أيام عالمية للفرح / بقلم هشام بن الشاوي
أيام عالمية للفرح / بقلم هشام بن الشاوي


ملتمس إلى السيد رئيس الحكومة المغربية..
بعد التحية والسلام.. 
 ، 

أنا الموقع أدناه المواطن فلان الفلاني، الحامل للبطاقة الوطنية رقم.... ، أكتب إليكم، وأنا أتأرجح بين النوم واليقظة، بعد أن فشلت  القهوة الإيطالية فشلا ذريعا في مفاوضات السلام الداخلي.
أرجو ألا يعتبر  هذا الملتمس  تفاعلا مع حملة #طوطو، لأنني لا أعرفه ولا رغبة لي بمعرفة أمثاله، فمنذ البداية، كنت ضد لجوء حكومتكم  الموقرة إلى المؤثرين والمؤثرات..
سيدي الرئيس،  أنت تعرف بالتأكيد أن يوم الإثنين  يوم غير محبوب يكره الكبار والصغار،   يوم كئيب،  ومع ذلك،  وعلى غرار احتفالات أكتوبر في مصر الشقيقة، ألتمس منكم الظفر بأحد أيام هذا الشهر المجيد، وليكن هذا اليوم سيئ السمعة: الإثنين.
 أرجو أن يتم ترسيمه يوم عطلة رسمية، نعم، هكذا، وبدون أية مناسبة.. لا بل هناك سبب وجيه حقا، وهو  أن جارنا كان سكران ليلة البارحة. لقد اختار أن ينتقم من هذا الإثنين الذي تشترك معنا في كراهيته، لكن جارنا المتبطل محظوظ، لأنه نائم الآن،  حتى ما بعد الضحى.  أعتقد أن كتاب الرواية هم  من يستطيعون أن يصفوا  لنا كيف تتساوى الأيام عند هذا الجار، الأمر يتطلب الغوص في دواخل رجل لا فرق عنده بين الجمعة والإثنين.
 الأمر صعب حقا، لا سيما مع شخص كتوم جدا ولا يظهر تقريباً نهارا، لكن لا يمكن أن ندعي أن الأمر  يتعلق بكائن ليلي. يمكن أن نشبهه بفأر مذعور  يلوذ بجحره على وجه السرعة، كأنما  يخشى أن يراه أي أحد، وهو يدنس أيامنا المتشابهات، بتبطله المزمن، بعد أن صار  عالة على أخته المقيمة في الخارج. هذه الأخت التي صارت تعيل أمها العجوز، الأخ الذي طرد من أوروبا نهائيا بسبب الإدمان على المخدرات، وربما لا تدري أنها تعيل صاحبته أيضا.. قد يقول قائل إنها خادمة ترعى العجوز. 
لماذا سنحتفل بهذا الإثنين الكئيب!؟ 
لأن جارنا حين  يسكر يتشاجر مع الأبواب والجدران طوال الليل، وينتقم من تلك المرأة، التي تقيم معه بدون حتى ورقة زواج عرفي،  ولا نعرف سر تمسكها به، وهذا شأن خاص بهما، لكن لو داهم  رجال الأمن البيت، حتما، سنقرأ خبرا طريفا في بعض المواقع الإلكترونية.. خبرا يشبه أخبارا  تجعلك تبصق رغما عنك، وأنت تتخيل أنك صرت تعيش في ماخور كبير، بعضهم يقول إن هذه المدينة مجرد دوار كبير. حسنا، ذلك شأن آخر، لكننا لن نقرأ في ذلك الخبر  أن لا أحد تدخل حين كان يضربها، وكانت تستغيث،  لكن تناهى إلى مسامعنا - ذات سكر-  أنه صرح بأن كل الجيران أولاد ال...  بشجاعة يفتقدها طيلة أيام الأسبوع، ولا نعرف سر هذا الحقد علينا، وهو الذي كان يجيد اختيار توقيت لياليه الملاح، كأنما يعلن: لكم زمنكم ولي زمني.
تلك الشتيمة كانت الجملة الوحيدة، التي قالها بوضوح، وأحيانا، يخيل إلي أن هذا الجار المتكتم  مجرد كلب يسكن في الجوار، ولا أقصد المعنى القدحي للكلمة، أي أن جارنا مجرد كلب، حاشا...  ولكن، يبدو لي أنه وكأنه يعوي مثل كلب جيران مربوط ومنسي،  وهو يزأر: "عووووو..". أظن أن ذلك يحدث في لحظات الغضب، في لحظات يتقمص فيها دور الفارس الذي لا يتمتع بذرة نبل.. 
معذرة سيدي الرئيس، سوف أكون طماعا، وأقترح أن تزور لجنة اكتشاف المواهب الغنائية هذا الجار الطيب،  فهذا الرجل الذي لا يتكلم بتاتا، يتمتع بصوت جميل حقا، يجعلك تضحك، وأنت تتقلب في الفراش، ما بعد منتصف الليل، تضحك بعد أن سرق  النوم من عينيك، وهو يمضغ الكلمات، ويعيد صياغتها بشكل فانتازي، تتخيل أن شبحا يسكن في الجوار.. شبح لا يهمه أن يستيقظ مبكرا، بسبب العمل ودراسة الأبناء.. ولا يبالي بأن بعض جيرانه رجال أمن، وأنه يسكن قرب المسجد.
ستكثر طلباتي، حيث ستظهر أيام أخرى، إذ  لم يعد جارنا الصموت يسكر مرة واحدة في الشهر، وهذا أمر  مبهج..  ويجعلنا نتفاءل بأن بلدنا لن يبقى في المرتبة السابعة من بين الدول العربية، حسب تقرير مؤشر السعادة العالمي لهذا العام، من يدري ربما نتفوق على الإمارات العربية المتحدة (البلد العربي الذي جعل للسعادة وزارة) بفضل #طوطو وهذا الجار السعيد كثر الله أفراحه...
دعونا نفرح، لأننا  لا نملك إلا  أن نفرح بأيام العطل والاحتفال بالأيام العالمية في زمن عز فيه الفرح، نكاية في الضباع العالمية المتوحشة، التي تزرع الرعب في نفوس سكان هذا الكوكب.





الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة