يحدث فقط بالجديدة.. رادار ذكي يسجل مخالفة في حق السيارة السوداء مكان سيارة الإسعاف صاحبة المخالفة
لا خلاف على أهمية تنظيم حركة المرور ومراقبة تطبيق قوانين السير، اذا كان الهدف نبيل وهو الحد من الحوادث المروعة وضمان انسيابية التنقل.
وتعد الرادارات أحد الأدوات المقبولة عالميًا لردع المخالفين وتحقيق هذا الهدف. لكن ما يحدث في مدينة الجديدة يطرح علامات استفهام كبيرة تتحول إلى صرخة استنكار.
فوجود أكثر من سبع رادارات في مدينة متوسطة الحجم مثل الجديدة، يفوق بكثير ما هو موجود في مدن أكبر، أمرٌ يلفت الانتباه ويستدعي التفسير. التساؤل المشروع: هل هذا الكم الهائل نابع من حاجة أمنية ملحة بسبب ضيق الطرق وارتفاع معدل الحوادث بشكل استثنائي؟ أم أن وكالة "نارسا" المسؤولة، بحثًا عن زيادة المداخيل في غياب رقابة حقيقية أو اعتراض فاعل، وجدت في الجديدة ساحة خصبة لزرع راداراتها حيث لا منازع؟
المأساة لا تقتصر على الكثرة المفرطة غير المبررة، بل تكمن في اقترانها بإهمال فاضح. فالكثير من إشارات المرور الضوئية المنظمة للحركة عند هذه الرادارات معطلة عن العمل. وهنا يتحول الرادار من أداة سلامة إلى فخٍّ مزدوج للسائق البريء. كيف يُلام سائق ويُغرّم لتجاوزه إشارة حمراء... بينما الإشارة نفسها مطفأة لا تعمل؟! الرادار الأعمى يسجل المخالفة الآلية دون تمييز، فيصبح المواطن ضحية لخلل في النظام لم يتسبب به.
والكارثة تتجلى بوضوح في الصورة المرفقة التي تروي قصة ظلم صارخ: سيارة سوداء متوقفة وفق الأصول، بينما رصد الرادار "الذكي" - في سخرية مريرة من اللفظ - سيارة إسعاف اقترفت المخالفة الحقيقية بتجاوزها الإشارة. لكن الغرامة وجدت طريقها، كالعادة، إلى السيارة السوداء التي لم تقترف ذنبًا سوى وجودها في المكان الخطأ وقت التقاط الصورة العشوائي. أين "الذكاء" المزعوم هنا؟ إنها سذاجة النظام أو قسوته التي تحوّلت إلى سرقة للعدالة.
أسماء الشوارع تتردد شاهدة على الإهمال: إشارات شارع التحرير وابن باديس معطلة ورادارها يعمل، وإشارات شارع حمان الفطواكي و"فارين" معطلة ورادارها جاهز للرصد. في كل زاوية من هذه الزوايا، تنتصب آلة الجباية فوق أنقاض السلامة المرورية المنشودة.
المواطن هو من يدفع الثمن دائمًا. يدفع ثمن عدم صيانة الإشارات، ويدفع ثمن أخطاء الأنظمة "الغبية"، ويدفع ثمن سياسة قد تضع زيادة الإيرادات فوق تحقيق السلامة والعدالة.
السؤال الذي يفرض نفسه بقوة، ويصرخ من كل ركن من أركان الجديدة: إلى متى سيستمر هذا الوضع المجحف؟ إلى متى تتحول أدوات حماية الأرواح إلى وسيلة لاستنزاف الجيوب وإهدار الحقوق تحت ذريعة القانون؟ حان وقت المحاسبة والمراجعة قبل أن تتحول الطرق إلى ساحات ظلم مفتوحة.
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة