، الذي صادق على مشروع الصلح، الذي أراد أن يهديه في طبق من ذهب .. أن يستحضر أن الجماعة ذاتها هي من انتزعت، في عهد رئيسها السابق، حسن  يشكر المعاشي?

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة