حيي السلام والنجد.. مثالين للتدبير العشوائي للمجال الحضري بمدينة الجديدة
حيي السلام والنجد.. مثالين للتدبير العشوائي للمجال الحضري بمدينة الجديدة

يعيش حوالي 50 الف مواطنة ومواطن  بحيي السلام والنجد  بمدينة الجديدة  اوضاعا مقلقة لا ترقى الى ما يتطلبه هذين الحيين اللذين قيل انهما عصريين  انشئا لاستيعاب  سكان من الطبقة المتوسطة  التي توسعت بسبب التطورات الاجتماعية والديمغرافية للمدينة التي تحولت من مدينة رتيبة هادئة زمن ما قبل التسعينات الى مدينة صاخبة  كنتيجة للتطور العمراني الكبير الذي  انطلق منذ الثمانينات وارتفعت وتيرته في السنين الاخيرة نظرا لعدة عوامل ابرزها النمو  الديموغرافي الذي شهدته المنطقة في النصف الأخير من القرن 20 وما واكبه من تغييرات اقتصادية واجتماعية برزت عنها  ظاهرة الهجرة من البادية إلى المدينة وما صاحبها من نمو متسارع للحواضر، وتوسع في العمران، كما  استقبلت الجديدة خلال عشرات السنين الاخيرة عدة مشاريع اقتصادية وصناعية  وتعليمية   وخدماتية وسياحية انطلقت بميناء الجرف الاصفر والمركب الصناعي  للمكتب الشريف للفوسفاط  وربطها بخط السكك الحديدة والطريق السيار اضافة لفتح جامعة شعيب الدكالي وبناء مؤسسات ومدارس عليا ملحقة بها كان لها الاثر الكبير في التحاق عدد كبير من الطلبة من اقاليم اخرى ضف الى ذلك   التوسع المضطرد للاحياء الصناعية والمنشات السياحية  سواء بالجرف الاصفر وغيرها من المناطق استقطبت اعداد كبيرة  من الباحثين عن الشغل  من مختلف أرجاء المملكة،. الشيء الذي جعل المدينة تتوسع شيئا فشيئا  وتتمدد عمرانيا بشكل سريع ومستمر  خصوصا مع بداية التسعينات .

لكن هذا التطور العمراني للاسف لم يواكب بما يلزم من تجهيزات ومستلزمات الحياة العصرية  لغياب البعد الشمولي والمستقبلي أثناء التعاطي مع قضايا المدينة بسبب ضعف الحكامة  وانتشار الفساد، و تعدد المتدخلين وتضارب المصالح وغياب التنسيق والسعي للربح السريع من طرف المنعشين العقاريين . كما ان المكتب الشريف للفوسفاط لعب دور سلبيا  في التطور العمراني للمدينة حيث استحوذ في السبعينات والثمانينات في اطار نزع الملكية من اجل المنفعة العامة  على جزء كبير من الوعاء العقاري للمدينة باثمنة بخسة مقلصا بذلك المساحات التي كان يمكن تخصيصها للخدمات الاجتماعية   وهو مطالب الان باداء   فاتورة تلويث فضاء المدينة ومحيطها  وتعويض ساكنتها عن طريق تمويل وانجاز مشاريع تهم التعليم والصحة والثقافة والرياضة ...والكف عن سياسة دولة داخل دولة التي لم تعد صالحة في عصرنا الحالي  .

ان واقع الحال بالمدينة وحيي النجد والسلام الذين سنتطرق لهما كمثال  لا يبعث على الارتياح ويؤشر على اختلالات متعددة و خصاص كبير في المرافق و الخدمات العمومية  ويمكن اجمال اهم هذه الاختلالات التي يعيشها الحيين في ما يلي .


1-تجاوزات في تدبير وتنفيذ تصميم التهيئة

يعتبر تصميم التهيئة الوثيقة المرجعية الاستراتيجية على أساسها يتم توجيه المجهود التنموي لسنوات عدة. فهو بمثابة خارطة الطريق بالنسبة لكل المخططات والمشاريع التنموية، على مستوى التهيئة وإعداد التراب والتجهيز والتعمير، وإنشاء المرافق العامة ومختلف المؤسسات والمصالح الإدارية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وهو ما يقتضي اعطاءه الاهمية القصوى في كل المراحل سواء عند  التهيء او التنفيذ وهو ايضا  مرآة لمدى جودة وكفاءة ونجاعة المصالح والجهات المكلفة بإعداده  من حيث الابداع لتلبية حاجيات السكان الاساسية والحفاض على جمالية المشهد العام للمدينة ومدى احترامها  للمعايير الوطنية والدولية لتصميم المدن من حيث عدد المرافق الاجتماعية والإدارية والخدماتية..وفي حالة حيي النجد والسلام نجد مثلا ان تصميم التهيئة  لم يدرج مثلا حيزا لبناء  مركز تجاري  ودور وفضاءات للشباب والرياضة والفن والثقافة ..اما على مستوى متابعة التنفيذ فنجد تجاوزات يمكن ان نوصفها بغير المفهومة كبناء مؤسسة خاصة بمكان كان من المفروض ان يمر منه شارع  امام ثانوية النجد  كما هو مبين في الصورة وتحويل بقعة كانت مخصصة لبناء ثانوية الى تجزئة سكنية ..الخ وهو ما يعكس فسادا وتدبيرا عشوائيا في مراقبة تنفيذ هذه الوثيقة القانونية  ويتطلب فتح تحقيق من طرف المصالح المختصة.

 

2-واقع التعليم بحيي النجد والسلام

توجد بحيي النجد والسلام  الذي يفطنه حوالي 50 الف نسمة  مدرسة ابتدائية يتيمة وثانوية واحدة بنيت على عجل في السنتين الاخيرتين .المؤسستين لا تلبيان الا نسبة ضئيلة من حاجيات سكان الحي من التعليم  هذا الخصاص الفضيع استغله الخواص بنصب بنايات اغلبها لا يتوفر على المؤهلات المادية والتربوية حيث تتواجد بالحيين اكثر من 12 مؤسسة خاصة للتعليم الابتداءي والاعدادي والثانوي تفرض اثمنة مجحفة  .فالسكان ملزمون اما بالقبول بشروط هذه المؤسسات او تسجيل ابناءهم الصغار بمدارس وسط المدينة وهو ما يقتضي توفير شروط نقلهم وسلامتهم لقطع مسافة تتعدى 3 كلم

 

هذا الواقع كان مثار احتجاجات مستمرة لسكان الحيين .كما بعثت جمعيات الاحياء بحي السلام والنجد عدة مراسلات الى المسؤولين وطنيا ومحليا لاثارة انتباههم وايجاد الحلول المستعجلة التي يلخصها السكان عبر جمعياتهم في بناء اعدادية  لاستيعاب العدد الهائل من التلاميذ الذين يفرض عليهم متابعة السلك الاعدادي  بوسط المدينة ثم العودة من جديد الى ثانوية النجد التي بنيت على عجل و تفتقر للمرافق الاساسية من ملاعب وماء شروب ...وكانت المديرية الاقليمية للتربية والتعليم  قد وضعت حلا مؤقتا  ترقيعيا السنة الفارطة بانشاء ملحق بهذه الثانوية  لتسجيل تلاميذ الاعدادي غير ان الوضعية استفحلت مع ارتفاع اعداد القادمين من التعليم الابتدائي  مما ينذر بتوترات سيعيشها الحيين السنة المقبلة حيث شرع في جمع  العرائض والتلويح بمسيرات ووقفات احتجاجية مع الدخول المدرسي المقبل.

تجدر الاشارة انه في اطار العبث والعشوائية والفساد تم تحويل بقعة ارضية كانت مخصصة لبناء  مؤسسة تعليمية الى تجزئة سكنية  وهو ما اجج عضب السكان وكان مثار احتجاجات ووقفات احتجاجية غطاها الاعلام المحلي والوطني

 

3- واقع الصحة بالحيين

اذا كان الحد الادنى هو مستوصف لكل 25000 نسمة فان عدد سكان حيي النجد والسلام يصل الى حوالي 50000 ساكن  هم الان بدون مستوصف كل ما هنالك بقعة ارضية مخصصة بتصميم التهيئة امام مسجد السلام   يخاف اهل الحي ان يكون مصيرها مثل مصير البقع الارضية التي خصصت لبناء مدارس فتحولت بفعل فاعل جشع الى تجزئة سكنية.والمسؤولية تقع هنا على مندوب الصحة الذي عليه ان يسارع بانجاز مشروع المستوصف والا سيعمد المالك الاصلي الى استرجاعها بعد ان يكون قد مر على تاريخ حيازتها  في اطار نزع الملكية من اجل المنفعة العامة  المدة القانونية .

 

4- الانشطة الرياضية وملاعب القرب

خصص تصميم التهيئة ملعبا  للقرب وسط حي السلام هو الان في حالة مزرية في غياب الصيانة وجهة للاشراف عليه ونضرا للمشاكل التي طرحها غياب مركز تجاري لهذين الحيين واستفحال ظاهرة الباعة المتجولين وأصحاب العربات بائعي الخضر والفواكه والأسماك فان الفضاء القريب من اقامة ام الربيع يتحول الى مرتع للأوساخ والقاذورات  مما جعل ساكنة الحي وجمعيات المجتمع المدني في حرب مستمرة مع هؤلاء الباعة فقد سرب ان السلطات المحلية تنوي تحويل هذا الملعب لمكان لايواء هؤلاء الباعة مما سيحرم شباب الحي من ممارسة الرياضة  ويحرم كذلك السكان من متنفس يؤمون له خصوصا في ليال الصيف .

 

5- فوضى ومشاكل اخرى لا تحصى بحيي السلام والنجد

من المشاكل الاخرى التي يعاني منها سكان الحيين يمكن ان نضيف على سبيل المثال لا الحصر ما يلي علما ان هذه المشاكل كانت دائما مثار شكايات وعرائض بقيت بدون تتمة

-      ركن الاليات الشاحنات ذات الوزن الثقيل في الأزقة وأمام أبواب المنازل، مما يتسبب غالبا في حوادث سير خطيرة وعرقلة المرور نتيجة الوقوف في أماكن غير مسموح بها، ناهيك عن الضجيج الذي تسببه المحركات في وقت متأخر من الليل وفي الصباح الباكر، أما الموسيقى الصاخبة وشرب الخمر والدعارة بداخل الشاحنات والكلام الساقط فحدث ولا حرج ...وطالب المشتكون الجهات المسؤولة بالتدخل لرفع الضرر ومنع ركون الشاحنات بهذه الأحياء.

-      ظاهرة تجول الحيوانات المهملة بحيي السلام والنجد اصبحت مألوفة لدى السكان  تشوه المنظر العام للحي وتتسبب في حوادث السير وعرقلة مرور السيارات والشاحنات  والغريب ان هذه الحيوانات يقال ان مالكها معروف لدى السلطات لكن لسبب ما يتم تجاهل هذه القضية

-      تواجد عدة بقع غير مبنية اصبحت مطرحا للنفايات وبقايا مواد البناء حيث يعمد ارباب بعض الشاحنات الى التخلص من  حمولتهم من هذه النفايات ليلا عوض ابعادها الى المطرح البلدي .

 -   انتشار الأزبال وغياب النظافة وضعف الإنارة العمومية وعدم استفادة سكان الحيين من خدمات النقل الحضري، مما جعل السكان في مواجهة يومية مع جشع أصحاب الطاكسيات،

-      غياب ترقيم المنازل وعدم تسمية الأحياء والأزقة، مما يجعل ساكنة حي السلام مجهولة الهوية وبدون عنوان وهو ما يحول دون استفادتها من خدمات البريد  يضطرون معها الى استعمال عنواوين مكان عملهم 

-      هذا الحي الذي كان يمكن ان يصنف بالحي الهادئ اصبح قبلة للصوص

اذ ما زالت معدلات الجريمة والاعتداءات على المواطنين بحي السلام مرتفعة ومن اجل ذلك يطالب السكان عبر جمعياتهم ضرورة  تكثيف دوريات الأمن ، والإسراع بفتح مخفر الشرطة المتواجد بالحي وتعيين عناصر من شرطة المرور لتأمين عملية السير والجولان في أوقات الذروة وتجهيز ملتقى الطرق قرب اقامة ام الربيع بالتشوير الكهربائي .


عن فيدرالية جمعيات الاحياء السكنية بالجديدة

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة