قراءة في عمل النيابة العامة بالدائرة القضائية بمحكمة الاستئناف بالجديدة
قراءة في عمل النيابة العامة بالدائرة القضائية بمحكمة الاستئناف بالجديدة

تحولت مدينة الجديدة والمناطق المجاورة لها في السنوات الأخيرة إلى بؤرة لكل أشكال الإجرام من قتل،سرقة،اعتداء بالسلاح الأبيض اغتصاب،نصب واحتيال واتجار في المخدرات،لكن في الشهور الأخيرة وكما لاحظ ذلك متتبعو الشأن الأمني عرفت العمليات الإجرامية تراجعا نسبيا،وإذا كان الفضل يرجع وكما أشارت إلى ذلك عدة منابر إعلامية إلى المجهودات التي تقوم بها أجهزة الأمن الوطني والدرك الملكي فلابد من الإشارة إلى الدور الوازن الذي يقوم به القضاء بالدائرة القضائية بمحكمة الاستئناف للجديدة بمختلف مكوناته في محاربة الجريمة،ورغبة منا في إبراز المجهودات التي تقوم بها السلطة القضائية في التصدي للظاهرة الإجرامية سنعمل على نشر حلقات أولها سنخصصها لجهاز النيابة العامة وهدفنا هو المساهمة في خدمة الشأن الأمني في إطار ممارسة إعلامية موضوعية ومواطنة.                                   

     

انه من خلال تتبعنا للشأن القضائي بالجديدة يمكن الوقوف عند ملاحظة أساسية وهي الحضور القوي والدائم للنيابة العامة في محاربة كل مظاهر الإجرام بالمدينة ونواحيها وحماية امن المواطنين وممتلكاتهم من خلال قيامها بجميع الإجراءات التي يخولها لها القانون كتحريك الدعوى العمومية وتسخير القوة العمومية عند الضرورة وإعطاء التعليمات للضابطة القضائية للقيام بالأبحاث اللازمة في الشكايات التي تتوصل بها أوفي بعض الظواهر التي تهدد سلامة المواطنين،ونجاح النيابة العامة في التخفيف من العمليات الإجرامية يمكن إرجاعه في نظرنا إلى تبني السيد الوكيل العام  لدى محكمة الاستئناف ونوابه والسيد وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية ونوابه لمقاربة ناجعة تتأسس على عدة مرتكزات أولها يكمن في التطبيق السليم  لمقتضيات القانون الجنائي المغربي واحترام مبادئه الأساسية حفاظا على الأمن العام وحماية المواطنين وممتلكاتهم من مختلف أشكال الجريمة الشيء الذي عزز هبتها وجعلها تحضى بتقدير وثقة الرأي العام المحلي بمختلف مكوناته.

 

ثاني المرتكزات يتجلى في المراقبة الدائمة للضابطة القضائية التي تعمل تحث إشرافها المباشر  وتوجيهها التوجيه السليم والسرعة في اتخاذ القرارات وإعطاء التعليمات  باعتبارها طرفا أساسيا في تحريك الدعوى العمومية وضامنا للحق العام الأمر الذي عجل بإيقاف الأشخاص المطلوبين للعدالة، وهنا يمكن الإشارة إلى قاتل سائق حافلة النقل الحضري،العصابات الإجرامية المتورطة في القتل العمد والاعتداء بالسلاح الأبيض وسرقة الفيلات والسيارات والدراجات النارية التي زرعت الرعب بالجديدة،أولاد أفرج،أولاد أحسين،ازمور،الواليدية التي قدمت إلى العدالة كي تقول كلمتها طبقا لمقتضيات القانون الجنائي.

 

أما المرتكز الثالث لهاته المقاربة التي تتبناها النيابة العامة هو ترسيخ سياسة القرب في تدبير الشأن الأمني، وذلك من خلال انغماسها في المجتمع كي تظل قريبة من المواطنين لحمايتهم من العناصر الإجرامية والتدخل كلما استدعى الأمر  بتنسيق مع المصالح التابعة للدائرة القضائيىة بالجديدة،رابع المرتكزات هو الانفتاح الذي يتجلى في التجاوب مع المنظمات الحقوقية الجادة واستقبال أعضائها للإنصات إليهم بخصوص بعض الملفات المعروضة على القضاء،إضافة إلى مرتكز خامس وهو الشفافية والموضوعية في اتخاذ القرارات وإعطاء التعليمات دون التأثر بتحركات المشوشين والأشخاص الذين ابتليت بهم الساحة الإعلامية والحقوقية بالمدينة.  

 

هاته إذن أهم مرتكزات  المقاربة التي تتبناها النيابة العامة التابعة للدائرة القضائية بالجديدة،وهي المرتكزات التي جعلتنا أمام نيابة عامة مواطنة،فاعلة،مواكبة،نيابة عامة تنوب عن المجتمع في الدفاع عن المواطنين من كل فعل يهدد سلامتهم وممتلكاتهم ولضمان نجاح النيابة العامة في مهامها لابد من جميع الأطراف التعاون معها،وذلك من خلال مايلي:    

                

-استمرار نقابة المحامين وكما عودتنا على ذلك في السنوات الأخيرة في  توطيد أسس بناء علاقة قوية بالنيابة العامة،علاقة تنبني على الثقة والاحترام والاحترام المتبادل وتنظيم لقاءات وندوات تمحور حول بعض القضايا المرتبطة بالمنظومة القضائية خاصة في ظل النقاش الوطني الذي فتح حول إصلاح القضاء.

-مساهمة الجمعيات الحقوقية الجادة التي تحترم نفسها  في تعزيز الحضور الايجابي للنيابة العامة من تبنيها الموضوعي لقضايا المواطنين بعيدا عن التوظيف السياسي والانتخابي للملفات المعروضة على القضاء،ومن خلال تنظيم حملات لتوعية المجتمع بخطورة العواقب المترتبة عن الفعل الإجرامي وعن العبث بالقوانين والتلاعب بالمال العام.

 -توسيع مجالات التواصل بين النيابة العامة والإعلام الجاد بحكم وجود قاسم مشترك يوحدهما وهو تحصين المجتمع من كل أشكال الإجرام،وفي هذا الإطار ينبغي تنظيم دورات تواصلية يؤطرها قضاة ممارسين ذوي خبرة حتى يمكن للإعلاميين  تقوية رصيدهم المعرفي والقانوني الذي يؤهلهم للتعاطي مع الشأن القضائي بمهنية وموضوعية.

-تنظيم حلقات تكوينية لفائدة الإعلاميين المهتمين بقضايا المحاكم من اجل تاسييس الإعلام المتخصص آو ما يمكن تسميته بالإعلام القضائي لأنه من خلال ما ينشر حول الملفات التي تعرض على القضاء نلاحظ كتابات يتحول أصحابها إلى سلطة اتهام ضاربين قرينة البراءة وسرية البحث رغبة منهم في  التأثير على القضاء وتوجيهه لتغليب طرف في مواجهة طرف آخر.

 

 -ماسسة العلاقة بين القضاء والإعلام من خلال إحداث مكتب للاتصال بحكمة الاستئناف يكلف بالقيام بعدة مهام كإصدار نشرة تعمل على ابرازاعمال جميع مكونات القضاء،واستقبال ممثلي المنابر الإعلامية لتزويدها وفي إطار ماهو مسموح به قانونا بالمعلومات الخاصة ببعض القضايا المعروضة على القضاء كي لا يسقطوا في أخطاء قد تكون سببا في متابعتهم قضائيا.

 

-تعديل المادة الخامسة من قانون الصحافة كي لايظل الباب مفتوحا لإصدار جرائد من طرف أشخاص لاعلاقة لهم بالإعلام ولا يتوفرون على أي مستوى معرفي ،فمجرد الحصول على الإذن من وكيل جلالة الملك يشرعون في توزيع بطائق تحمل صفة صحفي،هذا مع العلم أن الجهة المخول لها   قانونا تسليم بطاقة الصحافة هي وزارة الاتصال،فالمشرع المغربي مطالب إذن بالإسراع في تعديل المادة المذكورة والتنصيص في هذا التعديل على أن يكون الشخص الراغب في إصدار جريدة صحفيا آو لديه تجربة إعلامية طويلة بإحدى الجرائد الوطنية.     

               

هاته إذن بعض الاقتراحات التي نقترحها من اجل تعزيز الحضور الوازن  للنيابة العامة بالدائرة القضائية بمحكمة الاستئناف بالجديدة في محاربة الظاهرة الإجرامية بمختلف أشكالها،وفي ترسيخ سلطة القانون وجعل القضاء في خدمة المواطن تنفيذا لتعليمات قائد البلاد جلالة الملك محمد السادس نصره الله،وما يامله المتتبعون للشأن القضائي هو أن يعمل الجميع على بلورة هاته الاقتراحات على ارض الواقع خدمة للقضاء  والمجتمع والإعلام. 

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة