مقبرة الرحمة بالجديدة بدون ماء.. معاناة يومية وصمت الجهات المعنية
من قلب المقبرة، تتعالى أصوات العمال والمواطنين مطالبة بحق بسيط: قطرة ماء تحفظ كرامة الموتى وتُيسّر دفنهم.
في مشهد لا يليق بمكان يحمل رمزية وقدسية كبيرة في قلوب المغاربة، تعاني مقبرة الرحمة بمدينة الجديدة من انعدام تام للماء، الأمر الذي يحوّل كل عملية دفن إلى تحدٍّ حقيقي سواء لعائلات المتوفين أو للعمال القائمين على الحفر والتجهيز. ففي غياب نقطة ماء واحدة داخل المقبرة، يجد القائمون على عمليات الدفن أنفسهم مضطرين لنقل الماء يدوياً من أماكن بعيدة أو الاعتماد على المحسنين، في مشهد لا يخلو من العشوائية والإجهاد.
يقول أحد العاملين بالمقبرة، وملامح التعب بادية على وجهه:
"نُضطر في كثير من الأحيان إلى جلب الماء في قنينات من الأحياء المجاورة. الأمر يُرهقنا، خاصة في أيام الصيف أو حين تكون لدينا عدة جنازات في يوم واحد."
الماء هنا ليس فقط مسألة رفاهية أو تجميل، بل هو ضرورة عملية ودينية. إذ يُستعمل أثناء تجهيز القبر، وترطيب التربة، وأداء بعض الشعائر المرتبطة بالغسل والتنظيف. غير أن غياب البنية التحتية داخل المقبرة يعكس خللاً في التسيير والتخطيط، خاصة أن هذه المقبرة تُعد من أكبر المقابر في المدينة وتستقبل يومياً حالات متعددة.
الساكنة تطالب، والمسؤولون يصمتون
رغم توالي الشكاوى من السكان وجمعيات المجتمع المدني، إلا أن الجهات المعنية، وعلى رأسها جماعة الجديدة، لم تُبادر بعد إلى اتخاذ خطوات ملموسة لحل هذا المشكل البسيط في ظاهره، العميق في دلالاته. فكيف يُعقل أن يكون مكان مخصص للراحة الأبدية بدون الحد الأدنى من البنية التحتية؟
حلول ممكنة... لكن الإرادة غائبة
الحل لا يبدو معقداً، إذ يكفي ربط المقبرة بشبكة الماء الصالح للشرب، أو على الأقل توفير خزانات مائية مؤقتة تسهل العمليات اليومية. لكن يبدو أن الأمر لم يُدرج بعد ضمن أولويات المجلس الجماعي، رغم النداءات المتكررة.
في ظل هذه الأوضاع، تبقى كرامة الموتى معلقة على صنبور ماء، في انتظار التفاتة حقيقية من المسؤولين. فالمقبرة ليست فقط مكاناً لدفن الأجساد، بل مرآة تعكس مدى احترام مجتمع ما لحقوق الإنسان حتى بعد وفاته.
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة