ضحيتا ثعبان كندا وضحايا لسعات عقارب دكالة وحياتنا لاتساوي أي ثمن
ضحيتا ثعبان كندا وضحايا لسعات عقارب دكالة وحياتنا لاتساوي أي ثمن

قبل أسبوع قامت الدنيا في كندا ولم تقعد وتحرك العالم كله متضامنا معها في محنتها ، التي تم وصفها من طرف الكثير من وسائل الإعلام بالتراجيديا ، التي خلفتها وفاة طفلين مخنوقين من طرف ثعبان إفريقي ، تسلل من قفص متجر حيوانات لصديق العائلة ، إلى حيث كانا نائمين وعصرهما إلى أن فاضت روحهما .

 

مئات الكنديين وسط مدينة كامبلتون بمقاطعة برونزويك الكندية ، أبنوا الطفلين الضحيتين وأطلقوا منطادين مضاءين بالشموع تكريما لروحهما ، ولازالت كندا تعيش على وقع الصدمة .

 

وقبل اليوم الذي انتحبت فيه كندا على الضحيتين وفتحت السلطات الأمنية تحقيقا معمقا كان مستودع الأموات بمستشفى محمد الخامس بالجديدة ، استقبل جثة الطفلة عواطف من أولاد غانم 9 سنوات ، وجثة الطفل رضوان 6 سنوات من العونات وقد فارقا حياة لم يبدآها طبعا بفعل لدغة عقارب ، وفي ذلك اليوم الذي ارتكب فيه ثعبان كندا جريمته في حق طفلين ، كان قسم الإنعاش يستقبل 4 ضحايا من سيدي عابد وأولادهيسى ومولاي عبدالله متأثرين بلسعات عقارب سوداء اللون .

 

وحسب المركز المغربي لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية ، فإن دكالة ضمن جهة دكالة عبدة التي تحتل الرتبة الثانية في مسلسل الموت الناتج عن لدغات العقارب بعد جهة تانسيفت مراكش الحوز ، ومتبوعة بجهات تادلة أزيلال والشاوية ورديغة وسوس ماسة درعة .

 

وتخلف العقارب 4 قتلى في كل 1000 لسعة وتصيب بعاهات مستديمة ، و90 من الضحايا أطفال صغار ، وتصل الوفيات بدكالة سنويا أزيد من 20 وفاة .

 

وإذا كانت قلوب الكنديين انفطرت لمجرد حادث عارض ذهب ضحيته طفلان بريئان ، ووصفوا الأمر بالتراجيديا ، فعندنا العقارب تقتل يوميا والأفاعي تؤازرها في ذلك ، ولم نجتمع نحن الجديديين في ساحة عفيفي ولم نطلق صرخات تضامن مع أطفالنا الصغار في بوادي دكالة وفي كل المغرب الذين يتساقطون كأوراق الخريف متأثرين بلسعات غادرة ، في ظل توقف معهد باستور منذ 2001 عن إنتاج الأمصال المضادة للسموم وهي التي كان الدكتور كالميط ابتكرها سنة 1894 .

 

والشرطة عندنا لا تفتح تحقيقات معمقة عن العقارب المتسببة في القتل المتواصل ، بل تحضر لتشمع صناديق الموت وتتأكد أن الأطفال الصغار ليس لهم أي منفذ يتسربون منه ثانية إلى الحياة ، وتصل الجثامين إلى المقابر تقام المآتم ويتم الدفن في انتظار ضحايا جدد تحملهم سيارات جماعاتية للإسعاف يترنحون نحو مستشفى محمد الخامس ، ليعودوا منه نعوشا مسجية ، ولتتحرك السلطات بمختلف أجهزتها الاستعلاماتية لمعرفة سن الضحايا ومساقط رؤوسهم لبعثها إلى من يعنيهم الأمر ، دون أن يرقى الوضع عندنا إلى درجة تراجيديا حتى ولو ماتت كل دكالة بلسعات العقارب وبلدغات الأفاعي ، لأن  الحياة عندنا ليس كونها لاتقدر بثمن بل الحياة عندنا بدون ثمن  ، لأن المواطن عندنا لا كرامة له ولا ثمن ، وتستمر الحياة في هذا البلد الذي تقتل فيه العقارب والأفاعي وحوادث السير والمخدرات الصلبة والرطبة والظلم ، ولكن إذا كان لابد من الموت فالأفضل أن يقتلنا ثعبان كندا وليس عقارب دكالة ، لأن ذلك سيشعرنا  أننا متنا معرفات بدل نكرات وستضاء حولنا الشموع وتطلق المناطيد ، ويعرف العالم أننا غادرنا هذا العالم على الأقل بمايليق بنا من طقوس احتفالية حتما لاتتوفر إلا في كندا .

 

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة