في الواجهة
  • الاستاذ محمد معروف يكتب ✍️|  31 أكتوبر.. نهاية الاستفتاء في الخطاب الأممي
    الاستاذ محمد معروف يكتب ✍️| 31 أكتوبر.. نهاية الاستفتاء في الخطاب الأممي

    يقدم هذا المقال تحليلا في لما يتعلق بالاستفتاء في تقرير مجلس الأمن رقم SC/16208 الصادر في 31 أكتوبر 2025 ، الذي يلخص ما جرى في الاجتماع، حيث تم تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة في الصحراء (المينورسو) لعام إضافي حتى 31 أكتوبر 2026. وكما هو الشأن في التقارير السابقة، يواصل الخطاب الأممي استخدام لغةٍ دقيقةٍ ومحسوبة، تحافظ على الحياد السياسي، لكنها تُنتج حيادًا لغويًا يعيد تعريف الصراع ويُعيد بناء الزمن السياسي حوله. وترد في تقرير الأمين العام المشار إليه، جملة تبدو تقنية في ظاهرها، لكنها تضمر معاني سياسية محددة، إذ يقول البيان:"بينما لم يُجرَ الاستفتاء قطّ، واصلت بعثة المينورسو أداء المهام الموكلة إليها من قبل مجلس الأمن."“While the referendum has never taken place, MINURSO has continued to perform the tasks entrusted to it by the Council.”هذه الجملة القصيرة تختزن تحوّلاً في الخطاب الأممي من الحديث عن "استفتاء مؤجَّل"، (not yet) إلى الاعتراف الضمني "باستفتاء منتهي الصلاحية". فالصيغة المستخدمة، "لم يُجرَ الاستفتاء قطّ" (Never)، لا تعبّر عن تأجيل، بل عن نفيٍ مطلق يغلق أفق المستقبل. ولو استُعملت عبارة "لم يُجرَ بعد"، لأوحَت بوجود أمل في التنفيذ اللاحق، غير أن "قطّ" تحسم المسألة لغويًا: فالحدث لم يقع ولن يُتوقّع وقوعه.- حيادٌ نحويّ ينتج حيادًا سياسيًايُلاحظ أن الجملة تخلو من أي فاعل مسؤول (agency) عن غياب الاستفتاء؛ فلا يُذكر المغرب، ولا جبهة البوليساريو، ولا الأمم المتحدة نفسها. هذا الغياب المقصود للفاعل يحوّل “اللاحدث” إلى واقعة بدون مسؤول، ويخلق انطباعًا بأن الجمود نتيجة تلقائية، ويبهم المسؤولية، إذ تعتّم اللغة الدبلوماسية الصراع السياسي. إنها لغة تُخفي التوتر خلف البنية النحوية، وتحوّل التعطّل إلى حالةٍ إدارية مستقرّة.- بين النفي والاستمرارية في الزمنيوازن النص بين ما لم يتحقق، وهو والاستفتاء، وما يستمر في التحقق، وهو عمل البعثة. فبعد النفي يأتي الفعل الإيجابي: " واصلت بعثة المينورسو أداء مهامها"؛ وبهذا، يتحول استمرار البعثة إلى إطار لغوي لتبرير غياب التغيير؛ إذ يغدو الأداء الإداري نفسه دليلاً على النجاح المؤسسي، حتى وإن غاب الهدف المؤسس.ومن المهم أيضًا الانتباه إلى البنية الزمنية في الجملة الإنجليزية الأصلية، فاستخدام الزمن الحاضر التام (present perfect) ، لا يصف حدثًا ماضيًا فقط، بل يمتدّ زمن النفي من الماضي حتى اللحظة الراهنة، أي إنّ غياب الاستفتاء ما يزال قائمًا ومستمراً. يمنح هذا الاختيار الزمني النفي طابعًا دائماً ومتواصلاً، ولا يشير إلى حدث انتهى؛ بل إلى استمرارية الغياب. وبذلك لا تُقدَّم الجملة بوصفها توثيقا لحقيقة تاريخية، بل كحالة زمنية مفتوحة، تجعل غياب الاستفتاء جزءًا من الحاضر السياسي. أما في الترجمة العربية (لم يُجرَ الاستفتاء قطّ)، فإن دلالة الاستمرارية الزمنية تضيع جزئيًا، لأن الفعل الماضي المنفي يوحي بانتهاء الحدث، لا باستمرارية غيابه. لذلك يحمل النص الإنجليزي بعدًا إضافيًا يكرّس فكرة أن الاستفتاء ليس غائبًا في الماضي فقط، بل ما زال غيابه قائمًا في الحاضر — أي إن الزمن نفسه أصبح أداة لترسيخ الجمود السياسي.- المينورسو: الاسم الذي تجاوز وظيفتهمن خلال هذه الصياغة، تبدو بعثة المينورسو بوصفها كيانٍا يتكيّف مع الزمن، أكثر مما يسعى لتغييره. فاسمها الكامل — بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية — أصبح تسمية رمزية لوجودٍ إداري طويل الأمد، لا أداة لتحقيق هدف محدّد. لم يُنظَّم الاستفتاء، لكن البعثة تستمر، ويُجدّد تفويضها سنويًا، وتتحوّل مهامها وفق ما تراه قرارات مجلس الأمن مناسبًا.- الحياد اللغوي بوصفه إدارة للزمنفي هذا البيان، يتحدث مجلس الأمن عن "دعم خيار الحكم الذاتي المغربي باعتباره خطة واقعية وعملية"، دون أي إشارة إلى الاستفتاء بعبارة صريحة. واللغة هنا تحافظ على الإطار القانوني القديم، لكنها تفعّل مفردات جديدة مثل "الواقعية"، و"البراغماتية"، و"الاستقرار الإقليمي"، هذا التحوّل لا يُعبّر عن موقف سياسي مباشر، لكنه يشير إلى انتقال الخطاب الأممي من أفق الاستفتاء إلى أفق التسوية التدريجية، بحيث تُدار الأزمة بدل من حلّها. فمن خلال النفي المطلق " لم يُجرَ الاستفتاء قطّ"، وعبارات التمديد السنوي المتكرّرة في قرارات مجلس الأمن، يمكن رصد تشكّل ما يمكن تسميته "بزمن البعثة" — وهو زمن مفتوح لا يقيس التقدّم بالنتائج، بل بالاستمرارية ذاتها، فالخطاب لا يعلن لا فشلًا ولا نجاحًا، بل يرسّخ نظامًا لغويًا للجمود، يجعل البقاء شكلًا من أشكال الإنجاز.يبيّن تحليل هذه الجملة التي تكشف الصورة الذهنية التي تتبَنَّاها الأمم المتحدة عن الاستفتاء، أن استخدام النفي المطلق (NEVER)، وتجنّب تحديد الفاعل ليسا تفصيلين لغويين، بل آليتين لإدارة الصراع عبر اللغة. فبدلاً من إنهاء المهمة، تُعيد الأمم المتحدة صياغة وجودها من خلال الحياد اللغوي ذاته. يمكن قراءة استخدام النفي المطلق "لم يُجرَ الاستفتاء قط" في الخطاب الأممي، بوصفه تعبيرًا مضمرًا عن نهاية مرحلة، لا مجرد توصيفٍ زمني لحدثٍ غائب، فالكلمة لا تنفي وقوع الاستفتاء فحسب، بل تُعلن، بطريقة غير مباشرة، أن فكرة الاستفتاء نفسها أصبحت جزءًا من الماضي السياسي. إنها صياغة لغوية تُغلق الباب أمام احتمال وقوعه، وتؤطر الواقع ضمن منطقٍ جديدٍ أكثر واقعية وعملاً.من هذا المنظور، يمكن القول إن الاستفتاء تحوّل من وعدٍ مؤجَّل إلى حلمٍ منتهٍ، وأن الخطاب الأممي — من خلال هذا النفي — يُمهِّد لغويًا للتعامل مع الحل القائم على مشروع الحكم الذاتي، باعتباره الإطار العملي الوحيد الممكن ضمن السياق الدولي الحالي. فاللغة هنا لا تُعلن التغيير صراحة، لكنها تُعبِّر عنه بصمتٍ نحويٍّ دقيق: حين يُقال (has never taken place)، فإن المعنى الأعمق هو أن الطريق قد اتّجه نهائيًا نحو خيارٍ آخر، وأن ما كان يُنتظر بالأمس، صار اليوم من الماضي.ذ. محمد معروف، جامعة شعيب الدكالي

  • الجديدة.. شارع يحمل إسمين متناقضين ''مولاي إسماعيل' و''فرساي'' يربك الساكنة قرب مؤسسة تاريخية
    الجديدة.. شارع يحمل إسمين متناقضين ''مولاي إسماعيل' و''فرساي'' يربك الساكنة قرب مؤسسة تاريخية

    تعيش ساكنة مدينة الجديدة ومعها المارة ومرتادو حيّ " للالة مريم "حالة من الإستغراب، بسبب وضع غريب يتمثل في شارع واحد يحمل إسمين مختلفين على لوحتين رسميتين مثبتتين على جدار مؤسسة تعليمية تاريخية هي مدرسة لالة مريم، التي يعود تاريخ بنائها إلى أربعينات القرن الماضي وتُعد من أقدم المؤسسات التربوية بالمدينة.اللوحتان، كما توثق الصورة الميدانية، تحملان اسم “شارع مولاي إسماعيل” وأيضًا “شارع فرساي” (Avenue Moulay Ismaïl / Avenue de Versailles)، في مشهد يثير علامات استفهام كبيرة حول السبب الحقيقي وراء هذا الإزدواج في التسمية، وما إذا كان الأمر يتعلق بخطأ إداري أو بقايا من تسميات قديمة تعود لفترة ما قبل الإستقلال.عدد من المواطنين عبّروا عن استغرابهم من استمرار هذا الخلط رغم مرور سنوات، معتبرين أن الوضع يبعث على الإرتباك سواء في المراسلات أو في تحديد العناوين الإدارية والتجارية، كما أنه يسيء لصورة المدينة من حيث التنظيم والتدبير المجالي.من جانبهم، تساءلت فعاليات جمعوية وإعلامية عن غياب تدخل المجلس الجماعي أو مصلحة التسمية والترقيم لتصحيح الوضع، خاصة وأن الأمر يتعلق بمؤسسة تعليمية تحمل رمزية تاريخية كبيرة.وفي انتظار توضيح رسمي من الجهات المعنية، يبقى هذا الشارع الذي يحمل اسمين “مولاي إسماعيل” و“فرساي” نموذجًا للإختلالات الإدارية الصغيرة التي تُسائل جدية تدبير الشأن المحلي بمدينة الجديدة.

  •  تلميذات وتلاميذ المدرسة التطبيقية بالجديدة يبدعون في  الاحتفال بذكرى المسيرة
    تلميذات وتلاميذ المدرسة التطبيقية بالجديدة يبدعون في الاحتفال بذكرى المسيرة

    في أجواء يملؤها الفخر بالانتماء الوطني، اعطى رشيد شرويط المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية بالجديدة ، الانطلاقة لاحتفالات المؤسسات التعليمية بالإقليم بمناسبة الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء وحسم ملف الصحراء المغربية. حيث شهدت المدرسة التطبيقية بالجديدة، حفلا تربويا بحضور أطر إدارية وتربوية، وتلاميذ، وممثلتي جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلميذات والتلاميذ. استهل الحفل بتحية العلم الوطني و تردد النشيد الوطني، تلتها كلمة المدير الإقليمي الدي ابرز من خلالها الدلالات بالوطنية والتاريخية لهذا الحدث الخالد، مؤكدا على أهمية غرس قيم المواطنة والتشبث بالوحدة الترابية في نفوس الناشئة. تخلل الحفل فقرات فنية وتربوية متنوعة، شملت أناشيد وطنية، وعروضا مسرحية، ولوحات تعبيرية جسد من خلالها تلاميذ وتلميذات المدرسة روح المسيرة الخضراء ومعانيها النبيلة. وجدير بالذكر ان السيد محمد ديب مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الدار البيضاء -سطات بتنسيق مع المديرية الإقليمية مديونة اعطى صباح اليوم الانطلاقة الرسمية للاحتفاء بالمسيرة الخضراء المظفرة على صعيد الجهة.    

  • الخطاب الأممي بين التوصيف والتمثيل: المغرب باعتباره سلطة أمر واقع، والبوليساريو بوصفه لسانا لسكان الصحراء
    الخطاب الأممي بين التوصيف والتمثيل: المغرب باعتباره سلطة أمر واقع، والبوليساريو بوصفه لسانا لسكان الصحراء

    من خلال تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول الوضع في الصحراء (S/2025/612)، تظهر ملامح انحياز لغوي غير مباشر في الطريقة التي تُقدَّم بها الأطراف المتنازعة، حيث تكشف الاختيارات المعجمية عن بناءٍ سردي يرسّخ صورة معينة لكل طرف: فالمغرب قُدم سلطة "مديرة" للأرض، وجبهة البوليساريو كـ"ممثل" للشعب الصحراوي بأسره، بما يتجاوز إطارها القانوني كحركة "تمثل" عددا محددا من "اللاجئين"/ سكان المخيمات بتندوف، هذا إذا فرضنا جدلا أن الجبهة منتخبة بشكل ديمقراطي.- المغرب: فاعلٌ بلا صوت تمثيلييتحدث التقرير عن المغرب بلغة الدولة والمؤسسة: "قدمت المملكة المغربية تفاصيل عن مبادراتها التنموية غرب الجدار"... "أكد وزير الخارجية المغربي دعم الدول الكبرى لمقترح الحكم الذاتي"... وتُقدَّم أفعال المغرب بأفعال إجرائية محايدة: " قدمت – واصلت – استقبلت – أنجزت – استثمرت."لكن اللافت أن التقرير لا يربط هذه الأفعال بتمثيل السكان الصحراويين المقيمين تحت سيادته الفعلية، بل يُحيل عليهم بعبارات مبهمة مثل “سكان الجزء الغربي من الإقليم". هنا تُمارس إزاحة تمثيلية: فالمغرب يُعترف به كفاعل سياسي وإداري، لكنه لا يُقدَّم كصوتٍ للصحراويين أنفسهم، مما يخلق فراغاً سردياً بين الدولة والمجتمع.- البوليساريو: صوت الشعب في الخطاب الأمميفي المقابل، تُقدَّم جبهة البوليساريو في التقرير بصفتها الناطقة باسم "الشعب الصحراوي": "أكد الأمين العام لجبهة البوليساريو إصرار الشعب الصحراوي على التشبث بحقوقه وأرضه"..."رحبت البوليساريو بقرار المحكمة الأوروبية الذي أكد الوضع المنفصل للصحراء الغربية." تُستخدم هنا أفعال القول : أكد – أعلن – رحب – عبّر) لترسيخ صورة البوليساريو كممثلٍ سياسي ذي شرعية معنوية للشعب الصحراوي بأكمله، وليس لسكان المخيمات في تندوف فقط. وبذلك يتحول مصطلح "الشعب الصحراوي" إلى مرادف ضمني للبوليساريو في السردية الأممية، بينما يُحجب المغرب عن أي تمثيل رمزي موازٍ لسكان الأقاليم التي يديرها فعليا؛ غير أن هذا لا يُعدّ انحيازاً متعمداً من كاتب التقرير أو من الأمم المتحدة نفسها، بل هو نتيجة غياب التنبيه الدبلوماسي أو اللغوي من الجانب المغربي على ضرورة التمييز بين الصحراويين المقيمين في الأقاليم الجنوبية و"اللاجئين" في مخيمات تندوف. ففي ظل هذا الصمت، يستمر الخطاب الأممي في اعتماد صياغة تجعل التمثيل الشامل للشعب الصحراوي حكراً على البوليساريو، دون أن يجد هذا الافتراض ما يناقضه رسمياً في الخطاب المغربي.- انحياز لغوي مقنّعيبدو هذا التفاوت انعكاساً لما يسميه الباحثون في تحليل الخطاب بالتحيّز في التمثيل: representation bias))فمن خلال الحياد اللغوي الظاهري، يتم تثبيت توزيع غير متوازن للشرعية: ●المغرب: فاعل إداري وتنموي بلا صوت تمثيلي للسكان. ●البوليساريو : فاعل رمزي وتمثيلي يتحدث باسم "الشعب الصحراوي".وبينما تلتزم الأمم المتحدة رسمياً "بالحياد"، فإن هذا الحياد اللغوي ينتج تمثيلاً إيديولوجياً مزدوجاً: يشرعن الوجود المغربي كإدارة أمر واقع، ويكرّس البوليساريو كممثل معنوي لشعب الإقليم.وخلاصة القول، إن تقرير الأمم المتحدة لا ينتهك الحياد السياسي، لكنه يُعيد إنتاجه عبر الحياد اللغوي، أي إنه يبدو محايدًا سياسيًا، لكن اللغة التي يستخدمها سواء في السرد أم في الاقتباس، تكرّس هذا الحياد بشكل يُنتج تحيّزًا ضمنيًا أو تمثيلًا غير متوازن. فمن خلال الصياغة، لا يُذكر المغرب كممثلٍ للصحراويين في الأراضي التي يديرها، بينما تُمنح جبهة البوليساريو وضعاً تمثيلياً ضمنياً "لشعب الصحراء بأكمله". هذه الفجوة الخطابية ليست تفصيلاً لغوياً، بل تكشف عن دينامية رمزية تحافظ على الوضع القائم وتؤطر النقاش الدولي ضمن ثنائية : " المغرب كسلطة أمر واقع مقابل البوليساريو باعتباره صوت الشعب". ويظل السؤال المطروح: هل سيتمكن المغرب، في التقارير الأممية القادمة من كسر هذه الثنائية القائمة بين سلطة الأمر الواقع وصوت الشعب، واستعادة موقعه بوصفه فاعلا يمثل سكان الصحراء ضمن مشروع الحكم الذاتي والجهوية الموسعة، لا مجرد سلطة إدارة؟ذ. محمد معروف، جامعة شعيب الدكالي