في الواجهة
  • مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تعقد جمعها السنوي العادي
    مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تعقد جمعها السنوي العادي

    تم يوم الجمعة 5 رجب 1447 الموافق ل 26 ديسمبر 2025، عقد الجمع العام العادي لمؤسسة شعيب الصديقي الدكالي، بمقرها بشارع الحسن الثاني بالجديدة، برئاسة ذ مولاي أحمد الصديقي، و حضور أعضاء مجلس الإدارة، السادة: عبد الكريم بنكيران، أحمد خشلاعة، خالد بن الشرقي و مصطفى التاشفيني. وقد تم خلال هذا الجمع العام الموافقة على التقريرين الأدبي و المالي، و مناقشة النقط المطروحة المتمثلة أساسا في المشاريع المقبلة للمؤسسة التي ستعرف تنظيما جديدا للقاءات.و قد أطلقت المؤسسة منذ تأسيسها سنة 2020، دينامية ثقافية بمدينة الجديدة، تمثلت أساسا بإصدار مؤلفات، كفهرسة لعلماء و صلحاء و أدباء دكالة، للأستاذ أحمد متفكر، و بتنظيم لقاءات، كمعرض كتاب التاريخ للجديدة، و أيام التراث و البيئة للجديدة، و الليالي الفلسفية للجديدة، مما جعل من مدينة الجديدة، أرضا للقاء  أكاديميين أجانب من مستوى جد عال، كالجامعي البريطاني إيلان بابي، و الباحث السويسري طارق رمضان، و البروفسور كريستوف أوبرلان، و البروفسور ادوارد هوسون، و البروفسور نالسيا دو لا نوي من فرنسا، و المستشار في مجلس الدولة الفرنسي جيرو دو بيرغ و الأستاذ خالد الشولي من الأردن، و كذا أكاديميين و مثقفين مغاربة، كالبروفسور أحمد  بوشرب، و البروفسور نبيل مولين، و الصحفي محمد معنينو، و الأستاذ أبو زيد المقرئ الإدريسي، و الأستاذ عبد العزيز ايت بن صالح.و للمؤسسة كذلك جوائز تدخل في إطار أهدافها،  حيث سلمت المؤسسة "جائزة عبد الرحمن الدكالي للقدس" 2025 لكل من: البروفسور الان بابي أستاذ  جامعي من المملكة المتحدة، و البروفسور كريستوف أوبرلان جراح من فرنسا، و الأستاذ خالد الشولي محامي من الأردن.  و كذا "جائزة محمد الصديقي للتاريخ" 2025 للبروفسور إبراهيم المناري أستاذ بجامعة شعيب الدكالي. كما أمضت المؤسسة خلال سنة 2025، اتفاقيتي شراكة مع كل من، مختبر المغرب و الدول المتوسطية التابع لجامعة شعيب الدكالي، و معهد برينوس الفرنسي النمساوي. و للتذكير فالمؤسسة هي مجال للتفكير في الأخلاق و الجمالية في خدمة الصالح العام.

  • من جلد الحيوان إلى قميص الفريق: كرة القدم بوصفها طوطمية ناعمة
    من جلد الحيوان إلى قميص الفريق: كرة القدم بوصفها طوطمية ناعمة

    تُقدَّم كرة القدم اليوم، بوصفها لعبة حديثة محكومة بالقوانين والتقنيات والاستراتيجيات، والبث الرقمي، لكنها في عمقها الاجتماعي والثقافي، تحمل في طياتها آثارًا قديمة من الطوطمية، ذلك النظام الرمزي الذي شكّل أحد أقدم الأشكال الدينية لتنظيم الجماعة وبناء الهوية الجمعية. والسؤال المطروح، ليس لماذا تتخذ الفرق الحيوانات شعارات لها، بل لماذا تصمد هذه الرموز الثقافية، وتظل فاعلة إلى اليوم في عالم يُفترض أنه تجاوز العنف البدائي والطقوس الدينية القديمة؟في التصور الأنثروبولوجي الكلاسيكي، ليس الطوطم مجرد رمز زخرفي، بل يرمز إلى المجتمع، وقد أسقط ذاته على رمز حي. فالطوطم يجسّد القوة الجماعية، ويحدد من نحن ومن هم الآخرون، ويخلق حدودًا عاطفية وأخلاقية بين "نحن" و"هم". لقد أعادت كرة القدم بوصفها نشاطًا جماهيريًا كثيف الانفعال إحياء هذا المنطق الطوطمي في سياق رأسمالي، يُسَلِّع الطوطم ويسوقه. إن شعار الفريق، وألوانه، وتميمته، ونشيده عناصر تعمل بوصفها مقومات جماعية شبه مقدسة. والمساس بها لا يُستقبل بوصفه رأيًا رياضيًا، بل باعتباره إهانة للجماعة نفسها، وهنا تتجاوز اللعبة منطق الترفيه لتدَخُل مجال الانتماء والهوية.لم تختفِ خطاطات القتال والمواجهة من الثقافات الحديثة، بل تحوّلت من مجال دموي إلى آخر ناعم، فبينما كان الصراع قديمًا يُحسم بالسلاح والدم، وينحصر في مجال المقدس، صار اليوم يُدار داخل مجال الترفيه في ملعب، وفق قواعد، وزمن وحَكم. وتمثل كرة القدم هذا الانتقال من العنف الفيزيائي إلى العنف الرمزي. فأصبح الفوز نجاة، والهزيمة جرحًا جماعيًا، والهبوط موتًا رمزيًا، والصعود بعثًا جديدًا. وبهذا المعنى، لم تُلغِ كرة القدم القتال، بل مَسرَحته، وجرّدته من الدم مع الحفاظ على شحنته العاطفية؛ إذ تعبّر الطوطمية الناعمة عن الولاء والالتزام العاطفي وتؤدي وظيفة تنظيم الانفعالات الجماعية، كما يعزز القميص الارتباط الجماهيري. يمكن فهم الطوطم، بوصفه خطاطة دينية قديمة كانت تنظّم علاقة الجماعة بالعنف والبقاء، حيث كان الحيوان الطوطمي يُستدعى في طقوس دموية فعلية مرتبطة بالصيد أو الحرب أو التضحية. ومع تحوّل المجتمعات الحديثة، لم تختفِ هذه الخطاطة، بل انتقلت إلى حقل الثقافة الاستهلاكية. في كرة القدم، يُعاد توظيف الحيوان الطوطمي لا للقتل أو الإيذاء، بل بوصفه رمزًا بصريًا قابلاً للتداول، يُعبّئ العاطفة الجماعية داخل إطار فرجوي منضبط. هكذا يتحول الطقس من دمٍ حقيقي إلى عرض رمزي، ومن تضحية جسدية إلى استهلاك بصري، دون أن يفقد الطوطم وظيفته الأساسية التي تكمن في تنظيم الانتماء وضبط الصراع. تقدّم كرة القدم الإفريقية نماذج واضحة للطوطمية الحديثة: المغرب يتخذ طوطم أسود الأطلس: والأسد رمز الشجاعة والحماية والذاكرة، والأسد الأطلسي المنقرض يضيف بعدًا أسطوريًا للبقاء الرمزي. ساحل العاج – الفيلة: وهو رمز الثقل والصبر والقوة الجماعية المتراكمة. نيجيريا – النسور الخارقة: وهو طوطم السيادة والرؤية من الأعلى والحسم السريع. الكاميرون – الأسود غير المروّضة: هذا إعلان صريح للتمرد ورفض الخضوع. السنغال – أسود التيرانغا: وهي قوة مقرونة بالكرامة والضيافة. هذه الحيوانات ليست زخرفة، بل تكثيفا رمزيا لفضائل القتال والبقاء.لفهم عمق هذه الاستمرارية، يمكن استحضار طقس "بوجلود" بالمغرب، حيث يتقمّص الإنسان جلد الحيوان في احتفال جماعي أثناء احتفالات عيد الأضحى، فيجمع بين اللعب والخوف والضحك والتجاوز المؤقت للنظام الاجتماعي. ليس بوجلود فرجة فولكلورية بريئة، بل بقايا طقس طوطمي تُستعاد فيه علاقة الجماعة بالحيوان، بوصفه مصدر قوة وحماية. لا يُمارس العنف هنا فعليًا، بل يُعاد تمثيله وتحويله إلى أداء جماعي يسمح بتفريغ التوتر وإعادة تثبيت الحدود الاجتماعية. وهذا المنطق نفسه نجده في كرة القدم: القناع بدل السلاح، والملعب بدل ساحة القتال.ترجع الطقوس الطوطمية المرتبطة بارتداء جلود الحيوانات إلى أزمنة ما قبل الأديان المؤسسية، وتحديدًا إلى المجتمعات البشرية الأولى القائمة على الصيد. في تلك السياقات، لم يكن جلد الحيوان لباسًا وظيفيًا فقط، بل وسيلة رمزية لاكتساب قوة الحيوان والاتحاد به قبل الصيد أو بعده. ومع مرور الزمن، تحوّل ارتداء الجلد إلى طقس عبوري يتيح للإنسان الانتقال مؤقتًا من حالته البشرية إلى حالة "الكائن الآخر"، جامعًا بين الإنسان والحيوان والروح. وهكذا نشأت الطوطمية بوصفها نظامًا رمزيًا ينظّم العنف الضروري للبقاء، ويحوّل القتل من فعل فوضوي إلى ممارسة مُقنَّنة ذات معنى جماعي. وقد استمرت هذه الخطاطة الرمزية عبر التاريخ الديني، حتى بعد اختفاء الذبيحة الدموية، حيث أعيد توطينها في أشكال حديثة من الطقوس والفرجة والهوية الجماعية. إن هذه الرموز الحيوانية لم تقتصر تاريخيًا على المجال الرياضي، بل استُخدمت على نطاق واسع في الشعارات العسكرية، والتنظيمات القتالية، حيث مثّلت الشجاعة والانضباط والقدرة على المواجهة. وانتقلت هذه الخطاطة الرمزية لاحقًا إلى مجالات أخرى من الحياة الاجتماعية، من السياسة إلى الرياضة، حيث أُعيد توظيفها لتمثيل الصراع والانتماء في صيغ غير دموية وأكثر قابلية للتداول.كما أن لهذه الطقوس الطوطمية أساسًا أخلاقيًا عميقًا يتمثل في محاولة الإنسان تبرير أو مداواة "الجريمة المقدسة" التي ارتكبها في حق رفاقه في الطبيعة. فالصيد لم يكن مجرد فعل تقني لتأمين الغذاء، بل كان اعتداءً وجوديًا على كائن يُنظر إليه بوصفه شريكًا في العالم الطبيعي. ومن هنا جاء الطقس بوصفه فعل اعتراف وتعويض رمزي؛ فارتداء جلد الحيوان، وتقمّص صفاته، وتكريمه عبر الشعائر، كلها وسائل لتحويل القتل إلى علاقة أخلاقية، وإدخاله ضمن نظام معنى يخفف من عبء الذنب. وبهذا المعنى، لا تعمل الطقوس الطوطمية على تنظيم العنف فقط، بل على أخلَقة القتل وجعله مقبولًا داخل أفق مقدّس، يربط الإنسان بالطبيعة لا بوصفها موردًا فقط، بل بوصفها كيانًا ذا حرمة تم انتهاكها ويجب ترميمها رمزيًا.لا تُعاش كرة القدم بوصفها متعة آنية فقط، بل بوصفها سردية بقاء طويلة الأمد، تُبنى وتُدار عبر الزمن. فالجماهير لا تستهلك النتائج كما تُستهلك المنتجات، بل تتحمّل المسار بكل ما فيه من انتظار، وهزائم، وإقصاءات، وتعليق دائم للأمل إلى موسم مقبل. غير أن هذه السردية لا تُنتج تلقائيًا، بل تُصاغ وتُعاد صياغتها عبر شبكة مؤسسية كثيفة، وهناك برامج تكوينية للفئات الصغرى، ودورات إعداد وتحضير، وتربصات مغلقة، واجتماعات تقنية وإدارية، ونشرات إخبارية، وملصقات، وإشهارات، وتعاقدات، وأرشيف بصري وإعلامي يُستدعى باستمرار لتذكير الجماعة بتاريخها ومسارها. بهذه الأدوات، تتحول الهزيمة إلى مرحلة، والفشل إلى درس، والانتظار إلى فضيلة. لا يعيش النادي أو المنتخب في زمن المباراة فقط، بل في زمن ممتد تُغذّيه الخطابات الرسمية، والمؤتمرات الصحفية، والوثائقيات، وشعارات المشروع، وإعادة البناء، والعودة القوية. هنا لا تقول السردية: "انتصرنا أو خسرنا"، بل تقول: "نحن مستمرون".في هذا السياق، يغدو الطوطم أكثر من رمز للقوة أو الشراسة؛ إنه علامة الاستمرارية رغم الخسارة، إذ يسمح للجماعة بأن ترى نفسها قائمة حتى حين تفشل، ومتماسكة حتى وهي تُقصى. فالطوطم لا يعد بالنصر الدائم، بل يَعِد بالبقاء—وهذا، في منطق كرة القدم الحديثة، هو جوهر السردية. تعمل كرة القدم أيضًا، بوصفها مسرحًا اجتماعيًا للمخاطرة والمغامرة، وعدم التيقن من النتيجة، وتقلب الحظ، وإمكانية الانتصار أو الانكسار في لحظة واحدة، حيث تصبح المباراة تجربة قائمة على الرهان الرمزي، وهنا يظهر القمار، والرهانات، والتضحية بالوقت والمال، والانخراط العاطفي الحاد. فالمشجع لا يغامر بجسده، لكنه يغامر بمشاعره وكرامته الرمزية داخل الجماعة. إنها مغامرة بلا دم، لكنها مشحونة بالتوترات الاجتماعية.في العصر الرقمي، انتقلت الطوطمية الناعمة من المدرج إلى الشاشة، فأصبحت الشعارات صورًا شخصية، والمهارات مقاطع قصيرة مصحوبة بالموسيقى، والهزيمة مادة للسخرية الجماعية. ولم يعد الطقس أسبوعيًا فقط، بل دائمًا ومتصلاً. وبقي الطوطم حيًّا في كرة القدم لأن اللعبة لم تُلغِ الجينات الثقافية العميقة التي رافقت الإنسان عبر تاريخه الديني والاجتماعي، بل أعادت تنظيمها ونقلها. فالأديان التي مرّ بها الإنسان لم تتبدد أو تختفِ، وإنما تحوّلت خطاطاتها الرمزية—خطاطات القتال، والتضحية، والانتماء، والبقاء—وانتقلت إلى مجالات أخرى، بعضها ما يزال داخل إطار التدين، وبعضها استقر في فضاءات حديثة كالرياضة، والفرجة الجماهيرية. لم يعد الصراع في كرة القدم يُمارَس بالدم، بل يُمثَّل بالأهداف؛ ولم يعد يُحسم بالسلاح، بل بالتكتيك والمهارات؛ ولم يعد الموت جسديًا، بل إقصاءً رمزيًا، بما في ذلك البطاقة الحمراء لمن لا يحترم قانون اللعبة، ومع هذا التحول، ظل الطوطم ضروريًا، بوصفه الوعاء الذي تُعاد فيه برمجة هذه الجينات الثقافية في شكل حديث. هو رمز للقتال المُنظَّم، وللمغامرة المحسوبة، وللاستمرار الجماعي رغم الهزيمة.كرة القدم ليست مجرد لعبة…إنها طقس حديث للانتماء.ذ. محمد معروف، جامعة شعيب الدكالي

  • ندوة وطنية بالجديدة تكرّس الحكم الذاتي كخيار واقعي لتسوية قضية الصحراء المغربية  .
    ندوة وطنية بالجديدة تكرّس الحكم الذاتي كخيار واقعي لتسوية قضية الصحراء المغربية .

    نظمت الجمعية المغربية «ماتقيش أرضي» للدفاع عن الحقوق والحريات، بشراكة مع وكالة أنباء الصحراء المغربية، يوم السبت 20 دجنبر 2025، ندوة فكرية وطنية بالمركب الثقافي للمكتب الشريف للفوسفاط بمدينة الجديدة، خصّصت لمناقشة القضايا الاستراتيجية المرتبطة بالوحدة الترابية للمملكة المغربية.وشكل هذا اللقاء العلمي فضاءً أكاديميا وحقوقيا لتدارس مستجدات ملف الصحراء المغربية، وفي مقدمتها مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، باعتبارها الإطار السياسي والحقوقي الواقعي لتسوية النزاع الإقليمي المفتعل، إلى جانب استعراض منجزات الدبلوماسية الملكية وما راكمته من مكاسب نوعية على المستويين الإقليمي والدولي، مع إبراز الدينامية التنموية المتواصلة التي تعرفها الأقاليم الجنوبية للمملكة.وشارك في تأطير أشغال الندوة أساتذة وباحثون وخبراء مختصون في ملف الصحراء المغربية، من بينهم الأستاذ والكاتب حسن لحويدك، رئيس جمعية الوحدة الترابية للتنمية البشرية والأعمال الاجتماعية بجهة الداخلة–وادي الذهب وعضو الوفد المغربي المشارك في الدورة 67 للجنة الرابعة بالأمم المتحدة، والأستاذ نورالدين بلالي، كاتب وخبير في الترافع عن القضية الوطنية، والأستاذ محمد بداد مبارك، رئيس جمعية الشيخ سيدي عبد الله موسى للتكافل والتنمية المستدامة بالسمارة، إلى جانب الأستاذ حسن برني زعيم، إعلامي مختص في قضايا الخطاب والتواصل، والأستاذ أحمد بن جعفر، محام بهيئة المحامين بالجديدة، فضلاً عن باحثين وفعاليات مدنية وإعلامية.وأكدت المداخلات العلمية والنقاشات المفتوحة على الأهمية السياسية والحقوقية لقرار مجلس الأمن رقم 2797، باعتباره محطة مفصلية في مسار النزاع، تعكس تنامي الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي، التي أقرّها المجلس كحل جدي وواقعي وذي مصداقية، في احترام تام لمبادئ السيادة الوطنية وأحكام القانون الدولي.كما شدد المشاركون على ضرورة تجديد الخطاب المدني والإعلامي المتعلق بالقضية الوطنية وفق مقاربة حقوقية مسؤولة، منسجمة مع التوجيهات الملكية السامية، ولا سيما مضامين الخطاب الملكي ليوم 31 أكتوبر 2025، وذلك من خلال تعزيز التعبئة الوطنية، وتوحيد الخطاب، والتصدي للدعاية المغرضة، والانفتاح المسؤول على المحتجزين بمخيمات تندوف، وتشجيع عودتهم الطوعية واندماجهم الكامل في وطنهم الأم.وفي ختام أشغال الندوة، جرى التأكيد على أن المجتمع المدني يشكل فاعلاً محورياً في الدفاع عن القضية الوطنية وتعزيز الدبلوماسية الموازية، في إطار احترام حقوق الإنسان وترسيخ دولة القانون. كما تم تكريم عدد من الأطر والفاعلين تقديراً لإسهاماتهم في الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة.وأسفرت أشغال الندوة عن صياغة بيان ختامي تضمن جملة من الخلاصات والتوصيات، من أبرزها تثمين مبادرة الحكم الذاتي بقيادة جلالة الملك محمد السادس باعتبارها حلاً ديمقراطياً وواقعياً، والتنويه بالجهود الدبلوماسية الملكية في توسيع دائرة الدعم الدولي للمبادرة المغربية، والمطالبة بحماية الحقوق الأساسية للمحتجزين بمخيمات تندوف وضمان كرامتهم الإنسانية، والدعوة إلى العودة الطوعية والآمنة ولمّ الشمل في إطار المصالحة الوطنية.كما دعا البيان إلى تعزيز الدبلوماسية الحقوقية والمدنية، وإدماج المقاربة الحقوقية في المسار السياسي للنزاع، والانخراط الجاد للأطراف المعنية في العملية السياسية تحت إشراف الأمم المتحدة ومرجعية الحكم الذاتي، فضلاً عن تثمين النموذج التنموي الجديد بالأقاليم الجنوبية وربط الحل السياسي بالتنمية المستدامة وفق الرؤية الملكية المتبصرة.وأكد البيان، في ختامه، على أهمية تجديد الخطاب الإعلامي والمدني بما يضمن المهنية والموضوعية واحترام الثوابت الوطنية، ومواجهة التضليل بخطاب قانوني وحقوقي رصين، مع دعوة وسائل الإعلام الوطنية والدولية إلى الالتزام بقواعد الموضوعية واحترام القانون الدولي في تغطية ملف الصحراء المغربية.

  • آسفي والمدن المغربية المنسية: بين مفاهيم الإقصاء وعقاب السلطة
    آسفي والمدن المغربية المنسية: بين مفاهيم الإقصاء وعقاب السلطة

    إن المفاهيم السوسيولوجية الكلاسيكية مثل (التهميش، الإقصاء، النبذ، الوصم، غياب العدالة المجالية والاجتماعية، وثنائية السرعة العالية/البطيئة) لا تسعفنا في فهم الوضع المعقد للمدن المغربية، لذلك لابد من البحث عن إطار تحليلي أعمق يتجاوز الوصف السوسيولوجي إلى التفسير السياسي والتاريخي لآليات التنمية الحضرية.غالبا ما يحاول المغاربة فهم الـتفرقة المجالية بين المدن، والمُتعمدة من طرف النظام السياسي، وفق نفس الثنائية القديمة: المغرب النافع والمغرب غير النافع، حيث هذا التقسيم يجعل الثروات الطبيعية مرافقة للتنمية، ويلخص الثورات الطبيعية في الفلاحة والأرض الخصبة والسهول والماء، لذلك تحظى مدن السواحل بتنمية أكبر. في حين أن الموارد المحلية مع النظرية الاقتصادية المعاصرة قد تغيرت. كما أن مدن مثل العاصمة ليس لها أي موارد طبيعية، ومدن أخرى تحتوي الفوسفاط والذهب تعاني التهميش. لذلك بدل الاكتفاء بوصف التهميش كظاهرة اجتماعية، يجب تحليلها كـنتيجة مُتعمّدة لسياسات الدولة المركزية. حيث المدن المغربية لا تعاني فقط من نقص في التوزيع العادل للثروة أو الخدمات، بل تعاني من اختلالات هيكلية ناتجة عن نموذج تنموي اعتمد على المركزية المفرطة، حيث تتركز قرارات الاستثمار والتنمية في العاصمة وبعض المدن القريبة منها، مما يحول المدن الأخرى إلى مجرد هوامش وظيفية. ويغيب دور الدولة الحديثة في محاربة الإقصاء وإدارة التنوع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، بل تسعى لزيادة الفوارق وتكريس الاقصاء وتعزيزه. كما يتم اعتماد الإدارة الأمنية للمجال، بحيث يتم تحويل التنمية الحضرية في بعض المناطق من مشروع اقتصادي-اجتماعي إلى أداة للتحكم السياسي والضبط الأمني، وأحيانا إعادة تقسيم الثروات بين النخب المحلية من أجل انتاج خريطة سياسية جديدة. لقد اعتمد النظام في فترات عديدة إعادة تقسيم المياه والأراضي بين القبائل والأعيان.لذلك يجب ربط التهميش الحضري بمحطات سياسية محددة، حيث مدن مغربية كثيرة تم تهميشها انتقاماً من سكانها. تحديداً في عهد الملك الحسن الثاني، حيث المحاسبة لم تقتصر على الأفراد والشخصيات التي قامت بالفعل، بل امتدت لتشمل "المجال" ككل.أنتجت السياسيات الممنهجة اتجاه اهداف التنمية مدناً منسية، فقدت دورها الاقتصادي أو السياسي وتم إزاحتها من الأجندة التنموية الوطنية. كانت بعض المدن التقليدية تعتبر نفسها أعرق من المدن الأخرى التي أحدثها المستعمر، ونجد مدن أسبق من الدولة الوطنية نفسها. ودائما ما يفتخ ساكنة أزمور أنهم أعرق من فاس المدينة العلمية، ويذكرون الرسالة المشهورة "من حاضرة أزمور إلى قرية فاس"، لكن أزمور تحولت هي الأخرى إلى قرية، بينما فاس تعاني من غياب التنمية. يتم معاقبة مدينة آسفي ومراكش أنهما أساءتا استقبال الملك الحسن الثاني في إحدى الزيارات. ومدن عانت من غياب التنمية لأنها كانت محط نزاعات اقليمية أو وجدت على الحدود الشرقية. بينما مدن جديدة تظهر كشواهد على المراكز التنموية المرتبطة بالنفوذ السياسي والشخصي، فمدينة سطات ارتبطت بجهود البناء التي قام بها وزير الداخلية الأسبق إدريس البصري في عهد الحسن الثاني، لأنه ابن المدينة وينتمي إليها. أيضاً تنهض مدينة بن جرير اليوم في ظل مشاريع البناء التي يشرف عليها مستشار الملك محمد السادس علي الهمة، لأنه ابن المنطقة. في المقابل، شهدت مدينة الجديدة بدورها نمواً ملحوظا في فترة حكم عائلة أرسلان التي تنتمي للمنطقة، في حين عرفت ركودا وفسادا كبيرين في العقدين الأخيرين. عرفت بعض المدن انتفاضات كثيرة مثل فاس ومراكش، والدار البيضاء، وبعض مدن الشمال والشرق، التي شهدت احتجاجات قوية (خاصة انتفاضات 1981 و1984)، عوقبت بـتجميد التنمية الحضرية المُعمّقة أو بـتوجيه الاستثمار نحو مدن "موالية" أو مراكز اقتصادية جديدة، مما أدى إلى شيخوخة بنيتها التحتية وتدهور خدماتها. حيث يتم توظيف التنمية بشكل سياسي، باستخدام المشاريع الكبرى كأداة للمكافأة والولاء، حيث تعطى إشارة للمعارضين أنه كي يحظو ببعض التنمية والموارد عليهم أن يقدموا الولاء المطلق.إن فهم وضع المدن المغربية يتطلب تحليلاً متكاملاً يمزج بين التحليل السوسيولوجي لتوزيع الثروة والفرص والتحليل السياسي لكيفية استخدام السلطة للمجال كأداة للسيطرة والمحاسبة التاريخية، هذا الإطار يسمح برؤية التهميش ليس كـ"فشل في التنمية"، بل كـ"نجاح في سياسة الضبط السياسي عبر المجال".وفي الأخير نطرح إشكالية تواصل هذا الإرث السلطوي، حول مدى استمرار إرث "العقاب" في السياسات التنموية الحالية، حتى مع التحولات الدستورية والجهوية "الموسعة". هل تحول العقاب الصريح والمشخصن إلى إهمال بيروقراطي مُقنّع، ينتج نفس النتائج في غياب عدالة مجالية، لكن بآليات أكثر تعقيداً؟ أم هو تقليد ممنهج داخل دوائر الحكم أنتج نفس المعايير السابقة؟ أم هي استثمارات النخب البرجوازية القريبة من دواليب الحكم، والتي تفضل الاستفادة من القرب المجالي للسلطة للحصول على امتيازات سياسية واقتصادية؟