الصحافي والكاتب وديع دادة يقدم كتابه ''7080 ثانية'' بمكتبة باريس بالجديدة
الصحافي والكاتب وديع دادة يقدم كتابه ''7080 ثانية'' بمكتبة باريس بالجديدة

على غير عادتها، ظلت أبواب مكتبة باريس مساء يوم الأربعاء الثالث من شهر يناير من بداية السنة الجديدة 2018، مفتوحة من دون باقي المكتبات، الى وقت جد متأخر من ليلة شتاء باردة. السبب لا يعود حتما لاستكمال أعمال غير منتهية لضيق وقت النهارالقصير، وإنما يتعلق الأمر، بحدث استثنائي عاشته المكتبة ومعها مثقفي الجديدة.

إنه حدث تنظيم لقاء ثقافي بامتياز، ارتأت إدارة المكتبة أن يكون عنوانا كبيرا للإعلان عن افتتاح موسم أنشطتها الثقافية، والتي دأبت على تنظيمها بصفة دورية طيلة السنة، اسهاما منها في تنشيط الميدان الثقافي بمدينة الجديدة، واستمرارا في خلق محطات لاستدامة اشعاعه .. مبادرة تؤكد وتبرهن بالملموس على أهمية الأدوار الحقيقية للمكتبات الخاصة، للمساهمة كذلك بدورها الفعال في ترسيخ الاهتمام بقضايا الشأن الثقافي المحلي. المبادرة هذه يرجع فضل تنظيمها لمكتبة باريس، بتعاون مع المكتبة الوسائطية ادريس التاشفيني، وجمعية أصدقائها.

برودة ذاك المساء الإستثنائي في الخارج، قابله دفئ جارف لأوقات مشحونة برغبة الإستمتاع بلحظات حوار ثقافي مثير وشيق بلغة موليير، من طرف عدد كبير جدا لحضور أبى إلا أن يأخذ مكانه من فضاء المكتبة في وقت جد مبكر قبل بداية اللقاء بأكثر من ساعة.. حضور تأثت مقامه بحضور أسماء مثقفين وأساتذة وصحافيين وفاعلين جمعويين، وعدد كبيرمن الشباب المتعطش للإحساس بحرارة اللقاء الثقافي لهذا المساء الذي لا يشبه أماسيهم المعتادة.

 وبرغم اختلاف أعمار الحاضرين واهتماماتهم وانشغالاتهم، توحدوا جميعا في تركيز انتباههم على منصة تحتفي بكاتب وصحفي مرموق بالقناة التلفزية الثانية ، في حفل لتقديم وتوقيع كتابه الجديد بعنوان " 7080 ثانية " وكتابه الأول بعنوان " تخيل ". إنه الصحفي الوديع: وديع دادة، الذي كان مرفوقا بالشخصية المحورية لمؤلفه: الشاب يوسف زويني. الذي أخرجه من بين سطور الأحداث الدرامية لفصول الكتاب، التي عاشها معتقلا ظلما، بتهم باطلة، بأحد السجون الفرنسية لمدة عشر سنوات، قضى منها أربع سنوات بعد تبرئته فيما بعد بصفة نهائية، من كل التهم الملفقة ضده، ليكون شاهدا ناطقا، على عناء كتابة تسجيلية بجمالية السرد، لمعاناة إنسانية مرة، بسبب حكم قضائي سقط بغير سهو في توجيه الإدانة لبريء، وشمت نفسيته بعميق جراحات أليمة لا تندمل، ولا زالت تصهل بحرقة ذكرياتها.

أدار دفة الحوار وتنشيط هذا اللقاء النوعي بمهارة عالية، الأستاذ المتمكن عبد العالي الرهوني، والمنشط لعدة لقاءات متميزة بالمدينة، والتي يبصم عليها من خفة روحه، وجمالية أسلوبه، وعمق ثقافته، طابعا من إحساس بمتعة فائقة قل نظيرها.

هذا المساء الغير العادي، كان فرصة للصحافي والكاتب المتألق وديع دادة، والذي يحل لأول مرة ضيفا عزيزا على مدينة الجديدة، بمكتبة باريز بطيف الثقافة، التواصل بصبيب عالي من الود والدفئ مع قرائه ومعجبيه الذين بادلوه نفس التقدير.

البداية كانت كلمة ترحيب مقتضبة بالضيفين والحاضرين معا، للسيد حسن كمون، مسيرمكتبة باريز، أشار من خلالها الى أهمية تنظيم هذا النشاط الثقافي، الذي يندرج ضمن أولويات واهتمامات المكتبة في إطار برامجها التنشيطية، للمساهمة في الإرتقاء بالفعل الثقافي بالمدينة، كما أبرز بالأرقام موقع مكتبة باريز والتي تحتل مكانة متميزة ضمن تصنيف لتسعين مكتبة في الدول الفرنكوفونية، حسب معايير معتمدة، قام به المركز الوطني للكتاب، للمؤسسة التابعة لوزارة الشؤون الثقافية بالجمهورية الفرنسية.

وفي تشويق لسفر جميل عبر الزمن لاستحضار ثواني منفلتة من واقعنا الحالي، ثواني مثقلة لسرد يئن تحث وطئ تجربة أليمة لمعاناة إنسانية للشخصية المحورية للكتاب يوسف زويني، تمكن المنشط عبد العالي الرهوني ببداهته  المعروفة من خلق نسق من أسئلة عميقة ، وتفاعل متناغم ومشاكسة جميلة أحيانا، مع الصحافي وديع دادة الذي استعرض في سرد متأني ، كل الخطوات والمراحل التي ساهمت في ميلاد فكرة كتابة هذا الكتاب الجديد، والذي يختصر حسب قوله جزءا صغيرا من لحظات أليمة ، لسنوات طويلة بالإحساس بالظلم والقهر الاجتماعي، وقسوة العدالة حين ترتكز فقط على بيانات ، دون أدلة مثبتة للبراءة. كما جاء في شهادة الشخصية المحورية للكتاب، الشاب يوسف زوين عند استعراضه لمحطات تجربته الحارقة بألم.

أحداث مثيرة أثارها الكاتب والشاهد في كتاب يحصي عدد ثواني عدابات طويلة لشاب لم يكن ذنبه سوى أنه كان متواجدا في الوقت الغير المناسب بأحد الفضاءات التجارية الكبيرة. بلغت في توظيف وسرد لأحداثها،7080 ثانية من الجحيم.


حسن حصاري 



الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة