شهادة الإبراء الضريبي تعرقل سوق العقار
فرضت الإدارة الضريبية المغربية اعتباراً من 1 يوليو 2024 متطلبات جديدة لإتمام المعاملات العقارية، تتمثل في الحصول على "شهادة الإبراء الضريبي" المنصوص عليها في المادة 95 من مدونة تحصيل الديون العمومية لسنة 2011. للحصول على هذه الشهادة، يجب تقديم حزمة وثائق تشمل شهادة المصدر، رخصة السكن، نسخة البطاقة الوطنية الضريبية للبائع أو البائعين، مشروع عقد البيع أو وعد البيع، وشهادة الملكية، بالإضافة إلى تعبئة طلب إلكتروني عبر منصة مخصصة. وبموجب المادة 139 من قانون المالية 2024، أصبحت هذه الوثيقة شرطاً إلزامياً للموثقين لتسجيل العقود لدى جهات التسجيل المختصة قبل تحفيظها في السجلات العقارية.
رغم أن الهدف المعلن لهذه الآلية هو تعزيز تحصيل إيرادات الدولة، فإن تطبيقها الفعلي أدى إلى تعطيل كبير لسير المعاملات العقارية. إذ تشير مصادر ميدانية إلى أن الإدارة الضريبية تستغرق ما بين أسبوع وأشهر لمعالجة طلبات الإبراء الضريبي، بينما يفترض أن الخدمة الإلكترونية ستسرع الإجراءات.
وقد تفاقمت هذه المشكلة مؤخراً ما أوقف إصدار الشهادات كلياً في بعض الفترات. بسبب القانون الجديد الذي بموجبه سيتم نقل صلاحيات تدبير رسم السكن ورسم الخدمات الجماعية من الخزينة العامة للمملكة إلى المديرية العامة للضرائب. ولكن عملية الانتقال هذه تتم ببطء وتسببت في خسائر مداخيل كبيرة للدولة، وتأخر ف معالجة ملفات المواطنين.
الأمر الأكثر إشكالية هو التحول الجوهري في طبيعة الشهادة: فبعد أن كانت تركز على الوضع الضريبي للعقار وحده، أصبحت مرتبطة بالوضع الضريبي الشخصي للبائع. وهذا يعني ضرورة سداد البائع لكافة ديونه الضريبية - حتى تلك الغير مرتبطة بالعقار - قبل الحصول على الشهادة وبيع ممتلكاته. هذه الآلية تضع البائعين في مأزق، خاصة أولئك الذين يعتزمون سداد ديونهم من عائد البيع نفسه وقد يتراجع البائع كليا عن البيع إذا كانت قيمة الديون الضريبية تفوق مبلغ قيمة العقار المراد تفويته.
و في خضم هذا الجمود، برزت بعض الحالات الاستثنائية بحيث سجل بعض الموثقين بالمحافظة العقارية بالجديدة الأسبوع الفارط بيوعا يبدو انها تفتقد شهادة الإبراء الضريبي مكتفين فقط بالاطلاع على الوضعية الضريبية للبائع، بالطبع، اجتهاد كهذا يفتح سؤالا حول المصداقية و الآثار القانونية لهذا العمل وعن تبعاته.
المفارقة المؤلمة أن الإجراءات المصممة لتعزيز إيرادات الدولة تؤدي إلى نتائج عكسية: فتعطل نحو 80% من معاملات العقار في بعض المدن يتسبب بخسائر متتالية لدائرة الاقتصاد (سماسرة، مقاولين، بنوك)، بينما يؤدي التأخير في تحصيل الضرائب إلى نقص فعلي في الإيرادات المتوقعة. وفي ظل تنامي الاحتجاجات المهنية، يبقى السؤال الملح حول ضرورة تعديل الآلية لربط الشهادة بالعقار فقط لا بالبائع، أو إصلاح النظام لتحقيق توازن بين تحصيل الضرائب وحماية حركة السوق العقاري من الشلل.
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة