تدوينات تحت الطلب أو من أجل الطلب
تدوينات تحت الطلب أو من أجل الطلب


هي ظاهرة أصبحت شبه معتادة في الفيسبوك و بإقليم سيدي بنور خصوصا، و لها كتابها المحترفون و معجمها الخاص و أهدافها المعروفة، و أعني بها تحديدا تلك التدوينات المخصصة لمدح بعض الأعيان الفاسدين من رؤساء جماعات و برلمانيين، إما طلبا لأعطية أو تقربا منهم و تملقا لهم، أو إعلانا للولاء و التبعية لهم أمام الملأ، أو رغبة في تحقيق منفعة خاصة.. و في مرات عديدة تكون التدوينة تحت الطلب، أي أن بعض الأعيان المفسدين يلجؤون الى أحد الكتاتبية، ليقوم بنشر تدوينة مدفوعة الثمن، تشيد به، و ذلك لرفع أسهمه لدى الرأي العام، و لإظاهر شعبيته و تفنيد اتهامات معارضيه 
في الغالب تكون مقدمة التدوينة ممهورة بعبارة : ( من لا يشكر الناس لا يشكر الله) يحاول عبرها صاحب التدوينة أن يبعد عن نفسه شبهة الاسترزاق، فيُظهر للقارئ أنه شخص ورع و تقي و أنه ليس كما يظن البعض بأنه مجرد طعارجي يبيع قلمه لشخص فاسد مقابل دريهمات معدودة
  أما فحوى التدوينة فتكون ممتلئة بعبارات موغلة في التمجيد و المديح و لحيس الكابة بطريقة مقرفة ، لبعض هؤلاء المسؤولين الفاسدين الفاشلين، و مضمونها كذب و تزوير للحقائق و تدليس مقصود.. و هكذا، يصبح المسؤول/اللص ناهب المال العام المعني بالتدوينة، هو الرجل المناسب في المكان المناسب! و هو الذي ترفع له القبعة من هذا المنبر! مع اختراع الكثير من مناقبه في الكرم و الجود و العمل الصالح و التواضع و خدمة الناس ( كأن المسؤول المعني صحابي جليل!)، فهذا يقول إن الرجل من أطيب خلق الله! و ذاك يشيد بالعمل الخيري و الإحساني الذي يقوم به، و الآخر يتحدث عن حضوره الدائم و بابه المفتوح ليل نهار و هاتفه الذي يجيب كل من اتصل به، و المنجزات الكبرى التي تحققت في عهده
غالبا ما يتم إرفاق نص التدوينة بصورة كبيرة و مختارة بعناية للمسؤول المعني.. ثم تأتي التعليقات لتكمل الباهية، حيث تظهر جوقة المتملقين و البنادرية لتعزف نفس اللحن و لتؤكد ما جاء في التدوينة، بل و قد ترفع بعضها الإيقاع فتشهد أن المسؤول المعني ولد الناس و جميل و كريم و عبقري و لا بديل له و داكشي 
ان ظاهرة التدوينات تحت الطلب هذه، تشكلت كردة فعل لدى هؤلاء الأعيان المفسدين أمام الانتقادات التي توجه لهم يوميا من طرف المواطن الغاضب من تردي الأوضاع، بسبب تسييرهم العشوائي و نهبهم للمال العام، و هي  دليل آخر على دناءة أساليبهم غير النزيهة في خوض الصراع السياسي، فكما يتم شراء الأصوات في الانتخابات،تتم أيضا عملية شراء التدوينات في الفيسبوك .. و المؤسف أن هذه الظاهرة المهينة للكرامة الانسانية و للذوق العام و لذكاء الناس تتوسع.. و لا يسعني هنا  إلا أن أقول  كما كان يقول جدي رحمه الله في مثل هكذا مواقف: "الله يخليها قاعدة و صافي"

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة