معضلة ميناء الجرف الأصفر.. عامل الجديدة محمد الكروج والمحك العسير !
معضلة ميناء الجرف الأصفر.. عامل الجديدة محمد الكروج والمحك العسير !

رغم أن حريقا مهولا شب، الأربعاء 22 نونبر 2017، داخل سفينة تجارية تحمل علم  باناما، كانت راسية في ميناء الجرف الأصفر، لم تتحمل فيه وعنه سلطات الميناء  أية مسؤولية.. فإن النازلة أعادت إلى الوجهة التدابير الاحترازية، التي مافتئت الجريدة تدعو إلى اتخاذها، على إثر ما اهتزا على وقعه هذا الموقع الاستراتيجي من حوادث كادت عواقبها أن تكون كارثية

وكانت الجديدة 24 نشرت على أعمدة موقعها تحقيقات صحفية ومقالات استقصائية مزلزلة، دقت من خلالها ناقوس الخطر، حتى تتحرك سلطات الموانئ، ومعها الجهات المختصة والمعنية، وفي طليعتها السلطة الإقليمية الأولى، ممثلة في عامل إقليم الجديدة، محمد الكروج. لكن نتلك الإنذارات والتنبيهات بقيت صيحة في واد، أو كمن يتعبد في الصحراء  (prêcher dans le désert)، كما يقول المثل الفرنسي.

 وبالمناسبة، نشرت الجديدة 24 في ال4 شتنبر 2017،  وال27 شتنبر2017، تحقيقين صحفيين، على التوالي تحت عنوان: "الخطر القادم من ميناء الجرف الأصفر.. القنبلة الموقوتة!"؛ و"الفوضى واللاقانون يعمان استغلال رخص جمع نفايات السفن بميناء الجرف الأصفر".. إلا أن الحقائق والوقائع المضمنة فيهما، والخروقات التي تم الكشف عنها  بالواضح والملموس، لم يغير في شيء من واقع وحقيقة ما يجري على أرض الواقع.  ولمن يهمه أو يهمهم الأمر، الرجوع، لكل غاية مفيدة، إلى هاذين التخقيقين، عبر محرك البحث الإلكتروني "غوغل".

وعليه، فإن عامل إقليم الجديدة يعلم أن التحركات العاملية، والاستفسارات الإدارية التي  مافتئ يوجهها إلى المسؤولين لدى الجهات المختصة والمعنية، وأن الاجتماعات الفورية والطارئة.. وأن النيات الحسنة.. وأن تغيبه عن نشاط في الجرف الأصفر، بمناسبة من المناسبات.. لا تكفي لوحدها، لفرض عزيمة الإصلاح المتوخى، وتصحيح الاختلالات والاعوجاجات. إذ يتعين  ربط الأقوال بالأفعال، من خلال ترجمتها على شكل قرارات صارمة، يتم تفعليها بحزم،  من أجل مصداقية ونجاعة عمل السلطة الترابية، باعتبار أن عامل إقليم الجديدة  السلطة الإقليمية الأولى، وبحكم كونه يحظى بجميع السلط والصلاحيات والاختصاصات الدستورية والقانونية. فهو يمثل صاحب الجلالة والحكومة في الإقليم، ومن مهامه السهر على أجرأة السياسات الحكومية والاستراتيجيات العمومية.

هذا، فإن عامل الجديدة الجديد، محمد الكروج،  ملزم، في ظل الخروقات التي تشوب قطاعات استراتيجية في ميناء الجرف الأصفر، بتفعيل مضامين خطاب العرش، الذي ربط فيه الملك محمد السادس المسؤولية بالمساءلة والمحاسبة. وبالتالي، فإن أي "تهاون" في ذلك، قد يعتبر "حيادا سلبيا"، أو "عجزا" أو "فشلا دريعا".. ومن ثم، ضوءا أخضر وإشارة للتمادي في التجاوزات، يلتقطها، في غياب المساءلة والمحاسبة،  من يخرقون القانون، أو يعتبرون أنفسهم فوق القانون، في دولة الحق والقانون، في مغرب الألفية الثالثة، مغرب العهد الجديد.

فالمساءلة يتعين أن تبدأ بالمناسبة من دائرة عمل عامل إقليم الجديدة، من السلطة المحلية، ممثلة في قائد المقاطعة بميناء الجرف الأصفر، علاقة بالإجراءات  والتقارير الإخبارية التي من المفترض والفروض أن  يتخذها ويوجهها إلى السلطة الترابية الإقليمية الأولى، في موضوع الخروقات التي تشوب تدبير قطاعات استراتيجية في ميناء الجرف الأصفر، عوض أن يطلع عليها عامل الإقليم بشكل جد متأخر، عبر  قناة مستقلة، قناة الصحافة النزيهة، ذات المصداقية.. موازاة مع اطلاع  الرأي العام وعامة المواطنين عليها. ما قد يضع عامل الإقليم في موقف حرج، وفي محك عسير.. ما قد يحد من نجاعة الممارسة العاملية السلطات الترابية.

ومن جهة أخرى، فعوض القيام بالتحري بشأن ما شاب ميناء الجرف الأصفر، من خروقات، فضحتها الجريدة بالواضح والملموس في تحقيقاتها الصحفية ومقالاتها الاستقصائية المزلزلة،  وجهت السلطات المختصة والمعنية أصابع الاتهام، بعد أن نشرت الجريدة تحقيقا تحت عنوان: "الفوضى واللاقانون يعمان استغلال رخص جمع نفايات السفن بميناء الجرف الأصفر"،  إلى مستفيد من رخصة  جمع النفايات من السفن في ميناء الجرف الأصفر، وبكونه من سرب بدافع الانتقام وتصفية الحسابات، "معلومات"  إلى الصحافة.

إلى ذلك، وكما كان للجريدة السبق في الكشف عن الوقائع، وفضح الحقائق، فإن ثمة خروقات لا تحصى، تشوب تدبير شؤون ميناء الجرف الأصفر. هذا الميناء الذي بات مستباحا من قبل الدخلاء والغرباء، ومعبرا آمنا للحالمين بالهجرة  إلى "إلدورادو" القارة العجوز، إلى الضفة الشمالية من البحر الأبيض المتوسط، في غياب الإجراءات الأمنية والاحترازية اللازمة، التي من المفترض والمفروض أن تتخذها بشكل استباقي سلطات الميناء في هذا الموقع الاستراتيجي الحساس. كما أن الفوضى واللاقانون اللذين يتخبط في مستنقعهما الميناء،  تم الوقوف عليهما عن كثب  في قطاعات الأمن الخاص (gardiennage)؛ وجمع الزيوت المستعملة من قبل السفن؛ وجمع النفايات من البواخر. وهي قطاعات كانت، إلى جانب تموين البواخر، من اختصاص الأشغال العمومية، قبل أن تنتقل إلى الوكالة الوطنية  للموانئ.

وبالمناسبة، فقد دقت الجريدة مرارا وتكرارا، وفي مناسبات عديدة،  ناقوس الإنذار والخطر، درءا لوقوع الأسوأ.. إلا أن السلطات والمسؤولين  لم يتفاعلوا معها بالجدية والحزم اللازمين.

وها هي الجريدة  تعيد فتح الباب على مصراعيه على قطاع رخص استغلال وجمع نفايات السفن، بميناء الجرف الأصفر،  وتفضح  مجددا بالواضح والملموس هذا المجال الذي ظل يقبع في الظل، بعيدا عن المراقبة، في ظل "الحياد السلبي" الذي كان  معاذ  الجامعي، عامل إقليم الجديدة السابق، اتخذه منهاجا "ناجعا" في تدبير الشأن العام،  وفي التعامل مع القضايا الحيوية التي تهم رعايا صاحب الجلالة، والحسم في ملفات من العيار الثقيل. ملفات بات إلزاما على محمد الكروج، عامل إقليم الجديدة الجديد، أن ينفض عنها الغبار، وأن يحسم فيها بحزم وصرامة، وبما يقتضيه القانون، طبقا وتطبيقا للصلاحيات الدستورية والقانونية التي يحظى بها، وكذا، تفعيلا  لمضامين خطاب العرش، الذي ربط فيه الملك محمد السادس المسؤولية بالمساءلة والمحاسبة.. وحتى لا ينعت العامل الكروج بكونه أصبح يسير على خطى سلفه، معاذ  الجامعي، الذي كم من حاجة قضاها وحسم فيها، بتركها جانبا، وبالاحتفاظ بها في رفوف "الأرشيف العاملي".

هذا، ومن تجليات الفوضى التي تشوب قطاع جمع النفايات من السفن، بميناء الجرف الأصفر، المفوض إلى 8 شركات، أن بعض أصحاب هذه الرخص  يستغلون عربة "عادية"  واحدة لجمع النفايات.. علما  إن دفتر التحملات ينص في بنوده على ضرورة أن يتوفر ويوفر كل صاحب رخصة استغلال، شاحنة تكون بالمواصفات التي تتوفر عليها الشاحنات المخصصة لجمع النفايات.

كما أن أصحاب رخص الاستغلال، ومستخدمين لدى شركتين ل" الكادرييناج"، إحداهما مرخص لها من قبل الوكيل البحري،  يصعدون مباشرة إلى ظهر السفن بميناء الجرف الأصفر، ويطالبون قادتها وأطقمها بضرورة مدهم، قبل مغادرتها الرصيف، بالنفايات ولو كانت بكميات جد هزيلة، قد تكون بضعة قنينات فارغة، أو ما شابه ذلك.. ويتقاضون عما يشبه تلك النفايات، مبالغ مالية باهضة، بموجب فاتورات. والحال أن من يخول له قانونا الصعود أولا إلى الباخرة التي ترسو في الميناء، هو الوكيل البحري الذي يمثل السفينة. حيث إنه  هو من يشعر وينسق مع قائد القبطانية، التابعة للوكالة الجهوية للموانئ. هذا الأخير الذي يتخذ، وفق قانون الموانئ، الإجراءات الضرورية، لجمع نفايات السفن.

وبالمناسبة، فإن الوكلاء البحريين يشتكون، حسب مصدر جيد الاطلاع،  من الأثمنة الباهضة التي تفرض على السفن، من أجل جمع نفاياتها، ومن عدم وجود "Tarif" يحدد الأثمنة التي يتعين تسديدها طبقا وتطبيقا لمقتضيات القانون.

والمثير أن النفايات التي تجمعها العربة الوحيدة، التي يستغلها أصحاب الشركات المتعاقد معهم، والمحتكرة جلها من قبل شخصين.. ليست بشاحنة، ولا تتوفر على مواصفات الشاحنة المخصصة لجمع ونقل النفايات، التي يجهل، في غياب المراقبة والتتبع، الوجهة أو مطرح النفايات، التي تفرغ فيها  حمولاتها من الأزبال.

والجدير بالذكر، ومن باب التنبيه، أن عملية التخلص من نفايات السفن،  والتي يجب أن تتم وأن تكون موثقة بمقتضى تقرير رسمي، يمكن الرجوع إليه عند الاقتضاء، قد تشكل، في حال عدم ضبطها وتتبعها واستيفائها لمقتضيات القانون وملاءمتها لشروط ومعايير المحافظة والحفاظ على البيئة.. سيما في ظل سبات بعض الجمعيات التي تعنى بالبيئة، والتي تتلقى دهما ماليا منتفخا من مؤسسات الدولة، (قد تشكل)  خطرا على الصحة العمومية، وعلى المحيط الإيكولوجي

وما يثير حقا  للغرابة والاستغراب أن المسمى (موسى إ.)، صاحب رخصة جمع نفايات السفن، كان قضى نحبه منذ أزيد من سنتين.. ما كان يحتم لتوه على الجهات المعنية والمختصة قانونا، بعد أن لم تعد لهذا الشخص المتوفى، لا باعتباره شخصا ذاتيا أو معنويا،  الصفة والأهلية والحق في الاستغلال، إيقاف العمل بالرخصة التي كانت تهمه، والتي كان يستفيد منها قيد حياته.. غير أن استغلالها مازال قائما، حتى بعد مماته، في ظروف مثيرة للجدل، تستدعي فتح بحث، قد يفجر مفاجآت من العيار الثقيل، يجعل الاختصاص في إجرائه من قبل النيابة العامة المختصة.  

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة